صفحة الكاتب : د . منهال جاسم السريح

هل فتحَ العلمُ أبوابَ الأدب على الفاجعة؟ الجزء الثاني
د . منهال جاسم السريح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قلنا أن بعض هؤلاء المؤلفين صور مجتمعاً بشرياً محكوماً بدكتاتورية العقول الإلكترونية، وبتبادل الأدوار بين الانسان والآلة، كما يبدو ذلك واضحاً في أحد أعمال (روبرت جاستو) الأخيرة (ما وراء الدماغ)، حين صور الانسان وهو يعيش على هامش الآلة بل في خدمتها. 
وهنا نقول: ألا يحق لـ(جاستو) أن يصرّ على تفوق (العقل الالكتروني) على الإنسان في فترة قريبة جداً؟ فإذا كان العقل البشري قد استغرق ملايين السنين ليتطور، فان العقل الالكتروني وصل الى مستوى كبير من الذكاء في أربعين عاماً كلمح البصر.
ومثل هذه المقارنة صبّت الزيت على النار، وبثت الشلل في مفاصل الخيال الأدبي وأصابته بعقدة الاضطهاد، ومن هنا راحت الكتابة تتفنّن في وصف الأهوال والكوابيس التي ينتظرها هذا الكوكب التائه في الفضاء، وتتنبأ بكائنات مشوّهة خارجة من مصانع التكنولوجيا وأدمغة المختبرات.. كائنات لا تعرف اللغة لها اسماً بعد.
وثمة تنبؤات برعب آخر، إنها القيامة بلا عنف تزحف ببطء نحونا، فقد تكون قيامة جليدية، عشرات السنين ونصبح على أبواب عصر جليدي، وتصير النار حلماً بعيداً، ذكرى في أعماق الزمان، وقد تكون قيامة بركانية، أو زحفاً رملياً للصحارى، أو انزلاقاً للقارات، أو أرضاً تختنق بغاز الفحم والتلوث الصناعي.
ومهما تعددت صور هذه القيامة وتغيّرت أسبابها، فإن الكتابة الأدبية التي تستلهم العلم مصابة بعقدة الاضطهاد حيناً، واليأس حيناً، والخيال المريض بالعلم معظم الأحيان..! وبذلك تصبح الإنسانية مع هذه الكتابات في مأزق، بل إنها حين تمحو من أمام أعيننا كل أمل في الانسجام مع أمنا الطبيعة، انما تدفعنا دون إرادة منها الى عبودية (الآلة الأم).
ولكن هل هذه كل احتمالات العلم؟
أليس لدى العلم ما يلهم الأدب سوى هذه العتمة...!
كلكم الى (الملاجئ). هذا هو شعار أحد المهرجانات للكتب والأفلام المعنية بالخطر النووي. ألم يبقَ لدى العلم سوى هذا الوعد اليائس للإنسانية؟ هل يصير وجه الأرض ذكرى؟ هل يكتب هؤلاء اليائسون الخائفون لأحفاد يعودون الى عصر الحجر؟ هل أقبل عصر دابة الأرض؟ من سيقرأ أعمالهم وخيالاتهم المريضة في كوكب قحط بلا زرع ولا نسل ولا حياة؟ أيكتبون لبقايا الجراثيم، والكائنات المشوّهة بأشعة الموت؟
لماذا يكتب هذا الكائن الضعيف المرتعش في الليل؟ هل يرغب في مطاردة الأهوال؟ هل يستطيع أن يطلق العلم الى غير رجعة؟ هل يكتب ليستثير خوفه من هذه الآلات التي تضع الانسان على الهامش؟
أليس للعلم احتمالات أفضل؟ أليس لمخيلة الكتابة إلا هذا الجحيم؟ ألا نستطيع أن نجعل الكتابة العلمية الباحثة عن المجهول موسيقى تمجد انتشار الكون وتناسق الوجود؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . منهال جاسم السريح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/17



كتابة تعليق لموضوع : هل فتحَ العلمُ أبوابَ الأدب على الفاجعة؟ الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net