السعادة.. والخوف من المجهول
د . منهال جاسم السريح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . منهال جاسم السريح

يقول أحدُ المتخصصين في علم النفس: (إن الخوف من المتعة أعمق من الخوف من الألم..!)، والكثيرون منا يترقبون شراً عندما تسير حياتهم بشكل ميسر.. والبعض منا قد يذهب الى الحد من الشعور بالابتهاج الذي يغمره بسبب خوف غامض، غير منطقي فحواه أن كارثة ستحل به بمجرد استمتاعه بالسعادة...
ترى ما هي جذور رغبتنا في إخماد شعورنا بالسعادة؟ وماذا يمكن أن نفعل إزاءها؟ خوف بالغ كهذا هو نتيجة لبعض الممارسات التربوية الخاطئة في الطفولة، والتي تركت آثاراً لا تمحى بسهولة على شخصياتنا.
فعلى سبيل المثال لا الحصر: بعضنا يقول للطفل: (كل هذه الخضراوات قبل أن أجلب لك الحلوى)، رغم أن بعض الحلوى مثل الكاستر مغذية أكثر من بعض الخضر المطهية.. أو أن تأمر الطفل أن ينتهي من واجباته المدرسية قبل أن تسمح له بمطالعة الكتاب الذي استعاره من المكتب..! وباختصار نحن نعوّده على تقبل إتيان(80%) من الأعمال التي لا يميل إليها.. وإن فعل أحياناً بعض ما يرغب به ويجلب له المتعة، فانه يكون بنظرنا مذنباً..!
إن زرع إثم كهذا في نفوس الأطفال يقلل من انتاجهم.. واليوم نحن نعلم تماماً أن المتعة الحقيقية ليست إثماً، ولكنها عامل فاعل وإيجابي في زيادة مقدرة الفرد على الخلق، وتمنحه معاني أعمق لكينونته وإنسانيته.
إذن، كيف السبيل الى نزع آثار التربية الخاطئة التي تُولّد فينا شعور الخوف من السعادة؟
أولاً، يجب أن نفطن الى جذور ذلك الخوف غير المنطقي.. فهذا الشعور لم يُولد معنا.. كما أنه ليس هناك من يتربص لنا، ويروم الانتقام منا حينما نفرح.. ونحن لم نعد صغاراً لا حول لنا ولا قوة.. فهناك العديد من المنابع التي نستقي منها الشعور بالانجاز والأهمية.
وعندما ينتج البعض من أعمالنا شعوراً بالمتعة، فنحن نحتاج أن نسأل أنفسنا: ماذا فعلنا بالتحديد فكانت النتيجة هذا الشعور الرائع؟
والى متى يمكننا الاحتفاظ به؟ وهل بالإمكان أن نكرره ونطوّره؟
بكلام آخر: علينا أن نعترف أن السعادة شيء يحدث بارادتنا، وهي الى حدٍّ ما من صنعنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat