من التراث العراقي الشناشيل
عبد الملك كمال الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الملك كمال الدين

لا يختلف اثنان في ان البناء القديم امتاز بجمالية وحرفية غاية في الابداع، فأخذ بنظر الاعتبار ظروف الحر الشديد صيفا، وعالجه بسمك جدران البيت، واستعمل مواد انشائية من النورة والرماد وأحيانا مسحوق الجص المصنع من حرق أحجار الكلس وغيره، وابتعد تماما عن الاسمنت الحار بطبيعته، واستعمل الطابوق الفرشي للبلاط والتطبيق للأرضيات والسطوح وهذا معروف ببرودته خاصة عندما يرش بالماء صيفا حيث معظم البيوت لديها (بئر) بباحة الدار ذي الطراز الشرقي في البناء، أما ماء الشرب فيأتي محمولا على ظهور الحمير من السواقي والأنهار وحرفة بائع الماء (السقا) يدور في الأزقة موزعا الماء الذي يحفظ في (حبوب ومشارب وآنية مختلفة جلها من الفخار) معروف ان النجار (الخندكار) دوره في بناء البيت أكثر من البنّاء فبعدما يفرغ البنّاء من بناء هيكل الدار يأتي دور النجار الماهر ذي الحرفية العالية في مهنته حيث تغلف سقوف حجر البيت (والتي هي غالبا من جذوع النخيل والبواري او الحصران) تغلف بالخشب المزخرف بأنواع الطلاء الجميلة تتوسط السقف (مرايا وزجاج ملون بأشكال هندسية بديعة) تسمى (طره نامه) وتتوسط البيت حجرة على مرتفع يصعد لها مدرج داخلي تسمى (الارسي) لها واجهة تطل على صحن الدار معمولة من شبابيك ترفع للاعلى عند فتحها والواجهة هذه وشبابيكها من ألواح الخشب المقرنص والزجاج بالأشكال الهندسية البديعة من مستطيل ومربع ودوائر ومعينات بزجاج ملون جميل تدخل من خلاله أشعة الشمس تضفي على تنوير (الارسي) جمالا اخاذا..
أما واجهة البيت على الزقاق او الشارع فهناك مساحة واسعة لابداع النجار حيث عمل (الشناشيل) الجميلة بمقرنصاتها وشبابيكها الخشبية المزججة، فكانت قطعة هندسية بارعة الجمال والصنعة، فكونت فنا عراقيا تفرد بجمال الصنعة، وسجل مبدعيه ارثا حضاريا بهيا لازالت شواهده حاضرة في مختلف المدن العراقية البصرة اولها وبغداد وكربلاء والنجف الاشرف والحلة ومدن وقصبات اخرى... ودعوة للمهتمين بالتراث لتفقد هذه البيوت وترميمها والحفاظ عليها وتسجيلها عالميا (ملازمة للارث الحضاري الاثاري) في دوائر اليونسكو وغيرها وهذا أقل الوفاء وهي دعوة لا أكثر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat