(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 73
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

يسعى كل مفكر لمغادرة حدود المجال التقليدي للخطاب وتقديم المستوى الفكري العلي الذي ينهل من الإنجاز وإدراك المضامين، ومن ثم خلق مساحة تأثيرية للمتلقي، وهذا الأمر يحتاج إلى فهم دقيق للمنجز ولغة خاصة للخطاب.
التقوى في نظر سماحة السيد أحمد الصافي ليست مسالة لسانية، فالمؤونة ليست مؤونة قول وإنما مؤونة الفعل، مسألة الأخلاق تحتاج إلى مؤونة مدركة اجتماعيا وتحتاج إلى متابعة، فالنفس تريد والعقل يمنع، وهذا التعبير يهيئ لنا عملية الصراع قائمة بين النفس والعقل، الإمام السجاد عليه السلام طرح مفاهيم دقيقة عن (الحاجة) بمفهومها الخاص والعام، اللهم (خذ لنفسك من نفسي ما يخلصها) هذا النص القصير المكثف الموجز يحمل مديات فكرية ونفسية عميقة في مفهوم الخطاب مع الله سبحانه وتعالى، هل الله سبحانه بحاجة أن يأخذ شيئا من الإنسان والله غني لا يحتاج لأحد؟
للنص متسع للقراءة، لأن الله سبحانه لا يحتاج الإنسان، ولا فائدة لله سبحانه وتعالى في هذا الأخذ، مثل هذه المواضيع الدقيقة تحتاج إلى إعادة تفكير، الأخذ هنا من أجل الإنسان نفسه ليخلصه من الذنوب ويتدارك التوبة، تنفتح التوبة على فضاءين، الأول متعلق بالعباد والذنب، الآخر متعلق بالله تعالى، وكلتا الحالتين تجاوزا على حدود الله سبحانه، وإذا أهلكنا الذنب الأول فلا يبقى لنا شيء، يكون الطلب أن يأخذ الله سبحانه بنفسه ما يخلص حالنا ويبقي في أنفسنا ما يصلح حالنا وينجينا من المعاصي القادمة.
هنا تبدأ الموازنة التي لخصها الإمام "عليه السلام" بجمله (فإن نفسي هالكة أو تعصمها) الأسس الفكرية لكتاب المصابيح أنها لا تنفصل عن الحياة ومجريات الواقع اليومي ومن فعل سياسي أو اجتماعي.
موضوع قداسة كربلاء من المواضيع المهمة التي بحثها سماحة السيد أحمد الصافي في العديد من البرامج المتنوعة وأكثر من وسيلة إعلاميا، وتنطلق قداسة كربلاء من أكثر من رافد، منها ما يتعلق بكربلاء، وما يتعلق بالثقافة عامة، يعرض قضية القداسة بأسلوب مدرك عارف حدود القضية، والمعرفة لها قدرة إيصال الأفكار برؤى مؤثرة على الوسط الاجتماعي العام بشكل فاعل، هناك أصوات نشاز دخيلة على مدينة كربلاء والتي هي عبارة عن حالة من التحلل، والعلة الحقيقية في الفهم الخاطئ للحرية، ينظر إلى الحرية بمعنى الفوضى ليستثمر الاحتفالات والمناسبات ليخرج الفرح إلى ما وراء حدود المعقول.
ظاهرة مخالفة للآداب، ليس من المعقول أن يترك المجال لها، لا بد لأهل الوعي من تحمل المسؤولية، القضية الثانية ما يختص في المستورد من الثقافات التي لا تتفق مع موروثنا الديني والثقافي والإنساني، أغلب تلك المشاكل تهدم الكيان الأسري بسبب إهمال الآباء والأمهات وعدم وجود رقابة على الأطفال والأولاد، كلما يظهر الجديد يتقمصونه بلا هوية، وهذه طاعة ذليلة للشيطان، الشيطان يدخل من منافذ متعددة يستثمر ميوعة الشباب فيرفع عنهم الحياء، فهل من الممكن السكوت على هذه المزالق التي تختلط بها الأوراق ليتنفس التجاوز وكأنه ابن المجتمع، مأساة حين تفقد الآراء والنصائح والتوجيهات فاعليتها بسبب ضعف الإنسان وفقدان الرقابة الأسرية، نحتاج إلى تفعيل المدارس الدينية والتثقيفية، كما نحتاج مزيدا من الاهتمام بالتربية الإسلامية و الأسرية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat