صفحة الكاتب : زاهر حسين العبدالله

رحلة العروج لسيد المتقين علي (ع) مع نسمات ريح الجنة
زاهر حسين العبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

قال تعالى { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّـهِ وَ اللَّـهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧) } البقرة. 

مقدمة : 

سيد المتقين أمير المؤمنين عليه السلام منذ اليوم الأول من حياته حيث أشرقت أنواره في بيت الله الحرام بدت أنفاسه الطاهرة تخدم الدين بلسانه ويده وقلبه لم يتخلف طرفة عين فكان كله لله سبحانه وتعالى فذاب حباً وعشقاً لله سبحانه فكانت النتيجة شهادة  رسول الله في حرب خيبر حيث قال سيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم 

" لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار ولا يرجع حتى يفتح الله عليه " وقال ابن عباس: فأصبحنا متشوقين نرائي وجوهنا رجاء أن يكون يدعى رجل منا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وهو أرمد، فتفل في عينيه ودفع إليه الراية ففتح بابه عليه. (١)

 

سيكون الكلام حول محطتين 

١-حسرة المؤمنين على حال سيدهم سيد المتقين عليه السلام 

٢- لحظات العروج (وصيته الخالدة التي هي منهاج حياة)

 

1- حسرة المؤمنين على حالة سيدهم سيد المتقين عليه السلام 

بعد أن أصيب أمير المؤمنين عليه السلام ضجت الكوفة بأهلها بين لاطم وباكي وناحب وباكي فاجتمعوا حول بيت مولانا الإمام علي عليه السلام مترقبين مضطربين يريدون أن يطمئنوا على حاميهم وراعيهم وحافظهم يصف لنا الحال الأصبغ ابن نباته حيث ينقل لنا 

 الأصبغ بن نباتة، 

قال: لما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) الضربة التي كانت وفاته فيها اجتمع إليه الناس بباب القصر، وكانوا يريدون قتل ابن ملجم لعنه الله 

قال: فخرج الحسين (عليه السلام) 

وقال: معاشر الناس: إن أبي أوصاني أن أترك قاتله إلى يوم وفاته 

قال: فإن كان له الوفاة، وإلا نظر هو في حقه، فانصرفوا رحمكم الله 

قال: فانصرف الناس ولم أنصرف.

قال: وخرج ثانية، 

وقال: يا أصبغ، أما سمعت قولي عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام) -؟

قلت: بلى، ولكني إذا رأيت حاله أ حببت النظر إليه، فأسمع منه حديثا، فاستأذن لي رحمك الله فدخل ولم يلبث أن خرج، 

وقال: ادخل. فدخلت.، فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) معصب بعصابة صفراء، وقد علا صفرة في وجهه على تلك العصابة فإذا هو يرفع فخذا ويضع أخرى، من شدة الضربة، وكثرة السم.

فقال لي: يا أصبغ، أما سمعت قول الحسين (عليه السلام) عن قولي؟ 

قلت: بلى يا أمير المؤمنين، ولكني رأيتك في حالة، فأحببت النظر إليك، وأن أسمع منك حديثا 

فقال لي: اقعد، فلا أراك تسمع مني حديثا بعد يومك هذا. اعلم يا أصبغ، أني أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عائدا، كما جئت إلي الساعة 

فقال لي (صلى الله عليه وآله وسلم): اخرج يا أبا الحسن، فناد بالناس: الصلاة جامعة، واصعد منبري، وقم دون مقامي بمرقاة 

وقل للناس: ألا من عق والديه، فلعنة الله عليه. لا من أبق من مواليه، فلعنة الله عليه. ألا من ظلم أجيرا أجرته، فلعنة الله عليه. يا أصبغ، فقلت: ما أمرني به حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقام من أقصى المسجد رجل، 

وقال: يا أبا الحسن، تكلمت بثلاث كلمات وأوجزتهن، فاشرحهن لنا، فلم أردد جوابا، حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقلت له ما قال الرجل؟

فقال الأصبغ: فأخذ بيدي علي (عليه السلام) وقال: يا أصبغ، أبسط يدك، فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابع يدي وقال: يا أصبغ، كذا تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إصبعا من أصابع يدي، كما تناولت إصبعا من (أصابعك). 

ثم قال: يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت أبوا هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله عليه.

الا وإني وأنت موليا هذه الأمة، فعلى من أبق عنا لعنة الله عليه. ألا وأني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرتنا، فلعنة الله عليه. قال: فقل: آمين، فقلت: آمين.

ثم قال الأصبغ: ثم أغمي عليه (عليه السلام)، ثم أفاق، 

قال لي: أقاعدا أنت يا أصبغ؟ 

فقلت: نعم يا مولاي، فقال: أزيدك حديثا آخر؟

قلت: نعم يا مولاي، زادك الله مزيد خير، 

قال: يا أصبغ، لقيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد بين الغم في وجهي، فقال: يا أبا الحسن، أراك مغموما، ألا أحدثك بحديث لا تغتم بعده أبدا؟ فقلت: نعم. قال: إذا كان يوم القيامة نصب الله لي منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء ثم يأمرني الله أن أصعد فوقه، ثم يأمرك الله تصعد فوقه دوني بمرقاة ثم يأمر الله ملكين فيجلسان دونك بمرقاة فإذا استقللنا على المنبر، فلا يبقى أحد من الأولين والآخرين إلا يرانا (1)، فينادي الملك الذي دونك بمرقاة:

معاشر الناس: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أنا رضوان خازن الجنان، ألا إن الله بفضله وكرمه وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن محمدا قد أمرني أن أدفعها إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم بعد ذلك يقول الملك الذي تحت ذلك الملك بمرقاة فيقول مناديا يسمع أهل الموقف:

معاشر الناس: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أنا مالك خازن النيران، ألا إن الله بفضله ومنه وكرمه قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمرني أن أدفعها إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاشهدوا لي عليه أنه قد أخذ مفاتيح الجنان والنيران 

ثم قال: يا علي، فتأخذ بحجزتي، وأهل بيتك يأخذون بحجزتك. وشيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك. قال: وصفقت بكلتا يدي، وقلت إلى الجنة يا رسول الله؟ 

قال: إي ورب الكعبة.(٢)

 

 

٢-لحظات العروج (وصيته الخالدة التي هي منهاج حياة) : 

رسم لنا سيد الموحدين في لحظات العروج منهج حياة لو سرنا عليه لحظينا برضوان الله ورحمته وعمة بركته حياتنا في الدنيا والآخرة..

حين غادر كل شيعة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وبقي أولاده وأهله وذويه نادهم واحد واحداً بأسمائهم ليقتربوا ليتزود منهم ويودعهم ويوصيهم بوصياه الأخيرة فنادى الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام وبقية اخوتهم وبدأ وصيته روحي له الفداء حيث 

قال: أوصيكما بتقوى الله وأن لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما، وقولا بالحق واعملا للآخرة وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا. أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما صلى الله عليه وآله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم، والله الله في جيرانكم فإنه وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم والله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم، والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم والله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا، والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم أشراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.(٣)

 

 

في هذه الليلة الأليمة الأيتام كلها والمحبون يحومون حول بيت أمير المؤمنين عليه السلام تريد أن تعطيه أرواحها لكي يبقى خيمة على الإسلام والمسلمين فالسلام عليك حين ولدت وحين عشت وحين استشهدت وحين تبعث حيا والحمد لله رب العالمين .

 

بقلم : زاهر حسين العبد الله 

 

المصادر :

(1)   بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٩ – الصفحة ١٦. 

(2)   الروضة في فضائل أمير المؤمنين - شاذان بن جبرئيل القمي - الصفحة ١٣٢.

(3)   بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٥٦ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهر حسين العبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/24



كتابة تعليق لموضوع : رحلة العروج لسيد المتقين علي (ع) مع نسمات ريح الجنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net