على ضفاف الانتظار(71)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلون
تتعاونُ الكثيرُ من الأسبابِ الماديةِ والمعنويةِ لتقف مُصطفّةً إلىٰ جنبِ الحق، عندما يأذنُ اللهُ (تبارك وتعالى) لوليّه الأعظم بإظهارِ أمرِه علنًا، فيُسنِدُ ظهرَه إلىٰ الكعبةِ المكرمة، ويُنادي: أنا أولىٰ الناسِ بأنبياءِ الله (تعالىٰ).
كثيرٌ من الأولياءِ سيرجعون إلىٰ الدنيا، ليتشرّفوا بنُصرته، وليُكحِّلوا عيونَهم بنورِ وجهه، ومنهم مجموعةٌ عبّرتْ عنهم بعضُ الرواياتِ الشريفةِ بأنّهم «يهدون بالحقِّ وبه يعدلون»، وهم من أمّةِ النبي موسىٰ (علىٰ نبينا وآله وعليه السلام).
فقد رويَ عن أبي عبدِ الله أنّه قال: «يُخرجُ القائمُ من ظهرِ الكوفةِ سبعةً وعشرين رجلًا: خمسةَ عشرَ من قومِ موسىٰ، الذين كانوا يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلون، وسبعةً من أهلِ الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبا دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالكًا الأشتر، فيكونون بين يديه أنصارًا وحكامًا».
فمن هؤلاء؟
يُمكِنُ التعرُّفُ عليهم من خِلالِ النقاطِ الآتية:
أولًا: ذكرَ القرآنُ الكريمُ مجموعةً من قومِ النبي موسىٰ، وقد وصِفوا بأنّهم يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلون، قالَ (تعالىٰ): ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ وبه يعدلون أي: بالحقِّ يعدلونَ ويحكمون حكمًا عدلًا وقسطًا لا ظلمًا وجورًا.
ثانيًا: جاءَ ذكرُ هؤلاءِ القومِ في بعضِ الروايات، ووصفوا بأنّهم كانوا من أهل الإسلام، فقد رويَ عن عبدِ الله بن سنان، عن أبي عبد الله في قولِ الله: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ فقال: قومُ موسىٰ هم أهلُ الإسلام.
ثالثًا: لا شكَّ أنَّ الدينَ الذي كانَ حُجّةً عليهم هو الدينُ اليهودي، إذ الآية وصفتهم بأنّه من قوم موسى، ولكنّهم عندما يرجعون مع الإمامِ المهدي سيكونُ الدينُ الحُجّةُ عليهم هو دينَ الإسلام، فهم كانوا يهودًا، وسيرجعون مُسلمين.
مع الأخذِ بنظرِ الاعتبارِ أنَّ الدينَ الحقَّ عند الله (تعالىٰ) هو الإسلامُ لا غير، قال (تعالىٰ): ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ﴾ ، وقالَ (تعالىٰ): ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾.
وإنّما اختلفتِ الدياناتُ في الشرائعِ والأحكامِ حسبَ الظروفِ الموضوعيةِ والمصالحِ والمفاسدِ الواقعيةِ في علمِ اللهِ (تعالىٰ)، وإلا فإنَّ أصولها كانتْ واحدة، يشهدُ لذلك قوله (تعالىٰ): ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَىٰ المُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾.
رابعًا: حسب الروايةِ السابقة، فإنّهم سيكونون ممّن ينصرون الإمامَ المهدي، وممّن يُشاركونه في نشرِ الإسلامِ علىٰ بقاعِ الأرض، وهم ممّن يُلقىٰ علىٰ عواتقِهم مهمةُ حكمِ الأرضِ وإصلاحِها تحتَ قيادته، حيثُ عبّرتِ الروايةُ عن أولئك الراجعين بالقول: «فيكونون بينَ يديه أنصارًا وحكامًا».
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat