شهادة ميثم .. صلبٌ و عقيدةٌ و ولاء
خديجة عبدالواحد ناصر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خديجة عبدالواحد ناصر

ولد ميثم (رضوان الله تعالى) عليه في القرن الهجري الأول فكان من الطبقة الأولى من التابعين،
اسمه ميثم بن يحيى النهرواني بالولادة، الأسدي بالولاء ، يسكن الكوفة العلوية ، يُلقب بالتمار نسبة لمهنته حيث يبيع التمر.
حيث أنه صحب الإمام علي عليه السلام واستمر بولائه له من خلال صحبته ونصرته للإمامين الحسن المظلوم والحسين الشهيد عليهما السلام.
كان ميثم (رض) مولى أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) وخاصّته وحواريّه، ومستودع أسراره ومَغرس علومه، وقد أطْلَعَه (عليه السّلام) على علمٍ كثيرٍ وأسرارٍ خفيّة مِن أسرار الوصيّة.
التمار عبدا لامرأة من بني أسد، فاشتراه أمير المؤمنين عليه السلام منها وأعتقه وقال له: " ما اسمك؟ " قال: سالم، قال: " أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اسمك الذي سماك به أبواك في العجم ميثم " قال: صدق الله ورسوله وصدقت يا أمير المؤمنين، والله إنه لاسمي، قال: " فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله صلى الله عليه وآله ودع سالما " فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم.
لازم ميثم (رض) الإمام علي (عليه السلام) وصار كظله، يحذو خلفه حذو الفصيل أثر أمه، مكتسبا بذلك العلوم والمعارف العلوية السامية مما لم يكتسبها إلا صفوة حواريي أمير المؤمنين عليه السلام.
أخبره الامام علي (عليه السلام)ذات يوم: " إنك تُؤخذ بعدي فتُصلب وتُطعن بحربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دما فيخضب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب، وتصلب على باب دار عمرو ابن حريث عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة ،وامض حتى أريك النخلة التي تصلب على جذعها " فأراه إياها .
فكان ميثم يأتيها فيصلي عندها ويقول: بوركت من نخلة، لك خلقت ولي غذيت .ولم يزل يتعاهدها حتى قطعت وحتى عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة. قال: وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري، فيقول له عمرو: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم؟ وهو لا يعلم ما يريد.
وحج ميثم(رض) في السنة التي قُتل فيها (رض) فدخل على أم سلمة رضي الله عنها فقالت: من أنت؟ قال: أنا ميثم، قالت: والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يوصي بك عليا في جوف الليل. فسألها عن الحسين، قالت: هو في حائط له، قال: أخبريه أني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله. فدعت له بطيب فطيبت لحيته، وقالت له: أما إنها ستخضب بدم.
فقدم الكوفة فأخذه عبد الله بن زياد فادخل عليه فقيل: هذا كان من آثر الناس عند علي، قال: بحكم، هذا الأعجمي!؟ قيل له: نعم، قال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: بالمرصاد لكل ظالم وأنت أحد الظلمة، قال: إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد، ما أخبرك صاحبك إني فاعل بك؟ قال:
أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة، أنا أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة، قال: لنخالفنه، قال: كيف تخالفه؟ فوالله ما أخبرني إلا عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله تعالى، فكيف تخالف هؤلاء!؟ ولقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أول خلق الله ألجم في الاسلام، فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيد. (الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ١ - الصفحة ٣٢٣ - ٣٢٤ )
من عظيم ما قاله أئمة أهل البيت عليهم السلام في مديح ميثم (رضوان الله تعالى عليه)
أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يمدح ميثم التمار (رض) :
قال ميثم : دعاني أمير المؤمنين ، وقال : (( كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أُمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة منّي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا والله لا أبرأ منك ، قال : إذاً والله يقتلك ويصلبك ، قلت : أصبر فذاك في الله قليل ، فقال : يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي )) (رجال الكشي / الجزء 1 / الصفحة 295 / الحديث 139.) ..
ثانياً : الإمام الباقر(عليه السلام) يمدح ميثم التمار (رض) :
قال الإمام الباقر(عليه السلام) لصالح بن ميثم التمار : (( إنّي أُحبّك وأُحبّ أباك حبّاً شديداً )) (خلاصة الأقوال / الصفحة 169) . .
ثالثاً : الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) يمدح ميثم التمار (رض) :
قال الإمام أبو الحسن موسى ابن جعفر الكاظم (عليه السلام) : (( إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه ؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر . قال : ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد و أويس القرني ..... )) (رجال الكشّي / الجزء 1 / الصفحة 43 / الحديث 20 .)
امتاز التمار بكونه خطيبا قديرا ومتكلما بليغا، بل أنه من المتبحّرين في تفسير القرآن الكريم، حتى قال لأبن عباس عن نفسه: "سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام، وعلّمني تأويله.
كما امتاز بصدقه وورعه في رواية الحديث النبوي الشريف، فضلا عن روايته لأحاديث الإمام علي عليه السلام. ناهيك عن فراسته وصفاء سريرته التي أهلته بأن يكون عالما بعلم المنايا والبلايا، مستفيدا مما علمه إياه أمير المؤمنين علي عليه السلام.
كان ميثم (رض) مذياعاً لفضائل علي (ع)
لقد وهب الله ميثماً إيماناً عميقاً، فكان صلِباً لا يخاف الظالمين، حيث كان الناس يخافون من عبيد الله بن زياد ويرتعدون أمامه، اما ميثم التمار فكان ينظر إليه بدون اكتراث، وجعل من جذع تلك النخلة التي اخبر بالصلب عليها منبراً له لنشر فضائل الإمام عليّ عليه السلام و توعية الامة وفضح جرائم بني امية لا سيما معاوية ومن سار خلفه، حتى أنه صُلب في ذلك، بعد أن أمعن في تبيان فضائل بني هاشم، فاشتكى الشرطة للطاغية أبن زياد، مدعين بأن ميثما قد فضح البلاط الأموي، فأمر بإلجامه فكان بذلك أوّل خَلق اللهِ أُلجِم في الإسلام، فضلا عن صلبه وقتله، حسبما وصف له ذلك أمير المؤمنين على جذع النخلة ، حتى صارت شهادته وعلم الجميع مقصد ميثم ، بأخباره لابن حريث (أنه جاره).
فسلام الله تعالى على ميثم يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat