صفحة الكاتب : خديجة عبدالواحد ناصر

(تجليات قربة )5
خديجة عبدالواحد ناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
كنت أتابع كل الأحداث من خلال انعكاسات وجه أبي الفضل العباس عليه السلام، كان العباس عليه السلام يسمع أشياء كثيرة محزنة كان يستمع لأمير المؤمنين وهو يقول (ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم) فيتألم. 
بعض الأخبار  الاستباقية كان يسمع بها ويتألم كثيرا، رمضان يمر عليه وجلال الصيام عند مولاي العباس له طقوسه العبادية، نعم كان يحزن حين يسمع ويتدارس جميع الأمور، قريش قوية بباطلها تدافع عن مصالحها لا تريد عدل أمير المؤمنين عليه السلام، وهو الابن الذي عاش الميادين يدافع عن الدين وعن أمير المؤمنين، أرى الحزن فيه يكبر، لكنه لا ينكسر، هؤلاء أهل بيت تحزنهم الجراح لكن لا تكسرهم، وإذا نسمع بالكون يضج في صخب (تهدمت والله أركان الهدى) غالية علي دموعك مولاي، كادت الجراح تجعلني أنطق وأنا القربة التي امتلأت خرسا قبل أن يقر في جوفي ماء، دوى صوت الإمام عليه السلام (فزت ورب الكعبة) هو الفجر المدمي  كنت أنظر إلى مولاي العباس كمرجل يفور أمام هذا الحادث، ركض مولاي أبو الفضل مع من يركض وهو يشهد جسارة الجراح، أمثل أمير المؤمنين ليدفن سرا، استفحل الشر إلى درجة التمكن لقد تعرض الإمام عليه السلام للقتل عده مرات وتداولوا عليه ناقصون وقاسطون ومارقون إلى أن حان نزيف الكون في شهر رمضان، الجرح لم ينسى مولاي العباس هذه اللحظات، وبقى يعيش في صمته وحزنه ودعائه سيدي يا أمير المؤمنين: 
ـ ما الأمر؟ 
ـ لا شيء يا حسين.. لا شيء سوى أن رسول الله يدعوني 
هو لا يستطيع أن ينسى حين حملوا أباه وهو ينظر إليه، فتح عينه إلى أولاده وقال (الرفيق الأعلى خير مستقر وأحسن مقيلا) العباس عليه السلام يسمع ويرى حكمة أب يقتل، وعلى فراش الموت يوصي أولاده بقاتله خيرا، أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. 
مولاي العباس يسمع ويرى أمير المؤمنين على فراش الموت يوصي (يا بني عبد المطّلب لا ألفينّكم تخوضون في دماء المسلمين خوضاً تقولون: قُتِل أميرُ المؤمنين ألا لا تقتلنّ بي إلّا قاتلي، انظروا إذا أنا مِتّ من ضربته هذه فاضربوه ضربةً بضربة، ولا تمثّلوا بالرّجل فإنّي سمعتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور). 
 
ثلاثة أيام ومولاي العباس يبكي جراحه مع الباكين هناك بعض الأوجاع التي لا تنسى، أكثر ما يحزنه في هذه الأحداث أن أباه أمير المؤمنين حرم الثأر وإلا لكان الأولى لفك الحزن بحرب تبلغ بني أمية فقد كان الأمر بتدبير أموي كل هذه الأشياء مولاي يعرفها، تولى أخوه الحسن عليه السلام الإمامة في 21 رمضان سنة 40 وبايعه الناس في اليوم نفسه رفض معاوية أن يقر بلواء السلام، اختار معاوية الحرب فلا سبيل إلا بالحرب، سير مولاي الحسن جيشا نحو العراق بقياده عبد الله بن عباس وسرت مع مولاي لنصره مولاي الحسن وقاد جيش إلى (ساباط) وسعى معاوية أن يفشي الإشاعات. 
مواجع كثيرة مرت على قلب مولاي العباس عليه السلام، أجواء ساباط جعلتني أشعر بالاشتياق، اشتاق إلى الحرب، السلام المدجج بالمؤامرات أخطر من الحرب ألف مرة. 
صرنا ننام على جرح لنصحو على جرح جديد، مناخ الخلافة أصبح مناخا قلقا غير مستقر في ظروف التعقيد والصراع. 
 العباس عليه السلام كان يعلم مسؤولية التي وقعت على عاتق أولاد أمير المؤمنين عليهم السلام، لقد تأزمت الأمور في زمن أمير المؤمنين حروب الجمل، صفين، النهروان، والحروب الخاطفة  التي نشبت بين القطع السورية، وبين مراكز الحدود في العراق والحجاز واليمن، بعد التحكيم ولد عند الناس حنينا للسلم والموادعة، عند حكم الحسن عليه السلام برزت هذه الأمور وجهز جيشا كبيرا لحرب معاوية، جيشا ضخما، إلا أن هذا الجيش تكون من تيارات متعددة، ورؤساء القبائل باعوا أنفسهم لمعاوية، حينها جنح إلى الصلح، في خضم هذه السياسة اكتملت شخصية مولاي العباس عليه السلام، والناس حصدت بخيانتها أن يقف أمامهم معاوية حين دخل الكوفة يقول لهم قاتلتكم لأتامر عليكم فأنقص في العطاء وحملهم على الحرب وأعلن سب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خديجة عبدالواحد ناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/22



كتابة تعليق لموضوع : (تجليات قربة )5
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net