صفحة الكاتب : جواد العطار

فوضى الاعمار
جواد العطار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا اختلاف ان مقولة من "يضع حجرا على حجر" للكاتبة المصرية منى نور الدين هم اصحاب المقام الرفيع ، الا انه ومع الاسف هذه المقولة لا تنطبق على العراق بكافة المقاييس ، لسببين هما:

١. ان الاعمار الجاري لا يستجيب لحاجة الجمهور الفعلية.

٢. ان طابعه استثماري ربحي 

بحت دون أية دراسة.

بالفعل هذا ما يجري ، فالمجمعات السكنية والمباني الشاهقة ليست في متناول اغلب الطبقات مع وجود اكثر ثلاثة الاف عشوائية في بغداد وحدها ، وتكدس المولات والماركتات الكبيرة ليست ضمن الحاجة الفعلية للشعب مع عديد الجامعات الاهلية والمستشفيات الخاصة التي تكلف المواطن مبالغ باهظة... بما يشبه الفوضى الحقيقية في ظل غياب التنظيم العمراني وطمس الهوية الأصيلة للمدن العراقية وحتى تغيير ديمغرافيتها بانتقال اصحاب الاموال الى مراكز المدن المهمة مثل بغداد والمدن المقدسة في كربلاء والنجف الاشرف.

ان ما يجري ينذر بخطر كبير ، فليس من المعقول ان لا نستفيد من تجارب الاخرين ، فهل يعقل ان نكرر تجربة مدن الصفيح في امريكا اللاتينية التي تمتاز مراكزها الرئيسية بناطحات السحاب والرفاهية المفرطة بينما تخفي خلفها مدن الصفيح المتهرئة والتي تضم غالبية الشعب... انها مغامرة مستقبلها اظلم وحالك على الأجيال المقبلة فالكلام على التوازن الاجتماعي والهوة السحيقة بين الطبقات ليست في مصلحة احد ، بين طبقة مخملية جديدة ظهرت في مجتمعنا وطبقات محرومة ومهمشة لا تستطيع توفير قوت يومها.

فالمتر في المجمعات السكنية الاستثمارية الجديدة يتراوح بين الف دولار وتسعة الاف دولار في بغداد وباقي المحافظات بينما متوسط دخل الفرد العراقي السنوي لا يتجاوز ٧ ملايين دينار حسب وزارة التخطيط اي ما يعادل اقل من خمسة الاف دولار... فمن الذي يشتري في هذه المجمعات؟ ، والقسط السنوي في المدارس الاهلية يعادل نصف دخل الفرد العراقي في المدارس المتوسطة مثلا!!! ودخول مستشفى اهلي معناها فواتير طويلة من الخدمات باهظة الثمن التي تفوق مثيلاتها في دول الجوار... فمن يوقف هذا الاستغلال ويضع ضوابط وتعليمات صارمة تنصف كل الطبقات من عمال وموظفين وكسبة ومتقاعدين وبسطاء مهمشين؟. 

ان كامل المسؤولية يقع على الدولة التي تمنح المستثمرين مشاريع دون أية شروط او ضوابط ليحققوا الارباح الهائلة على حساب الكادحين من ابناء الشعب ، من خلال تخصيص جزءا من ميزانياتها لبناء دور منخفضة الكلفة في متناول الطبقة البسيطة وان تحسن من الخدمات الصحية التي تقدمها وترفع من جودة التعليم الحكومي ، وان تفرض على المستثمرين في المجمعات السكنية نسبة ٢٠ بالمئة مدعومة للطبقة المتوسطة وكذا في المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة ، حتى تتوقف فوضى ما يسمى بالاعمار ونحافظ على الجزء اليسير مما تبقى من طبقات المجتمع. فبعد ان استباحت الدكتاتورية البلد لخمسة وثلاثين عاما والاحتلال والارهاب لعقدين ونصف وبعد كل النضال والدماء التي سالت نقدم مقدرات البلد على طبق من ذهب مجانا تحت يافطة الاستثمار؛ لافراد لا يملكون اي فضل او انجاز سوى ان لديهم علاقات. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد العطار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/20



كتابة تعليق لموضوع : فوضى الاعمار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net