هل ينبغي مكاشفة المريض بالحقيقة
د . منهال جاسم السريح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . منهال جاسم السريح

كثيراً ما يُطرح هذا السؤال: هل ينبغي مكاشفة المريض بالحقيقة؟
وعند هذا السؤال تنقسمُ الآراء إلى فئتين متعارضتين عند الإجابة، فريق يدافع عن الحقيقة مهما كانت مُرّة، وفي منظوره أن الطبيب ملزم بمصارحة المريض بالواقع والابتعاد عن الكذب، وفريق آخر على النقيض يرى وجوب مراعاة حالة المريض، والتخفيف عنه بالاحتراس من إظهار الحقائق الخطيرة التي تؤدي به إلى اليأس وفقدان الأمل.. ويبقى بعد هذا الطبيب حائراً في اعتماد هذا الرأي أو ذاك في تعامله مع المرضى..! وقد يجد الطبيب نفسه في كثير من الأحيان في حرج شديد بمكاشفة المريض بالحقيقة، إذا ما شخّص عنده أحد الأمراض الوبيلة.. فما هو السبيل الصائب للخروج من هذا المأزق؟
ثلاث صيغ يجب الاهتداء بها في تحديد الموقف الصحيح لإرضاء ضميره وإراحة المريض:
1- المرونة في التعامل، إذ ليس هناك إجابة محددة تصلح في كل الأحوال.
2- إحترام إرادة المريض.
3- تجنب الكلمات المفزعة.
ولما كان التشخيص لا يكون قطعياً في أغلب الأحوال، فالضرورة تقتضي إخبار المريض على الأقل بأسلوب التشخيص، وتطور المرض، وكيفية العلاج.. فهذه المسائل لا خطورة في الإفصاح عنها وتبعث الطمأنينة، حتى ولو كان شبح الموت يرفرف بجناحيه على المريض.
ومع ذلك ففي بعض البلدان المتقدمة يحذر من مغبة التصريح بهذه الأمور؛ لأن الجمهور أو الفرد غالباً ما يكون على إطلاع واسع بالثقافة الصحية.
ولكن لماذا هذه الخشية من الإفصاح عن واقع الحال؟
جوانب مختلفة تستوجب المراجعة والتحليل، منها: أن يكون التشخيص جازماً وأكيداً.. وإلا فمن غير المنطق التصريح عن مرض أو حالة لدى شخص معين لا يرجى منها شفاء دون اقتناع قاطع بصحة التشخيص.
ولكن الوصول إلى ذلك ليس سهلاً دائماً، إذ غالباً ما يكون هناك بعض الشك.. كما أن اليقين من عدم جدوى العلاج أو توقع الفشل لا يدفع الطبيب إلى بذل العناية اللازمة بمريضه.. ولعل أهم غايات المعالجة مكافحة الألم، فيصبح واجباً إنسانياً على الطبيب دفع الألم أولاً أو التخفيف منه قبل المباشرة في إشفاء المريض.
الجانب الآخر من الخطأ الإيحاء للمريض بخطورة مرضه، إذ يضع الطبيب نفسه في هذه الحال في موقف حرج حيال مريضه، وهو بالتالي اعتراف ضمني منه بالعجز والقصور.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat