إن النشاطَ الذي يصدرُ عن الكائن الحي يشكل محور التفاعل الاجتماعي الذي من خلاله يستطيع هذا الكائن أن يؤثرَ ويتأثر بالمحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه، وهو يشكل في ذات الوقت رد فعل نتيجة المواقف المختلفة التي يمر بها، ومن خلال هذه العملية تستمر وتيرة الحياة، وتدبّ الروحُ في جسد المجتمع، وهي تأخذ صوراً مختلفة، وأشكالا متباينة، ومواقف متعددة، ومن خلالها تتبلور القيمُ، وتصاغ حضارة المجتمعات، وفي ضوئها يتحدد السلوك وفق قوالب محددة ومعايير منتظمة.
وقد تناول علماءُ النفس والاجتماع مفهوم السلوك، وصاغوا له تعاريف عدة، فمنهم من يذهب في تعريفه عن السلوك فيقول عنه بأنه: الاستجابة الكلية الحركية والغددية التي يقومُ بها الكائنُ الحي نتيجة للموقف الذي يواجهه. وهناك من يعرّف السلوك بأنه: نتاج عملية تتفاعل فيها العوامل الحيوية والمؤثرات الاجتماعية.
فيما ينحى لفيف من المختصين منحى آخر في بلورة تعريفهم للسلوك، فيعتقدون بأنه أي استجابة أو رد فعل للفرد، لا يتضمن فقط الاستجابات والحركات بل يشتمل على العبارات اللفظية والخبرات الذاتية. وقد خاض العلماءُ في مسألة أنواع السلوك وصوره المختلفة، فهناك من وضع تقسيما لأشكال السلوك ونماذجه المتنوعة، وهذه الأشكالُ والأنواع الخاصة بالسلوك هي:
1. السلوك الجمعي: وهو شكل من أشكال سلوك الجماعات، يظهر إذا ما توافر عدة شروط في المواقف المحيطة بهذه الجماعات، ويتميز ظهوره بأنه يمر بمراحل محددة، فهو يبدأ بأن تستثار عند عدد من افراد الجماعة دوافع معينة، ثم تنتشر هذه الدوافع بين عدد أكبر، ثم تنظم وتوجه نحو موضوعات تتخذ أهدافا لأفعال بعينها.
2.السلوك المنحرف: ويُراد به السلوك الخارج عن المعايير الاجتماعية والثقافية التي يؤكد عليها النظام الاجتماعي، والتي تقرها إحدى الجماعات فيه.
وهناك قسم من العلماء يرى أن أنماط السلوك تنقسم على نوعين هما:
1.السلوك المستتر: وهو سلوكُ الفرد الذي يصعب على الآخرين ملاحظته، لأنه يشتمل على المشاعر والأفكار.
2.السلوك الظاهر (المكشوف): وهو سلوك الفرد الذي يمكن ملاحظته وتسجيله في مقابل السلوك الكامن الذي يستنتج من المشاعر والأفكار.
على هدي ما تقدم، وفيما عرض من تعاريف عدة عن السلوك وأنماطه المختلفة وضروبه المتنوعة، فاننا بالإمكان صياغة تعريف اجرائي عنه نصه هو (الاستجابة التي تصدر عن الفرد، والتي تشكل رد فعل نتيجة الموقف الذي يمر به، والتي تعد الركيزة الأساس لعملية التفاعل الاجتماعي، والتي تأخذ صيغاً متعددة، فقد تكون حركات فعلية أو أشكال لفظية تستمد طبيعة نماذجها من ثقافة المجتمع وموروثه الحضاري).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat