التلفزيون والتثقيف المجتمعي الجزء الثاني
صلاح حسن التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  نظراً لهذه المزايا المتوفرة في هذه الوسيلة الاعلامية المهمة، وما تلعبه من اسهام فاعل في تعزيز احترام القوانين وقواعد الضبط الاجتماعي، والتبصير بخطورة الممارسات التقليدية الضارة والتصدي لها، فان لها أيضاً تأثيراً سلبياً على المشاهدين، إذا ما وظفت توظيفاً سيئاً، لاسيما البرامج والأفلام التي تشجّع على العنف والعدوان والجريمة، مما يجعلها ظاهرة مألوفة في حياة المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى استساغة المشاهدين لها.
 ومما يؤكد على ان مشاهدة العدوان والعنف على الشاشة، يؤدي إلى تعليم الفرد طريق العنف، بوصفه أسلوباً لحل النزاع، السلوك العنيف لبطل الفلم - حسب هذا المنظور - يهيأ أنموذجاً عملياً للمشاهد المتحمس للتقليد؛ والحبكة السينمائية، تجعل عنف هذا البطل مبرراً.. كما ان التركيز على البرامج ذات المضامين العنيفة، وتعويد المشاهد على أن العدوان والقتل عمل طبيعي، يؤديان إلى تقويض الشعور الاجتماعي ضد السلوك العدواني، وبالتالي إلغاء الكوابح التي تحمي حياة الآخرين، فعندما يصبح المشاهدون أكثر تعوداً على رؤية الخسائر، وتقبل وقوعها، فانها ستضعف من حساسيتهم نحو العنف في الحياة اليومية، ويقل النفور منه، فضلا عن تبخيس قيمة الإنسان، وجعله شكلا متدنيا للوجود، يسهل التجاوز عليه، وارتكاب الجرم ضده..! وثمة وجهة نظر ثانية، ترى بأن التأثير الأساسي للتلفزيون، لا يتأتى من تعريض الجمهور لنماذج عنيفة يمكن محاكاتها، وانما في العواطف التي تستتبع مشاهدة العنف، مثل الخوف والقلق.. أما وجهة النظر الثالثة، فترى ان الآثار التي يتسببها التلفزيون في دفع الأفراد إلى الجريمة والسلوك العداوني، ترتبط بما تعرضه وسائل الإعلام من صور متنوعة وبكثافة عالية، للانفاق والبذخ، وللمظاهر الاستهلاكية التي تعجز الطبقة العريضة من المجتمع أن تجاريها، مما يثير نقمة وسخط العديد من الناس. 
 وبهذا يتضح بشكل لا يقبل الشك، ان وسائل الاعلام المرئية - لا سيما التلفزيون منها - لها من القدرة والامكانية ما تستطيع أن تعبّئ الفرد نفسياً، للاستعداد في تقبل ما يعرضه من برامج، تتضمن الكثير من الأفكار والاتجاهات والدوافع، سواء ما يتعلق منها بتحقيق متطلباته النفسية أو الاجتماعية، بشكل يحفظ توازنه في السلوك، أو دوره في استثارة العنف والعدوان لديه، بسبب مشاهداته لقصص المغامرات والجريمة، وغيرها من الآثار السلبية.. وبما ان هذا الجهاز الحيوي سلاح ذو حدين، فانه من الضروري أن يتم توظيفه من قبل القائمين والمشرفين على ادارته، على نحو ينمّي الأذواق، ويوسع الخبرات، ويغرس المعلومات المفيدة، ويشجع على فعل الأعمال ذات النفع العام، ويحذر من السلوكيات المستهجنة والضارة، ويكسب وعياً جديداً لدى الناس في مختلف وجوه الحياة، باعتباره النافذة التي يطل من خلالها على العالم.

الموضوع السابق التخطيط التربوي وتحديد الأولويات  (المعلم ثانياً)

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat