صفحة الكاتب : صلاح حسن التميمي

التفككُ الأسري وتأثيره على السلوك الاجرامي الجزء الثاني
صلاح حسن التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  هناك علاقة قوية ووثيقة بين التفكك الأسري وبين الجنوح، حيث تبيّن أن الكثرة من الجانحين، انحدروا من بيئات أسرية يكتنفها الشقاق، ويعتريها ضعف التضامن الأسري؛ لذا فانه من الواجب ان نقول في أعقاب كل مشكلة اجتماعية، وكل انحراف خلقي، فتّش عن البيت والمشكلات التي تنشأ عن اضطراب الحياة الزوجية، والتي أدّت إلى حدوث جرائم كثيرة. 
 وعليه يمكن القول أن الأسرة بما أنها تعد البيئة الاولى التي يجد فيها الطفل الحنان والعطف، ولكونها المصدر الرئيسي في عملية التطبيع الاجتماعي، والتوجيه القيمي، والارشاد الديني، فعندما يضطرب أداؤها، وتختل مهمتها، فان لذلك انعكاسات خطيرة على حياة أبنائها وسلوكهم؛ لأنها تصبح في هذه الحالة عبارة عن واقع مجوّف، يفتقد إلى التضامن والشعور بالتواصل الاجتماعي، والاحساس بالوحدة العاطفية، وعندما يتعرض الأبناءُ لهذه الظروف السيئة التي تغلّف الجوّ الأسري بالتوتر والكراهية والحقد، فانه لاشك يترك في نفوسهم آثاراً سلبية، تبقى ملازمة لهم فترة طويلة من حياتهم.
 فضلاً عما تقدم، فان البيوت المنهارة، الناتجة عن بيئتها البائسة والمشحونة بالشقاق والتوتر والتعاسة وعدم المسؤولية، وفقدان الدفء العاطفي، وعدم توفر ما يحتاجه الطفل من مستلزمات ضرورية كالغذاء والملبس والمسكن الذي تتوفر فيه أسباب الراحة، وأثاث كبقية البيوت التي يعيش فيها أقرانه، فان ذلك يكون بمثابة عامل يطرد الطفل خارج منزله، بحثاً عن الراحة والعطف والطعام... وهنا يلتقي بأقران السوء، فيتعلم السرقة والاعتداء، ويكون جانحاً، وقد تتلقفه شراذم الجريمة وتدربه، لكي يكون مجرماً خطيراً. 
 وما دمنا نتحدث عن البيوت المنهارة، وحالة التصدع التي تصيبها، والتي تلقي بآثار عكسية على سلوك أبنائها، لذا فان لهذا التصدع أسبابا عدة، ترجع في مجملها إلى سببين هما:
1. الأسباب النفسية: وهي ناتجة عما يمكن أن يكون بين الزوجين من اختلاف الطبائع والأمزجة التي توسع الجفاء بينهما في العواطف، وتدابر الخطى في السلوك، وتقيم بينهما الحُجب النفسية التي تقلل الرغبة، وتوهن العلاقة، وتقضي على الحب.
2. الأسباب المادية: من أسباب فشل الأسرة، ما يكون ماديا مرتكزا على حالة ملموسة لا علاقة لها بالعواطف، وقائما على حاجة ملحة لا صلة لها بالشعور، وانما هي وقائع مادية قد تعصف بالأسرة مع بقاء المودة، وتقوض اركانها مع استمرار الرغبة في المعاشرة والخلطة.
 ومن ذلك، يتضح أثر التصدع الأسري، والتفكك الذي يصيب كيان الأسرة، وما يخلفه من نتائج وخيمة، يذهب ضحية ذلك أبناؤها، مما يجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً، يتمثل في انحرافهم نحو مواطن السوء، فضلا عمّا تجلبه لهم من مشاكل سوء التكيف والتوافق الاجتماعي، الذي يعكّر صفو حياتهم، وبالذات في السنوات الاولى من حياتهم، التي تعد فترة حاسمة وخطيرة في تكوين شخصيتهم؛ وتتلخص خطورتها، في ان ما يغرس في اثنائها من اتجاهات وعواطف ومعتقدات، يصعب تغييره أو استئصاله في القادم من سنوات حياتهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح حسن التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/24



كتابة تعليق لموضوع : التفككُ الأسري وتأثيره على السلوك الاجرامي الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net