الحبُّ في الله عز وجل.. بين القول والعمل
انعام حميد الحجية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انعام حميد الحجية

رغم أن مفردات الحبّ وردت في كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، إلا أن الناسَ لم تعتَدْ ألسنتُها على التلفّظ بها، بسبب إنتشار هذه الكلمة وشيوعها في قصص وروايات وأشعار الحبّ، فكان التحرجُ منها من باب الحياء فقط ليس إلا... مع ما لها من الأجر، والإنعكاس المشرق على كثير من جوانب وسلوكيات المجتمعات الإنسانية، فقد جاء في الآية الكريمة: (قولٌ معروفٌ ومغفِرة خيرٌ مِن صدقةٍ يتبعُها أذىً واللهُ غنِيٌّ حلِيمٌ)، وفي الحديث الشريف: (الكلمة الطيبة صدقة). وقد تمّت الإستعاضة عن تلك المفردات، بعبارات أخريات في متداولنا اليومي الشعبي؛ غير أن هناك مواقفَ كثيرة بين أفراد العائلة خاصة والمجتمع عامة، تنمّ عن الحبّ الكبير والتفاني في سبيل الآخرين، تعجز كلّ مفردات الحبّ عن التعبير عنها... ويبدو أن الأجواءَ الحانقة التي نعيشُها من قسوة المناخ، وسوء الخدمات الإجتماعية، وترسبات الإستبداد والأنظمة البائدة، هي من الأسباب التي أفقدتنا الكثيرَ من تعابير الودِّ والألفةِ التي تجمعنا وتعمّق صلتنا بالمجتمع، حتى غدا الجمعُ لاهثاً وراء الإشباع المادي لمتطلبات الحياة والمعيشة، متأرجحاً بين توفير الأقل الأدنى من لقمة عيش يسدّ بها رمقه، أو هواء نقي يدخل رئتيه... ولكن ما يعنينا في هذا الصدد، والذي منه يمكن أن تُبنى جميع روابطنا الإجتماعية، هو الحبّ في الله تعالى، والذي له من الآثار الإيجابية في الدنيا والآخرة، ما يغنينا عن المتعلقات الأخرى الزائلة، والتي لايجني الإنسانُ منها سوى الكثير من المتاعب... فقد ورد في حديث خاتم الأنبياء والمرسلين (ص): (أوثقُ عُرى الإيمانِ الحبُّ في الله...)، نجده يهدفُ إلى تعميق الصلة بالذات الإلهية، بحيث يكون مردّ كلّ شيء هو الله جل وعلا، ومن كان على هذه الشاكلة، ونال تلك الحظوة العظيمة، صار اللهُ سبحانه عينه التي يبصر بها، وأذنه التي يسمع بها، ولسانه الذي يتكلم به، ويده التي يبطش بها... وجاء الوعد الإلهي في محكم كتابه العزيز: (...فَسَوفَ يَأْتِي اللهُ بِقَومٍ يُحِبهُم وَيُحِبونَهُ... )، وذلك في مضمار أن الله سبحانه، يحب المؤمنين وهم يحبونه، لأن علاقتهم به عز وجل مبنية على أسس الذوبان والعبودية المطلقة، لمن تخلص من أدران وشوائب الجاهلية، وتحلى بالفضائل المفضية إلى سبيل الرضوان، وعدم رؤية شيء إلا وجهه الكريم، حتى وصفهم جلت قدرته ذلك الوصف العظيم: (...وَالذِين آمَنُوا أَشَدُّ حُباً للهِ...). بعد ذلك نجده تبارك وتعالى، قد قرن محبته لعباده، شريطة اتباع نهج وأوامر حبيبه المصطفى محمد (ص)، وأن تلك الطاعة هي الباب الموصل له سبحانه، وقد بيّن ذلك في القرآن الكريم: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ...). والروايات الواردة عن الأئمة المعصومين (ع) مما لاتُحصى كثرة، تؤكد على قضية الحبّ في الله سبحانه، وليس لأغراض دنيوية زائلة، فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قد يكون حب في الله ورسوله وحب في الدنيا، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله، وما كان في الدنيا فليس بشيء).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat