حجٌ على ظهر البعير
عبد الملك كمال الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الملك كمال الدين

بعد الاتكال على الله ورسوله وآله الطاهرين، قرّر الحاجُ (ثويني) أداء فريضة الحج، وانتشر الخبر في العشيرة والأسلاف المجاورة، وبدأت التحضيرات بانتقاء الإبل السريعة، والتي تتحمل السفر للأماكن البعيدة، وكأنما دخلت معسكر التحضير والعناية، كي تتهيأ لنقل الحجيج للديار المقدسة، وعملت هوادج خاصة للحريم، وتم تهيئة بعض الإبل لحمل الأمتعة من خيام وقِربِ الماء وزادٍ لطريق طويل... وقبل الموعد بعشرة أيام يتوافد الحجيج من القُرى والمدن المجاورة لسلف الشيخ الحاج (ثويني) وكان كبير قومه، وذا رأي سديد و(فِريضَة) للمنازعات بين العشائر، يُحترم رأيه، وتُؤخذ مشورته.
امتلأ ديوان الشيخ والمخيم المجاور للحريم، ويوميا تنحر الذبائح، ويعمل طعام للضيوف من الحجاج ومودعيهم... كذلك ارتفعت البيارق قرب ديوان الشيخ، والعشيرة وما جاورها في حفل قائم على قدم وساق، بانتظار يوم الرحيل والتوديع، ويومها تقام (عراضة) كبيرة، تطلق فيها نيران (البارودات) إعلانا بساعة سفر الحجيج، وكان الموكب كبيرا للحجاج والمودعين يتقدمهم الأدلاء، ومن بعدهم موكب الشيخ (ثويني) وبقية الحجاج الذين انقسموا قسمين؛ القسم المتقدم من الرجال الحجاج، وفي الوسط الإبل ذات الهوادج للحريم – النساء – ومن ثم القسم الثاني من الرجال الحجاج تتبعهم الإبل التي تحمل المؤونة، يحيط بها الطهاة الذين يهيئون طعام الطريق عند كل فريضة واستراحة. وكان هناك بعض الرجال الأشداء، وهم يتمنطقون بالسيوف والرماح وبعض (البشتاوات القديمة) وذلك لحماية القافلة من اللصوص...
وبعد مسافة من الطريق يرجع المودعون وهم مابين مشاة وراكبي الحمير والخيل، كان كلما قرب موكب الحجيج ينظم إليهم حجاج آخرون من الدساكر البعيدة، ليكونوا في حماية الشيخ (ثويني)... وقتها لا حدود مميزة، وإنما قبائل متناثرة من آل رشيد، والمتحالفين معهم، يستقبلون مواكب الحجيج القادمة من العراق بأبهى استقبال، ويقدم الطعام في مضايفهم بسخاء للحجيج القادمين، لاسيما الهدايا المميزة من الخيل والإبل والملابس مقدمة للمستقبلين، ويرافق حراس آل رشيد الحجيج حتى إكمال مراسم الحج والعودة حيث يودعونهم عند رحلة الإياب وبعد شهر أو يزيد من أيام العودة يجتمع الشمل، وتتعالى (الزغاريد) والتهنئة بالحج المبرور والسعي المشكور هكذا أيام زمان (تعب براحة) حيث زيارة بيت الله الحرام والبقيع ومدينة رسول الله الكريم (ص).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat