(( ... أناقش في هذه الكلمات جانباً واحداً من مايطرح الخط التكفيري المخالف كشبهة على الشعائر الحسينية وهو كون الشعائر من الأمور التي لم تكن في عصر النبي والائمة عليه وعليهم صلوات الله وسلامه .. وأنها مما ابتدعه الناس وأن فتح هذا الباب يؤدي الى نتائج خطيرة على الدين .
نقول :
إن بقي المؤمنون الملتزمون بالشرع الحنيف جامدين على الأساليب القديمة في العبادات الإجتماعية اتهموا بالجمود و السلفية والبعد عن العصر و الرجعية و التحجر .
وان كانت لديهم مرونة وتجدد مع الإلتزام بالمباني والنصوص كقواعد كلية هاجموهم بانكم تفعلون ما لم يفعله النبي و الائمة صلوات الله عليهم ومالم يكن في عصرهم عليهم السلام .
إذن فنحن بحاجة ماسة لتحديد ماهو الثابت وماهو المتغير في الفقه .
ونظري القاصر هو :
1_ إن النصوص القرانية والحديثية التي تبين الأحكام الشرعية الكلية مطلقة إطلاقاً أزمانياً يشمل كل العصور وهذا ثابت لا يتغير (( حلال محمد حلال الى يوم القيامه وحرام محمد حرام الى يوم القيامة )) .
2_ إن الحسن والقبح العقلي ايضاً لا يتغير بتغير الزمان ولا المكان .
3_ إن السيرة العقلائية الناشئة من المرتكزات العقلائة في نظر العقلاء بما هم عقلاء ثابتة ايضاً ولا تختلف بتغير العصور .
والى هنا يجب أن نتمسك بالأمور الثلاثة المتقدمة كثوابت غير قابلة للتغيير .
4_ ان المصاديق الخارجية هي من يطرأ عليه التطور والتغير بل ذلك طبعها وشأنها فهي تختلف بإختلاف الزمان والمكان والظروف .
وتغيرها هذا يمكن ان يخرجها من الإندراج تحت عنوان معين له حكم خاص .. الى الإندراج تحت عنوان آخر له حكم مختلف .
فالمستحب من اللباس في مكان أو زمان أو ظرف ما .. قد يتحول في غيرها الى لباس شهرة فيحرم .
و المستحب من طريقة الطعام في مجتمع .. قد يوجب توهينا واذلالاً لصاحبه في مجتمع آخر فيحرم .
و المباح مثل المشي الجماعي في طريق عام .. قد يصبح مستحباً أو واجباً لأن فيه امراً بالمعروف او نصرة للمؤمن او ماشابه ذلك عندما يتحركون في تظاهرة سلمية يعبرون فيها عن الإستنكار لمنكر او الإنتصار لمظلمة مؤمن وان لم يكن رسول الله قد فعله ولا أهل البيت صلوات الله عليه وعليهم ولا أصحابهم الكرام.
و تعظيم الشعائر و الجزع على الحسين والمواساة له و إحياء أمره هي من العناوين النفسية او الإجتماعية التي لها مصاديق مختلفة .. وهذه المصاديق شأنها التغير والتطور دون ان يخرجها ذلك الى الإنفلات عن الضوابط الشرعية التي تبقى تظلل كل المصاديق مهما تغيرت .... إن خرجت من الإندراج تحت عنوان دخلت تحت غيره .
فما من واقعة الا ولها في شرع الله حكم واقعي وما من شك في حكم واقعي الا وله وظيفة عملية تبرأ بها الذمة و تحفظ بها المصالح المهمة .
إن الشعائر الحسينية في الاعم الاغلب هي أمور اجتماعية .
ولهذا تتعرض مصاديقها للتغير والتطور والتحديث و مع تصاعد زخم الشعائر في كل عام (( الذي يستفاد من بعض النصوص انه لا يزداد الا علواً )) فكل ممارسة أو أداء يمكن أن يكون تعبيرا عرفياً عن تعظيم الحسين عليه السلام أو إظهار الحزن عليه أو كان تذكيراً عرفياً للمسلمين بمصابه وأهدافه فهو أمر مشروع تصدق عليه الآية القرآنية.
وكذا الجزع يمكن ان تكون له مصاديقه الجديدة فمادام مندرجا ً تحت عنوان الجزع فلا يضيره سواء كان في عصرهم أم لم يكن ...
وشأنه في ذلك شأن الأمور التالية التي هي شرعية مع أنها لم تكن بعينها على عهد رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم :
1_ مسيرات الإحتجاج على الاساءة للقرآن او للنبي صلوات الله عليه وآله .
2_ بناء المساجد بالمواد الإنشائية الحديثة .. فهل هذا يسلبها عنوان المسجدية لانها لم تكن في عصرهم عليهم السلام ؟! .
3_ كتابة اللافتات القرانية في الشوارع و اللافتات الحديثية و كذا اللافتات الحسينية فهل يشك أحد أنها من إحياء امرهم عليهم السلام فانها لم تكن على عهدهم .
هذا الجواب الإجمالي .. وللتفصيل محل آخر
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat