العالمة المعصومة بنت موسى (عليهما السلام)
علاء تكليف العوادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علاء تكليف العوادي

مرت علينا ذكرى ولادة السيدة الكريمة فاطمة المعصومة حيث يحتفي شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بذكرى مولدها (عليها السلام) وبهذه المناسبة نتقدم إلى مقام الإمام الحجة بن الحسن المهدي (عليه السلام) وستغل هذه المناسبة العطرة لبيان جانب من جوانب حياة هذه الكريمة بنت الاكارم فغوص في أحد صفاتها الجليلة وهي صفة العلم.
ونبين جانب من حياتها في بطاقتين:
البطاقة الأول: نذكر فيها بطاقة شخصية عن نسبها الطاهر ومولدها المبارك ووفاتها.
فهي السيدة الكريمة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)
فهي أخت الإمام الرضا (عليه السلام) لأمه وأبيه (عليهما السلام).
أمها
السيدة نجمة خاتون (1).
ولدة (عليها السلام) في المدينة المنورة في الأول من شهر ذي القعدة سنة 173هـ.
القابها:
لقبت (عليها السلام) بعدد من الألقاب منها:
الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، والرضية، والمرضية، والسيدة (2). وبأخت الرضا (عليه السلام) (3).
أشهر ألقابها «المعصومة» وهو المستفاد من الرواية المنسوبة إلى علي الرضا والتي جاء فيها: «من زار أختي معصومة في قم كمن زارني» (4).
كريمة أهل البيت
أنّ هذه التسمية تعود إلى رؤيا السيد محمود المرعشي النجفي والد السيد المرعشي، حيث أوصاه أحد المعصومين (عليهم السلام) في المنام أن يزور السيدة المعصومة (عليها السلام) واصفاً إياها بـ "كريمة أهل البيت" (5).
وجاء في رواية أخرى عنها أنها أشارت إلى أن اسمها معصومة وأنها أخت الرضا (6).
وفاتها:
خرجت من المدينة في سنة 201 للهجرة؛ قاصدة زيارة أخيها الرضا (عليه السلام) في طوس، إلا (عليها السلام) فخرجت مع قافلة تضم عدداً من إخوتها وأخواتها وأبناء إخوتها، وعندما وصلوا إلى مدينة ساوة في إيران تعرضت القافلة لهجوم، فقتل على إثره إخوتها وأبناء إخوتها فمرضت السيدة فاطمة (عليها السلام) بعد مشاهدتها لهذه المناظر المأساوية والجثث المضرجة بدمائها (7).
فحث من بقي معها المسير حتى وصلت مدينة قم، وبقيت فيها أيام قلائل حيث اشتد عليها مرضها وتوفيت على أثره، ودفنت فيها حيث مرقدها الآن، وقد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: "مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ"(8).
ولما توفيت فاطمة (عليها السلام) وغسلت وكفّنت، حملوها إلى مقبرة بابلان والتي تعود ملكيتها الى موسى بن خزرج، ووضعوها على سرداب حفر لها، فاختلف آل سعد في من ينزلها إلى السرداب، ثم اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السن يقال له قادر، فلما بعثوا إليه رأوا راكبَين مقبلين من جانب الرملة وعليهما اللثام، فلما قربا من الجنازة نزلا، وصليا عليها، ثم نزلا السرداب، وأنزلا الجنازة، ودفناها فيه، ثم خرجا، ولم يكلما أحدا، وركبا، وذهبا، ولم يدر أحد من هما (9).
فضل زيارتها
محمد باقر المجلسي (1037 ــ 1110 هـ) روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: « إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسول (صلی الله عليه وآله) حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم » (10).
وفي رواية أخرى «أنّ زيارتها تعادل الجنة» (11).
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): «ستدْفنُ فيه – أي: في قم-امرأَةٌ من ولدي تُسمَّى فاطمةَ بنت موسى (عليها السلام) يدخل الشيعة الجنة بشفاعتها» (12). (12) النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار، ص 596. النقض، ص 196.
روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: «من زارها كمن زارني» (13).
وعنه أيضا: «من زارها فله الجنة» (14).
وروي عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنّه قال: «من زار قبر عمتي بقم عارفا بحقها فله الجنة» (15).
البطاقة الثانية لحياتها (عليها السلام) ونستخلص منها جانب العلم والمعرفة:
تشير الروايات التاريخية، ان السيدة فاطمة المعصومة قد احتلت من بين اخواتها المكانة العالية والمنزلة الرفيعة، وقد كانت السيدة المعصومة عالمة جليلة القدر (16).
فضلا عن انها كانت من رواة الحديث النبوي.
كما تدل على مكانتها العلمية ما ورد في بعض الوثائق التاريخية من أنّ جماعة من الشيعة قصدوا المدينة يريدون الإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت معهم، وكان موسى بن جعفر الكاظم مسافرا خارج المدينة، فتصدت السيدة فاطمة للإجابة وكتبت لهم جواب أسئلتهم. وفي طريق رجوعهم من المدينة صادفوا موسى بن جعفر الكاظم فعرضوا عليه الإجابة وعندما اطلع موسى بن جعفر الكاظم على جوابها قال ثلاث مرات: «فداها أبوها» (17).
ثم أن السيدة فاطمة المعصومة اشتهرت بأنها محدثة آل طه والمحدثة، وهو ما يدل على حفظها ونقلها للأحاديث الشريفة بصورة مستفيضة، فحرصت عليه اشد الحرص في حفظه وتعليمه، غير ان التاريخ ظلمها فلم يحفظ لنا الا القليل من تلك الأحاديث، التي وثقها لها اصحاب السنن والاثار واكد بصحتها الفريقين الخاص والعام، اذ قالوا: «ان أحاديثها في مرتبة الصحاح الموجبة والجديرة بالقبول والاعتماد والتوثيق والعمل، وعدم مخالفة نصوصها ومضامينها لأنها تروي عن صالحاً بعد صالح وصادقاً بعد صادق والخيرة بعد الخيرة» (18).
ومن ابرز الاحاديث التي روتها السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) « حديث الغدير»، إذ أن هذا الحديث قد ورد بسنده عن فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) عن طريق شمس الدين محمد الجزري الشافعي بقوله: ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقرائتي عليه، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا: حدثنا أبو سعيد الإدريسي: إجازة فيما أخرجه في تاريخ استرآباد، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه، حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدثنا بكر بن أحمد القصري، حدثتنا فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر (عليه السلام) قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين. حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبي عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) قالت: أنسيتم قول رسول الله يوم غدير خم، "من كنت مولاه فعلي مولاه» (19).
ومن مروياتها ما مكتوب على الستر بخ بخ من مثل شيعة علي فقد ورد عن محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أحمد بن زياد بن جعفر قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي العريضي قال: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن خليل: قال: أخبرني علي بن محمد بن جعفر الأهوازي قال: حدثني بكر بن أحنف قال: حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا: قالت: حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر: قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد: قالت: حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي: قالت: حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين: قالت: حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي: عن أم كلثوم بنت علي (عليهما السلام) عن فاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" قالت: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا انا بقصر من درة بيضاء مجوفة، وعليها باب مكلل بالدر والياقوت، وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب "لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي القوم" وإذا مكتوب على الستر بخ بخ من مثل شيعة علي! فدخلته فإذا أنا بقصر من عقيق احمر مجوف، وعليه باب من فضة مكلل بالزبرجد الأخضر، وإذا على الباب ستر، فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب "محمد رسول الله علي وصي المصطفى" وإذا على الستر مكتوب "بشر شيعة علي بطيب المولد".
فدخلته فإذا أنا بقصر من زمرد اخضر مجوف لم أر أحسن منه، وعليه باب من ياقوتة حمراء مكللة باللؤلؤ وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الستر شيعة علي هم الفائزون، فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذا؟ فقال: يا محمد لابن عمك ووصيك علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحشر الناس كلهم يوم القيامة حفاة عراة الا شيعة علي ويدعى الناس بأسماء أمهاتهم ما خلا شيعة علي (عليه السلام) فإنهم يدعون بأسماء آباءهم فقلت: حبيبي جبرئيل وكيف ذاك؟ قال: "لأنهم أحبوا عليا فطاب مولدهم"(20).
الفهرس
(1) دلائل الإمامة، ص 309.
(2) الأنصاري، أنوار المشعشعين، ج 1، ص 211.
(3) النوري، دار السلام، ج 2، ص 170.
(4) محلاتي، رياحين الشريعة، ج 5، ص 35.
(5) معلم، محمّد علي: فاطمة المعصومة ص 187.
(6) النوري، دار السلام، ج 2، ص 170.
(7) الأميني، الغدير، ج 1، ص 170.
(8) تشيد، قيام السادات العلويـين، ص 160؛ ناصر الشريعة، تاريخ قم، ص 163؛ تشيد، قيام السادات العلويـين، ص 160.
(9) ناصر الشريعة، تاريخ قم، ص 166؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 48، ص 290.
(10) المجلسي، بحار الأنوار، ج 48، ص 317.
(11) المجلسي، بحار الأنوار، ج 57، ص 219.
(13) محلاتي، رياحين الشريعة، ج 5، ص 35.
(14) الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 2، ص 271؛ الشوشتري، مجالس المؤمنين، ج 1، ص 83.
(15) ابن قولويه القمي، كامل الزيارات، ص 536، ح 827؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 266.
(16) غريب خراسان، سلسلة مجالس العترة ، (جمعية المعارف الاسلامية الثقافية،1431ه)، ص 22- 24.
(17) كريمة أهل الـ بيت، ص 63 و64 نقلاً عن كشف اللئالي.
(18) محمد هادي الاميني، فاطمة بنت الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، (قم: المطبعة المهدية، 1405ه)، ص57-58.
(19) عبد الحسين بن احمد الاميني التبريزي، الغدير، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1969)، ج1، ص197.
(20) مرتضى الأبطحي، الشيعة في أحاديث الفريقين، (قم: مطبعة امير ،1416ه)، ص199-١٢٠.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat