قبسات من حياة الإمام محمد بن علي الجواد
علاء تكليف العوادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علاء تكليف العوادي

يتضمن البحث حول شخصية الإمام جواد × بحثاً تاريخياً شاملاً لجميع مفاصل حياته × وما رافقتها من أحداث سياسية واجتماعية، ودينية .
نسبه الشريف ×:
ورد عنه × في ترجمته وذكر نسبه الشريف أنه قال ×: أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي سيّد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ^ وبن فاطمة الزهراء ‘وبن محمد المصطفى ’ ( ).
وذكر الطبري نسبه إلى عبد مناف فقال: محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ( ).
وقال سبط ابن الجوزي: هو محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ^ ( ).
أمه:
أُمّه أُمّ ولد اسمها درّة ( )، سمّاها الرضا × الخيزران ( )، وقيل ريحانة ( ). وكانت من أهل بيت مارية القبطيّة ويقال: امّه نوبيّة واسمها: سبيكة ( )، وقيل: سكينة المرسيّة ( )، وقيل أم سكينة، مريسية، أم ولد ( ).
ووصفها رسول الله ’ بأنها خيرة الإماء، الطيبة، فقال ’: بابي ابن خيرة الإماء ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم ( )، وقال الإمام الرضا ×: «قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم قُدِّستْ أُمٌّ ولدته، قد خلقت طاهرة مطهّرة» ( ).
ولادته × في كتب التاريخ:
وإلا أن الاختلاف وقع في يوم ولادته × فقد ذكر في ولادته أقوال:
1 – في شهر رجب:
قال الشيخ الطوسي &: وذكر ابن عيّاش: «أنّه كان يوم العاشر (من رجب) مولد أبي جعفر الثاني ×» ( ).
2-في شهر رمضان:
ذكر جملة من رجال التأريخ أن ولادته × كانت في شهر رمضان فقد ذكر الشيخ المفيد &: «وكان مولده × في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة بالمدينة» ( ) وبمثله قال الگنجي الشافعي ( )، الخطيب البغدادي( ).
وقال محمد بن يعقوب الكليني &: «ولد أبو جعفر محمد الجواد × في شهر رمضان، من سنة خمس وتسعين ومائة» ( ).
وقد وقع الخلاف اليوم الذي ولد فيه في شهر رمضان إلى أقوال منها:
أ-في النصف من شهر رمضان المبارك:
قد ذكر جملة من أرباب التاريخ أن مولده × الميمون وقع في النصف من الشهر الفضيل في تلك السنة: حيث ذكر الشيخ المفيد أنه × «ولد في يوم النصف منه» ( ).
ب-التاسع عشر منه:
ذكر ابن شهرآشوب &: «. . . ولد × بالمدينة ليلة الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان، ويقال: للنصف منه» ( ) وبه قال ابن الفتّال النيسابوري ( ).
ج-الليلة الحادية عشر منه:
قال المسعودي: «ولد -محمد بن علي الجواد-× ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان، سنة خمس وتسعين ومائة» ( ).
د-السابع عشر منه:
قال العلّامة الطبرسي &: «ولد × في شهر رمضان، من سنة خمس وتسعين ومائة، لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر» ( ).
كنيته وألقابه:
كنيته أبو جعفر ويذكر في المصادر الحديثية بكنية أبي جعفر الثاني حتى لا يُشتبه بأبي جعفر الأول وهو الإمام الباقر ×( ). ومن ألقابه التقي والمرتضى والقانع والرضي والمختار والمتوكل والمنتجب، وأشهرها الجواد( ).
الولد الوحيد للإمام الرضا × من الذكور:
أُختلف في الإمام الجواد × هل هو الولد الوحيد للإمام الرضا × وأنه × لم يخلف سواه من الذكور إلى اقوال منها:
القول الأول: كونه ×الولد الوحيد:
فقد ذهب إلى القول الأول جملة من اعلام منهم:
المفيد &:
قال: «ومضى الرضا × ولم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي وكانت سنة يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهرا» ( ).
الطبرسي&:
قال: «وكان للرضا × من الولد ابنه أبو جعفر محمد بن علي الجواد لا غير» ( ).
ابن شهر آشوب&:
قال في المناقب: «كان للرضا × من الولد ابنه أبو جعفر محمد بن علي الجواد لا غير» ( ).
وذكر المجلسي &: «ولد الإمام الجواد × في أواخر أيام أبيه ×، ولم يكن للإمام الرضا × ولد قبله؛ لذلك بثّ بعض المخالفين بين المسلمين بأنّ الإمام الرضا × لم يورث، وأنّ الإمامة ستنتهي به، والواقع أنّهم أرادوا بهذه الشبهة إظهار بطلان كلام رسول الله ’ عندما قال: «الأئمة من بعدي اثنا عشر إماماً»؛ لأن الإمام الرضا × لم يعقّب، وأنّ سلسلة الإمامة قد ختمت بالإمام الثامن! لكن حينما ولد الإمام الجواد × وجاؤوا به إلى أبيه وهو صغير قال ×: «هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه»( ).
القول الثاني: له أخوة وان اختلف في عددهم:
اختلفت المؤرخون في عدد أولاد الإمام الرضا × وأسمائهم، فقد ذكروا له خمسة من الذكور وبنتا واحدة، وهم: محمد القانع، حسن، جعفر، إبراهيم، حسين وعائشة ( ).
الأربلي&: [قال محمد بن طلحة]: وأما أولاده [أي الرضا ×] فكانوا ستة: خمسة ذكور، وبنت واحدة. وأسماء أولاده: محمد القانع ×، الحسن، جعفر، إبراهيم، الحسين، عائشة. وقال عبد العزيز بن الأخضر: له من الولد: خمسة رجال، وابنة واحدة، هم: محمد الأمام ×، وأبو محمد الحسن، وجعفر، وإبراهيم، والحسين، وعائشة( ). وقال ابن الخشاب: ولد له خمس بنين وابنة واحدة، أسماء بنيه: محمد الأمام أبو جعفر الثاني ×، أبو محمد الحسن، وجعفر، وإبراهيم، والحسن، وعائشة فقط( ).
وقال ابن الجوزي:
أنّ له (للإمام الرضا ×) أربعة من الذكور هم: محمد (أبو جعفر الثاني)، جعفر، أبو محمد الحسن، إبراهيم ومن الإناث واحدة لم يذكر اسمها ( ). وقيل أنّ له ابنٌ دُفن في مدينة قزوين. كان عمره سنتين أو أقلّ، والمعروف حالياً باسم حسين ( ).
الإمام الجواد × في عصر خلفاء بني العباس:
استمرت إمامة الإمام الجواد × سبعة عشر عاماً، أي: من سنة 203 هـ السنة التي استشهد فيها الإمام الرضا × حتى سنة 220 هـ. وقد عاصر الإمام الجواد × خليفتين من خلفاء الدولة العباسية هما: المأمون والمعتصم العباسي.
عاش خمس عشرة سنة وهي حياته بقية حكم المأمون من سنة 203هـ إلى سنة 218هـ.
ثم عاش حوالي سنتين من ايام حكم المعتصم اي من سنة 218-220هـ.
الزوجات والأولاد
تزوج الإمام الجواد × في سنة 215 هـ أو (214 هـ) من ابنة المأمون العباسي أم الفضل ( ).
وذلك عندما طلب المأمون منه الزواج من ابنته، فقبل الإمام الجواد × ذلك، وقد بذل لها صداقاً كمهر جدته السيدة الزهراء ‘وهو خمسمائة درهم. ولم تنجب أم الفضل من الإمام × ولداً ( )، فجميع أولاد الإمام كانوا من زوجته الأخرى سمانة المغربية ( ).
وقيل إن الإمام الجواد × قد سافر إلى خراسان حين إقامة الإمام الرضا × فيها ( ) وفي تلك السفرة زوّجه المأمون ابنته أم الفضل ( ).
وذهب ابن كثير إلى القول بأنّ عقد الزواج بينهما تمّ في حياة الإمام الرضا × والزواج سنة 215 هجرية حيث قال: «في أواخر المحرم من سنة خمس عشرة ومائتين ركب المأمون في العساكر من بغداد قاصداً بلاد الروم لغزوهم، فلمّا كان بـتكريت تلقاه محمد بن علي بن موسى × من المدينة، فأذن له المأمون في الدخول على ابنته أم الفضل بنت المأمون. وكان معقود العقد عليها في حياة أبيه علي بن موسى ×» ( ).
وقد ذكر الطبري أنّ زواج الإمام الجواد من أم الفضل كان سنة 202 هـ ( ).
لاقى هذا الزواج اعترض من بعض حواشي المأمون وذلك لخشيتهم بانتقال الخلافة من العباسيين إلى العلويين ( ).
الأولاد
ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد أن الجواد × خلّف بعده من الولد عليّاً، وموسى، وفاطمة، وأُمامة ( )، وذكر البعض أن بنات الإمام ثلاثة: حكيمة، وخديجة، وأم كلثوم ( ).
علاقته بالشيعة:
كان الإمام الجواد × يتصل بالشيعة من خلال وكلائه الذين عيّنهم في المناطق المختلفة من العالم الإسلامي، لكن لماذا لم يكن ارتباطه بالشيعة بصورة مباشرة، بل عن طريق وكلائه؟ بسبب ما لاقاه الإمام × من شدة المراقبة من قبل السلطة الحاكمة آنذاك، ومنها أنّ الإمام × أراد أن يهيئ الشيعة لمسألة الغيبة.
لقد كان للإمام الجواد × عدد من الوكلاء في البلدان الإسلامية المختلفة، كبغداد، والكوفة، وأهواز، والبصرة، وهمدان، وقم، والري، وسيستان، وبُست ( ). وكان × يرتبط بالشيعة من خلال المراسلة. (راجع: التوقيع) فإن أكثر المعارف والمفاهيم التي وصلتنا عن الإمام الجواد × هي من رسائله للشيعة ( ). فقد كانوا يسألونه عما يشكل عليهم من المسائل الفقهية وغيرها، فيجيب الإمام × عنها. وقد يكتب اسم المرسل وعنوانه في الرسالة تارة ( )، وقد لا يشار إلى شيء من ذلك ( ).
وتجد في موسوعة الإمام الجواد × ( ) أسماء ثلاثة وستين شخصاً -عدا اسم والد الإمام وابنه ÷ -ممن كانوا يكاتبون الإمام ×، حيث جمعت من مجموع المصادر الحديثية والرجالية، وبالطبع، فإنّ بعض رسائله كانت جواباً عن سؤال لمجموعة من الشيعة( ).
لقد كتب الإمام الجواد × عدّة رسائل إلى وكلائه في البلدان المختلفة كهمدان وبُست، كما أن بعض الشيعة في إيران جاء إلى المدينة المنورة للقاء الإمام ×، هذا إضافة إلى اللقاءات التي كانت تحصل بين الإمام × والشيعة في أيام الحج ( ).
الشهادة
استدعى المعتصم العباسي الإمام الجواد × من المدينة إلى بغداد. فدخل بغداد في اليوم الثامن والعشرين من شهر محرم سنة 220 هــ، فأقام بها حتى توفي أواخر ذي القعدة من ذلك العام ( ).
أما اليوم والشهر الذي توفي فيه، فقد ذكرت بعض المصادر أنّه اليوم الأخير من ذي القعدة ( ).
وفي بعضها الآخر الخامس أو السادس من ذي الحجة ( )، قيل في سبب وفاته أن قاضي بغداد ابن أبي داوود وشاه عند الخليفة المعتصم العباسي؛ ذلك لأنّ الأخير كان قد قبل رأي الإمام × في قطع يد السارق، مما أدى إلى فضيحة ابن أبي داوود وكثير من الفقهاء والحاشية، فلما سمع الخليفة وشايته، همّ بقتله رغم صغر سنه ×. فنفّذ المعتصم هذه النية المشؤومة على يد كاتب أحد وزرائه، فسمّ الأخير الإمام وقتله ( ). ويعتقد البعض أن سمّ الإمام × كان عن طريق زوجته أم الفضل بنت المأمون ( ).
قال الشيخ المفيد (المتوفي سنة 413 هـ) عن وفاة الإمام الجواد ×: «وقيل إنّه مضى مسموماً، ولم يثبت بذلك عندي خبر، فأشهد به» ( ).
وذكر المسعودي أنه: «لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبّرون، ويعملون الحيلة في قتله، فقال جعفر لأُخته أُمّ الفضل... لأنّه وقف على انحرافها عنه وغيرتها عليه لتفضيله × أُمّ أبي الحسن ابنه عليها (أي على أُمّ الفضل) ... فجعلت السمّ في عنب، وناولته للإمام ×». ثم استطرد المسعودي قائلاً: «لقد ندمت أم الفضل بعد هذا العمل ندماً عظيماً، وبكت بكاءاً شديداً، ولما أكله بكت، فقال: لم تبكين ليضربنك الله بفقر لا يجبر وبلاء لا يستر، فبليت بعلة أنفقت عليها جميع ما تملكه»( ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat