العراق وأمريكا وأنصاف الحلول
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد مسلم الطرفي

تواجه الحكومة العراقية منذ قرار البرلمان العراقي في 5/1/2020 والقاضي بإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد ، تواجه حرجاً كبيراً في تفسير وجود القوات الأمريكية في العراق ، ففي حين تتشبث أمريكا بأنها موجودة بناءً على اتفاق مع الحكومة العراقية وأن ما موجود من قوات هو لغرض الاستشارة والتدريب يرى قطاع واسع من الشعب أن هذا الوجود هو وجود عسكري بامتياز في قواعد عسكرية في عين الأسد في الأنبار والحرير في أربيل وحتى في مقر السفارة في بغداد . وفي الوقت الذي لا تجاهر به الحكومة العراقية بأن تواجد القوات الأمريكية هو وجود عسكري ومخالف لقرار البرلمان العراقي تحرجاً من امريكا ولإدراكها أن قواعد اللعبة السياسية معها تتطلب ذلك ، فامريكا التي كلفها احتلال العراق قرابة 4500 قتيل و32000 جريح وثلاثة ترليونات دولار ، لا يمكن لها أن تخرج منه خالية الوفاض ، وفي ظل نظام سياسي متعدد الرؤى والتوجهات ، قلق ، ويميل في معظمه إلى رفض التبعية لأمريكا ، في ذات الوقت فإن المعارضين لوجود هذه القوات يستندون إلى قرار البرلمان أولاً وإلى موقف أمريكا بعد احتلال داعش لثلث العراق في عام 2014 حين طلبت منها الحكومة تزويدها بالسلاح فانها أجابت انها لايمكنها ذلك قبل عام 2020 ! ثم جاءت التطورات الأخيرة في عملية طوفان الأقصى وما تبع ذلك من مواقف أمريكية داعمة لاسرائيل بشكل فج ومستفز ، كل ذلك صعّد من المطالبات برحيل هذه القوات أو تلقي ضربات عسكرية من فصائل مسلحة . وبدلاً أن تعالج امريكا السبب وتسحب هذه القوات فإنها تلوح بالعصا الغليظة واستهدفت قوات عسكرية رسمية تابعة للحشد الشعبي الذي هو جزء من القوات المسلحة العراقية مدعيةً ان ذلك هو الرد المناسب على استهداف جنودها في قواعدها العسكرية في الأنبار واربيل . الحكومة العراقية في ظل التعقيدات الدولية الحالية لا يمكنها معالجة هذا الملف حلاً شاملاً وتلتزم بدلاً من ذلك سياسة أنصاف الحلول فهي بين المطرقة والسندان فهي تدين استهداف القوات الأمريكية من جانب كون أن أي سلاح خارج نطاق الدولة محظور وخروج القوات شأن من شؤونها وهي من تفاوض أمريكا عليه فإن تعذر فحينها تقرر أي سبيل تسلك ، ومن جهة أخرى فهي تدين أيضاً الهجمات التي تقوم بها أمريكا على مقرات امنية رسمية تابعة للحشد الشعبي العراقي وتعد ذلك انتهاكاً لسيادتها وللقانون الدولي ، وانها وحدها المسؤولة عن محاسبة المسلحين الذين يستهدفون القوات الأمريكية . حل هذه الأزمة بيد امريكا ، فوجود قواتها في العراق مع مواقفها غير العادلة اتجاه حرب غزة والشعب الفلسطيني ،غير مرحب به لدى قطاع واسع من العراقيين ، وكلما ردت عسكرياً كلما كثر أعداؤها وقل مناصروها وكلما عم الإعتقاد بأن وجود هذه القوات خطر على أمن العراق وسلامة أراضيه واستقراره وازدهاره ، فهل تدرك أمريكا ذلك أم تستمر في غيها وغطرستها ؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام أو الأشهر القادمة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat