أزمة الكهرباء في العراق بين امريكا وايران
د . حميد مسلم الطرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد مسلم الطرفي

في بيان لافت لرئاسة الوزراء العراقية وضح رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني أن سبب الأزمةالحالية للكهرباء في هذه الأيام هو العقوبات الامريكية المفروضة على ايران . إذ على العراق ان يدفع للأخيرةالديون المستحقة بذمته جراء توريد الغاز لمحطاته الكهربائية في حين تعارض امريكا دفع هذه المستحقات بأيشكل من الأشكال . اللافت في الأمر أن كلا المتصارعين أعني امريكا وايران اختاروا التوقيت الأسوء وهو شهرتموز الذي تقارب فيه درجة الحرار في العراق الخمسين درجة مئوية ، ليكون العراقيون ضحية هذا الصراع . ايرانعرضت على العراقيين ان تستحصل ديونها باليورو أو حتى بالدينار العراقي فلم تستجب الحكومة العراقية لانامريكا تعد ذلك التفافاً على العقوبات ، ولان امريكا ترفض ابتداءً استيراد الغاز الايراني وانما منحت رخصة مؤقتةبناءً على طلب العراق . ولكن لماذا تختار امريكا هذا التوقيت ؟ امريكا تريد ان توصل رسالة للعراقيين ان ايرانليست لديها معايير أخلاقية في علاقتها مع العراق ، ولا يمنعها الارث التاريخي بين الشعبين أو التوجه العقائديمن أن تذيق العراقيين مصائب هذا الحر اللاهب إذا تعرضت مصالحها للضرر . امريكا تريد أن تحرج المدافعينعن ايران في العراق والذين يقولون ان ايران دفعت دماءً من اجل سلامة العراق ووحدة اراضيه وقاتلت جنباً الىجنب معهم لسحق داعش . امريكا تريد زرع الفجوة على الصعيد الشعبي بين ايران والعراق لتصل الى كل بيتيعاني من انقطاع الكهرباء رسالة سلبية عن ايران . ولكن لماذا تقع ايران في مصيدة الامريكان فتقطع الغاز عنالمحطات الكهربائية العراقية في هذه الأيام ؟ لايران اسباب أو مبررات ، فموجة الحر هذه لا تضرب العراق فقطوانما تشمل ايران كذلك والطلب على الكهرباء في تزايد هناك وبالتالي على الغاز فهل يعقل ان تلبي حاجة العراقـوبلا ثمن ـ وتترك شعبها تحت وطأة الحر ؟ هل يمكن ان يقتنع الايرانيون بمكارم الأخلاق هذه ولا يطالبونحكومتهم بايقاف التصدير ؟ واذا كانت ايران قد صبرت على مستحقاتها لثلاث سنوات دون ان تحرك الحكومةالعراقية ساكناً خشية ان تثير غضب الامريكان فهل هناك من وقت مناسب غير هذه الايام ليتحرك المسؤولونالعراقيون بكل قوة صوب الامريكان ليقنعوهم بضرورة الموافقة على دفع الديون ؟ الشعب الايراني يئن من الحصارالظالم عليه من قبل امريكا فلا نتحرك اخلاقياً بمبادرة او مطالبة تصب في مصلحتهم ، وحين تطالب ايران بدفعديونها نطالبها بموقف اخلاقي يتجاوز المليارات من الدولارات المجمدة في البنوك العراقية !! في كل صيف تحاولايران أن تتجاوز مصالحها الذاتية وتؤجل القطع في أشهر الصيف عسى ان يتحرك العراق بالضغط على الادارةالامريكية أو ايجاد بدائل يعتمد فيها على ذاته في تامين الوقود اللازم لمحطاته ولكن دون جدوى . ايران دولة ولهانظام سياسي ولديها معارضة أيضاً ، وعليها مؤامرات داخلية وخارجية والمجاملة بثرواتها على حساب شعبهامراعاةً للأخلاق وحسن الجيرة والنية الحسنة يخل بالتزاماتها الاخلاقية تجاه شعبها ، وعلينا نحن العراقيين كدولةان نسعى لتأمين احتياجاتنا بما يرفع الحرج عن ايران وحكومتها وبأي طريقة مشروعة ، لا ندعو إلى الصدام معالادارة الامريكية ولكن هناك مبررات مشروعة لأن يستثنى العراق من العقوبات المفروضة على ايران ، وهناك حاجةلأن يؤمن العراق الغاز المطلوب من انتاجه وتلك خطوة مهمة نحو الاستقلال في مجال الطاقة ، وليس الربط بدولالجوار فنستبدل الرمضاء بالنار .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat