على ضفاف الانتظار (42)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

لا يُرى جسمُه ولا يُسمّى باسمه
وردَ أنّه سُئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عن القائم (عليه السلام) فقال: لا يُرى جسمُه، ولا يُسمّى باسمه.
وهنا سؤالان:
الأول: ما معنى قوله (عليه السلام): «لا يُرى جسمُه»؟
الثاني: ما معنى قوله (عليه السلام): «ولا يُسمّى باسمه»؟
أما السؤال الأول فجوابه هو التالي:
نحن نعلم أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) غائب، ولكن ما معنى غيبته؟
هنا رأيان :
الرأي الأول: يقول بأنّ معناها أنّ جسمه أصبح -وبمعجزة إلهية- بحيث لا يُرى بالعين المجردة، وبالتالي حتى إذا كان الإمام (عليه السلام) موجوداً في مكان ما، فلا يمكننا أنْ نراه، ويُمكِنُ الاستشهادُ لهذا الرأي ببعضِ الروايات، منها ما رويَ عن عبيد بن زرارة، قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يفقدُ الناسُ إمامهم، يشهدُ الموسمَ، فيراهم ولا يرونه».
ومنها روايةُ الإمامِ الرضا (عليه السلام) محلّ البحث.
الرأي الثاني: أنَّ معناها هو أنَّه (عليه السلام) لا زال يراه الناس، ولكنَّهم لا يعرفون انطباقَ عنوانِ المهدي عليه، وإنَّما قد يرونه لكن بشخصيةِ شابٍ وقورٍ عليه سيماء الصالحين.
وقد استدلّوا لهذا الرأي بعدّةِ رواياتٍ، ومنها ما اشتهرَ عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عثمان العمري (رضوان الله عليه) قال: سمعته يقول: «واللهِ إنَّ صاحبَ هذا الأمرِ ليحضر الموسمَ كُلّ سنةٍ، فيرى الناسَ ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه».
وكذلك بالرواياتِ التي شبّهتْ غيبتَه (عجل الله فرجه) بغيبةِ النبي يوسف (عليه السلام) حيثُ كانَ الناسُ يرونه ولا يعرفون أنّه رسولُ الله إليهم.
والرأيُّ الراجحُ هو الثاني.
وأما الرواياتُ الواردةُ في الرأي الأول فإنّها يُمكن أن تُشيرُ إلى أنَّ عندَ الإمامِ المهدي (عليه السلام) القدرةَ على إخفاءِ جسدِه أو على تعميةِ غيرِه من أنْ يراه، فالإمامُ (عليه السلام) يُمكِنُه أنْ يستعملَ هذه الطريقة متى شاء أو اضطرَّته الظروفُ الموضوعيةُ إلى ذلك.
وأما جوابُ السؤالِ الثاني: فبيانُه هو التالي:
لقد وردتْ بعضُ الرواياتِ التي منعتْ من التصريح باسمِ الإمامِ المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه)، ومنها ما رويَ عن الإمامِ الصادق (عليه السلام) حيث قال: «لا يُسمّيه باسمه إلَّا كافر».
وقد حُملتْ مثلُ هذه الرواية على زمان خاصّ وهو زمن الغيبة الصغرى، حيث أرادوا (عليهم السلام) من ستر اسمَ المهدي (عليه السلام) أنْ يحفظوا شيعتَهم من خطر الحوادث، وعلى الأقلِّ حفظ النوّابِ الأربعة من تعرّضَ الأعداء، ويُستَشهدُ بالتوقيع الذي خرجَ عنه (عليه السلام) بقوله: «ملعونٌ ملعونٌ من سمّاني في محفلٍ من الناس».
وعليه، فالروايةُ محلُّ البحثِ تُشيرُ إلى هذا المنعِ الواردِ في بعض الروايات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat