قراءة في كتاب (حديث الغدير.. ظروفه_مداليله_مضمونه الحضاري) للأستاذ عبد الزهراء عثمان محمد
امجد عبد الامام
امجد عبد الامام
فليس في العنوان وحده ينشد القارئ الى كتابات الأستاذ (عبد الزهراء عثمان محمد)، بل الى مضمون ما يحتويه كل مؤلف من مؤلفاته التي انتجها خلال مسيرته الفكرية، منذ فوز وانتشار كتابة (الزهراء فاطمة بنت محمد عليهم السلام) في المرتبة الثانية في مسابقة التأليف التي اقامتها مكتبة العلمين في النجف الاشرف عام 1968م، الامر الذي يستدعي الى مراجعة نتاجات المؤلف مراجعة منهجية وتقييم قيمة الأفكار التي يطرحها في مؤلفاته، وتحليلها بمنظور التجرد من العاطفة والسطحية في تقييم القضايا التي يتناولها، والأشخاص الذين يمر عليهم في موضوع بحثه.
لذلك فان كتاب (حديث الغدير.. ظروفه_مداليله_مضمونه الحضاري) يقع ضمن الكتب الفكرية ذات التحليل التاريخي من منظور حضاري لحادثة الغدير، والابتعاد عن السرد الروائي لإثبات صحة الحادثة من عدمها، (الا ما يلزمه من توضيح الحادثة من الناحية التاريخية)، والابتعاد عن التفسيرات التي تميع وتسطح حجم الحادثة، والانشغال في اثبات احقية الحكم من بعد الرسول القائد (صلى الله عليه واله) المنصوص في امارة الامام علي (عليه السلام)، والنظر في الجوانب الأخرى في طريقة انتقال منصب القيادة الى الجيل الجديد الذي سيواكب مسيرة المسلمين المستقبلية في بعدها الزمني القريب، والمتوسط، والبعيد، امام الأمم المجاورة التي تمتلك قبال الامة الإسلامية مقومات حضارية لكنها تفتقد الى انتقال معقول واضح، يستمد حكمته من السماء، كما يحدث في توريث الحكم عند الروم وفارس والحبشة، كدول مجاورة تراقب حركة قيادة الإسلام في الجزيرة العربية.
من هنا يركز المؤلف على ثلاثة قضايا يطرحها في مقدمة الكتاب، تشكل المادة الأساسية في محتوى الكتاب، وبالرغم من ايجازه، الا انها تشكل أفكاراً كبرى ذات مدلولات تشير الى المقومات التي ينبغي ان يسلكها المسلمون في تحديهم الحضاري، اولاً: في عصر حادثة الغدير، وثانيا: في مستقبل الأيام امام الأمم الأخرى، وهذه القضايا هي:
اولاً: ان هذه الدراسة الموجزة لا تشاء اساساً ان تجري محاكمة للأطراف التي عطلت القرارات الربانية بشأن الامامة الشرعية وادارت ظهرها لرسول الله (صلى الله عليه واله)، وتخطيطه لمستقبل الدعوة الإلهية الخاتمة. ص 11.
ثانياً: ان هذه الدراسة لا تقف مدلولاتها عند حدود ربط الخلافة الزمنية، وحق السلطان، والحكم بعد النبي (صلى الله عليه واله) وقصرها على علي بن ابي طالب وأولاده (عليهم السلام) دون غيرهم فحسب، وانما تهتم بدرجة أكبر بقضية حضارية كبرى، وهي وجوب استمداد الامة بامتدادها التاريخي لقيم الدين الإلهي الخاتم، واحكامه ومفاهيمه بعد النبي (صلى الله عليه واله)، من علي وأولاده (عليهم السلام). ص 11.
ثالثاً: ان المسلمين اليوم بحاجة ماسة الى ان يتلمسوا الطريق بشكل واضح ودقيق، لا سيما وان عهود حكم الأحزاب السياسية المنحرفة كالحزب الاموي، والعباسي، والعثماني، قد شوهت كثيرا من الحقائق، والصور. ص 12.
بهذه الخطوط الثلاثة يرسم المؤلف معالم خارطة طريق تنقل الانسان المسلم عبر حادثة الغدير من الجدل الطائفي والمذهبي التاريخي الذي استهلك طاقات كثيرة اخذت مجالاً واسعا في النقاشات التي تحولت الى حروب كلامية طويله في موضوع اثبات الحق العلوي، الى جعله من اعمال اهل الاختصاص في البحث والدراسة والتحول الى تطبيق البعد الحضاري لمنظومة التوجيهات النبوية بقيادة علوية عبر السلوك الفردي لكل شخص مسلم الى السلوك الجماعي في حركة الامة الإسلامية.
الكتاب:
يقع الكتاب في (167) صفحة من القطع المتوسط (18*24) سم، عن دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت/لبنان الطبعة الأولى عام (2004م)، وقد حاز الكتاب على المرتبة الأولى في مسابقة التأليف عن حادثة الغدير التي أقيمت في العاصمة البريطانية لندن في عام (200م).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat