رمضان سباق الى الجنة أم سباق مسلسلات؟
حنان محمد البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

‏ونحن نعيش أيام شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق من النار والغفران، شهر الإنابة والتوبة، شهر جعل فيه ليلة القدر وهي خير من الف شهر، الشهر الذي خصنا به الله سبحانه وتعالى  لمراجعة النفس وتهذيبها وتقويمها، إلا إن المناخ الأعلامي، والقنوات الفضائية، تنظر إلى شهر رمضان نظرة أخرى، فتعتبرة فرصة لجني الأرباح بأي ثمن وبأي طريقة، فتتسابق فيما بينها لتعرض إنتاجها، الذي أعدت له عاماً كاملاً، ولانعلم ماعلاقة شهر رمضان بالمسلسلات، لماذا لاتعرض على طول السنة، من الذي جاء بهذه الفكرة التي تحصر عرض هذه المسلسلات في شهر رمضان؟
ولو القينا نظره عابرة لهذه المسلسلات، نجدها تحتوي على مشاهد يندى لها الجبين، واحداث بعيدة كل البعد عن أخلاقنا وواقعنا، واغلب المواضيع المطروحة لا تحمل رسالة، ولا تحض على فضيلة ولا تنهي عن رذيلة، بل تلهث وراء الإثارة وتخترق القيم وتنتهك الأخلاق، عبارة عن تشرذم عائلي، وعلاقات غير مشروعة، وخيانة، ومخدرات ،وكحول، وتبرج فاحش، ونساء شبه عاريات، غير مراعين حرمة هذا الشهر الكريم.
نحن نعلم أن الدراما، وخصوصاً في شهر رمضان، تؤثر تأثيراً كبيراً في القيم، والأذواق،  فكثير من الأعمال  تصبح حديثاً بين الناس، وافكار يتداولها المجتمع، وكثيراً مانرى الأطفال، وحتى الكبار يستخدمون بعض الألفاظ التي سمعوها من بعض المسلسلات، ولربما يستمرون شهوراً كثيرة في ترديدها.
لو دققنا في الأمر جيداً؛ لوجدنا خلف هذا الموضوع حرب ناعمة، تستخدم الفن لطمس الهوية، وكثيراً ما استغلت بعض الجهات الدراما؛ لتسويق أفكارها وانتاج مسلسلات تحمل بين طياتها افكار مسمومة، الغرض منها تسقيط الهوية الاسلامية، والثقافية للمجتمع، كما حصل هذا العام عبر مسلسل "الكاسر" الذي استهدف العقال الجنوبي في محاولة؛ لتزييف الواقع، وقلب الحقائق، واتهام ابناء الجنوب هم من جاءوا بداعش، وذلك عبر الحوارات التي دارت في هذا المسلسل، مع أشخاص يرتدون الزي الجنوبي، وخلق فكرة لدى المشاهد، أن هذا ماحصل، ولولا انتفاضة الشرفاء الذين وقفوا ضد هذا العمل واجبروا هيئة الأعلام والإتصالات من إصدار قرار بمنع عرضه؛ لكانت مثل هذه الأمور مستقبلاً، يعتقدها البعض حقائق. 
الجدير بالذكر هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف بها أبناء الجنوب؛ بل تحدث كل سنة فهم يعمدون على إظهار ابن الجنوب بشخصية الأبلة السفية الجاهل، وإظهار أبناء المحافظات الأخرى، اصحاب شخصية قوية وحكيمة، والغاية من ذلك التقليل من شأنهم، بعد إن أصبحوا محط إعجاب العالم أجمع، عندما هبوا جميعاً تلبيةً لنداء المرجعية الدينبة؛ لتحرير الأرض، والعرض، ،والمقدسات، وضحوا بأثمن مالديهم؛ لذلك اراد الأعداء تسقيطهم، وتزييف التأريخ، وقلب الحقائق؛ لأنهم يعلمون جيداً، إن من أهم وسائل توثيق الأحداث هي الدراما التلفزيونية، التي ستكون مصدراً لمعلومات الأجيال القادمة.
وعلى صعيد آخر كان، هناك مسلسل عربي هو "دفعة لندن" انتاج سعودي، وكاتبة كويتية، وبعض الممثلين الكويتين، الذي اظهر من خلالة حقد دفين، لدى بعض العرب تجاه العراق؛ حيث جعلوا فيه  العراقي شخص بلا غيرة، وأظهروا المرأة العراقية تعمل كـ خادمة، في حقبة الكل يعلم حينها التقدم العلمي، والثقافي للعراق، والطلاب العراقيون وقتها، يشغلون نسبة 70‎%‎ من عدد طلاب كليات الطب في لندن، بالقياس لبقية الدول العربية، الهدف من هذا المسلسل، هو لتشوية صورة العراقيين، ومكانتهم، لكنهم فشلوا في ذلك؛ لأن مكانة العراقي، وغيرتة، وشجاعته، وذكاءه، يعلمها القاصي والداني، والكفاءات والخبرات العراقية منتشرة في كل بقاع العالم، ولايكاد يخلو بلد منها. 
إلى متى نبقى مكتوفي الأيدي، في موقع المشاهد والمتفرج، تاركين الساحة لأعدائنا، ينتجون المسلسلات، والأفلام، التي تستهدف هويتنا الثقافية والأسلامية، دون مقابلتها بإعمال ضخمة، تتكلم عن ثوابتنا الدينية، والوطنية، وتحكي قصص البطولة والشجاعة والأيثار، للأبطال الذين ضحوا بأنفسهم، وتركوا الأهل، والولد، والزوجة من أجل تراب الوطن؟ متى يحين الوقت لتجسيد هذه البطولات، بإعمال تلفزيونية تغلق افواه كل من تسول له نفسة، من النيل من هؤلاء الأبطال الشرفاء، او استهداف العقال الجنوبي، الذي قدم لهذا الوطن الكثير، وضحى بكل عزيزٍ وغال. يجب أن يكون هناك تركيز على الدراما، وأن تتبنى بعض الجهات الفاعلة في المجتمع من كتاب، وفنانين، ومثقفين، وحتى رجال أعمال؛ لتمويل مسلسلات تخدم المجتمع، وتساهم بتوثيق الأحداث في الدراما التلفزيونية.
بالأضافة إلى كل ماتقدم، على  الجميع أن يتخذوا من شهر رمضان، فرصة للتغيير، والتصحيح، والرجوع إلى الله، ولابد من التحكم فيما يعرض في بيوتنا في هذا الشهر الكريم، وأن نحاول منع كلما هو خبيث، وغير لائق، وبعيد عن تعاليم شريعتنا الأسلامية، ولابد أن نوجه أنظارنا، وأنظار الأجيال الناشئة، إلى القنوات الهادفة، التي تلبي احتياجاتنا، واحتياجات شبابنا وأطفالنا ولو بشكل جزئي، والأهم من كل ذلك، التركيز على فكرة التفرغ في هذا الشهر الكريم للعبادة، والدعاء والتقرب من الله سبحانة، وتعالى، وخلق اجواء روحانية، تليق بهذا الشهر الكريم، بدلاً من ترك الدراما تسرق وقت العائلة، وتبعدها عن العبادة. 
تقبل الله صيامكم، وقيامكم وجعلنا واياكم من العتقاء من النار في هذا الشهر الكريم. 

سلسلة الأعداء وأدواتهم يخططون (الحلقة7)

الموضوع السابق تاريخ وعادات رمضانية موروثة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat