من ظلامات أمير المؤمنين (عليه السلام) في فترة خلافته ان جيش المسلمين الذي قاده لحرب معاوية في صفين كان فيه كثير من المنافقين الذين يعترضون على قرارات الامام ويتكلمون في غيبته بما لا يرضى به، ويفسرون مواقف الامام بغير واقعها، ويلقون بالاحتمالات التي تسيء للامام (عليه السلام)، وكل هذا النفاق كان يقابله الامام بالصبر والاغضاء والسكوت عنهم في احيان كثيرة، وقد يضطر (عليه السلام) احياناً للدفاع عن نفسه عندما يشعر بخطورة ان يؤدي عدم توضيح الامر الى الفتنة، ومن المواقف التي تكلم فيها الامام (عليه السلام) في الرد على مجموعة من المنافقين عندما تأخر أمر الامام في بدأ الحرب في صفين، فقد قال بعضهم انه يكره الموت موحين بقولهم هذا الى حبه للحياة والسلامة في قبال الموقف الشرعي، بينما قال بعض آخر بانه متردد في صحة قتال اهل الشام وعبروا بان الامام شاك، اي يشك في انه هل يجوز قتال اهل الشام ام لا يجوز !!! وفي هذا ايحاء واضح الى عدم معرفة الامام بالحكم الشرعي وان خروجه لم يكن عن بصيرة قاطعة بكون معاوية وجيشه من المنحرفين عن الحق، ونص كلام الامام (عليه السلام) ينقله لنا الشريف الرضي (رحمه الله) في نهج البلاغة كما يلي:
(( ومن كلام له (عليه السلام)
وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين:
أما قولكم أكُلّ ذلك كراهية الموت فوالله ما أبالي أدخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي.
وأما قولكم شكاً في أهل الشام فوالله ما دفعت الحرب يوما إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي وتعشو إلى ضوئي، وذلك أحب إلي من أن أقتلها على ضلالها وإن كانت تبوء بآثامها.))
🔷 ومن جانب آخر عند ملاحظتنا للنص العلوي الشريف نجد درساً بليغاً في جوابه (عليه السلام) على مقالتهم الباطلة بكونه شاكاً، ينفع في كل زمان ومكان، فنجد صفاء النفس التي يتمتع بها الامام اتجاه اعدى اعدائه - الذين يحاربونه على انه كافر لا يصلي! - فليس له ولع في قتلهم لمصلحة شخصية بل كان يحب ان يهتدوا ويتوبوا ويستضيؤا بنوره كي ينجوا، فانه احب الى قلبه من قتلهم وذهابهم بإثمهم الى النار، وما يستفيد علي (عليه السلام) - وهو اكمل مخلوق بعد معلمه النبي (صلى الله عليه وآله) - من قتلهم الا ان تكون فيه مرضاة خالقه وتأدية تكليفه الشرعي.
فأين هذه الروح المتخلقة بأخلاق الله تعالى من تصرفات بعض من يحسب على الاسلام الذي يحكم بالقتل والكفر والاقصاء على عامة من يخالفه في الرأي والمعتقد فقط بلا ان يشهر عليه سيفاً او يسعى لإذائه جسدياً او مادياً فقط للمخالفة الفكرية يستحل قتله، بلا تمييز بن القاصر والمقصر، والعالم وغير العالم، والكبير المكلف والصغير غير المكلف، والرجل والمرأة فكلهم سواء.
تسرب هذا الفكر المشين الى بعض من يدعي الايمان بنهج علي واولاده (صلوات الله عليهم اجمعين) الا ان الوضع العام لجماعة المؤمنين (اعزهم الله تعالى) عبر العصور يلفظ هذا النهج ولا يقبله فيبقى صوته خافتاً وان جهد في اعلائه، ولن يكتب له النجاح مادام هناك في رأس الطائفة الحقة مراجع كرام دينهم الورع وخوف الله تعالى قد خبروا نهج محمد وآله (صلوات الله عليهم اجمعين) وصانوه من الشوائب والخزعبلات والغلو والتقصير وحافظوا على صفائه ونقائه بتسديد من ولي الامر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ومن قبل ذلك كله رعاية الله عز وجل وتكفله بحفظ الحق والحجة البالغة على الخلق.
والحمد لله اولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله أبدا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat