علي (ع) والتمسك بالآثار البيّنة
عبد الناصر السهلاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الناصر السهلاني

🔹قال امير المؤمنين(عليه السلام): " فالزموا السنن القائمة والآثار البينة والعهد القريب الذي عليه باقي النبوة. واعلموا أن الشيطان إنما يُسنِّي لكم طرقَهُ لتتبعوا عَقِبَه" (نهج البلاغة: خطبة 138)
عقائدنا الحقة التي عرفناها من النبي واهل بيته(صلوات الله تعالى وسلامه عليهم) بالادلة الناصعة الجلية الواضحة بعد رحلة مريرة في مواجهة الباطل والتصدي له من قبل تلك النفوس المقدسة، هذه العقائد توارثناها جيلا بعد جيل بفضل تهيئة الائمة(عليهم السلام) لحامليها والمحافظين عليها من اصحابهم الثقاة (رحمهم الله تعالى واجزل لهم الثواب)، ليتسلم المهمة العلماء الاعلام في عصر الغيبة (رحم الله تعالى الماضين منهم وحفظ الباقين)، اوصلوها ببذل الغالي والنفيس جهداً وجهاداً حتى هُجرَت الأوطان، وسُجِنت الابدان، واستُرخِصت الارواح، وسالت الدماء لحفظها من عبث العابثين واهواء المنحرفين.
فاصبحت من السمات التي يعرف بها اتباع اهل البيت(عليهم السلام)، ومميزاً لهم عما سواهم.
هذه هي الآثار البينة، التي حثنا النبي واهل بيته (صلوات الله تعالى وسلامه عليهم) على التمسك بها، وهذا المعنى وجدناه مكررا في كلمات امير المؤمنين(عليه السلام) حيث بدأت محاولات الجرأة على هذه الاثار منذ ذلك الحين لاستبدالها بالبدع، فوجه الامام(عليه السلام) وصاياه ليتمسك بها المؤمنون في كل زمان ورفض المحدثات والمشبهات، قبال هذه الآثار البينة. فليس بعاقل من يترك المتسالم عليه من عقائدنا عند اساطين العلماء بالدليل الواضح البيّن ويتبع محدثاً مضطرب المعنى لا يستند الى ركن وثيق من استحسانات فلان وعلان.
#فالنص_المتقدم من خطبة عنونت بان الامام (يومئ فيها الى ذكر الملاحم) وتحدث فيها عن الفتن التي تقوم بعده، وما يهمنا في شاهدنا هو هذه #القاعدة_العامة التي يوصي بها الامام(عليه السلام) بقوله (#الزموا_السنن_القائمة_والآثار_البينة) اي تمسكوا بالطرق الواضحة والتي حجتها بيِّنة، ثم يعطف(عليه السلام) بقوله (والعهد القريب الذي عليه باقي النبوة) اي الزموا ما عليه الزمن القريب الذي فيه من يمثل النبوة حيث العقائد والاحكام الصحيحة المتسالم عليها والتي فيها آثار امضاء من هو متصل بالنبوة وهو الامام المعصوم. ثم يحذر الامام (عليه السلام) من النهج المقابل لنهج لزوم الاثار البينة، بقوله: (واعلموا أن الشيطان انما يُسنِّي لكم طرقَهُ لتتبعوا عَقِبَه) فالشيطان لن يقف مكتوف الايدي اتجاه تمسككم بتلك الآثار بل سيُعَبّد لكم طرقه ويسهلها لكي تسيروا فيها وتتبعون أثره، بادخال الشبهات على تمسككم هذا والتزامكم بتلك الاثار والسنن، وبالتالي فان الامام (عليه السلام) في الوقت الذي يدعو فيه الى التمسك بذلك القائم والبيّن من الدين، يدعو كذلك الى عدم الغفلة عن مكائد الشيطان واتباعه لحرفكم عن هذا الالتزام.
🔹وقال(عليه السلام): "وما أحدثت بدعة إلا ترك بها سُنّة. فاتقوا البدع والزموا المَهْيَع. إن عوازم الأمور أفضلها. وإن محدثاتها شرارها" (نهج البلاغة: خطبة 145)
#هذا_النص_الثاني يجري مجرى الاول في الحث والحذر، بل لعله اوضح وآكد، وكان في خطبة تحدث فيها الامام(عليه السلام) عن شؤون الدنيا والناس فيها، وأوصى في ختامها بقوله: (وما أحدثت بدعة إلا ترك بها سُنّة) وهذا واقع بان البدع التي ليس لها اساس او مستند عندما تحدث في موضوع معين فانها تساعد على هجر سُنّة في نفس ذلك الموضوع. لذلك عطف الامام بقوله: (#فاتقوا_البدع_والزموا_المَهْيَع) اي اتركوا البدع والمستحدث غير المطمئن بصحته، واتبعوا المَهْيَع اي الطريق الواضح البيّن الذي يطمئن له، ثم يقول الامام: (#إن_عوازم_الأمور_أفضلها_وإن_محدثاتها_شرارها) اي ان ما تقادم من الامور هي الافضل فان لها نحو اتصال بعصر حظور الائمة(عليهم السلام) وهو ما اشار اليه بالعوازم، والعوازم هي المقطوع والمتيقن بصحتها والتقادم الملاحظ فيه هو ثبوت هذا الشيء قديماً والباقي على وضوحه ودليله المتقن، وبعبارة اخرى ان الامر المتسالم عليه والمسلم به بين عامة المؤمنين في اعتقاداتهم الاصيلة، لهو الافضل والحري بالاتباع من المستحدث الذي يعارض ذلك المتقادم الواضح، ويريد ان يكون بديلا عنه فانه يكون من الشر الذي ينبغي عدم الاصغاء اليه.
🔹 وقال(عليه السلام) بعد تلاوته قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) : "وقد قلتم (ربنا الله) فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته. ثم لا تمرقوا منها ولا تبتدعوا فيها ولا تخالفوا عنها. فإن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة. " (نهج البلاغة: خطبة 176)
#وهذا_نص_ثالث يشتمل على معاني النصين السابقين وهو في غاية الوضوح الذي لا يحتاج معه الى بيان جديد غير ما بُيِّن سابقاً، وفي نهايته يبين نتيجة اهل المروق والانحراف وفقدانهم للحظوة عند الله تعالى يوم القيامة.
🔸ولنأخذ مثالا من امثلة كثيرة على تلك الآثار البينة التي مرق عنها البعض وأثاروا حولها الشبهات مؤخراً وأرادوا استبدالها ببدع باطلة وذلك في مسألتي الامامة والعصمة اللتين هما من اوضح الواضحات في وجدان كل شيعي امامي اثني عشري، حتى سموا بالامامية نظراً لما يميزهم عن باقي الفرق باعتقادهم ان الامامة أصل من اصول الدين عندهم.
لذا فان عقيدة الامامة وكذلك العصمة من ابرز مصاديق الآثار البينة، التي بينها النبي واهل بيته(صلوات الله وسلامه عليهم) وهي من الطريق الواضح (المَهْيَع) فلا يوجد أبين واوضح منهما عند الشيعة بعد التوحيد والنبوة، ومع كل هذا فغرت فاغرة من الجاهلين تشكك بهاتين الواضحتين، بمقالات واهية، وحجج مضحكة في بعض الاحيان.
🔸ففي هذا المجال يصرح احدهم بان (الامامة بالمعنى الشيعي ليست اصلا من اصول الدين والمذهب) يعني ان من لم يؤمن بالامامة بالمعنى الشيعي يبقى شيعياً !!!، حتى وان اعتقد بان علياً(عليه السلام) مرجعاً دينياً ليس الا، غايته ان النبي قال: اتبعوه في الدين، فليس بالضرورة ان يكون مُنصَّباً للخلافة يوم الغدير، ومن الممكن ان يخطئ مع ذلك ويصيب، بل وفي نظر هذا المبتدع يحق للشيعي حينئذٍ ان يحاسبه ويحاسب كل امام يفترضه بتوبيخ واستنكار، وعلى ذلك الامام ان يجيب جوابا مقنعاً ولا يمتنع والا لن يقبل منه !!!! هذا كله وأدلة الامامة والعصمة ومعنى التسليم لامرهم (عليهم السلام) مستفيض بل متواتر بعشرات الروايات.
🔸ويطالعنا آخر، على شاكلة الاول، ليقول بان النبي والائمة (عليهم السلام) يجوز عليهم الاجتهاد والخطأ في ذلك الاجتهاد، بل يتبنى ذلك ويستشهد بروايات من المخالفين لدعم مدعاه في الاجتهاد الخاطئ !!!! وينسب للنبي الخلق السيء والمواقف غير الحكيمة بروايات رواتها ممن حارب امير المؤمنين(عليه السلام) وكتم فضائله وهو يعلم، ومع هذا يحسب القائل نفسه شيعياً !!! وما عشت أراك الدهر عجبا.
وللحديث تتمة بنصوص اخرى من اهل بيت العصمة والطهارة.
والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد وآله ابدا.
وأسألكم الدعاء
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat