صفحة الكاتب : الشيخ عبد الرزاق فرج الله

الإيمان من سطح القول الى عمق العمل ح3 
الشيخ عبد الرزاق فرج الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   أما الخطوة الثالثة في البحث عن مضمون الآية: (يا أَيُّهَا الذِين آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتابِ الذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِن قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) النساء: 136 فهي ان أبرز نتائج الايمان وآثاره في الحياة، هو الإسهام الخيري وتموين الحياة بكل ما يعود عليها بالخير والسلام، ولذلك أكد القرآن الكريم على الملازمة بين الايمان والعمل الصالح في كثير من آياته، كقوله تعالى: (إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) الكهف:30.
  ولذلك فان المتتبع للآثار الخيرة في الحياة، يجد انها تعود الى منبع واحد هو (الايمان بالله)، وان مؤسسي كافة المؤسسات الخيرية والمشاريع الانسانية، هم المؤمنون بالله تعالى من المسلمين والمسيحيين، وحتى البوذيين، اما ما عداهم من الملحدين، فلم تحصل الحياة الاجتماعية منهم على غير الويلات والحروب والأذى والارتباك، ومع هذا فان منهم من يقوم بمحاولة الحط من شأن الايمان ودوره في حياة المسلمين ويكيل له النقد والمؤاخذة من وجهين:
الأول: كون الإيمان يدعو الى ضياع الوقت، فمثلا: الصلاة في أوقاتها المحددة لها تدعو الى تضييع وجبات عمل كبرى، إذ بامكان أي مجتمع أن ينجز في تلك الفترات الزمنية منافع اقتصادية جمة، والصوم في أغلب الأحيان يقعد الإنسان عن القيام بنشاط اقتصادي واسع. 
وهكذا أخذ هؤلاء في حسابهم، ان خدمة الاقتصاد واشباع الحاجات الجسدية فوق كل الاعتبارات.
والجواب على ذلك: بتوجيه السؤال الى اولئك بالقول: لماذا ينظر الايمان من زاوية سلبية فقط، ولا ينظر الى الزاوية الايجابية على صعيد التهذيب النفسي، والاعداد الروحي والاخلاقي؟، ولماذا لا يقال أن الصيام على صعيد الجانب الاقتصادي يوفر للمجتمع الملايين من وجبات الطعام، اضافة الى تربية الاحساس بآلام الإنسانية؟
الثاني: قالوا: ان الدين الذي يؤمن به المسلمون يجبر الانسان على أنماط خاصة من السلوك، ويوجهه بالأوامر والنواهي، ويقتل فيه زاوية التطلع الى الحرية في اختيار طريقة التصرف في الحياة.
والجواب على ذلك بالقول: ان نفس الفكرة التي يعتنقها الملحدون، والنظرية التي يتبناها المؤمنون بالاقتصاد فوق كل الاعتبارات هي فكرة جبرية، حيث يخضعون الفكر والسلوك الاجتماعي للعامل الاقتصادي، ويعتبرون الاقتصاد هو الموجه والآمر والناهي.
فاذا كانت المسألة ترتبط بالأمر والنهي؛ فأي قانون يخلو من الأوامر والنواهي؟ واي مجتمع يتوجه توجها ذاتيا دون أن تكون له ضوابط قانونية من خارج ذاته؟ غاية الأمر: أن هناك فرقا بين كون الانسان مجبورا بمعنى كونه مسيرا لا يملك اختيارا من الأوامر والنواهي في كل شؤونه واوضاعه وعلاقاته الاجتماعية، بحكم العامل الاقتصادي الذي يتبناه أصحاب هذا النقد.. وبين كون الانسان مختارا حتى في نطاق الأوامر والنواهي في كافة تصرفاته وعلاقاته وأوضاعه العامة، كما يحكم بذلك الوجدان الانساني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الرزاق فرج الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/07



كتابة تعليق لموضوع : الإيمان من سطح القول الى عمق العمل ح3 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net