صفحة الكاتب : كريم الانصاري

ويسألونك عن عمامة عالم الدين
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يتغنّى البعض بزهد وحكمة ومعارف وإيمان كلّ مَن تميّز بهذه الصفات والخصال غير أنّه يلهث خلف ذوي الموائد والگعدات والسفر والمال . ويحلّق البعض مفتخراً بسادات الأنام (ع) ومراجع الدين العظام والنخب من الرموز والمحاور والمؤمنين الكرام لكنّ عيونه تشبح صوب معاقل الإغداق  بالدرهم والدينار ..
نحن نعلم يقيناً أنّ قادتنا إنّما صاروا قادةً بفعل الخصائص الحميدة الآنفة الذكر ، إلّا  أنّ ناتج غيرالقليل ممّن ائتمنهم هؤلاء العظام على الناس  : قصورٌ مشيّدة ، عقارات ، حسابات مصرفية ، استثمارات ، موائد ممّا لذّ وطاب ، حواشي وخدم وحشم وكواعب أتراب ، وسائل راحة بأحدث المواصفات ، منّة وخشونة وتعالي في التعامل مع الناس ..
إنّ الأُمّة لازالت ترى في عالم الدين ، رجل الدين ، المعمّم خصوصاً ، انعكاساً حيّاً لقيم الرسالة والأخلاق والعلم والإيمان ، تراه بجوارح وجوانح ترقب وتسجّل وتبثّ بانتظام ، ولاسيما في ظلّ الظرف الراهن ومتغيّراته المشهودة هذه الأيّام .. فالأُمّة ليست مهيّئةً أبداً لرؤية " المعمّم "  دون المزايا المذكورة أعلاه قطعاً .. إنّ عالم الدين المعمّم يبقى في ذاكرة التاريخ والمجتمع والضمير دوماً : أُمثولة الزهد والتواضع والخلق الرفيع والعلم والإيمان العميق ، وأُنموذج الأمانة بأجلى المفاهيم .
فلايمكن تصوّر علماء الدين وقد تحوّلوا إلى صنفٍ أو نقابةٍ من النقابات متخندقة معزولة غير محبوبة ، وهم نبض الأُمّة وشريانها الأساس .. أو إلى مجرّد تمظهرٍ وتمسرحٍ يستعرض مثلاً شكل العمامة ودقّة لفّها وجاذبيّتها ، ولاضير في حضور " المعمّم " بتأنّقٍ وجمال ، بل مستحبٌّ لكن بلا تهافتٍ مع الوظيفة الأساس من واجب الاهتمام بالدرس تعلّماً وتعليماً والبحث والتدوين والتبليغ والتحقيق ومتابعة شؤون البلاد والعباد ؛ حيث عالم الدين " المعمّم خصوصاً" هو من الخلق في الخلق إلى الخلق ، فإن لم نقل : إنّ طبقة علماء الدين أشرف طبقات المجتمع ، فهي من أشرفهم بلاريب .
 ولعلّ من نافلة المقام الإشارة إلى أمرٍ هامٍّ يرتبط ببحثنا بنحوٍ ما ، وهو:
 أنّ البعض يحتذي ممجّداً بمن همّه الاشتغال بالعلم والبحث وقضاء حوائج الخلق والامتناع عن حضور موائد الأغنياء وعن افتتاح الحسابات المصرفية والاستثمارات وتملّك العقارات ...
ويحتذي البعض الآخر بمن انشغل لسببٍ عن العلم والبحث ، وخدم الخلق ، وجالس الأغنياء وبنى العلاقات وتملّك الحسابات والعقارات وشيّد المشاريع الحسان . 
 فأمامنا منهجان أشبه بالمتغايرين ؛ كلاهما لهما مبرّراتهما وجمهورهما ، 
ويذهب بعض المطّلعين إلى أنّ تفاوت البيئة وتباين الظرف وتنوّع الحاجة قد أفرزت هذين المنهجين المحسوبين ولو على كيانٍ واحد ، فيمكن لأحدهما أن يكون مكمّلَ الآخرَ  لو تأمّلنا المقام جيّداً .
 وتبقى كلمة الفصل لنهج وسيرة الأسياد الطاهرين (ع) ثم لنوّابهم مراجع الدين العاملين ؛ إذ نشأة وبقاء ونموّ وازدهار وسرمديّة التشيّع تكمن كلّها جميعاً في رفعة فكر ونهج وأصالة وسلامة سيرة أئمّة الدين عليهم السلام ونوّابهم الكرام ، فمعالم الطريق - كما يُدّعى قويّاً - واضحة لاتحتاج إلى مزيد توضيحٍ أو تعقيد .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/15



كتابة تعليق لموضوع : ويسألونك عن عمامة عالم الدين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net