صفحة الكاتب : كريم الانصاري

وقفة عَقَدية
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

القدرُ المتيقّن والمتعيّن: أن لا مقدَّسَ سوى الخالق جلّ وعلا ثم الكتب السماوية والرسل والأنبياء والأولياء المعصومين عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

ولكون المقام مقام الزهراء البتول عليها السلام فإنّ قدسية فاطمة بنت محمّد بن عبدالله لا لأجل كونها بضعة خاتم الأنبياء والمرسلين (ص)؛ فهناك من ولد الرسل والأنبياء ما لم يكونوا على الصراط المستقيم.

ولا لأجل كونها حليلة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)؛ فهناك من حلائل المعصومين والأوصياء والأولياء ما لم يكنّ على الصراط المستقيم.

ولا لأجل كونها أُمّ المعصومين (ع)؛ فهناك من أُمّهات المعصومين والأوصياء والأولياء ما لم يكنّ على الصراط المستقيم.

إنّما منشأ قدسيتها رغم شرف البيت ونبل النسب وأصالة الحسب هي ذاتها لذاتها بما هي هي، لا لهذا العَرَض وتلك الجزئية، فلو تجرّدت صلوات الله وسلامه عليها عن كلّ الموارد أعلاه من أبٍ وبعلٍ وولد لَما انثلم من قدسيتها مقدار ذرّةٍ ولا قيد أنملة، حيث الإرادة الإلهية هي أن تكون بذاتها مقدّسةً معصومة.. فما ذهب إليه البعض من كون البيت والحسب والنسب جزء العلّة، لا يساعده الدليل.

ولطالما صرّح النبيّ الخاتم في حقّ الحوراء الإنسية بهذا النصّ وذاك، ولخّص علوّ مرتبتها ورفيع منزلتها بما ورد في مصادر الفريقين: ((إنّ الله يرضى لرضى فاطمة ويغضب لغضبها)).

ولا مندوحة بتوقّف بعض علماء السنّة في صحّة هذا النصّ؛ ولاسيّما بعد قولهم: “ولا شكّ أنّ فاطمة رضي الله عنها وأرضاها قد ورد في فضلها وشرفها… من نصوص الوحي ما يغني طالب الحقّ عن هذا الوضع”، وهو تسليمٌ واضحٌ واعترافٌ ضمني بما لفاطمة من حقٍّ ومرتبة.

أمّا التعلّل بتفاوت لفظ الرواية مع اتّحاد المعنى ، فجوابه سهلٌ عند أرباب الدراية والحديث.. إلى ذلك: فالاستشكال بأنّها قد وُلِدت قبل البعثة بخمس سنين، مردودٌ بالقول المستدلّ المعتضَد المؤيَّد بالقرائن والشواهد بأنّها قد ولدت بعد البعثة بخمس سنين وبعد الإسراء والمعراج بثلاث سنين، بل إنّ تسميتها قد جاءت بأمر السماء، لأنّ الله قد فطمها ومحبّيها من النار.

إنّ صدور “نصّ العصمة “ونظائره لا يمكن أن يكون من باب الإحساس والعاطفة ولا من باب التحنّن والملاطفة؛ إذ أنّى للرسول الخاتم ذلك وهو الذي لاينطق عن الهوى، بل إنّه بلاغٌ إلهي ومنشورٌ أخلاقي وضابطٌ إيماني يكشف ما لفاطمة من عصمةٍ وعلمٍ لدنّي.. إلى ذلك: فما بُحِث من أنّ تكوينتها غير التكوينة البشرية المألوفة، ففيه إشارة إلى مفهوم “تفّاحة الفردوس” وأقرانه.

لذا فتجلّي أمثال “قاعدة اللطف” العقلية في وجودها النوراني وشخصها القدسي ووعائها الطاهر المصفّى، ما كان عن غلوٍّ ولا عن غنوصيةٍ ولاعن تمذهبٍ أعمى، ناهيك عن الأدلّة النقلية المتواترة التي يضيق المقام عن إيرادها واحدةً تلو الأُخرى.

ولابدّ إذن من رحلة معرفية جادّة في فضاء المعنى، في أمثال: “السرّ المستودع” ونظائره، لتفتح أُفقاً منتجاً لإجاباتٍ عن سلسلة تساؤلاتٍ وشبهاتٍ فكريةٍ وعَقَديةٍ وأخلاقية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/08



كتابة تعليق لموضوع : وقفة عَقَدية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net