ممثل المرجعیة: نحن أمة تفتقر للتوثيق وقد خسرنا الكثير من التراث بسبب نزوات الساسة

من حقّ الأمم أن تفتخر بحضارتها التي لا تنشأ إلّا بعد جهد جهيد بذله الأسلاف، خصوصاً إذا علمنا أنّ الظروف السابقة كان فيها تعقيد ووسائل المعرفة كانت صعبة، لكن يبدو أنّ هذه الصعوبة هي التي أنتجت وأوجدت في نفوس العلماء السابقين هذه الروح في البحث والتأليف، وذكروا لنا معارف في علومٍ شتّى.

جاءت هذا في كلمة ممثل السید السیستانی السيد أحمد الصافي الأمين العام للعتبة العباسية المقدّسة التي ألقاها خلال حفل افتتاح المؤتمر السنويّ الدوليّ الثاني لحفظ التراث المخطوط.

وأضاف "العلماء السابقون -رحمة الله عليهم- أسّسوا تراثاً في حقبة معيّنة من الزمن الذي يختلف بحسب التفاوت الزمني أيضاً، حيث أنّ كلّ مرحلة كان لها نحو من الأفكار والجهد والتطلّعات وتركوها لنا، بعضها قد عبثت بها يدُ الدهر وتعرّض البعض للتلف والبعض الى الحرق والبعض الى التمزيق، والبعض الآخر انتقل الى ورثة لا يفقهون شيئاً فبيعت بأثمان بخسة، وكانت حصّة الأرض منها كثيرة وحصّة النار والمياه كثيرة، والبعض حاول أن يحتفظ بقيمة هذه الحضارة من خلال المكتوب، والمكتوب يمثّل تاريخاً وحضارة وفكراً فبدأت حالة إظهار ما عند القدماء الى أن تطوّرت الأشياء وأصبحت المخطوطات الآن لا تمثّل فقط هذه الحالة وإنّما تمثّل جهةً أخرى مرتبطة بطبيعة الرقعة الجغرافية التي كتبت فيها هذه المخطوطة".

وبین ممثل المرجعیة العلیا: "نحن أمّةٌ قد تفتقر للتوثيق، نحن أمّةٌ قد لا توثّق كلّ شيء ولعلّ أشرس الأسباب التي جعلت الأمّة لا توثّق هي تلك الروح السياسية التي مرّت في بلادنا وكانت قاسيةً جداً، خصوصاً إذا ابتليت الأمّة بسياسيٍّ جاهل، أوّل ما يُعادي فيُعادي العالِم ويُحاول أن يجتثّ كلّ ما يختلط بالعلم سواءً خالفه بالرأي أو وافقه، لكن لم يتّفق معه في نهجه، وبالنتيجة خسرنا كثيراً من أجل نزوات لساسةٍ لا تفقه شيئاً، وتاريخنا حافل للأسف بهذه المشاكل الكثيرة وخسرنا الكثير، فهناك أسماءٌ لامعة لها تاريخ، وعندما نأتي الى التراجم نسمع أنّه له كذا وكذا من المؤلّفات والمصنّفات لكنّها غير موجودة لسببٍ واحد هو القسوة في التعامل مع هذه الحضارة".

کما اکد السید الصافی اننا "نحتاج الى صحوة ونحتاج الى حالة من الجهد الخاص، لابدّ أن نوثّق ولابدّ أن نحافظ على الموجود لأنّ الموجود اليوم سيكون غداً تراثنا، ولذلك هناك مسؤولية لأهل الشأن وهذه المسؤولية لا تتحدّد فقط بإطاره الشخصيّ وبما عنده من نتاج، بل أن يؤثّر لما له من صوتٍ مسموع في المحافل، لابدّ أن نؤكّد على مسألة التوثيق، لابدّ أن نؤكّد على مسألة الحضارة والتحضّر، والحضارة تأتي بالتحضّر، والتحضّر من أسبابه أن يحافظ على الحضارة، نحن نمتلك حضارة قوية وبلادنا رقعتها الجغرافية واسعة ومن حقّنا أن نفتخر ونهتمّ وأن نحافظ".

وتابع ممثل المرجعية: "فلابدّ أوّلاً أن نحاول أن نفتّش كما يفتّش صاحب الآثار فنحن نحتاج أن ننبش التاريخ بشكلٍ دقيق حتى نستخرج النفائس الموجودة، وأيضاً الاهتمام بالتراث الخطّي هو اهتمامٌ بالعالِم الذي خطّه، وهذه مسؤولية عظيمة، علينا أن نحترم علماءنا ونقدّر هذا الجهد الذي بُذل الى أن وصل الينا الآن في هذه الكمية الجيّدة من المخطوطات، فمن المؤكّد كانت وراءه جهود لا يعرفها إلّا من يخوض غمار هذه المسألة، ولعلّ أهل التراجم والسير كان بعضهم يكتب على ضوء القمر، وهذه مسألة فيها عناية فائقة وإصرار فائق، على أنّ الكاتب كان حريصاً أن يكتب كتاباً فيه نفعٌ للبشرية والإنسانية، فبعض ما كتب الى الآن هو طريّ ونافع وأفكار من الممكن أن تحلّ الآن في هذه العصر مشاكل كثيرة، مع ذلك إنّ هؤلاء الأعاظم كانت لهم اليد الطولى علينا فمن حقّهم علينا أن نحافظ عليهم ومن حقّ أفكارهم علينا أن نحافظ على مورثوهم ولا نتعامل معه فقط كقضيةٍ متحفية، بل يجب الاستفادة منه لذلك فإنّ المخطوطات دائماً تحتاج الى مراكز تحقيق وطباعة تُظهر هذه الأشياء الى عامل الوجود، وأعتقد أنّ الناس المثّقفين عموماً يحتاجون أن نطلّ عليهم بإطلالةٍ من خلال المخطوطة، أو مراكز التحقيق أو الطباعة حتى نشعرهم بالقيمة الحقيقية التي عندهم".

وأوضح الصافي: "بعض الناس في وقتنا الحاضر يشعرون بالانكسار والانهزام النفسيّ لا لشيء إلّا لأنّهم انقطعوا عن تراثهم العريق، وحاول أن ينسيهم من يحاول، لذلك شعروا أنّهم بلا جذور وهذه أخطر مسألةٍ نعيشها اليوم، هذا الإنسان لابدّ أن يشعر أنّ جذوره قويّة وهذا الشعور النفسيّ وحده لا يكفي، لكن لابدّ أن يترجم على الأرض من خلال الوسائل الكثيرة والاستفادة من العلوم الحديثة لنبش التاريخ وإظهار هذه النفائس والمخطوطات والتراث الحضاريّ بشكلٍ جيّد، وهذه مهمة كبيرة تقع على عاتق الباحثين، ولعلّ هذا يدخل في صلب وصميم عملهم وأفكارهم وفيه خدمةٌ جليلة وما أحوجنا الى هذه الخدمات".


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/04



كتابة تعليق لموضوع : ممثل المرجعیة: نحن أمة تفتقر للتوثيق وقد خسرنا الكثير من التراث بسبب نزوات الساسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net