صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

قراءة متأنية في نتائج انتخابات ٢٠١٤
د . حميد مسلم الطرفي

 
السياسي الناجح قائد والقائد لا يستسلم للفشل  ولا يغتر بالنجاح ، والانتخابات درس بليغ ذلك لمن (كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) . في انتخابات مجلس النواب الاخيرة أكثر من عبرة بعد اكتساح المالكي وائتلافه النتائج في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب وسنعرج على بعضٍ من تلك الدروس بعد ابداء الملاحظات التالية حول الانتخابات :
١- رغم انها أول انتخابات نيابية تجري بعد الانسحاب الامريكي الكامل من العراق إلا ان الجميع شهد على حسن اداء المفوضية فيها وتقليل نسبة التزوير الى أقل ما يمكن بعد استخدام البطاقة الالكترونية والجهاز البايومتري وقد شهد على نزاهتها وسلاسة سيرها كل المراقبين الدوليين والعرب وإن كنا غير راضين عن تأخر النتائج لمدة شهر  أو أكثر وعدم اعلان النتائج الاولية على أقل الأحوال كما في معظم دول العالم .
٢- لم تأل أي جهةٍ سياسية جهداً في الدعاية الانتخابية ومؤتمراتها الجماهيرية وبذل الغالي والنفيس في سبيل حشد أكبر عددٍ  من المؤيدين واستخدام كافة الاساليب في دعايتها وتوفير المال لذلك حتى اختلط المال العام ، والخاص ، والمقترض والتبرعات ،  كما أن لكل الكتل الرئيسية وسائل إعلام جيدة في مقدمتها الفضائيات الا القليل منها محروم من ذلك .

٣- الإقبال الجيد على الانتخابات بعد الدعوات المتكررة للمرجعية الدينية ، وحث المرشحين للناخبين والتحشيد الإعلامي بأهمية هذه الانتخابات وكونها مفصلية في عملية التغيير ، ولو لم تنجز الانتخابات الا هذا لكفى كونه الدرس البليغ
للارهاب فالشعب لازال مع النظام السياسي القائم ويريد الخيار السلمي في التغيير ويرفض رؤى الارهاب والارهابيين في موقفهم من العملية السياسية .
بعد هذه الملاحظات فقدى بدى للمراقب ما يلي :
أولاً : تحولت الإنتخابات في جزءٍ كبير منها  إلى  استفتاءٍ على  بقاء السيد رئيس الوزراء ، فلقد كانت دعاية  كل القوائم الرئيسية عدا دولة القانون  منصبة على نسف أي جهدٍ قدمته الحكومة وتحميل رئيسها كل فشل ، ناسفةً بذلك كل المنجزات منذ التغيير عام ٢٠٠٣ وحتى الآن راسمةً بذلك صورة سوداوية عن الوضع العام للبلد متبتكيةً على أحوال الشعب الأمنية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية كلها ، وهذا خلاف الواقع فهناك منجزات جمة في مجال تحسين القدرة الشرائية والحريات العامة  وتحسين الكهرباء وتقديم بعض الخدمات وانجاز بعض المشاريع استفاد منها المالكي وإئتلافه ليعكس للرأي العام العراقي مدى المظلومية التي يتعرض لها والمعارضة العمياء التي يواجهها مما جعل العراقيين يتعاطفون معه  .
ثانياً :أثبتت الإنتخابات أن توظيف  الخطاب الديني يحتاج إلى حنكة وذكاء بالغين فليس في كل مرة يصلح توظيف المرجعية في الانتخابات لصالح جهةٍ أو فئةٍ معينة بل يحتاج هذا الأمر الى استعدادٍ وتنسيق عالي المستوى لكي ينتج أهدافه . فاستال بعض الكتل لكي توظف طرفاً دينياً محدداً لصالحها دون التنسيق مع باقي المرجعيات أتى بنتائج عكسية . وأهم ما في هذه القضية هو أن الحقائق الدينية والتكاليف الشرعية ينبغي أن تكون بلغة واضحةٍ وصريحة ولا ينفع التأويل فيها فقدرة كل كيان على الدفاع في المتشابهات حاضرة وبقوة .

ثالثاً: إن المزاج العام للشعب العراقي مزاج تحدٍ ، وحماسةٍ  ، ومواجهة  ، مزاج  يميل الى الى الرمز الشجاع والحاسم والحازم  . شعب حي مستعد لأن يعمل ويأمل وليس يائساً قنوطاً ولا ميالاً للدعة والراحة أو الخنوع والخضوع  كما يروج البعض وإذا كان هناك من  خوفٍ  من تنامي لديه وتمدده فإنه يبحث عن شجاعٍ حاسم للمواجهة وليس للمسالمة فرأى في المالكي ذلك .

رابعاً : إن شعار التغيير الذي رفعته كل الكتل بما فيها دولة القانون ودعت اليه المرجعية الدينية ، هذا الشعار حاكمه الناخبون فوجدوه فارغاً  أجوفاً  ، لا يمت الى الواقعية بشيء ، فليس هناك من قائمة جديدة تحمل مشروعاً كاملاً للتغيير ، وكل المنادين به هم شركاء في حكومة الشراكة الحالية او التي قبلها ، بل معظم مرشحي القوائم هم اعضاء مجلس نواب حاليين او سابقين ، وزعماء هذه القوائم من مخضرمي النواب وقادة الكتل على مدى عشرة أعوام . فلم يعتد به احد وجعله الناخبون وراء ظهورهم الا القليل ممن تحول من أقصى اليمين الى اليسار . وإن كنت أظن ان المقاعد المحدودة جداً  التي حصل عليها التيار المدني الديمقراطي جاءت بفضل نظام ( سانت ليغو) في توزيع المقاعد وليس بسبب حصوله على عددٍ أكبر من الأصوات عما كان في انتخابات ٢٠١٠ .

خامساً : إن شعار الأغلبية السياسية الذي أيدته معظم الكتل لم يكن سوى وسيلة ضغطٍ  مستقبلية على الكتل السياسية كي لا تتأخر في الانضمام الى تشكيل الحكومة ، إذ لم تتم له الاستعدادات اللازمة من تنسيق وتفاوض ، كما انه لاتوجد حتى الان أية كتلة سياسية عابرة للمكونات الإثنية ، بل لا توجد اية مفاوضات قبل الانتخابات بشأن تطبيق هذا المبدأ ، إنه شعار براق انتخابي ظاهراً ووسيلة ضغطٍ على الآخرين  باطناً ، ولذا فليس من الغريب أن يتنادى الجميع بعد الانتخابات مباشرة إلى إحياء التحالفات ( المكونية ) كلاً الى مكونه التجالف الوطني أو العراقية او التحالف الكردستاني ، نعم قد يتخلف عن المشاركة في هذة الحكومة نفر هنا أو هناك ولكن أن يكون هناك مائة وثلاثون نائباً أو اكثر قليلاً أو أقل قليلاً معارضين للحكومة المقبلة ويشكل الباقي حكومة الأغلبية فما أظن ذلك سيكون ، وسيتعرض من يشارك بهكذا حكومة الى التخوين من قبل جماهير مكوِّنه . هذا والأيام لم تزل حبلى بالمفاجئات ومقاعد الفوز لكل كيان وكل شيءٍ وارد في عالم السياسة فهي التي لا تعرف ( لن) النافية للتأبيد كما قال السيد رئيس الوزراء بُعيد الانتخابات .    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/31



كتابة تعليق لموضوع : قراءة متأنية في نتائج انتخابات ٢٠١٤
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net