صورة من بلد النفط والخيرات (الحقوق الضائعة)
فلاح السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فلاح السعدي

(..واعلموا أنكم في زمان القائل فيه بالحقّ قليل، واللسان عن الصدق كليل، واللازم للحق ذليل. الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له. و القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلا الماحل ، و لا يظرّف إلا الفاجر، و لا يضعّف إلا المنصف...) هذا ما روي عن علي بن أبي طالب...
صورة من الواقع العراقي أهتزت لها القلوب وذرِفت برؤيتها دموع الحزن من جهة ودموع الفرح من جهة أخرى...
وهذه هي الصورة:
صورة الطفل العراقي الذي فقد الحقوق التي أمتلكها كل طفل في العالم وبما وفرته له حكوماته التي تسعى لرفعة أبنائها وتقدم وبناء أجيالها ...
صورة تتحدث عن الواقع المأساوي الذي يمر به بلد النفط بلد الخيرات الذي لم ينفع بخيراته شعبه أبنائه بظل الحكومات الماضية السارقة والظالمة ...
صورة لم تتغير حتى في ظل الحكومة اليوم التي تأمّلَ هذا الطفل منها ان تعوضه مما لحق به من الضياع والتضييع من الظلمة السابقين...
هذا الطفل لم يبك أبدا حينما لم يجد لنفسه سبيل للوصول بل وقف متحديا كل العقول وكل الرجال ...
وقف متحديا رئيس دولة العراق ورئيس وزراء العراق والوزراء وأعضاء البرلمان وكل الحكومة وكل الجهات والتيارات والأحزاب ....
ليقول كلمته (أنا موجود أنا عراقي) أن من يتحدى الصعوبات ليشق جدار الحياة الصعب ليصل إلى تحقيق هدفه المنشود ...
ليقول إن لم يكن لكم دين وكنتم أحرارا في دنياكم فلما تقتلون المستقبل.... ولن نسمح لكم بقتله لأننا سنواصل المسير رغما عن كل الحقوق الضائعة والمضيعة...
ليقول لا نحتاج إلى النفط ولا إلى الغاز ولا إلى الخيرات ...خذوها لأنفسكم ولكنكم لا تفلحون...
ليقول أنا افضل من أبناء الرؤساء والوزراء وكل القيادات لأن أباؤهم اسكنوهم في ظل حقي وحق غيري من أبناء هذا الشعب ووفروا لهم من السعادة والرفاه مما أخذوا مني ومن غيري...
ليقول لهم خصمكم أمين الله في أرضه (عليه الصلاة والسلام) فهو المروي عنه انه قال (أ و أقنع من نفسي أن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم مكاره الدهر.. ؟ إمنع من الاحتكار, ..إياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة, أ لا وإني أقاتل رجلين : « رجلا ادّعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه ما جاع فقير إلا بما متّع به غنيّ ما رأيت نعمة موفورة إلاّ وإلى جانبها حقّ مضيّع وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها, وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ليس بلد أحق بك من بلد, خير البلاد ما حملك..)
طفل حكى كل هذه الكلمات بوقفته في الشارع العراقي ليبيع (قناني الغاز) ليوفر لأهله ولنفسه لقمة عيش يواصلون فيها وجودهم في هذه الدنيا الدنية, هذا الطفل العراقي بدلا من توفر له الدولة وسائل الراحة والتعليم على شتى الطرق, هذا الطفل هو الذي يصنع العراق لأن الدول تحتاج من يصنعها ولا تحتاج من تصنعه هي...
هذا الطفل خلده التاريخ لموقفه العظيم ...وكثيرا لم يخلدهم التاريخ لأنهم بلا مواقف ...
هذا الطفل بحث عن التاريخ ليسجله ضمن صفحاته المشرقة ...وكثير ممن يبحثون عن التاريخ ولا يجدون أنفسهم بل يجدون أنهم في صفحات التاريخ السوداء...
الله الله في جيل العراق... الله الله في أبناء العراق... الله الله في ضعفاء العراق...
على الحكومة أن تتوجه لبناء الجيل ولبناء الشباب ولبناء رفعة الضعفاء والفقراء ...
ولا أقول شيئا بل أنقل ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (...وَ أَعْظَمُ مَا اِفْتَرَضَ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ اَلْحُقُوقِ حَقُّ اَلْوَالِي عَلَى اَلرَّعِيَّةِ وَحَقُّ اَلرَّعِيَّةِ عَلَى اَلْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَعِزّاً لِدِينِهِمْ فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ اَلْوُلاَةِ وَلاَ تَصْلُحُ اَلْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ اَلرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ اَلرَّعِيَّةُ إِلَى اَلْوَالِي حَقَّهُ وَأَدَّى اَلْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ اَلْحَقُّ بَيْنَهُمْ وَقَامَتْ مَنَاهِجُ اَلدِّينِ وَاِعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ اَلْعَدْلِ وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا اَلسُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ اَلزَّمَانُ وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ اَلدَّوْلَةِ وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ اَلْأَعْدَاءِ. وَإِذَا غَلَبَتِ اَلرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا أَوْ أَجْحَفَ اَلْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ اِخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ اَلْكَلِمَةُ وَظَهَرَتْ مَعَالِمُ اَلْجَوْرِ وَكَثُرَ اَلْإِدْغَالُ فِي اَلدِّينِ وَتُرِكَتْ مَحَاجُّ اَلسُّنَنِ فَعُمِلَ بِالْهَوَى وَعُطِّلَتِ اَلْأَحْكَامُ وَ كَثُرَتْ عِلَلُ اَلنُّفُوسِ فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ اَلْأَبْرَارُ وَتَعِزُّ اَلْأَشْرَارُ وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اَللَّهِ عِنْدَ اَلْعِبَادِ, فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وَحُسْنِ اَلتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ...)
عسى الله تعالى أن يأخذ بيد العاملين بنصائح وتعاليم أمير المؤمنين (عليه لسلام)
سائلين المولى القدير أن يحفظ العراق والعراقيين من شرور المعادين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat