العلة لغة : تطلق ويراد منها عدة امور ( المرض فيقال فلان معلول أي مريض, ويراد بها السبب فنقول علة الشيء سببه, وكذلك تطلق ويراد منها التكرار أيضا, وإلى غيرها من الاستعمالات اللغوية).
العلة اصطلاحا : في الحديث المعلول هي سبب غامض خفي يقدح في الحديث ( السند أو المتن) مع ظهور السلامة منه.
ما المراد من العلة ؟
س/ لو نظرت الى السلسلة السندية في الحديث ووجد إرسال في السند فهل هذا يعتبر علة في السند؟
ج/ لا لأنه التعريف يقول سبب غامض وخفي .
هناك اطلاقان للعلة :
1. إطلاق عام للعلة : ويعني أي جرح أو خدش في السند والمتن.
2. إطلاق خاص للعلة : وهو علة أو سبب خفي غير ظاهر في الحديث.
س/ أين تكثر العلل؟
ج/ تكثر العلل في أحاديث الثقات.
س/ إذا كانوا ثقات فكيف توجد العلة؟
ج/ نعم مهما بلغ الثقة فإنه معرّض للوهم والسهو والنسيان والخطأ.
س/ ما هي أسباب العلل؟
ج/ أسباب العلل كثيرة منها:
1. الوهم والنسيان: ولا ينجو منه راوٍ.
2. الظروف الطارئة: وهذه لها عدة صور:
(أ) التخليط : كما لو أصبح مريضا وتصح حالة التخليط علة حينما يكون غير قادر على تمييز مروياته وتحسب من وقت وجود حالة التخليط في الراوي.
(ب) تلف الكتب : كما حصل لدى أبن أبي عمير حيث أخذه السلطان فدفن الكتب وحين خروجه من السجن وجد ما دفنه من الكتب قد تلف مدادها, ولذا صار يحدث مرسلا وإنما اعتبرت مراسيله لأنه ثقة في نفسه وأخذ التلقي مباشرة من الإمام (عليه السلام).
(جـ) ضياع الكتب : فقد يعتمد الراوي في ضبطه على كتبه، فاذا ضاعت كتبه وحدث مما علق بذهنه دخلت العلة في حديثه كما حصل لهشيم بن بشير فقد كتب صحيفة بمكة عن الزهري، فجاءت الريح فحملت الصحيفة فطرحتها فلم يجدها.
3. قصر الصحبة : وتعني قصر صحبة الراوي لأستاذه فإذا تعارضت رواية ما بين مَنْ قصُرت صحبته وراوٍ طالت صحبته, فنقدم من طالت صحبته.
4. الرواية بالمعنى : ولولاها لما وصل إلينا هذا الكم من الروايات لكنها تعتبر علة لأنه قد يضع الفاظ وعبارات تخرج الحديث عن مساره الصحيح.
س/ ما هو المدار في العلة؟
ج/ المدار هو التفرّد والاختلاف والقدح والخفاء.
1. التفرّد : هل التفرّد علة لذاته ام لا؟
التفرّد : هو تفرّد راوٍ واحد ثقة برواية أو تفرّد أهل بلد معين برواية أو تفرّ قبيلة معينة برواية ما.
ملاحظة : هذا يختلف عن الشاذ الذي هو : مخالفة الرواي الثقة لما رواه الجماعة.
2. الاختلاف : هو التعارض بين المحدثين أو بين الراويين او بين المخبرين.
3. القدح والخفاء : كل من تعرّض إلى تعريف العلة فقد وصفها بالقدح والخفاء وعليه يكون القدح والخفاء مدار من مدارات العلة.
يقول الحاكم النيسابوري: وربما يُعَلُّ الحديث لأسباب ليس للجرح فيها مدخل.
س/ ما هي صفات الناقد المُعِد ؟
ج/ يتصف الناقد المعد بصفات منها :
1. أن يكون حافظا لعدد كثير من المتون.
2. ان يكون لديه معرفة بجميع طرق السند.
3. أن يكون حافظا لولادات ووفيات الرواة.
4. أن يكون عالما بالمدارس الحديثية.
5. أن يكون عارفا بأحوال الرجال.
6. أن يكون عارفا بأسماء الثقات.
7. أن يكون عارفا بمراتب الثقات.
8. أن يكون عارفا بعلم الطبقات.
9. أن يكون عارفا بالبيوتات الرجالية.
10. أن يكون عارفا بالمخلِّطين.
س/ هل من الممكن تواجد مثل هذا الشخص (تتوفر فيه هذه الصفات)؟
ج/ ليس بالمستحيل لكنه امر مستصعب.
س/ بماذا تزول العلة ؟
ج/ إذا كانت العلة خفية فلا تزول ولا زوال لها, وأما إن كانت العلة ظاهرة فتزول بأمور منها :
أ. المتابعات : وهو الحديث المشارك لحديث آخر في اللفظ والمعنى مع الاتحاد في اسم الصحابي, فإن كانت المتابعة من أول السند تسمى متابعة عامة وإن كانت ليست من اوله فتسمى متابعة ناقصة.
ب. الشواهد : وهو الحديث المشارك لحديث آخر في اللفظ والمعنى من دون الاتحاد في اسم الصحابي.
جـ. تلقي أهل العلم للحديث بالقبول.
أسبـــــــــــاب العــــــــــلل
اعلال السند بسبب الانقطاع :
أولاً : التعليق : هو سقوط راوٍ من بداية السلسة السندية, وممكن أن نقول أن التعليق هو ما حذف من مبدأه راوٍ واحد أو اكثر.
(( وورد التعليق في كتابين : الصحيح للبخاري, وكتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق)).
خالف التعليق في كتاب صحيح البخاري أبن حزم واعتبره ضعيف رداً على بقية علماء أهل السنة.
التعليق في كتاب صحيح البخاري :
1. منها ما هو موجود في موضع آخر من كتابه ( على نحو اختصار السند).
2. منها ما لا يوجد إلا معلقا, وله صيغتان : الصيغة الأولى: بصيغة الجزم عدت صحيحة إلى من علّق عليه وبقي النظر فيمن تبقّى من رجاله, والسبب في تعليق الحديث إما لكونه لم يحصل له مسموعا وإنما اخذه عن طريق المذاكرة أو الاجازة.
الصيغة الثانية: بصيغة التمريض : (أ) ما ينجبر بأمر آخر. (ب) ما لا يرتقى عن مرتبة الضعف.
نقول : أن معلقات البخاري بصيغة الجزم (قال) تعد صحيحة إلى من علق عليه هذا ما استقر عليه الأمر عند جمهور العلماء وخالف في ذلك بعضٌ, منهم أبن حزم فلم يجد لمعلقات الصحيح مزية عن غيرها سواء كان بصيغة الجزم ام بصيغة التمريض.
المعلقات في كتاب من لا يحضره الفقيه :
وتوجد ي هذا الكتاب بطريقين : ( قال ) و ( رويّ )..
ورد التعليق في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق بالصيغتين :
الصيغة الأولى: أن يروي الشيخ بصيغة (قال) وهذه (قال) تفيد الجزم بصدور الرواية عن المعصوم (عليه السلام) ومن هنا ذهب بعض العلماء الى القول بحجية مراسيل السيخ الصدوق.
الصيغة الثانية: أنه يروي بصيغة (رويّ) وهنا تفيد الاحتمال بصدور الرواية او عدم صدورها.
نقول : ومع وجود المشيخة التي وضعها الشيخ الصدوق في نهاية كتابه فإنها لم تحل أو تعالج جميع الاشكالات الواردة في معلقاته التي وردت في الكتاب.
عدم الضبط حال الاداء:
احد الشروط المهمة في الراوي ليحكم بصحة ما يرويه, ويقصد منه الحفظ والتيقّظ والحذر من الوقوع في الغلط والسهو والابتعاد عن التصحيف والتحريف وكل ما من شأنه أن يخل بالرواية.
والأداء : هو رواية الحديث وتبليغه, ولم يغفل علماء الحديث والكلام حول ضبط الراوي حال أداءه فصححوا بعضها وخطّئوا الآخر, محدثين متى يكون مقبولا او مرفوضاً.
فعدم الضبط اثناء الأداء انما يعدُّ احد العوامل المؤثرة في صحة الرواية.
وهو سبب في التوهم والاختلال عند الاداء, لذلك نجد ان العلماء يرجحون تحديث الراوي من الكتب لا من الحفظ, فلجأوا إلى تحديد من سمع من هذا الراوي حال تحديثه من كتابه فصححوا ذلك منه, ومن سمع منه حال روايته عن حفظه فخطّئوه.
والواقع : ان يحصل لمسافر من الرواة الى غير بلده فيصطحب كتب معه فيلجأ إلى التحديث اعتمادا على حفظه, فيحدد علماء العلل سماع اهل هذا البلد من الراوي بالضعف كونه قد حدثهم اعتمادا على حفظه وليس على كتبه.
مثال ذلك :
ما حدث لمعمر بن الراشد عند سفره إلى البصرة, فحدث الناس عن حفظه وكان يعتمد في حديثه حفظه, فقال أبن حجر ( سماع اهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب لأن كتبه لم تكن معه).
هنا النص فيه دلالة:
معمر بن راشد
اضطراب
سبب من أسباب العلة
والسبب عدم ضبطه
كان يعتمد الحفظ وليس من الكتاب حال الأداء
عدم الضبط حال السماع :
والسماع عند المحدّثين : قسم من انحاء وطرق تحمّل الحديث وهو ارفع الطرق الواقعة في التحمّل عند جمهور الحدثين لأن الشيخ اعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته, ولأن السماع اربط جاشا وادعى قلبا, وشغل القلب وتوزع الفكر إلى القارئ أسرع.
ونظرا لأهمية السماع فإن الراوي إذا لم يتقن سماعه من شيوخه فإن ضبطه سوف يختل ويضعف حمله للرواية مما يؤثر سلبا على مروياته, فيؤدي إلى ضعفها بسبب ورود الخطأ الذي فيها, لذلك فإن الضبط لا يؤخذ في حال الأداء عند الراوي فقط, بل يعتمد أيضا في حال سماع الحديث.
ولهذا الموضوع أربعة صور نستطيع أن نجملها على الوجه الآتي :
1. عدم الضبط في بلد معين.
2. عدم ضبط أهل بلد معين عن الراوي.
3. قصر الصحبة.
4. السماع من الضعيف.
الارسال بالمعنى العام
1. الانقطاع الظاهر : وهو ان يروي الراوي عمّن لم يعاصره أو هو ما سقط من اسناده راوٍ واحد قبل الصحابي أو اكثر من راوٍ بشرط عدم التوالي في أي موضع كان من مواضع السند.
2. التدليس : وهو على انواع والمراد منه هنا تدليس الاسناد.
تدليس الاسناد : وهو ان يروي الراوي عمّن لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة محتملة أي انه لا يصرّح بالسماع نحو ( حدّثنا , أخبرنا , انبئنا ) لكن يأتي بصيغة محتملة نحو ( قال , حدّث , روى , ذكر ).
وسبب رد المحدّثين الحديث المدلّس إذا لم يصرّح بالسماع خشية سقوط رجل بين المدلّس ومن الراوي.
3. الارسال الخفي : وهو ما يرويه عمّن عاصره ولم يُعرف انه لقيه.
مثال : حديث فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( لا يحرّم من الرضاع إلا ما فتق الامعاء ...), وقد أعتبر هذا الحديث معلولا بالانقطاع أي انه (مرسل خفي) بين فاطمة بنت المنذر وام سلمة, لأن فاطمة كانت اسن من وجها هشام باثني عشر عاما فكان مولده سنة 60هـ ومولد فاطمة سنة 48هـ وماتت ام سلمة سنة 59هـ وفاطمة صغيرة لم تبلغ فكيف تحفظ عنها..!!
4. المعضّل : عبارة عمّا سقط من اسناده اثنان فصاعدا على التوالي.
س/ لماذا يعتبر الحديث المعّل علة عند المحدثين ؟
ج/ للجهالة بحال الرواة الذين سقطوا من السند.
فالحديث المعضّل علية عند المحدثين لجهالة الساقطين من الاسناد, قال الجوزاني:( المعضّل أسوء حالا من المنقطع والمنقطع أسوء حالا من المرسل والمرسل لا تقوم به الحجة).
5. الاختلاف في سماع الراوي : الاتصال شرط لصحة الحديث, والاتصال : هو تلقّي الراوي من الشيخ, وقد يختلف العلماء في اثبات سماع راوٍ من شيخه وهذا الاختلاف يؤدي إلى اختلافهم في اعلال الحديث أو عدم اعلاله فمن يثبت السماع عنده يكون الحديث متصل ومن لا يثبت السماع عنده يعده منقطعا, مما يؤدي إلى رد الحديث وعدم قبوله.
مثال : حديث مجاهد عن عائشة فقد اختلف العلماء في سماع مجاهد بن جبر المكي من عائشة فانكره يحيى بن معين ويحيى بن القطان وشعبة بن الحجاج وقال أبو حاتم (الرازي صاحب العلل) مجاهد عن عائشة مرسل, و أثبته جماعة.
علاقة علم العلل بالجرح والتعديل
الجرح : هي الفاظ وضعت من قبل العلماء لخدش وجرح الرواة.
التعديل : هي الفاظ وضعت من قبل العلماء لمدح أو توثيق الرواة.
علاقة هذا العلم بعلم العلل:
1. علم الحديث : وهو الذي يضم هذا العلوم وغيرها من العلوم المتعلقة بالحديث الشريف.
س/ ما هي العلاقة بين علم الجرح والتعديل وعلم العلل, هل توجد علاقة وهل يوجد إقتراق ؟
ج/ علم العلل يبين حال الرواة الثقات, بينما الجرح والتعديل يبين حال الرواة عموما الثقاة والضعفاء.
علوم الحديث مترابطة فيما بينها ترابطا وثيقا في اعتماد احدها على الآخر, فيكمّل احدهما الثاني من أجل الدفاع عن السنة الشريفة, وعلم الجرح والتعديل أحد هذه العلوم التي يستند إليها العلماء, وللجرح والتعديل صلة كبيرة بعلل الحديث, فهما يشتركان في بعض الجوانب ويفترقان في أخرى, ومن الممكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. ان علم الجرح والتعديل يبحث في أحوال جميع الرواة بينما يبحث علم العلل في احوال الرجال الثقات فقط.
2. في علم الجرح والتعديل ينتقد أحوال الرجال فقط وفي علم العلل ينتقد الرواة ومروياتهم .
3. أنهما يبحثان في ذكر شيوخ الراوي ومكانته بين اصحابه.
4. علماء العلل يذكرون جانبا من اخطاء الرواة الثقاة, بينما علماء الجرح والتعديل لا يذكرون ذلك.
5. يكتفى بالجرح والتعديل بذكر من رويّ عن ذلك الراوي, أما علماء العلل فزيادة على ذلك يفصّلون فيذكرون من كان ضعيفا منهم في نفسه أو في حديثه.
العــلل السنـديـة
العلل السندية كثيرة جدا مثل المزيد في متصل الاسانيد والارسال والانقطاع والاضطراب والادراج والشذوذ وبهذه يكون الحديث معلول سندا وبذلك يجرح ويضعّف ويقدح.
تناول العلماء (علماء العلل) مسألة العلل السندية والعلل المتنية بالبحث والتنقيب واتفقوا على ان اكثر ما تقع العلل في السند وليس في المتن, وقد تكون العلل المتنية هي اقل عددا من العلل السندية.
وقد اختلف العلماء في مسألة القدح هل تقدح هذه العلة في السند ام لا تقدح,
ولذلك كانت هناك آراء على الوجه الآتي :
1. ان تقع العلة في السند وتقدح فيه وفي المتن مثل : علة الانقطاع او رفع الموقوف, فإنها تقع في السند وتؤثر فيه وفي المتن معا فيمتنع قبول هكذا رواية. اما اذا كان لهذه الرواية طريق او طرق آخر فينظر فيها وبالتالي يأتي الحكم على هذه الرواية.
2. أن تقع العلة فب السند ولا تقدح في المتن مثل : الابدال في الرواة أو ابدال صحابي يدل آخر, فهذه العلة تؤثر في السند إلا ان هذا التأثير لا يمتد الى المتن ليؤثر في صحته.
3. علة تقع في المتن ولم يذكر العلماء شيئا حول قدحها في السند أو لا, ولا بهما معا, ويظهر من كلامهم حول ذلك انها تؤثر وتقدح فيهما.
وقسّم أبن حجر العسقلاني (852هـ) العلل من حيث وقوعها وتأثيرها إلى ستة أقسام :
1. ان تقع في السند ولا تقدح مطلقا.
2. ان تقع في السند وتقدح فيه فقط.
3. ان تقع في السند وتقدح فيه وفي المتن معا.
4. ان تقع في المتن ولا تقدح مطلقا.
5. ان تقع في المتن وتقدح فيه فقط.
6. ان تقع في المتن وتقدح فيه وفي السند معا.
أما الصنعاني (1182هـ) فقد قسّم هذه العلل إلى أربعة أقسام :
1. أن تقع العلة في السند وتقدح فيه, هذا اذا كان له طريق آخر صحيح للمتن فيبقى بذلك السند معلولا.
2. علة موقعها السند وتقدح فيه وفي المتن مع عدم وجود طريق آخر للحديث فيدخل تحت هذا كله علل السند.
3. علة موقعها المتن وتقدح فيه فقط وذلك عند وجود طرق أخرى للمتن.
4. علة موقعها المتن وتقدح فيهما معا ويحصل ذلك عند عدم وجود طريق آخر له.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat