صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

بين " المظلومية " و " الطائفية "
د . حميد مسلم الطرفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

قبل  أسابيع دُعيت وعدد من الأصدقاء إلى مدينة الكوفة لحضور تجمع صغير يبحث في إمكانية أن يخوض  السجناء السياسيون الانتخابات النيابية القادمة في قائمة مستقلة وامور اخرى تهم هذه الشريحة وكان من بين المدعويبن  سجين علوي حوزوي وقور وطال النقاش وتفرع وسيدنا الجليل صامت متأمل وعندما تحدث احدنا عن النزاهة والتدين والاخلاص والتضحية كعوامل مهمة في الانتخابات وكسب ود الناخب رأيت السيد تململ ولم يتمالك فرفع يده ليتداخل فقال التدين والاخلاص والتضحية والنزاهة و ....و ....هذه كلها لا تفيد فالناس ( گرطوا ملحتهن وشافوهن ما يفيدن وبعد ما يمشن ،  اليوم الحچي غير حچي ) وسكت الرجل وبصراحة فقد أغضبني حديثه فاذا كانت هذه التجارة بائرة فعلى المخلصين مغادرة الساحة وما إن لاحت لي الفرصة حتى سألته فماهو المفيد إذن  ياسيد ؟ ارجوك سيدنا حتى نفيد اخواننا الذين يرشحون ؟ فأجابني وهل علي ان ابيع بضاعتي بلا ثمن وبهذه السرعة ، وهو متزمت ، لا يبتسم ولا يبدو أنه يداعب أو يسخر ، وبدأت نظرتي تتغير اتجاهه  ليتحول من وقور صامت  الى ضيفٍ ذي دمٍ ثقيل ومحاورٍ جاف  غليظ ، فتركته وبعد الاستراحة طلب الكلمة شيخ آخر وما إن تكلم بضع دقائق حتى اشرأبت له الاعناق وأنصتنا كأن فوق رؤوسنا الطير وهو يحكي لنا ظلامتنا على مدى التاريخ وكيف ان الطرف الآخر لا يعرف اذا ما استلم الحكم صدرياً أو حكيمياً أو دعوتياً أو اصلاحياً ، فكلنا عنده  سواسية وسيجعل تعيين فردٍ منكم في مطار بغداد أو وزارة الداخلية أو طيران الجيش أو المنطقة الخضراء حسرةً في قلوبكم ، اليوم انتم في نعمة فلا تكسحوها بتفرقكم ، اليوم وفقط اليوم نلتم جزءً من العدالة التي تأمر بها السماء فلا تفعلوا ما من شأنه ان يحرمكم من هذه العدالة ....... وبصراحة فما منا إلا وقد بارك للشيخ خطابه وأشاد بنصيحته وشد على يده ، وهنا التفت إليَّ السيد العلوي فقال هذا هو المفيد في الحملة الانتخابية ، هذا واحد من الاساليب المؤثرة هل انتبهتم الى متكلم أكثر من هذا الشيخ ؟ تأملت بعد ذلك ملياً  فظلامة الأغلبية ليست كذبة والتمييز الطائفي سابقاً ليس خفياً وحقيقة كوننا كنا محرومين من القبول العادل والمتوازن  في القوة الجوية وطيران الجيش والطيران المدني وجهاز المخابرات والسلك الدبلوماسي  والبعثات الدراسية أمر تثبته الاحصائيات  التي كتبها العدو وليس الصديق ، ولكن في الوقت ذاته  فإن جرح الاخر أو التشفي منه أو عكس المعادلة السابقة  لتطبق اليوم أو تهييج البعض ضد البعض هو الآخر أمر مرفرض ليس من الجانب الأخلاقي فحسب بل لأن الحكم الرشيد وبناء أي بلد يقتضي رفض ذلك   . اليوم وانا اتابع اداء بعض النواب والنائبات فإنهم يكسبون شعبيتهم وتأييد العامة لهم عبر الحديث الصريح عن حق هذه الطائفة أو ظلامة تلك فأصوات الإعتدال والتعقل ولم الشمل واحترام الآخر باتت في مؤخرة الركب وأولئك الحماسيون المدافعون عن المظلوميات وفاتحوا جراحات التاريخ والمطالبين بحقوق الطوائف هم من سيكسبون الاصوات تُرى هل لأننا فعلاً مقسمون بين من اعتاد السلطة والحكم ولا يرضى بغيرها وبين من ظُلِم عقوداً فهو اليوم ( ما ينطيها ) أم إننا شعب لم نذق بعد كوارث الفتن ومآسي الحروب الأهلية أم اننا شعب أصوله البداوة ولم ينتقل بعد الى مرحلة الحضارة والعمران فداحس والغبراء لم تزل تسري في دمائنا ، ولعل الصحيح هو كل ذلك . اللهم ارحمنا برحمتك وجنبنا الشرور .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/19



كتابة تعليق لموضوع : بين " المظلومية " و " الطائفية "
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net