شرطي الخليج وعباءة الشاه
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يخفى على أحد هذه الأيام مدى التقارب والدبلوماسية العالية بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس أوباما مع الرئيس الإيراني الجديد روحاني، والإنسجام النسبي بين طرفي التصارع شرقا وغربا، و تسارع المباحثات حول ملف النووي الإيراني، وبروز الطرف الإيراني كطرف قوي في ملف القضية السورية ومباحثات جنيف 2.
سابقا، كانت سفن إيران العسكرية منها والتجارية تجوب مياه الخليج شمالا وجنوبا، وعلى شاطئية العربي والفارسي، والسبب لأنها الحليف الأكبر والأقوى للولايا ت المتحدة في المنطقة والعالم في ذلك الوقت، وكانت الدول العربية المطلة على الخليج بما فيها العراق لديها تبادل دبلوماسي وتجاري وثقافي وهي مقتنعة ومستسلمة تماما ولو قسرا بما يقوم به الشاه من دور استعلائي، معتمدا على خلفيته التاريخية المتمثلة بالقومية الفارسية وتراث الإمبراطورية العظمى بحيث كان يحتفل سنويا ويقتطع ملايين الدولارات من ميزانية شعبة ليصرفها بعيد ميلاده، وجميع
المحيط العربي ينشدُ لرضاه ويتوق ولو لالتقاط صورة مع جلالته .
وبعد إنتصار ثورة إيران الإسلامية وظهور النظام الإسلامي في إيران، وبدلا من أن يساند العرب النظام الجديد، لأنه خلصهم من نظام إستبدادي وثقافة استعلائية، أخذت بعض الدول العربية الإلتحاف بعباءة الشاه ""التي أنتزعها الأمريكان منه بعد رحيله عن كرسي الإمبراطورية"" واللجوء لحضنها الذي لازال دافئا من حرارة الشاه، مستفيدة من ميزتين وفرتهما الثورة للعرب هما:- كسر شوكة العنجهية الفارسية، واستعداء الشيطان الأكبر، وأيضا من نتائجها إبدال سفارة إسرائيل بسفارة فلسطين.
وبدلا من السيرمع القوة الإيرانية الجديدة التي يمكن استمالتها من خلال الإسلام، وإستخدام قوة الفعل لتحقيق قوة إسلامية-عربية ممانعة لإسرائيل على الأقل، استخدم العرب ردة فعل أعدائهم وأعداء قضيتهم الأولى، وأنشغلوا بحرب عبثية مع إيران لمدة ثمان سنوات صرفوا فيها مليارات الدولارات وملايين الضحايا من العراقيين بقيادة صدام حسين، كانت نتيجتها تشظي الموقف العربي، ودق آخر مسمار في نعش القومية العربية المزعومة، أثناء احتلال الكويت من قبل قوات صدام آنذاك .
لم تستفد الدول العربية وخاصة دول الخليج من كل الدروس والعبر السابقة، وبدأت تلوك ما لفظته سابقا من مواقف، بحيث لازالت تفكر بالحفاظ على العباءة الامريكية التي تمثل آخر حصون الأمان من العدو الوهمي الأول، وهو النظام الإسلامي في إيران، وبدلا من التخوف من إسرائيل وتمددها الواسع في المنطقة، أبتليت هذه الدول لتشجيع الإنقلابات والحروب في الدول العربية الأخرى، وصرف الأموال الطائلة لا لشيء الا للحفاظ على عباءة الشاه المتهرئة .
كيف لهذه الدول العربية ان تستفيق وتعتمد على قواها الذاتية عربية كانت او إسلامية ؟ ولماذا يفكر قادتها بهذه السلبية المميتة للشعوب؟ وهل بإعتقادهم أن الجمهورية الإسلامية في إيران تريد إستعادة عباءة الشاه من دول الخليج، لتكون شرطي الخليج ثانية بتقاربها مع الولايات المتحدة ؟ أم أنها موازين القوى العالمية الجديدة التي تفرضها القوة الذاتية للشعوب والدول وليس الاعتماد على الغير .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
باقر العراقي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat