صفحة الكاتب : باقر العراقي

تجليات الشيطنة بين الحاكم والمحكوم، الإمام علي إنموذحاً
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حكاية سردية قديمة متجددة، أسمها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لم تصل فلسفات الدنيا إلى سبر أغوارها، تشبه تقريباً ما يقال دائما، هل البيضة جاءت من الدجاجة أم أن الدجاجة جاءت من البيضة؟.

آدم عليه السلام كان وحيدا في الجنة، الى أن جاءته أمنا حواء فكونا معا هذا الخلق مبتدئين بقابيل وهابيل، إلا أنهما لم يسيرا معا في طريق الخير، فقتل قابيل أخاه هابيل، يقال حقدا وحسدا وبوسوسة من الشيطان، لأن الله تقبل من القتيل ولم يتقبل من القاتل، لكن الشيطان حكايته بدأت بعصيان التعاليم الالهية الحاكمة لكل زمان ومكان، واحتقاره لآدم عليه السلام.

بعد أبونا آدم تكونت الجماعات، وأخذت تتطور وتنحى منحا تنظيميا، فظهرت لها شخصيات رئيسة وأخرى ثانوية، وبدأت تتوافق تراتبيا، الى أن شكلت قبائل وجماعات ترتبط بعلاقات وثيقة، فالفرد يدافع عن الجماعة والجماعة تؤمن الحماية للفرد، وتأسست الحضارات وبدأت الإمبراطوريات بالظهور ابتداءا من حضارة سومر في جنوب العراق والنوبة في جنوب مصر وشمال السودان، مرورا باليونان القديمة وبلاد فارس وإمبراطورية الرومان العظيمة.

الشخصيات القيادية التي ظهرت، كان لها الأثر الكبير في صناعة الحضارة والتاريخ، وسجلت أسماءها بماء الذهب عبر حقب مختلفة من التاريخ سلبا أو إيجابا، فكانت تتعامل مع المجتمع كتعامل الخباز مع عجينته الطرية، حتى أن هناك من يعطي الأبناء ذبحا وتضحية في سبيل استمرار الملك والحكم كما في حضارة "المايا" في أمريكا الجنوبية.

سَنَ "حمورابي" مسلته الشهيرة، وكذلك فعل "رمسيس" وعائلته الفرعونية في بناء الأهرامات، ودفن الموتى بشكل غير مسبوق، وهكذا كان كسرى وهرقل والقياصرة والإمبراطوريات الصينية المتعاقبة، كلها كانت علاقة بين حاكم متسلط ومحكوم خانع، ولازالت هذه العلاقة مستمرة إلى يومنا هذا، مع فارق التطور من ناحية التعاقد على الفترة الزمنية وصلاحيات سلطة الحاكم.

مع هذا التسلط هناك من يتهم المحكوم "المتمثل بالشعب" بالتقصير، دون الالتفات للحاكم، هو كمن يحمل ركاب الطائرة مسؤولية سقوطها، فالتعميم لغة كثر تداولها خاصة بعد 2003، مع العلم أن صدام حسين تحمل كل تبعات حقبته الزمنية، فلماذا لا يتحمل غيره تبعات حكمهم؟   

هناك من يتعكز على شكوى الإمام علي عليه السلام من محكوميه، نعم هو شكى منهم وأمتلأ فلبهٌ قيحا، لكن بعد أن كون دولة العدل، وكان المثل الأعلى في النزاهة والصلاح، وقد قال في آخر أيامه: "أنثروا الحب على الجبال، حتى لا يقال أن هناك طيراً جاع في بلاد المسلمين"

الإمام علي شكى من محكوميه، "بعد أن كون دولته العادلة"، وقد إشتكى الناس من عدله،لأنهم تعودوا على الظلم، فأي حاكم من حكامنا نزع السلطة منه، ومَثُلَ للقضاء أمام مواطن كما فعل الإمام علي، وأي حاكم يأكل ويلبس كأفقر محكوميه، وأي حاكم أستخدم زيته الخاص لأضاءه سراج بيت المال بعد وقت الدوام الرسمي.

عندما يصل الحاكم بمحكوميه الى دولة النزاهة والعدالة الاجتماعية، ويكون القدوة والمثل الأعلى لهم في كل المجالات، من حقه أن ينتقد من يشاء، لكن في دولة الفساد، ويضع اللوم على محكوميه فذلك الإفساد بعينه، وإيغال في كسب المزيد من البسطاء لصالح دولة الفساد، والتي تهدف الى شيطنة المحكوم وتنزيه الحاكم.    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/12



كتابة تعليق لموضوع : تجليات الشيطنة بين الحاكم والمحكوم، الإمام علي إنموذحاً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net