تركيا وتحركها المتسارع نحو العراق.
رائد عبد الحسين السوداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رائد عبد الحسين السوداني

يلاحظ في الأيام الماضية وعلى جانب الحراك التركي نحو العراق وجود نبرة وحركة وحديث باتجاه (ترميم) العلاقة بين البلدين توج بزيارة داود أوغلو وزير الخارجية التركي زار خلالها مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة ولقائه بسماحة آية الله العظمى المرجع السيد علي السيستاني وكذلك لقائه بسماحة السيد مقتدى الصدر ،علما إن السيد أوغلو نفسه كان قد أحدث أزمة وشرخا في العلاقة بين العراق وتركيا عندما زار مدينة كركوك عبر بوابة إقليم كردستان العراق دون موافقة رسمية من الحكومة العراقية وذلك في الشهر الثامن من 2012فضلا عن مواقف دللت على دخولها في خط الأزمة باتجاه تأييد اعتصامات المنطقة الغربية والتي تصاعدت إثرها العمليات المسلحة في العراق بشكل متصاعد وكبير إضافة إلى تدخل الجانب التركي في تأييد قائمة أو كيان سياسي دون غيره (العراقية بالتحديد) على حساب العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا كبلدين يمتلكان مؤسسات رسمية يتم التعامل فيما بينها ولا ننسى التعامل مع الاقليم في مجال النفط دون العودة إلى حكومة المركز في مفارقة غريبة في هذا المجال إذ إن تركيا لها موقف صارم تجاه الكرد الأتراك والمنطقة الكردية في تركيا تعيش حالة عدم الاستقرار كما إن زعيم حزب العمال الكردي التركي عبد الله أوجلان يقبع في السجون التركية منذ سنوات طويلة ،فمالذي حدث وجعل حكومة تركيا تسارع الخطى نحو العراق بهذا الشكل المثير ليصل الأمر إلى استقبال السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق في تركيا ،ومن قبل أوردوغان نفسه ويسبق هذه الزيارة اقتراح تركي (قد يجده البعض غريبا) بوضع أموال النفط العراقي في خزانة تركية لتقوم بتوزيع الحصص على الأطراف بنفسها أي ال17% للأكراد والباقي حصة الحكومة العراقية.هناك عدة أمور باعتقادنا حتمت على الجانب التركي هذا الحراك ومنها 1- الخرق الديبلوماسي الإيراني في المجال النووي وقد لوحظ توجه وزراء خارجية 5+1يتسارعون للحضور إلى جنيف لصياغة ما وصفته إسرائيل باتفاق القرن مع إيران .2- ملاحظة التقدم الذي تحرزه القوات السورية النظامية ضد الجماعات المسلحة التي ساهمت تركيا بتهيئتها وتدريبها وإرسالها للقتال ضد حكم الرئيس بشار الأسد ،ويعلم أوردوغان لولا تدخل الخصمين التاريخيين لها ،وهما المذهبي الشيعي (إيران) ،والآخر الديني الذي له مطالب بالزعامة الارثوذودكسة في اسطنبول ،لكن يبقى العامل المذهبي هو الأقوى لأنه هو الظاهر على الساحة ولذلك شعرت تركيا إنها ستخسر مكانتها لاسيما إن أمريكا تقريبا تخلت عن مبدأ إسقاط الأسد وفي طريقها للإعتراف بإيران نووية وهذا سيؤثر بطبيعة الحال بمكانة تركيا الطامحة لإعادة الزعامة العثمانية على الشرق المسلم وسيجعل من إيران العامل الإقليمي الأول شاء أوردوغان أم أبى فتحرك نحو بوابة العراق التي تتفرع إلى عاملين للحاق بركب إيران ، أما العامل الأول هو العامل الأمريكي وهو الراعي لكل ما يدور في العراق .والثاني وهذا يرتبط بزيارة أوغلو منظر الحكومة الأخوانية في تركيا إلى المراقد المقدسة في النجف وكربلاء وهو يعرف ماذا تمثل هاتين المدينتين لإيران فأراد أن يرسل رسالة وجود تركيا وعدم غيابها عن الساحة وإن طموحها باق في العودة إلى الماضي العثماني ولذلك لا أجد غرابة في الاقتراح التركي بشأن حصص النفط إذ تريد إرساء أمر واقع يصرح بوجودها كقوة تستطيع التعامل مع مشاكل المنطقة وتكون عامل استقرار ،لكنها في حقيقتها ترغب في أن تملك مقادير بلد بأكملها وتعود من هذه البوابة المهمة إليه وفي اعتقادها إنها تزيح إيران وترد عليها ضربة الخرق الدبلوماسي ،واستعادة بشار الأسد زمام المبادرة على الأرض ،ولا يستبعد في هذا المجال الضوء الأخضر الأمريكي لها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat