صفحة الكاتب : ستار عبد الحسين الفتلاوي

قصة قصيرة البائرة
ستار عبد الحسين الفتلاوي
المروحة السقفية تتوقف عن الدوران ,وتصدر حشرجة معدنية في لحظاتها الاخيرة . يختنق جو الغرفة المشبع بانفاس امرأة نائمة . اطراف شعرها تلامس القرص الدائري للمروحة . قالت : بقامتي الفارعة استطيع ان اقطف نجمة من السماء!
مسامات جلدها تسح عرقآ ناعمآ , وكف دموع متماهلة ،تنزلق على سطح املس  مدهون . قطرات العرق الصغيرة تتجمع في قطرة واحدة كبيرة .. تنحدر من اعلى كتفيها في أخدود ظهرها .. ناعمة .. مدغدغة . تتشربها حافة شورتها الضيق ، والضاغط على اردافها المسترخية ولحم خصرها الطري . تحك اسفل ظهرها باستفزاز . تنتابها رغبة موغلة في القدم ،لكنها برغم قدمها لاتزال فجة .. غير ناضجة ، وغير مكتملة .
غرفتها باهتة الألوان ومهملة في ذات الوقت . تتماوج فيها روائح منفرة وخانقة .. مزيج من العفونة والانفاس البائتة ، ونسيج خفي لعناكب الهواء .تقترب من خزانة ملابسها ذات البابين . تجد اثوابها الموردة ملقاة في ظلمة الخزانة . قالت : بهتت الوانها وذوت اورادها ، بالرغم من ٳني لم ألبسها الامرات قليلة .
تنظر الى حمالة الملابس المشرئبة الاذرع قرب النافذة ، حيث تعلق بها ثوبان من ملابسها البيتية .تنبعث منهما روائح ابخرة الطعام ودسامة جسد يتعرق بأستمرار ملحآ وزيتآ ! قالت : لمن ارتدي الثياب ؟  لارغبة لي حتى في تقليبها . مللت من أرتدائها ونزعها ، لالشي ٳلا لأنها اتسخت . محكومة بفتح الازرار وغلقها وحدي . ولا كلمة اعجاب بما ألبس من أي احد !
تسحب ثوبها بأصبعين عن بطنها ، وجعلت تروﱢح به .. تصيبها لذعة محرقة في نقرة سرتها . حيث أنسربت اليها بعض القطرات العرق المالحة ، وضلت طريق نزولها في تثنيات بطنها الخميصة ، لتستقر في الكوة المصمتة . 
قالت : حتى أمي نسيت_ منذ زمن ليس بقريب _ أن تبدي اعجابها او رأيها بملابسي . تكتفي بالقول : ملابس محشومة ، وتستر جسمك المفضوح كأنه وتد خيمة 
شهقت بحسرتها ، تشعر بثقل رأتيها على قلبها : هل سيأتي زمنۥ أحظى بشخص يأمرني بارتداء ثوبٍ بعينه او لون بعينه ؟! 
كرهتۥ حقي في ان أختار ما لايعجبني ، ولايعجب غيري .ما أصعب ان يكون الانسان مجرد شي لايثير اهتمام الآخرين ؟
 
يلتهب جسدها في الصندوق المقفل عليها . أحساسها بأنها بضاعة بائرة مركونة على جنب ، يعلوها غبار الاقدام المتسارعة اللتي تسبقها دوماً . تفتح ذراعيها على الجانبين ، وتدور حول مركزها كالمروحة . 
صوت اليمامة النائحة في الخارج يجفلها . قالت : حسب رأي المرأة الحصيفة والمحنكة ، التي هي أمي فأن اليمامة تقول : (ياقوقتي .. يابنتي وين انتي ) . فتر فمها عن ضحكة مقتضبة ، مجففة ، بلاصوت قالت مخاطبةً اليمامة التي صارت بعيدة : أنا وأنت متساويتان ، نقتسم رغيف حزننا اللاذع ، متشابهتان ! أنت تبحثين عن بنتك الضائعة وأنا ابحث عن حظي العاثر ، أو كما تقول اختي الصغرى : بختي المائل . أبحث عن رجل ما في وحشود الوجوه الجامدة.
تواجهها النافذة الغريبة ، والمحرﱢم فتحها بستائرها الصفراء المسدلة ! بدت كأنها مرسومة على الحائط منذ زمن . كانت مطلة على الفناء الخلفي لبيت الجيران . 
قالت : يا الهي كم أشعر أني مخنوقة؟!
ترفع أذيال الثوب الموشى بالدانتيل الى اعلى رأسها، ٳستعداداً لطيه في خزانة النسيان . قالت : لن أرتدي هذ الثوب بعد الأن .
سمعت فرقعة الشحنات الكهربائية المحتثة بشعرها . ثدياها العاريان يلتصقان بأضلاع صدرها ، كأ نهما ضفدعتان كبيرتان نائمتان .مدت يدها تتحسس لحم صدرها اللزج أحتظنت أسفل ثدييها . فتنزلقان الى الجانبين مثل أقراص عجين مختمرة . همست وهي تحدق بجسدها الرطيب : أظن أنني مجنونة ! تقربت من النافذة بحذر . تجذبۥ طرف الستارة . فينزل على رأسها نثار غبار دقيق وقديم .. شباك العناكب المتخمه بالحشراتالضوء المتراقص ، تقطعت خيوطها . الضوء المتراقص في الخارج ، ينفذ من خلل الزجاج الى داخل الغرفة . جسدها العاري -ٳلامر ورقة التين – يبرقشه الضوء .. تتلامع أشكال معينة كأنها قطع نقود معدنية على صدرها وبطنها .. لطالما اذهلتها الأشكال التي يحررها الضوء . ظنت بما يشبه اليقين أن الضوء وسيلة لتطهيرها من دنس ذنب لم يرتكب . تمتد يدها المتعرقة الى مقبض النافذة ، قاطعةً كل مسافات خوفها وعزلتها . تفتح مصراعيها ببطء شديد . يتدفق شلال ناعم من الضوء من الفتحة الصغيرة المواربة ويرسم مثلثاً متراقصاً على اطلال عالمها .. تتمركز زاويته الحادة على سريرها المنفرد ، بالتحديد في المكان الذي قعره رأسها في الوسادة ينساب مع الضوء تيار هواء حار . فتشعر بانتعاش مؤقت .
أنفها الصغير ضائع في وجهها ، تفعمه روائح تعرقها المتبخرة .أما الروائح الاخرى المخبؤة في الزوايا والأدراج ، فقد بقيت حبيسة هناك تذكرها بين حين وآخر بصورة منتزعة من أزمنة مضت الى غير رجوعه .
ينهكها الوقوف .فترتمي مستلقيه على السرير .وساده الديباج تحت رأسها .قالت:ليتني بقيت طفله الى الابد .تجهش ببكاء صامت ,تقوده كل يوم حين تستلقي على سرير هواجس يهدهدها حلمها الذيذ و المألوف ,حيث تركض عاريه القدمين في حقول الذرة ,و تشعر بدغدغه الطين الطري يلتسق بباطن قدميها .مأخوذة بالتماعات الضوء على خضرة اوراق الذرة .و قد انبثق من رحم تلك الطبيعه غرانيس مكلله بشعر مجهد .
قالت:من يشاركني لوعتي ؟من يشاركني لحظات سعادتي المتقطعه ؟تجيب بصوت مبحوح :لااحد ,ولاحتى امي .اخواني يتشائمون من بقائي في درع السلحفاة !
في بعض الأحيان ، حينما تسمع كلمات اختيها المواسية والمشوبة بنفاق مبطن :انتي محظوظة .. لا دوخة الاطفال ، ولا طلبات الرجال اللتي لاتنتهي .يذوب الاسى في عينيها ، وتتهاوى جدران الملح اللتي تغلف روحها .. متشظية ،تجرح ٳهابها الرقيق . اعتادت سماع تلك الكلمات الموجعة تسقط عموديه على رأسها مثل قنابل الطائرات . يضج رأسها بأنفجارات لاتحصى . مسكينه ماعندها بخت .. مسكينة حظها في الطين .. وكلمات أخرى تصفعها على وجهها . تلك الكلمات التي تقال همساً مامن قبيل : وجهها يقطع الخميرة من البيت .. (خطية البنت بايرة) . تنسل هاربة الى درع السلحفاة . تستند على مرفقيها ، فيعشو عينها الضوء المسترسل بنهم . أحداث يومها المربكة تتدافع في ذهنها كأنها سحاب مركوم . أمها في حركة دؤبة ، بانتظار النساء اللواتي سيأتين لخطبة ابنتها . أشترت نوعين من الفواكة ذات النوعية الجيدة .
- شيماء أخرجي الاطباق والسكاكين الخاصة بالضيوف ، ولاتنسي اقداح الشاي المذهبة .
تغمغم الفتاة : (صار يمه) .تفلت ضحكة في وجة ابنتها : لاتشغلي بالك أختاك في الطريق وهن سيقدمن الفاكهه والشاي . ابسطي وجهكي فقط . 
تشعل الأم عود بخور هندي في صاله الضيوف . ترفع الستائر الى الجانبين . ينسكب الضوء على زهريات الورد المبثوثه  هنا وهناك . 
الفتاة المستحيه تنشغل بغسل الطباق في المطبخ . 
-شيماء اتركي غسل الطباق ,ستاتي اختاك وهما تتكفلان بذلك .
حسناً يا أمي وفي هذه الأثناء ماذا أفعل ؟ 
ترفع الأم حاجبيها مستغربة :أدخلي الحمام وأغتسلي جيداً ، وضعي شيئاً من الألوان على وجهك 
تردف قائلة كأنها نسيت شيئاً مهماً : لاتلبسي فستاناً قصيراً لا اريد أن تظهر ساقاك كساقي اللقلق . أفهمتي ماأعني ؟ تجلس أمام منضدة الزينة .يقابلها وجهها المنعكس على المرآة البيضويه . نظرتها الفاترة مشدودة الى نقطة ما وسط الباض الفاضح . تلسع أعماقها رؤى متوجسة ، مبثوثة في شرايينها .ثم تنجبس مثل فقفقيع ممتئة بسائل ملحي في دماغها . نبض هواجسها يغطي على نبض قلبها . تمد يدها الى أوراق زينتها المبعثرة ، وتمسح وجهها بأسفنجة الباودر تمرر مسكارة الكحل بين جفونها جيئة وذهاباً . فتصطبغ رموشها بسواد لامع . الظلال بنفسجية فوق جفونها تكسبها مظهر عارضة أزياء . تدير قلم (روج) الشفاه فيبرز رأسه الحدب بحمرتة القانية يسبقة شذاه المحبب الى نفسها . قالت : يا الله ماأطيب شذاه . أنة يختصر كل زينة النساء .. سهولة انزلاقة على الشفاه .. نعومة مروره الدهنية أشعر برغبة أكيدة بقضمة كأنة أصبع شوكولاتة . تنتهي العملية برشات خفيفة من العطر على صدرها ورقبتها . حركاتها المكتوفه فيها شي من الرتابة المعتادة . تدخل (فاتن) أختها الصغرى تسبقها بطنها المنتفخة قالت : لاتنهظي سأصفف لك شعرك . ترفع المنشفة عن رأسها ، فيسترسل شعرها منساباً الى الخلف . تبدأ بتمشيطه قائلة : لاترفعيه بشريط أو (فيونكة) ، سأتركة مرسلاً على كتفيك ؟ ثقي بي ستكونين أجمل . 
 – فاتن كم شهراً مضى على حملك ؟ 
 - حبيبتي مرت خمسة أشهر . 
 – هانت . ٳن شاء الله 
الطرقات الملحاحة على الباب ، توقض حواسها المرتقبة ، وتنثر على مخاوفها بزار فاجعةٍ لم يأت أوان حصادها . تترقرق في عينيها سحابة دمع . أختها تقبلها على رأسها . تقول : لماذا البكاء ، سيخرب مكياجك ؟ رائحتك منعشة .
 – أنا خائفة .. لا بل ميتة من الخوف 
 – انت مت ....
قطعت كلمتها ولاذت بصمت مرتبك . 
أكملت شيماء كلمة أختها في نفسها :قوليها ، ولا تخجلي مني ، أنا متعودة على الخسارات المتكررة .. متعودة على أستعراض نفسي دون جدوى . 
العيون المتلصصة تحدق بي شزراً . أضيع مبهوتة الحواس تحت سطوة التوجس المضني ، والهمس الحاد بأنصاف الكلمات, وأشارات العيون المفضوحة, ورغبات البوح بخفايا النفوس . 
قالت : سأبلل ملابسي من الخوف ! 
أستعادت أختها شي من رصانتها ، تلك الرصانة التي حولتها أختها الصغرى من فتاة مراهقة الى امرأة متزوجة . قالت : يجب أن تسيطري على أنفعالك .  هؤلاء النسوة يترصدن خوفك وأرتباكك ، ليصطدنك في اللحظة المناسبة بتعلقاتهن السمجة . أرجوك لاتعطيهن فرصة لاحراجك .
 - سأحاول أن أرتدي قناع صلادتي المثلوم . – أنا خارجة لأرحب بالنسوة ..  تعرفين الشكليات تفرض نفسها . أرسلت لها قبلة هوائية مرحة . تركتها وحيدة .. مستلبة تطامن رعباً هستيرياً يتكوم بأستمرار في بحر شديد السكون والزرقة . تخفض رأسها هرباً من نظرتها الافقية . يلتصق بسقف فمها طحالب بحري لزج ذي طعم حامض . يأتيها النداء الغامض والمدمج بدمائة غير محببة : شيماء .. تعالي وسلمي على خالاتك . تشرب حواسها . قالت :لن اعلق اي تذكار من الماضي .
تخفي ندوبها الفائرة العمق ,وتسوي شرود ملامحها :أنا جاهزة للوقوف امام اللجنة لأختبار صلاحيتي للزواج !
تخرج عاريه من مشاعرها ,مسطحه ,تمشط احشائها رياح شتويه باردة فتثلج اطرافها.حفيف ثوبها المتردد بين ساقيها ..انحناء رأسها القسري لتخفي طولها الفارع .كل ذلك يجعل منها كيانا مهشما ,وقابل للكسر في اي لحظة, وبأمكان حصية صغيرة ان تفعل منها انحطاما مدويا ! أطفأت كل قناديل روحها ,وتركت قنديل واحد معلق فوق جبهتها لتشعل حمرة خديها ,و لو مؤقتا .
كلمات امها المعدة سلفا و المكرورة تزيد من ارتباكها :بنتي شيماء شاطرة وام بيت (شايلة البيت على راسها ).
تجلس بين جدة الولد وأمه .فتشعر بسخونه الكتلتين المتموجتين من الحم الابيض المنفوخ .يد الجدة تستقر على كتفها . وتداعبها بلطف مبالغ فية . تعرف بغريزتها ان تلك المداعبة ليست بريئة ولا عفوية وأنما هي تقايس أكتناز جسدها ونعومتة . 
تمد المرأة الاخرى يدها الى شعر الفتاة .
 – هذا لون شعرك طبيعي أم حنة سودة؟
 - لا خالة شعري أسود رباني .
 – ماشاء الله.. ماشاء الله . اقتربي مني ، ودعيني أراك فنظري ضعيف . 
تحتضن المرأة _أم الولد_ وجه شيماء بكلتا يديها ، وتسحب رأسها قبالة وجهها تتصنع أنها تهم بتقبيلها . تمر بأنفها الافطس قرب فم الفتاة وتشم أنفاسها . 
تترك وجهها بعد أن رأت الحرج في عيونها . 
قالت : ابني متعلم وأموره المادية جيدة ، لابد انكم سمعتم به عندة محل كماليات نسائية في رأس السوق .
قالت عمتة التي تركت تفاحة كانت في يدها : عيني يعني (شايف وعايف). عينا أم شيماء ترمقان المرأة بعتاب :الله يسلم عينك ٳذا ابنكم (شايف وعايف) فبنتنا (ما شايفة) باب البيت ،واذا ارادت الخروج الى السوق فرجلي على رجلها . 
تتدارك الجدة تأزم الموقف وتطلب من شيماء أن تحضر لها قدح ماء . تنهض الفتاة من بين المرأتين ، ودبيب الخدر ينمل ساقيها وقدميها . يلف الأرتباك عبائتة حولها . فتصطدم بالمنضدة الموضوعة وسط الصالة . أقدامها المحشوة بالتبن تغوص في اوحال لزجة . يصبح باب المطبخ بعيداً . قالت : أظنني فشلت في الأختبار وأفسدت الخطبة مرة أخرى أنا اعرف أن الجدة ليست عطشى . لكنها تريد أستعراض طولي ومشيتي . 
الهمس الحاد للنسوة الثلاثة يصم أذنيها .. البنت أطول من أبننا .. لا .. لا هي غير متناسبة معه . 
أحداهن تنبري قائلة : هذه البنت بامكانها أن تعطي الملائكة خبزاً . 
الجدة تتملض شفتيها بلسانها وتنهي تلمضها بأن قلبت شفتها السفلى الكبيرة . الأزيز المزعج لحرف الزاي ، مثل ذبابة قميئة تأز بأصرار حول محور ما تنزلق صينية الشاي بأقداحها المذهبة من يد أختها أوانما تعمدت ذالك لتنهي المهزلة المحتدمة بين أمها والنسوة الثلاثة . قالت بعصبية ظاهرة : تفضلو ، ما عندنا بنات للزواج 
تصيح بها أمها :عيب هؤلاء ضيوف ومهما كان الكلام يجب أن نحترمهن . قالت : الذين لايعرفون العيب يجب أن لايطرقوا ابواب الناس الشرفاء 
هند أختها الوسطى .. تهرع من المطبخ ، فيما كان النسوة يتهيأن للهرب . يصطفق الباب خلفهن بعنف . أمها الغاضبة تضرب بيديها على فخذيها , مرددة : كسرتن قلب أبنتي الله لايرضى عليكن ... 
شيماء لاتزال واقفة على عتبة باب المطبخ كمن يقف مترنحاً على حافة هاويه .. ترتعش يدها بقدح الماء قالت : من يروي عطش روحي المتيبسه من هجير العيون ؟ لاتدري بعد ذلك كيف حملتها أقدامها الى غرفتها ؟ ويد من التي أتـكأت عليها حتى وصلت ؟ 
وحيدة في ظلمة درع السلحفاة . يتهاوى عالمها بشكل دفعات ، ولايقع على رأسها فتستريح . يبقى مثل نذر الخراب معلق في الفراغ كلما رفعت رأسها أوجعتها شضية ذكرى ،فتنزف سائلاً بلون أزرق . قالت : كلمات المواساة الرقيقة .. الملساء ، فقدت جدواها . ملت أختاي من مواساتي وهربتا . نظرات أمي المنكسرة تطعني بخنجر ذي نصل رفيع وأنا محاصرة في حقل أشواك ، انتظر الذي لايجيء ؟ العصافير ثملة بزقزقاتها ، ولا تتعب من حك مناقيرها بزجاج النافذة . طقطقات مناقيرها مجتمعة تطلق نداءات غريبة . تستدعي خمولاًعجيباً لتلك الفتاة الممدة في قعر درع السلحفاة قالت : ياليتني أغيب عن الوعي ، فأستيقض بعدها وقد نسيت كل شي . تفتح أمها باب الغرفة متصورة أنها نائمة . تقف مصعوقة في مكانها ، وٳذ وجدت أبنتها بكل عريها أمام النافذة المفتوحة. تصك وجهها بيدها ، وسيل من الكلمات ينهمر من فمها : (سودة بوجهك ، سخام الذي يسخم وجهك : أنتي عريانة والنافذة مفتوحة ..) تقابلها عينا أبنتها ، كأنهما محارتان أنكسرت عنهما صدفتيهما . همست بكلام غير مسموع : النار تستعر في جسدي . وأنا أذوب .
أمها ترتمي فوقها وتصفعها بهستيرية على وجهها وصدرها وحين لاتجد أي مقاومة منها تهز جسد أبنتها وهي تقول : سترك ربي (يمه) شيماء مابك ؟ كلميني ..
الفتاه ساهمه و كأنها لا تسمع كلام أمها .تختنق أمها بعبرة مالحه حد المرارة :(يمه اسم الله عليك وسور سليمان )
-أمي النار خمدت ,ولم يبق ألارماد بارد في جسدي ..غطيني..غطيني .
تنزع المرأة الملتاعة فوطتها الفضفاضة ,و تلف بها جسد أبنتها .تطوي اطراف الفوطه تحت الجسد العاري , وكأنها تكفنه .
قالت :أمي لاتحزني , أراني عدت طفلة صغيرة , أركض قي حقول الذرة اليانعة , ومن خلفي تتراقص جدائلي مع هبات الهواء .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ستار عبد الحسين الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/07



كتابة تعليق لموضوع : قصة قصيرة البائرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net