هل تعرفون رسام الكاريكاتير المشهور بالساخر؟ طبعا كلكم تعرفونه ولكنني اعرفه اكثر منكم , انتم تعرفونه انساناً ساخر- سواء في طباعه – او في حياته العامة ولكني اعرفه انساناً حزينا قاتما , انتم ترون منه ضحكاته ونجاحه وانا ارى منه دموعه وفشله فشله مع نفسه !! انا بالنسبة للساخر اكثر من روحه لقد عشت في كل ايامه بل اكثر من ذلك لقد عشت فيه وكنت اعتقد دائما ان نجاح رسومه في حبه للرسم باللون الازرق الفاتح ، كلون البحر الذي يطل من ملابسه ، فنجانه ، هو رد فعل عكسي لحالة الحزن النفسي القاتم التي لازمته طول عمره ، انه يهرب من حزنه ومن الضباب الاسود الكثيف المتجمع في صدره ليندمج في دور الشاب اللاهي المنحل يندمج بكل كيانه بكل خياله بكل قواه التي تدفعه للهروب من نفسه ولكني لم اعرف ابدا سر حالة الحزن التي يعانيها ولا اعتقد انه هو نفسه يعرف سرها وكنت انسب هذه الحالة الى احتمال واحد ربما كان يرجع الى خوفه الدائم من الفشل كان يخاف لدرجة انه لم يكن يتكلم كثيرلا حتى لا يفشل في الكلام !!! وهذا الخوف سببه في نظري انه لم يكن يتعمد النجاح لقد نجح في كل خطواته بلا تعمد نجح ببساطة هو نفسه كان يذهل بنجاحه ويتعجب له اكثر من الناس تحسن راتبه وصار عنده بدل البيت اثنين , وهو مذهول انه لم يطالب ابدا بزيادة راتبه كل ما في الامر انه سلم نفسه للقدر وربما كان هذا النجاح الذي حققه ، هو احد اسباب حزنه القاتم التي يعانيها فقد كان نجاحه يحرجه ويجرحه ايضاً انه انسان حساس لدرجة انه يخشى ان يحرج بنجاحه بقية زملائه , فقد كان يتفانى من اجل الغير يتصف بنكران الذات العجيب فيحاول ان يهون من قيمة نجاحه ويتواضع ويتمادى في التواضع حد الانطواء بل الى حد الهروب من الناس كان هذا النجاح يشوه وجهه الى درجة ان يخفي ملامحه حتى لا يتقزز الناس من شكله !! وبعد هذا لا ادري سببا لحالة الحزن الدائم المصحوب بالملل والتشاؤم التي يعانيها ليس هناك شيء ينقصه الا النساء ، وكانت مشكلته ان يهرب منهن ، لا ان يصل اليهن ؟! على فكرة لم يكن هروبه من النساء غروراً منه او تعاليا ولكنه كان يعتقد " لا توجد امرأة تستحقه رغم فشله , لكنه طيب فقد كان من الطيبة والضعف الى حد انه لا يستطيع ان يقول لا ... ولا يستطيع ان يرفض كل ما يستطيعه هو ان يهرب انه يستطيع ان يقضي العمر كله هارباً سارحاً يفكر كثيراً ولا يتكلم كثيراً وانا احبه احب نجاحه المفتعل واحب فشله الذريع معي انا هنالك كل يوم في حياته كظله فحبنا لا يحتاج الى اطمئناني لانه ينجح بلا تعمد وببساطة ، وليس معنى هذا اننا نتعمد الابتعاد عن بعضنا البعض او ان كلا منا لا يطيق الاخر ،ابداً انا لم اشعربعاشقين يحتاج بعضهما قدر حاجتنا وحبنا ، بل انكم تستطيعون ان تشموا " رائحة الحب " والطيبة ونظافة القلب بمجرد ان نلتقي من بعيد ، واجزم ان انزواء كل واحد منا على الاخر هو نوع من الحب المجرد من الانانية كل منا لا يريد ان يفرض نفسه على الاخر فيتركه لطبيعته ومزاجه وفي احدى الليالي اتصلت لاطمئن عليه كعادتي قبل ان انام فاجاب بصوت خفيض متقطع , افكر في الانتحار اجبته بسذاجة كما تعودها منه ,لماذا , وكأنه يخاطب نفسه عشت ما يكفي حاولت ان اقنعه ليس هنالك كفاية في الحياة لكنه اصر اننا لا نعيش لمجرد الحياة اننا نعيش لهدف ولم يعد لي هدف فانت بعيدة مشغولة عني ، نعم لكنك ناجح ويجب ان تستمر بالنجاح لكنه سخر كعادته حبيبتي انت تقيسين نجاحي بما وصلت اليه والاستمرار في النجاح كما تعتقدين هو ان استمر كما انا بعيد عنك والاستمرار هو التكرار ، والتكرار هو بمثابة اسطوانة مشروخة فتردد الاسطوانة نفس النغمة , نغمة مملة , ومزعجة وانت تريدين ان استمر لاكون اسطوانة مشروخة ثم انا اخشى في كل سنتميتر من مشواري ان اتزحلق واسقط , لا اريد ان اصل الى الفراغ , ثم انا لا استطيع ان اقف حيث انا , وانت تبتعدين كل يوم عني , حبيبتي انا مرعوب , اخاف ان افقدك لاني بذلك افقد الهدف خير لي ان انتحر و.. ام تنته مناقشتنا , وقال احسن وقت كي اموت هو الان وسخرت هذه المرة انا وليس هووالواقع اني لم اكن اخشى على حبيبي من ان يقتل نفسه ولكن !! التفكير في الانتحار مجرد التفكير هو علامة الانسحاب من الحياة علامة تغلب السلبية على الانسان حتى لو لم يقتل الانسان نفسه وانا لا اريد لحبيبي ان ينسحب من الحياة ولا ان يكون سلبي على الاقل بالنسبة لنفسه !؟ وتغيرت نبرة صوته , انت الان لست بحاجة الي , لا ادري من اين اتي بهذا الهاجس , هذه الليلة ولكني انتظر هناك الف سبب للحياة , الطبيعة الحلوة وانت فنان ثم انتظارك مشهد الشروق والغروب , وهذه اسباب تكفي للعيش اجابني بيأس وكان صوته يشبه صوت طفا يجب ان يفطم , هذه كلها اشياء قد اكون بحاجة اليها ولكنها ليست بحاجة الي لا الشروق ولا الغروب , رغم جمالها بحاجة الي وايضا لم نصل في حوارنا الى شيء , وحاورته بشيء من الشفقة جرب لذة الحياة , لذة العمل , لذة النجاح وهي امور تكفي للتمسك بالحياة , حبيبي انت موهوب وكلنا نعيش من اجل شيء قد يأتي , وقد لا ... اقصد والله القادر على كل شيء و ... ثم ... السكوت , هل مات حبيبي " الساخر " فعلاً ام انقطع الاتصال بيننا ؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat