وسطية الحكيم وعصا الحكم
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باقر العراقي

تمر الدهور والأزمان وتنطوي صفحات وأخرى تكتب في ملفات التاريخ المتنوعة ، فمنها البيضاء النقية التي لا نقرأ فيها الا الخير والصلاح ، وأبطالها رجالٌ أعطوا كثيرا ولم يدخروا شيئاً ، فكان كل ما أفاضوا به في ايامهم العظيمة ، عاد اليهم بعد حياتهم ، وباحترام كبير وبيان ناصح يراه حتى من فقد البصر والبصيرة ..
وهناك صفحات سوداء مخزية مُلئت ظلما وجورا ، وأٌذيقت فيها البلاد والعباد مرارة التنكيل والطغيان ، وتبعا لذلك لابد أن نرى من المظلومين من سطرهم التاريخ بصفحاته البيضاء ، ونرى ايضاً الذل والهوان على من ظلموهم واتخذوا من التكبر والاستعلاء والاستعباد وخصائص يُذكَرونَ فيها على قول الشاعر :
ما عاشَ منْ عاشَ مذموماً خصائلهُ ...............ولم يمتْ مَنْ غدا بالخيرِ مذكوراً
قد تنجذب عواطفنا الى هؤلاء ، وننفر من أولئك ، لكنها حقائق شئنا أم أبينا ، وإن أرادوا أو لم يرغبوا ، فقد علمنا التاريخ أن كل من أراد الملك لنفسه لا لرعيته ، خاصمه الناس من قلوبهم أولاً وقد يبهرهم مُلكه الزائل ، فيدورون حوله وهم منكرين له الملك ، وفي نهاية المطاف تفتح له الصفحات السوداء ابوابها ، وتعلمنا ايضا أن من يصدِق مع الناس يأتون اليه وقت الشدائد والمحن والمصائب ، ليكون قطب الرحى فيدورون حوله وهم مطمئنون ، وهذا هو المقياس الحقيقي ، فليس من صفات أغلب البشر أن يعودوا ويشكروا في الرخاء الا ما ندر لمن أسدى اليهم نصحا أو صنع لهم جميلاً .
إجتمع الكل عند وسطية الحكيم ، حينما تفرقوا حول عصا الحكم ، وعندما ضلوا الطريق ، أهتدى الجميع بنور الاعتدال والسماحة والمصداقية ، فقد اتسع بيت الحكيم للجميع ، ليعيشوا لحظات الطمأنينة والأمان ، ويعبروا عما بداخلهم بكلمات عذبة وطرية ومن القلب الى القلب ، بعد أن كان التناحر والتنافس يملأ القلوب غلاً وحقدا ، ترجمته السنتهم على مدى الأيام السابقة ، وأخيرا وجدوا نظريةً برهانها أثبت أن العراق للجميع ، ولا يمكن ان يدار من جهة واحدة ، وإن الحكيم ليس بحاجة الى عصا ليمسكها من طرف أحدهم أو من وسطها ، حتى يرضى عنه الباقين ، وإنما هي ثقة وهو يقين استحكم في قلوب الشركاء والاخرين ، حتى استسلم الجميع لمنطق الحكمة والاعتدال وأذعنوا جميعا إن لكل حكيم وسطية عادلة وعلينا الانصات له .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat