الطائفية حبل متين في بلادي
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باقر العراقي

تحدث لي احد الشباب المشاركين في احد المظاهرات المؤيدة للحكومة ، والتي جاءت كرد فعل مضاد على مظاهرات المناطق الغربية ،وسألته لماذا خرجتم متظاهرين هذا اليوم ؟ فقال ((ضد الــ..... )) وذكر مكون وطني ، كان لرده وقع كبير في نفسي ولم استطع الرد علية ، مع علمي بأن الشاب لديه قصور فكري وقد يكون ممن سيق سوقا لتلك المظاهرة ، على طريقة السلاطين السابقين ، وللعلم ان تلك المظاهرات لا تحمل أي شعارات طائفية ، وكل شعاراتها وطنية ومؤيدة لحكومة المالكي ، وتدعوا الى نبذ الطائفية والعنف والإرهاب ، وهذا كله لا غبار عليه ، ولكن يبدوا ان هناك شي ما في الموضوع أو وتر حساس ، اعتاد الناس ان يلامسوه حتى يلبوا احد الرغبات الهوجاء داخل نفوسهم المعتلة .
الكثير من بلدان العالم تضم عدة قوميات وطوائف وأقليات ، ولو قلبنا التاريخ لوجدنا الكثير من الاحداث الطائفية ومنها مذابح الارمن على يد العثمانيين ، وبعض مجازر الحربين العالميتين التي حصلت في دول اوربا على يد الالمان والروس ، وإبادة القوميات والأقليات والتضييق عليها في كل شيء في عهد الاتحاد السوفيتي السابق ، والتقتيل والتطهير العرقي في قارة افريقيا وما حصل في جنوب افريقيا ، قبل ان يأتيها المخلص والزعيم القومي (نيلسون مانديلا ) ، كل ذلك حصل لغرض الاستعباد السياسي ونتيجة لأهداف سياسية موضوعة سلفا ، ترى بان هذه الفئة او المجموعة العرقية من المجتمع تقف عائقا أمام مشروع سياسي او خطة عسكرية معينه ، لذلك يجب التخلص منها وإبادتها ، حتى يكون الطريق معبدا أمام المشروع السياسي .
ما حصل في بلادنا عام 2005 وما تلاها من قتل وتهجير وتشريد ، خطط له في خارج العراق ونفذ في الداخل ، بأيادي عرب مجاورين ، يرون ان احد الطوائف تقف عائقا امام العودة الى السلطة ، والتي كانت تحارب نيابة عنهم يوما ما في البوابة الشرقية ولأسباب طائفية ، وهذا رأي طائفي بامتياز ، والدليل على ذلك لم تحصل حوادث طائفية قبل دخول (مجاهدي) القاعدة والمسلحين العرب اصحاب الفكر الطائفي المنحط ، فأجبر مجتمعنا في المناطق الغربية لإيوائهم والتعامل معهم استسلاما للعقل الجمعي هناك في تلك الفترة ، ولفكرة المؤامرة المحاكة ضدهم ، ولفكرة المخلص الذي سينقذهم من العدو (الوهم ) ، وفيما بعد حصل ما حصل وصولا للمفخخات ، بحيث اكلت منهم خلقا كثيرا ، قبل ان تأكل من اخوانهم من ابناء الضفة الاخرى للمجتمع ، ولم يسلم منها كل شبر من بلدي وتعدى ذلك الى ابناء العشيرة الواحدة وكأننا لبنان السبعينات والثمانينات .
هل الطائفية موجودة في بلادنا ؟ للأسف نعم موجودة ، وحبلها متين ، ويغذيها من يقفون على طرفي الحبل ويشدون باستمرار وللكسب السياسي لا غير ،من كلتا الجهتين او الثلاث ، فهل نشد من ازر احد المتنافسين وعلى طريقتهم الفئوية وندخل لعبة شد الحبل معهم ؟ أم نبقى على الحياد ؟ والحل اخواني لا بهذا ولا ذاك بالتأكيد ، بل بالتصدي وتخفيف التوتر من طرفي الحبل ، فلو امعنا النظر في أزمة سياسية ما سنجد ارتفاع اسهم بعض السياسيين والمسئولين وتزداد شعبيتهم وتتناسب طرديا مع قوة الشد الطائفي على طرفي الحبل ، وطبعا حسب التصريحات (الطائفية ) لكل منهم ، والكل يعلم انهم لا يعملون الا لمصالحهم لا مصالح الجمهور .
اذن ما علينا الا ان نقف في الوسط مهما كانت ميولنا وانتماءاتنا لنضع حدا لذلك الشد المربك لكل شيء في بلادنا ، وعلينا ان نعري المستفيدين من ذلك ، ونكون جبهة وسطية معتدلة متوازنة ، وصدقوني ان هناك الكثير ممن يدعون الى التهدئة والوسطية وتخفيف الشد الطائفي ، ولا يريدون الا مصلحة البلاد والعباد ، ولو وضعنا ثقتنا بمثل هؤلاء لسار المركب بنا جميعا نحو ضفة الخير والامان .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat