هل هذا أوان الحل ؟
رائد عبد الحسين السوداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رائد عبد الحسين السوداني

كنا قبل أشهر قد دعونا وعبر عدة مقالات وتعليقات إلى ضرورة حل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة ،وقد أوردنا أسبابا عدة في وقتها ،منها،ولادة الحكومة وورقة وفاتها بيدها لما شاب تشكيلها من شوائب،وأهم هذه الشوائب كان انعدام الانسجام بين رئيس مجلس الوزراء من جهة وبين أعضاء فريقه الذين قدموا من مشارب فكرية شتى يصعب تحقيق الانسجام فيما بينهم إن لم نقل استحالته،وفي حقيقة الأمر أن هذه الصورة لم تظهر بشكلها الحقيقي كما تظهر في الجسم الآخر الرئيسي فيما يدعى بالعملية السياسية وأعني به مجلس النواب إذ تظهر بواقع أشد مما هو موجود في مجلس الوزراء.وقد يعلق معلق أن البرلمانات في العالم لا يتطلب في تشكيلها حضور الانسجام بل بالعكس أن الأفكار المتضاربة تظهر فيها ومن ثم من خلال طرح الأفكار المتعاكسة يتم الاتفاق على القواسم المشتركة التي تفيد المجتمع ،وللإجابة على هذا التعليق،أطرح هذا السؤال ،هل في برلمانات البلدان الأخرى ،يكتب فيها دستور ،ثم يتم التوافق على سياسات أخرى ،وهل هناك ما يسمى المحاصصة ؟ وللإجابة على هذا التساؤل ،أجيب بتساؤل آخر وهو هل في البلدان قرارات الفعاليات السياسية مرتهنة بقرارات الخارج كما هو الحال مع أغلب الفعاليات السياسية العراقية .الأمر الذي تكون فيه تصرفات ممثليها تعبر عن إرادات دولية وإقليمية متصارعة تحت قبة البرلمان لاسيما أن اجتماعاته وجلساته متابعة من قبل الجمهور أكثر من اجتماعات مجلس الوزراء ،كذلك ظهور أغلب النواب الإعلامي المتكرر جعل من بعضهم نواب أزمة لا غير .والأمر الآخر أن هذه الحكومة أو الدورة البرلمانية صاحبتها أزمات ذات استقطاب طائفي وقومي حادين مع من يمثل الجانب الطائفي المعارض لرئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي وأعني بها القائمة العراقية والجانب القومي يتمثل في إقليم كردستان العراق بزعامة السيد مسعود البارزاني .مع توتر إقليمي حاد أيضا لاسيما في بلدان الجوار للعراق ،الكويت ،الأردن ،وبصورة أشد في سوريا وصورة هذا التوتر طائفي أيضا له محركات إقليمية تقوده تركيا وبمباركة أمريكية ،وبطبيعة الحال يتأثر العراق بشكل كبير بهذه الأوضاع أو بصورة أدق يكون العراق الحاضر الأبرز في أوضاع المنطقة لوجود مساحات جاذبة للتوتر كما ذكرنا أعلاه ،وما تطورات محافظات الأنبار وتكريت والموصل إلا مصداق لهذا التأثر ،فقد بدأت هذه التظاهرات بالدعوة إلى التنديد باعتقال حماية وزير المالية (رافع العيساوي) ومن ثم تسير سيرا تحركه الاستقطابات الطائفية على الرغم من تأكيد رجال الدين في هذه المناطق يؤكدون عكس ذلك.في هذه الأثناء تصريح لرئيس الوزراء يدعو إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة تشكل على أساسها حكومة أغلبية ،وبعد ذلك خطب إياد علاوي أكد فيه وأثنى على دعوة رئيس مجلس الوزراء على أن لا يرشح السيد المالكي فيها وأن يستقيل قبل الانتخابات وتشكل حكومة انتقالية من شخصية أخرى ،وفي نفس اليوم ظهر تصريح لأحد أعضاء دولة القانون يعلن فيه أن ائتلاف دولة القانون سيدعو خلال 48إلى حل البرلمان .والسؤال في ظل هذه الظروف ،هل حل البرلمان يعد علاجا ناجعا لما يمر به العراق ؟ وللإجابة عن هذا السؤال نورد الآتي ،أولا: أننا نجد أن انتخابات محلية مثل انتخابات مجالس المحافظات التي يحظر لها كانت سببا رئيسا أيضا في زيادة حدة الاستقطاب الطائفي ،فكيف بانتخابات عامة .
ثانيا :يعاني العراق من مشكلات وعلاقات مأزومة بين أطراف العملية السياسية ،فإن حل البرلمان على هذه الحالة عندها سترحل الأزمة إلى البرلمان الآخر لتولد حكومة مشلولة إن لم تكن ميتة .
ثالثا :هناك دعوات كثيرة تدعو رئيس مجلس الوزراء إلى عدم ترشيح نفسه للانتخابات وبطبيعة الحال سيتشبث (رئيس الوزراء) بالدستور الذي يعطيه الحق في الترشح أكثر من مرتين وهذا حال النظام البرلماني .عندها ستكون أزمة أشد .إذاً مالحل في ظل ظروف محيطة أقل ما توصف بأنها شديدة الخطورة ؟ اعتقد أن حجة الأطراف التي تدير الأزمة في العراق وضعت السيد المالكي في أهدافها الرئيسة ،وفي المقابل وضع فريق دولة القانون من السيد إياد علاوي خصما لدودا لها الأمر الذي حول الأزمة بصورتها المبسطة وكأنها أزمة بين شخصيتين ،ولعملية تنفيس للأزمة أؤكد أن ينسحب السيد المالكي من السلطة لما تبقى من عمر الدورة البرلمانية والمجيء بشخص قادر على التحاور مع الأطراف أو أن هذه الأطراف لم يبق لديها حجة في عدم مقدرتها الحوار معه كالسيد المالكي ،وعلى أن تكون مهمة هذا الشخص التأكيد على الثوابت الوطنية والتركيز على تشكيل حكومة متوازنة متآلفة قادرة على تسيير الأمور بصورة فاعلة .وهنا أفترض مرة أخرى في كلامي هذا أن الفعاليات السياسية تتحرك بإرادة منها ولو بنسبة مقبولة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat