رقية قرة عين الحسين (ع) ح(8)
خديجة عبدالواحد ناصر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خديجة عبدالواحد ناصر

لا يمكن لطفلة صغيرة أن تنسى كل هذه المأساة ولا يمكن لها أن تفهم كل ما يجري، الكثير من الأمور أنا لا أفهمها ولا عمتي زينب تريدنا أن نفهمها نحن الصغار، عرفت معنى فقدان أبي وأعمامي وعدم محبة هؤلاء القوم لنا ولم أفهم لماذا أخرجونا من كربلاء؟
لماذا لم يتركونا نعيش فيها ما دامت كربلاء هي القدر؟
تبين أنهم يرحلونا إلى الكوفة، واستغربت لماذا يقيدوننا بالحبال؟
ولماذا يضربوننا ونحن حرم أهل البيت عليهم السلام، وهم يصلون على محمد وآل محمد ويعزفون بنفس الوقت أناشيد النصر ويقرعون الطبول ابتهاجا بالنصر على أهل البيت
أسأل عمتي هل خسر جدي الرسول صلى الله عليه وآله الحرب؟، هل انتصروا عليه؟، يحاربونه ويصلون عليه، انظر إلى عمتي وهي تعاني وتحبس دموعها صبرا، وتتابع بقلق موكب الأسارى، قلبها مع الركب، أمد رأسي لأرى أخي السجاد أنهكه المرض، وفي عنقه خشبة ذات أقفال، ويده مشدودة إلى عنقه والذي لا يستطيع راسي أن يحتمله من يبكونا الآن هم من قتلوا ناسنا، كانت عمتي زينب توصينا وتوصي جميع النساء وخاصة الأطفال لو دخلنا الكوفة لا تأخذوا أي طعام من الناس لأن الصدقة حرام علينا أهل البيت، الذي حيرني أن الجميع هنا يشمت بنا، حتى أهل البكاء، كيف يقتلوننا ويذكروا اسم الله سبحانه ،كيف يحاربون آل رسول الله وهم يتزكون بالصلاة عليه
أشياء لا أستطيع أن أفهمها، اشتعلت مواقد داخل القصر الذي يسمى الامارة، وعلقوا الزينة لإظهار معالم الفرح، وأنا أرتجف من الخوف، وارتجف من الجوع ومن الحزن ومن السؤال عن أبي، اتأمل في كل مشهد ولا أستطيع أن أتصور شيئا أو أن افهم شيئا، السؤال الذي يخفف عني الألم، متى سنعود إلى بيتنا، وعمتي زينب تحمل هم الجميع
أخذونا إلى غرفة عارية يسمونها السجن، كانوا في السجن يعطون كل واحد منا رغيفا من الخبز، وعمتي توزع حصتها علينا، أنا أعتقد وأؤمن رغم صغر سني أننا الأقرب لله سبحانه، أهلي يتكلمون عند كل عمل ينجزونه عن الأجر والثواب ورضا الله واليوم الآخر، هؤلاء لا يتحدثون إلا عن جائزة الأمير، لذلك خلت قلوبهم من الرحمة هذا ما تقوله عمتي لنا
أحد القساة صاح بي اسكتي، يزعجني بكاء الاطفال، وأنا عندي الحزن لا يتبع أوامر الجنود، توعدني بالضرب وحين وجد أنيني لا يسكت، صاح بي اسكتي يا بنت الخارجي، وزاد غضبه علي جذبني والقاني في العراء دون ان يوقفه ضمير ولا دين، امتلكني الرعب فأنا وحدي في هذه الصحراء والظلمة والقافلة تتبعد عني، أركض خلفها إلى أن فقدت طاقتي وسقطت على الأرض انتظر موتي، وإذا بامرأة مباركة تنهضني تناغيني رقية ابنتي عانقتني ونيمتني في حجرها، رقية كوني بأمان أنا جدتك الزهراء يا رقية، أنا لم أغفل لحظة عن أيتام ولدي الحسين
واذا بالركب يتوقف وتنزل عمتي زينب تركض صوبي وهي تنادي:
ـ رقية، لقد رماني الحرسي يا عمة، عرفت أن أبي هو من أوقف الركب وأشاروا لأخي السجاد ما الأمر قال ابحثوا عن رقية، رفعتني عمتي إلى الهودج، فسألتها عمة ما معنى الخارجي؟ فبكت عمتي، صرت أتأمل في شأن الدنيا واسأل:
ـ أين أبي؟ لماذا لا أستطيع أن أراه؟ أنا أحبه كيف يذهب إلى الله ولا يأخذني معه
كثرت معي الأسئلة حتى صرت أراه وأناديه، ـ أبي لا ترحل عني، أبقَ معي فزعت أصرخ أين أبي الحسين، أريد أبي الحسين الجميع يبكي لبكائي
الحراس أخبروا عمتي أن يزيد فزع من نومه مرعوبا ينادي خذوا أباها إليها، تصورته طعاما قلت لا أريد طعاما أريد أبي، أريد أبي وإذا الحرس يرفع الغطاء، إنه راس أبي عانقته وأنا أنادي أبي، وإذا بجدتي الزهراء تقول:
ـ رقية ابكيت سماوات الله يا رقية، وعانقتني لأتوسد أحضانها بخير
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat