أنا للحياة أتيتُ أعمى عاريا
قسراً ومشلولَ الارادةِ واهيا
ما كنتُ أدري إذْ قذفتُ بفخّها
فشكوتُ مستاءً ولم أكُ باكيا
ما اخترتُ حين رُميتُ فيها مرغماً
وطناً ولا ديناً ولا أهلاً ليا !!!
شرَكٌ كبيرٌ قد علقتُ بقيدهِ
وأبي بهِ قد كانَ جهلاً راميا
لبّى أبي أمرَ الغريزةِ طائعاً
لمّا دعتُهُ مُلبّياً لا عاصيا
لولا العريزةُ لم يكنْ في الخلقِ ذو
روحٍ على ظهرِ البسيطةِ باقيا
فإذا بنا اضطرمتْ فمَنْ لم يحترقْ
بلهيبها أو كانَ جلْداً قاسيا ؟!!!
فأنا أتيتُ إلى الحياةِ بمكرها
أتلو عليكم في الشقاء قوافيا
إنّي لأجهلُها وأجهلُ مَنْ أنا
لمْ آتِها لو كنتُ عنها داريا
ولما عرفتُ بها الشقاءَ ولم أكنْ
متبرّماً أو ساخطاً أو شاكيا
ولما تعالتْ من فؤادي صرخةٌ
وكأنّما حممٌ يسيلُ لسانيا
أنا طِلْسمٌ أم لعبةٌ في حيرةٍ
عزّ الجوابُ وظلَّ لغزاً خافيا ؟!!!
إنٍّ الحياة تظلُّ أُحجيةً لنا
ما كنهها إنّا لنجهلُ ماهيا ؟!!!
شيمُ الحياةِ تناقضٌُ ومهازلٌ
تدعُ الفؤادَ من البليةِ داميا
ما الدينُ فكَّ رموزَهُا وأجابنا
أو كان رأيُ العلم قولاً شافيا
أنّى أكونُ بها بشوشاً وادعاً
والنفسُ ما قرَّتْ لأبدوَ راضيا
ما لي وللدنيا أحيرُ بكنهها
وعلى مَ أرهقُ في التفكّر باليا ؟!!!
وتضجُّ أفكاري كبحرٍ هائجٍ
وضجيجُها باقٍ برأسي داويا !!!
مالي وللدنيا أحيرُ بكنهها
يا ليتني ما كنتُ فيها واعيا؟ !!!
لولا وجودي في الحياة لما أسيتُ
ولا شكوتُ من الهمومِ ودائيا
هي كالسؤالِ تظلُّ دون إجابةٍ
هل جئتُها كرهاً لأشكوَ حاليا ؟!!!
وفهمتُها لمّا بدا لي كلُّ شيءٍ
تافهاً فيها ولستُ مغاليا
لو بيعت الدنيا بدرهمَ ما اشتريتُ
وقد رأيتُ السعرَ فيها غاليا
وإذا اغتنيتُ بها سأظلم بائسا
وأكون بين الناس فظّاً طاغيا
وأكونُ مثل التافهينَ وضاعةً
لو كنتُ فيها راغباً لا قاليا
والكبرياءُ أذلُّها ذلَّ الحياة
لذي الإباء إذا نزعتُ إبائها
أنا لو ملكتُ الأرضَ أجمعها لما
أحسستُ نلتُ بها الغنى وأمانيا
سأظلُّ في قلقٍ لأني موقنٌ
إنّي سأتركها فليستْ ماليا
فالصبرُ صابٌ في فمي جُرّعتهُ
ما كنتُ فيها ضارعاً أو وانيا
مرٌّ مذاقُ الناسِ قد ألفيتُهُ
لمّا بلوتُهُ ذائقاً لا راويا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat