صفحة الكاتب : د . شامل محسن هادي مباركه

في مهمة سرية …. دور C.I.A في العراق
د . شامل محسن هادي مباركه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


بعد غزو العراق في ٢٠٠٣، حصلت القوات الامريكية على كنز دفين من الوثائق تعود للنظام الدكتاتوري في بغداد، والتي تم الاستيلاء عليها أثناء العمليات العسكرية الأميركية في العراق. تشمل هذه الوثائق تسجيلات صوتية لاجتماعات المجرم صدام حسين مع قادته، ومراسلات البعث الداخلية، وتقييمات المخابرات العراقية والمجلات العسكرية. إلى جانب مصادر المعلومات الجديدة الأخرى، بما في ذلك الوثائق الأمريكية الخاصة بوكالة المخابرات الأمريكية و التي رُفعت عنها السرية.

نجاح الثورة الإسلامية في إيران رفع منسوب القلق عند الطاغية صدام حسين بتهديد ايران، فقد علِمَ بحتمية المواجهة. بدأ بتجميع صفوفه، حيث أعطى في العراق ملاذاً آمناً للعديد من المسؤولين في نظام الشاه، بما في ذلك رئيس الوزراء السابق شابور بختيار والقائد السابق للقوات البرية الإيرانية الجنرال غلام علي أويسي، وسمح لهم ببث رسائل مناهضة للثورة في إيران. كما كان مقتنعاً بأن العرب في منطقة خوزستان الجنوبية الغنية بالنفط في إيران سوف ينهضون ضد الثورة في إيران.

كما ساعدت محاولة إغتيال  وزير الخارجية العراقي طارق عزيز في نيسان ١٩٨٠ في تأجيج المخاوف، و ارتفاع سخونة المواجهة بين العراق وإيران. (راجع محاضرة ٢٥؛ افرايم كارش وإيناري روتسي، "صدام حسين: سيرة سياسية"، نيويورك تايمز ١٩٩١، Lessons, 25; Efraim Karsh and Inari Rautsi, Saddam Hussein: A Political piography,new york times. 1991)

بدأت الحرب العراقية الإيرانية مع الغزو العراقي لإيران في أيلول ١٩٨٠، ظاهريًا بسبب نزاع حدودي حول ممر شط العرب المائي. لكن السبب الكامن وراء التوتر بين البلدين أعمق. إن مكانة الدكتاتور صدام باعتباره بعثياً علمانياً عربياً وسنياً يحكم الأغلبية الشيعية من السكان، أعطته سبباً وجيهاً للخوف من الثورة الإسلامية في الإيرانية عام ١٩٧٩. لم تقدم طهران شيئاً لتهدئة مخاوف صدام حسين عندما بدأت حملة دعائية تدعو إلى إزالة النظام البعثي في بغداد.

عاش النظام البعثي الدكتاتوري خلال حربه مع الجمهورية الإسلامية في ايران تحديات كادت أن تُنهي حكمه الدموي. تناولت بعض الكتب دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في إنقاذ الطاغية صدام حسين من أزمات عديدة بدأت في عام ١٩٨٢.

لأن نظام صدام كان دكتاتورياً، أسفرت مجموعة كبيرة من الأبحاث الحديثة عن نتيجة حتمية مفادها أن أداء الدكتاتوريات كشخصيّة صدام حسين ضعيف في الحرب، مما يعزز نتيجة مفادها أن "الأنظمة الاستبدادية في المتوسط ​​هي أقل فعالية عسكريا"، كما توصلت مجموعة أخرى من الأبحاث إلى نتيجة ثانية هي "أداء الأنظمة الاستبدادية ضعيف في الحرب، وأداؤها الضعيف ينبع من العلاقات المدنية - العسكرية المَرَضَيّة. (راجع كتاب "لغز الأداء الشخصي: فعالية ساحة المعركة العراقية في حرب إيران- العراق"، ‏ The Puzzle of Personalist Performance: Iraqi Battlefield Effectiveness in the Iran-Iraq War، جامعة جورج واشنطن/صفحة ١٨٢ و ١٨٩ على التوالي، ٨ آيار ٢٠١٣، للباحث كايتلين تالمادج)

كانت تبحث أدارة الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، عن تقديم دعمٍ للدكتاتور صدام حسين، وهي ترى قدرات الجيش العراقي تنهار أمام الزحف الإيراني، فأعطى الضوء الأخضر لوكالة المخابرات المركزية بالوقوف مع صدام حسين، لتبدأ مرحلة جديدة من النظام التجسسي الأمريكي في ظل النظام البعثي.

في كتابه "فخ إيكاروس: الغطرسة وسوء الفهم والغزو الأمريكي للعراق"، (THE ICARUS TRAP: ARROGANCE, MISPERCEPTION, AND THE U.S. INVASION OF IRAQ، نُشر في ٢٥ آذار ٢٠٢٤)، 
 يذكر المؤلف جوزيف ستيب عن الطريقة التي وصلت اليها وكالة المخابرات الأمريكية إلى صدام حسين.

في الفصل الثاني/صفحة ٣٠ يقول ستيب: هدايا تحمل جاسوسًا؛ في وقت مبكر من بعد ظهر يوم ٢٧ تموز ١٩٨٢، هبطت طائرة خاصة تابعة للمملكة الأردنية الهاشمية في بغداد. كانت تحمل راكبًا أمريكيًا واحدًا: توماس تويتين، عميل وكالة المخابرات المركزية، و رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية في عمان، الأردن. كان على اتصال وثيق مع حاكم البلاد، الملك حسين، جار وحليف صدام حسين، وكذلك صديق الرئيس الأمريكي ريغان.

كانت مهمة تويتين، التي تم تصورها في البيت الأبيض، هي إقناع نظام صدام بقبول وكالة المخابرات المركزية المساعدة في حرب العراق ضد إيران. إذا كان صدام راغباً في ذلك، فإن الوكالة ستقدم صوراً سرية للغاية من أقمار التجسس الأمريكية التي تُظهر المواقع القتالية الإيرانية الأخيرة على جبهات الحرب الحاسمة، لصالح القوات العراقية. كان مجلس الأمن القومي الأمريكي قد أعطى تويتين تعليمات واضحة: ابقوا في العراق طالما يتطلب الأمر إنشاء قناة للمشاركة.

بعد رفع السرية عن عمل وكالة المخابرات في العراق، أكّدت هذه المعلومات صحيفة نيورك تايمز بأن وكالة التجسس قد أهدت النظام العراق معلومات استخبارية عن ساحة القتال بين العراق وايران. (راجع مقال "بعد ٣٠ عامًا في الظل، يظهر مسؤول التجسس"، صحيفة نيويورك تايمز، ٢٠ تشرين الثاني ١٩٩٠، "After 30 Years in Shadows, a Spymaster Emerges," New York Times, November 20, 1990)

قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: "خسر العراق الحرب مع إيران بشكل أساسي". (راجع تقرير  لوكالة المخابرات المركزي رُفِعت عنه السريّة في ١٤ آيار ٢٠٠٧ "الآثار المترتبة على انتصار إيران على العراق، تقدير المخابرات الوطنية الخاصة"، implication of iran victory over iraq special national intelligence estimate)

تم التوصل إلى تقييم الجيش العراقي قبل وصول تويتين بستة أسابيع إلى بغداد. أظهرت صور الأقمار الصناعية حوالي مائة ألف جندي إيراني محتشدين بالقرب من الحدود العراقية لشن هجوم على البصرة، ثاني أكبر مدينة في العراق، وهي حرب خاطفة لم يكن العراق يتوقع حدوثها بالكامل.

كما حذرت وثيقة سرية أخرى صادرة عن وكالة المخابرات المركزية إنهيار النظام البعثي في العراق. تقول الوثيقة: وقع الرئيس ريغان على قرار تنفيذي سري للغاية يتعلق بالأمن القومي يسمح للولايات المتحدة بالقيام "بكل ما هو ضروري وقانوني"، في منع الخميني من الإطاحة بصدام، لتكوين حكومة شيعية متطرفة تدعمها طهران في بغداد، ومن شأن ذلك أن يوسع الثورة الإيرانية، ويهدد حلفاء أميركا في مجال ضخ النفط في الأسر المالكة السنية المحافظة في الكويت، والبحرين، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. ( راجع التقرير السري الذي تم تسريبه لاحقاً، "خسر العراق بشكل أساسي": بريان جيبسون، العلاقة السرية؛ السياسة الخارجية الأمريكية والاستخبارات والحرب الإيرانية العراقية، ١٩٨٠ - ١٩٨٨"، Iraq has essentially lost": Bryan R. Gibson, Covert Relationship؛ American Foreign Policy, Intelligence, and the Iran Iraq War, 1980-1988)

بعد أن قرُب أنهيار الدفاعات العراقية، اجتمع مساعدو ريغان في غرفة العمليات بالبيت الأبيض في ربيع عام ١٩٨٢ لمناقشة الدعم الذي قد ينجح فعلاً لبغداد. لا يبدو أن إمدادات الأسلحة هي الحل. لم يعانِ العراق من نقص في الدبابات أو الطائرات عالية الجودة. كانت مشكلته الأكبر تتمثل في ضعف القيادة العامة. في النهاية، استقر مجلس الأمن القومي على الإجراء السري الذي اتخذته وكالة المخابرات المركزية. "إن حاجة بغداد الأساسية هي الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة وفي الوقت المناسب" حول تخطيط القوات الإيرانية وخطط الحرب، كما جاء في ورقة خيارات لمجلس الأمن القومي. 

خلُصت الخيارات إلى تبادل المعلومات الاستخبارية مع بغداد "يمكن أن يكون له تأثير فوري على الحرب". (راجع بحث مجلس الأمن القومي الأمريكي "مناقشة أس آي جي حول خيارات السياسة للتعامل مع الحرب الإيرانية العراقية"، Discussion Paper for SIG on Policy Options for Dealing with Iran-Iraq War، National Security Council).
 

بدأ تنفيذ الخطة؛ استقبل عقيد عراقي يرتدي زي الجيش تويتين في مطار بغداد. كان العقيد يعمل في مديرية الاستخبارات العسكرية. اصطحب تويتين إلى فندق المنصور، حيث تم تسجيله بأسم حسين. قال تويتين: زملائي يقفون في عمان، على بعد حوالي تسعين دقيقة بالطائرة. لدى هؤلاء الضباط خرائط استخباراتية لجبهة الحرب الحالية. إذا وافق العراق على قبول مساعدة الوكالة، فإنه سيأمر وكالة المخابرات المركزية للسفر إلى بغداد على الفور.
بعد المشاورات مع حكومته، قال العقيد نحن مستعدون. عادت طائرة الملك حسين إلى بغداد ذلك المساء. كان على متن الطائرة ضابط عمليات وكبير محللي وكالة المخابرات المركزية بالحرب العراقية الإيرانية. (راجع كتاب "الملك حسين ملك الأردن: حياة سياسية"، King Hussein of Jordan: A Political Life، صفحة ٢١٨، نيو هيفن، كونيتيكت: جامعة ييل، ٢٠١٠، للمؤلف نايجل أشتون)

لم يكن صدام يثق في صدق المعلومات الاستخبارية التي ترسلها وكالة المخابرات المركزية عبر الأقمار الصناعية. ماذا لو تم التلاعب بالصور للترويج لطريق عسكري مسدود؟

كما أثارت الخرائط المستخرجة من الأقمار الصناعية للقوات الإيرانية شكوك صدام بشأن الولايات المتحدة. كان يخشى أن الولايات المتحدة تريد إضعاف العراق وإيران في حرب طويلة ومكلفة. كان له ما يبرره في هذا القلق: ففي عام ١٩٨١، أشار وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر إلى أن "المصلحة الأمريكية النهائية" في الصراع سوف تتحقق إذا "خسر الجانبان، العراقي والإيراني". (راجع مقال "خطة لعبة طهران"، Teheran's Game Plan، صحيفة نيويورك تايمز، ٥ شباط ١٩٩١، هنري كيسنجر)

هذا ما دفع صدام لأن يختبر جدية إدارة ريغان في مساعدة نظامه. حاول شراء مائتي بندقية أمريكية الصنع من طراز أم - ١٦ للحرس الرئاسي العراقي. لم تكن مثل هذه الدفعة الصغيرة من البنادق ذات أهمية عسكرية كبيرة، لكن دافع صدام هو أن "يتم تصويرهم وهم يستعرضون بالسلاح الأمريكي." بعد ذلك يرى الإيرانيون البنادق "ليختبر أمريكا في صدقها بالوقوف معه، ويبعث رسالة لايران أن امريكا تدعم النظام العراقي". (راجع كتاب "سياسة الانتقام"، Politics of Revenge، صفحة ٢٢٤، للمؤلف سيد أبو ريش)

قدّم صدام نفسه على أنه فيدل كاسترو الشرق الأوسط، الزعيم العربي الوحيد الذي يتمتع بالشجاعة الكافية للوقوف في وجه الاستعمار الجديد الذي تقوده واشنطن في الخليج الفارسي. قال لرفاقه: "نحن نتحدث عن الاحتلال الأمريكي. جاء الأميركيون، ذهب الأميركيون... أرادوا إحراج الموقف العراقي". مع ذلك، فقد أدرك صدام أن إقامة علاقات عدائية مع قوة عظمى أمر "غير طبيعي"، وأن العلاقات الأفضل مع واشنطن قد تعزز حكمه، إذا أدار الأمور بعناية. 

في شهر تموز من عام ١٩٨٢، قال صدام لمجلة تايم: "ليس لدي أي شيء شخصي ضد الولايات المتحدة"؛ ليفتح باب التطبيع مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. (راجع كتاب "صدام حسين: سياسة الانتقام"، Saddam Hussein: The Politics of Revenge، صفحة ٢١٦، للمؤلف سيد أبو ريش)

إدارة ريغان ترى أن العراق في عهد صدام - بثروته النفطية الهائلة - لا يمكن إنقاذه من الهزيمة على يد آية الله الخميني فحسب، بل يمكن أيضاً تهديد حلفاء أمريكا ،العرب "المعتدلين"، وعلى رأسهم مصر والأردن. ، والمملكة العربية السعودية. كان فريق ريغان يأمل في أن يتوقف صدام عن تهديد إسرائيل ويوقف المساعدات للفلسطينيين. 

كانت خرائط الحرب التي قدمتها وكالة المخابرات لنظام صدام أول الغيث للنظام البعثي. لكن ليس مجاناً؛ أول طلب أمريكي هو إيقاف دعم أبو نضال.

بعد أن إنفصل من منظمة التحرير الفلسطينية ١٩٧٤، تبنت منظمة صبري البنا، أبو نضال، الفلسطينية هجمات في عشرين دولة مما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص. أخبرت الوكالة النظام البعثي أن "العائق الرئيسي أمام تحسين العلاقات الأمريكية العراقية هو وجود أبو نضال".

واحدة من عمليات أبو نضال كانت في لندن في حزيران ١٩٨٢. أطلق أحد عناصر أبو نضال النار على شلومو أرغوف، سفير إسرائيل لدى بريطانيا العظمى، فأصابه بجروح خطيرة، بينما كان أرغوف يغادر فندق دورتشستر. تبين أن العراقي نواف الروسان، من بين المهاجمين، هو عقيد في المخابرات العراقية. (راجع كتاب "فخ إيكاروس: الغطرسة وسوء الفهم والغزو الأمريكي للعراق"، THE ICARUS TRAP: ARROGANCE, MISPERCEPTION, AND THE U.S. INVASION OF IRAQ، صفحة ٤٣،  للمؤلف جوزيف ستيب)

انتهت خيارات صدام إلى علاقة حميمة مع وكالة المخابرات الأمريكية، فقد بعث إلى باريس وزير خارجيته، طارق عزيز، ليلتقي بوزير خارجية الولايات المتحدة، جورج شولتز. كان اللقاء اللَبَنَةَ الأولى في تعاون العراق مع الوكالة. نقل طارق عزيز الرغبة "الشخصية لصدام من أجل علاقات أفضل مع الولايات المتحدة". كتب شولتز أن الولايات المتحدة والعراق توصلا إلى"مرحلة جديدة في تطوير فهم أفضل لمصالحنا المشتركة المهمة للغاية." (راجع برقية وزارة الخارجية، باريس إلى واشنطن، ١١ تشرين الأول ١٩٨١، الوثيقة رقم ١٨، جويس باتل، "مصافحة صدام حسين: الولايات المتحدة تميل نحو العراق، ١٩٨٠ - ١٩٨٤"، جاءت في كتاب الإحاطة الإلكتروني لأرشيف الأمن القومي رقم ٨٢، state Department cable, Paris to Washington, May
11, 1983, Document 18 in Joyce Battle, ed.، Shaking Hands with Saddam Hussein: The U.S. Tilts toward Iraq, 1980-1984, National Security Archive Electronic Briefing Book No. 82)

مهّد اجتماع باريس لزيارة طارق عزيز إلى واشنطن و لقاءه بالرئيس الأمريكي ريغان في ١٩٨٣، مما فتح لقنوات رسمية بين وكالة المخابرات الأمريكية وصدام حسين. وجدت أمريكا في شخصية صدام ثورياً دوغمائياً ارتوى المثالية الكاسحة للقومية العربية في الستينيات، لتكون منطلقاً لمواجهة ايران.

تُعتبر وكالة المخابرات الأمريكية من أخطر وكالات العالم التجسسية، حيث يصل عدد موظفيها إلى ٢٥٠ ألفٍ بموازنة سنوية تجاوزت ٦٨ مليار دولار. حتى عام ٢٠١٢، كانت محطة وكالة المخابرات المركزية في بغداد هي الأكبر في العالم، والتي وصل عدد موظفيها ٧٠٠ عميل أمريكي.

يقول مدير الوكالة، ويليام بيرنز، في مقاله الذي نُشِر على صفحة فورين أفيرز بتاريخ ٣٠ كانون الثاني ٢٠٢٤: طالما احتفظت الدول بالأسرار عن بعضها البعض، فقد حاولت سرقتها من بعضها البعض. لقد كان التجسس وسيظل جزءا لا يتجزأ من فن الحكم. … من الأولويات الأخرى في هذا العصر الجديد تعميق شبكة الشراكات الاستخباراتية التي لا مثيل لها لوكالة المخابرات المركزية في جميع أنحاء العالم، وهو أحد الأصول التي يفتقر إليها منافسو الولايات المتحدة حاليا. (راجع مقال "فن التجسس وفن الحكم، تحويل وكالة المخابرات المركزية لعصر المنافسة"، Spycraft and Statecraft, Transforming the CIA for an Age of Competition)

بكل تأكيد، إتفاقية الأطار الاستراتيجي التي يسعى لها العراق مع الولايات المتحدة، ستُعطي مساحة أكبر للعمل لوكالة المخابرات المركزية والجيش الأمريكي في العراق، وهذا مكمن الخطر على حاضر العراق ومستقبله، رغم رفض المرجعية العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيستاني، دام ظله، القاطع لأي إتفاق مع المحتل الأمريكي.

في ١٩ حزيران ٢٠٠٨، نشر معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن تقريراً بعنوان: "الهدوء والوضع الأمريكي في العراق"، (Quietism and the U.S. Postion in Iraq). يتحدث التقرير عن اتفاقية الاطار الاستراتيجي بين امريكا والعراق، فيقول: وردت بعض الاخبار بأن السيستاني يعارض أي "علاقات دائمة" مع الولايات المتحدة. اما بخصوص بقاء القوات الامريكية في العراق، يذكر التقرير: يرفض السيستاني "الوجود الأمريكي"، وأن السيستاني قلق بشأن النوايا التي قد تكون لدى الولايات المتحدة.
 

زار كل من رئيس مجلس الوزراء و زعيم كتلة سياسية السيد السيستاني في ٢٢ آيار ٢٠٠٨، لشرح مضامين اتفاقية الاطار الاستراتيجي. أصرّوا على حاجة العراق بالذهاب مع الاتفاقية الاستراتيجية. بعد أن علِمَ السيستاني إصرار السياسيين المضي قُدُماً بإجراء الاتفاقية، قال لهم: أن أي اتفاق طويل الأمد في العراق يجب أن يحقق ثلاثة بنود رئيسية:

- انهاء الوجود الاجنبي في العراق
- حماية المصالح العراقية
- إرجاع السيادة الوطنية

منذ ذلك الحين، لم تتحقق شروط السيستاني، بل عمِلت الأحزاب ضد توجه السيستاني، والأصرار على بقاء القوات الأمريكية في العراق، في انتهاك واضح لسيادة العراق واستقلال قراره، و تبديد مصالح العراق العليا، وما خط أنبوب نفط البصرة - العقبة إلا واحدة من المشاريع التي ستدمر الاقتصاد العراقي، و تعّرض مصالح العراق العليا إلى مخاطر تمتد لعقود.

تحت السطح السميك للماكنة الأعلامية والرواية الحكومية، يزداد سخط شعب العراق إزاء فقدان الحس الوطني عند حكومته، وغياب المصلحة العليا للبلد، مع قمع الأصوات التي تطالب بحقوق الشعب. ستعود مظاهرات تشرين من جديد لتُنهي عمالة من أدار البلد في فلك الآخرين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . شامل محسن هادي مباركه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/09



كتابة تعليق لموضوع : في مهمة سرية …. دور C.I.A في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net