صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

النبي محمد {ص} والغدير والخلقة التكوينية
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقول علماء الاجتماع: عرف عن الانسان انه مدني الطبع لا تنتظم حياته الا بوجوده ضمن مجتمع يعيش فيه . وهذا النسق المجتمعي لا بد ان يوجد فيه تفاوت في المزاج والتفكير والقوة, من هنا الرابطة الانسانية التي يعلنها الاسلام بكل صراحة ويطبقها في كل تشريعاته ، تميزه عن بقية الاديان والعقائد في الاهتمام بكرامة الانسان واشباع حاجاته الاساسية ، فيصرح القرآن في قوله:( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) . فالتفاضل الالهي بين الافراد يستند ـ في الاصل ـ على الجهد البشري في العمل الاجتماعي والصفاء الروحي والشخصي للفرد ، وهو حق الطاعة للخالق تعالى .

والحكمة تقتضي وجود من يحكم بينهم بالعدل, يرجعون اليه عند اختلافهم ,يقضي بينهم بالحق ويعلمهم ما يجهلونه ليثبت النظام والسلم الاجتماعي . وقد بين الامام امير المؤمنين {ع} نموذج الترابط الاجتماعي من خلال وصيته الى مالك الاشتر [رض] يقول الإمام[ع]: «النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ». وتلك حكمة غاية في احترام الذات الانسانية وهي اصل نظرة من يتولى قيادة الناس لتنظيم امورهم . ولولا هذا الرئيس بينهم لاختل النظام الاجتماعي.

وتصبح الدنيا يحكمها القوي والجاهل, وهذا يؤدي الى العبث . والعبث لا يصدر من الله الحكيم , فاقتضت الحكمة الإلهية إرسال الأنبياء للناس لما في ذلك من مصلحة العباد:فوجود النبي ووجود الامام المعصوم الذي رتبه الله لاقامة عدله هو منتهى الحكمة واللطف.لما في ذلك حاجة الناس إلى العدل: قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) وانفرد احد المفسرين ان المراد في الآية ان القسط في المعاملات،في حين ذهب سائر المفسرين أنّ المراد مطلق العدالة الاجتماعية، وفي كافة الأصعدة والمجالات،حتى العدالة الاقتصادية. كذلك تعليم الناس: يقول تعالى: ﴿كمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون﴾.وانتهت الشرائع برسالة محمد{ص} الذي كمل الدين بتنصيب امير المؤمنين {ع} يوم غدير خم بقوله تعالى:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ونزب قوله تعالى:( يَأَيهَا الرّسولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رّبِّك وَإِن لّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْت رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُك مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْكَفِرِينَ)..

فكان وجود الامام لطف من الله . وتصرفه لطف .. وعدمه منا . لاننا نحن من حدد تصرف الامام من خلال عدة تصرفات ضده. فم ارسله الله للناس اوجب على الناس طاعته. ومن نصبه الله اماما وخليفة ليحكم بين الناس وامرنا بطاعته . انما تلك الطاعة هي عين الطاعة لله. عن الإمام علي ( ع) : قال رسول الله ( ص) : شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم : * ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) * ، فإن خفتم تنازعا في أمر فأرجعوه إلى الله والرسول وأولي الأمر ، قلت : يا نبي الله ، من هم ؟ قال : أنت أو لهم . والحمد لله رب العالمين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/05/07



كتابة تعليق لموضوع : النبي محمد {ص} والغدير والخلقة التكوينية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net