صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

کتاب مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق والقرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


جاء في کتاب مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق عليه السلام: في الرياء: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام لَا تُرَاءِ بِعَمَلِكَ مَنْ لَا يُحْيِي وَ لَا يُمِيتُ وَ لَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً وَ الرِّيَاءُ شَجَرَةٌ لَا تُثْمِرُ إِلَّا الشِّرْكَ الْخَفِيَّ وَ أَصْلُهَا النِّفَاقُ يُقَالُ لِلْمُرَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْمِيزَانِ خُذْ ثَوَابَ عَمَلِكَ مِمَّنْ أَشْرَكْتَهُ مَعِي فَانْظُرْ مَنْ تَعْبُدُ وَ تَدْعُو وَ مَنْ تَرْجُو وَ مَنْ تَخَافُ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى إِخْفَاءِ شَيْ‌ءٍ مِنْ بَاطِنِكَ عَلَيْهِ تَعَالَى وَ تَصِيرُ مَخْدُوعاً بِنَفْسِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ" (البقرة 9)‌ وَ أَكْثَرُ مَا يَقَعُ‌ الرِّيَاءُ فِي الْبَصَرِ وَ الْكَلَامِ وَ الْأَكْلِ وَ الشُّرْبِ وَ الْمَجِي‌ءِ وَ الْمُجَالَسَةِ وَ اللِّبَاسِ وَ الضَّحِكِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ. و في الصدق: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام الصِّدْقُ نُورٌ مُتَشَعْشَعٌ فِي عَالَمِهِ كَالشَّمْسِ يَسْتَضِي‌ءُ بِهَا كُلُّ شَيْ‌ءٍ بِمَعْنَاهَا مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ يَقَعُ عَلَى مَعْنَاهَا وَ الصَّادِقُ حَقّاً هُوَ الَّذِي يُصَدِّقُ كُلَّ كَاذِبٍ بِحَقِيقَةِ صِدْقِ مَا لَدَيْهِ وَ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَسَعُ مَعَهُ سِوَاهُ أَوْ ضِدُّهُ مِثْلُ آدَمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَدَّقَ إِبْلِيسَ فِي كَذِبِهِ حِينَ أَقْسَمَ لَهُ كَاذِباً لِعَدَمِ مَا بِهِ مِنَ الْكَذِبِ فِي آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً" (طه 115) لِأَنَّ إِبْلِيسَ أَبْدَعَ شَيْئاً كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَبْدَعَهُ وَ هُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ ظَاهِراً وَ بَاطِناً فَخَسِرَ هُوَ بِكَذِبِهِ عَلَى مَعْنًى لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مِنْ صِدْقِ آدَمَ عليه السلام عَلَى بَقَاءِ الْأَبَدِ وَ أَفَادَ آدَمُ ع بِتَصْدِيقِهِ كَذِبَهُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِنَفْيِ عَزْمِهِ عَمَّا يُضَادُّ عَهْدَهُ فِي‌ الْحَقِيقَةِ عَلَى مَعْنًى لَمْ يَنْتَقِصْ مِنِ اصْطِفَائِهِ بِكَذِبِهِ شَيْئاً فَالصِّدْقُ صِفَةُ الصَّادِقِ وَ حَقِيقَةُ الصِّدْقِ يَقْتَضِي تَزْكِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ كَمَا ذَكَرَ عَنْ صِدْقِ عِيسَى عليه السلام فِي الْقِيَامَةِ بِسَبَبِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ صِدْقِهِ وَ هُوَ بَرَاءَةُ الصَّادِقِينَ مِنْ رِجَالِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ تَعَالَى‌ "هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ‌" (المائدة 119) وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الصِّدْقُ سَيْفُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ أَيْنَمَا هَوَى بِهِ يَقُدُّهُ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَ صَادِقٌ أَنْتَ أَمْ كَاذِبٌ فَانْظُرْ فِي صِدْقِ مَعْنَاكَ وَ عَقْدِ دَعْوَاكَ وَ عَيِّرْهُمَا بِقِسْطَاسٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنَّكَ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ‌" (الاعراف 8) فَإِذَا اعْتَدَلَ مَعْنَاكَ بِغَوْرِ دَعْوَاكَ ثَبَتَ لَكَ الصِّدْقُ وَ أَدْنَى حَدِّ الصِّدْقِ أَنْ لَا يُخَالِفَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ وَ لَا الْقَلْبُ اللِّسَانَ وَ مَثَلُ الصَّادِقِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذَكَرْنَا كَمَثَلِ النَّازِعِ لِرُوحِهِ إِنْ لَمْ يَنْزِعْ فَمَا ذَا يَصْنَعُ‌.

وعن کتاب مصباح الشريعة: في الإخلاص‌: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام الْإِخْلَاصُ يَجْمَعُ فَوَاضِلَ الْأَعْمَالِ وَ هُوَ مَعْنًى مِفْتَاحُهُ الْقَبُولُ وَ تَوْقِيعُهُ الرِّضَا فَمَنْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ وَ يَرْضَى عَنْهُ فَهُوَ الْمُخْلِصُ وَ إِنْ قَلَّ عَمَلُهُ وَ مَنْ لَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُخْلِصٍ وَ إِنْ كَثُرَ عَمَلُهُ اعْتِبَاراً بِآدَمَ عليه السلام وَ إِبْلِيسَ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ وَ عَلَامَةُ الْقَبُولِ وُجُودُ الِاسْتِقَامَةِ بِبَذْلِ كُلِّ مَحَابٍّ مَعَ إِصَابَةِ عِلْمِ كُلِّ حَرَكَةٍ وَ سُكُونٍ وَ الْمُخْلِصُ ذَائِبٌ رُوحُهُ بَاذِلٌ مُهْجَتَهُ فِي تَقْوِيمِ مَا بِهِ الْعِلْمُ وَ الْأَعْمَالُ وَ الْعَامِلُ وَ الْمَعْمُولُ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْكُلَّ وَ إِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْكُلُّ وَ هُوَ تَصْفِيَةُ مَعَانِي التَّنْزِيهِ‌ فِي التَّوْحِيدِ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ هَلَكَ الْعَامِلُونَ إِلَّا الْعَابِدُونَ وَ هَلَكَ الْعَابِدُونَ إِلَّا الْعَالِمُونَ وَ هَلَكَ الْعَالِمُونَ إِلَّا الصَّادِقُونَ وَ هَلَكَ الصَّادِقُونَ إِلَّا الْمُخْلِصُونَ وَ هَلَكَ الْمُخْلِصُونَ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ هَلَكَ الْمُتَّقُونَ إِلَّا الْمُوقِنُونَ وَ إِنَّ الْمُوقِنِينَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر 99)‌ وَ أَدْنَى حَدِّ الْإِخْلَاصِ بَذْلُ الْعَبْدِ طَاقَتَهُ ثُمَّ لَا يَجْعَلُ لِعَمَلِهِ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً فَيُوجِبَ بِهِ عَلَى رَبِّهِ مُكَافَأَةً بِعَمَلِهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَالَبَهُ بِوَفَاءِ حَقِّ الْعُبُودِيَّةِ لَعَجَزَ وَ أَدْنَى مَقَامِ الْمُخْلِصِ فِي الدُّنْيَا السَّلَامَةُ مِنْ جَمِيعِ الْآثَامِ وَ فِي الْآخِرَةِ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَ الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ. و في التقوى‌: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام التَّقْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَقْوَى بِاللَّهِ وَ هُوَ تَرْكُ الْخِلَافِ فَضْلًا عَنِ الشُّبْهَةِ وَ هُوَ تَقْوَى خَاصِّ الْخَاصِّ وَ تَقْوَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ فَضْلًا عَنِ الْحَرَامِ وَ هُوَ تَقْوَى الْخَاصِّ وَ تَقْوَى مِنْ خَوْفِ النَّارِ وَ الْعِقَابِ وَ هُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ وَ هُوَ تَقْوَى الْعَامِّ وَ مَثَلُ التَّقْوَى كَمَاءٍ يَجْرِي فِي نَهَرٍ وَ مَثَلُ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ فِي مَعْنَى التَّقْوَى كَأَشْجَارٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى حَافَّةِ ذَلِكَ النَّهَرِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ وَ جِنْسٍ وَ كُلُّ شَجَرَةٍ مِنْهَا يَسْتَمِصُّ الْمَاءَ مِنْ ذَلِكَ النَّهَرِ عَلَى قَدْرِ جَوْهَرِهِ وَ طَعْمِهِ وَ لَطَافَتِهِ وَ كَثَافَتِهِ ثُمَّ مَنَافِعُ الْخَلْقِ مِنْ ذَلِكَ الْأَشْجَارِ وَ الثِّمَارِ عَلَى قَدْرِهَا وَ قِيمَتِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى‌ بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى‌ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ‌" (الرعد 4) فَالتَّقْوَى لِلطَّاعَاتِ كَالْمَاءِ لِلْأَشْجَارِ وَ مَثَلُ طَبَائِعِ الْأَشْجَارِ وَ الْأَثْمَارِ فِي لَوْنِهَا وَ طَعْمِهَا مَثَلُ مَقَادِيرِ الْإِيمَانِ فَمَنْ كَانَ أَعْلَى دَرَجَةً فِي الْإِيمَانِ وَ أَصْفَى جَوْهَرَةً بِالرُّوحِ كَانَ أَتْقَى وَ مَنْ كَانَ أَتْقَى كَانَتْ عِبَادَتُهُ أَخْلَصَ وَ أَطْهَرَ وَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مِنَ اللَّهِ أَقْرَبَ وَ كُلُّ عِبَادَةٍ مُؤَسَّسَةٍ عَلَى غَيْرِ التَّقْوَى فَهِيَ هَبَاءٌ مَنْثُورٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‌ تَقْوى‌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‌ شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ‌" (التوبة 109) وَ تَفْسِيرُ التَّقْوَى تَرْكُ مَا لَيْسَ بِأَخْذِهِ بَأْسٌ حَذَراً مِمَّا بِهِ الْبَأْسُ وَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ طَاعَةٌ بِلَا عِصْيَانٍ وَ ذِكْرٌ بِلَا نِسْيَانٍ وَ عِلْمٌ بِلَا جَهْلٍ مَقْبُولٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.

و في المعاشرة عن کتاب مصباح الشريعة: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَعْصِيَتِهِ مِنْ مَزِيدِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ عَبْدِهِ وَ مَنْ كَانَ خَاضِعاً لِلَّهِ فِي السِّرِّ كَانَ حَسَنَ الْمُعَاشَرَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ فَعَاشِرِ الْخَلْقَ لِلَّهِ تَعَالَى وَ لَا تُعَاشِرْهُمْ لِنَصِيبِكَ لِأَمْرِ الدُّنْيَا وَ لِطَلَبِ الْجَاهِ وَ الرِّيَاءِ وَ السُّمْعَةِ وَ لَا تَسْقُطَنَّ بِسَبَبِهَا عَنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ مِنْ بَابِ الْمُمَاثَلَةِ وَ الشُّهْرَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُغْنُونَ عَنْكَ شَيْئاً وَ تَفُوتُكَ الْآخِرَةُ بِلَا فَائِدَةٍ فَاجْعَلْ مَنْ هُوَ الْأَكْبَرُ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَ الْأَصْغَرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَ الْمِثْلَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَ لَا تَدَعْ مَا تَعْلَمُهُ يَقِيناً مِنْ نَفْسِكَ بِمَا تَشُكُ‌ فِيهِ مِنْ غَيْرِكَ وَ كُنْ رَفِيقاً فِي أَمْرِكَ بِالْمَعْرُوفِ وَ شَفِيقاً فِي نَهْيِكَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لَا تَدَعِ النَّصِيحَةَ فِي كُلِّ حَالٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" (البقرة 83) وَ اقْطَعْ عَمَّنْ يُنْسِيكَ وَصْلُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَ تَشْغَلُكَ أُلْفَتُهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَ أَعْوَانِهِ وَ لَا يَحْمِلَنَّكَ رُؤْيَتُهُمْ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ عِنْدَ الْخَلْقِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ خُسْرَاناً عَظِيماً نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى‌. وفي النوم‌: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: نَمْ نَوْمَ الْمُعْتَبِرِينَ وَ لَا تَنَمْ نَوْمَ الْغَافِلِينَ فَإِنَّ الْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْأَكْيَاسِ يَنَامُونَ اسْتِرَاحَةً وَ لَا يَنَامُونَ اسْتِبْطَاراً قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم تَنَامُ عَيْنَايَ وَ لَا يَنَامُ قَلْبِي وَ انْوِ بِنَوْمِكَ تَخْفِيفَ مَئُونَتِكَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَ اعْتِزَالَ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا وَ اخْتَبِرْ بِهَا نَفْسَكَ وَ كُنْ ذَا مَعْرِفَةٍ بِأَنَّكَ عَاجِزٌ ضَعِيفٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنْ حَرَكَاتِكَ وَ سُكُونِكَ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ وَ تَقْدِيرِهِ وَ إِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَ اسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى الْمَوْتِ الَّذِي لَا تَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الِانْتِبَاهِ فِيهِ وَ الرُّجُوعِ إِلَى إِصْلَاحِ‌ مَا فَاتَ عَنْكَ وَ مَنْ نَامَ عَنْ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَاتَهُ بِسَبَبِهَا شَيْ‌ءٌ فَذَلِكَ نَوْمُ الْغَافِلِينَ وَ سِيرَةُ الْخَاسِرِينَ وَ صَاحِبُهُ مَغْبُونٌ وَ مَنْ نَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ السُّنَنِ وَ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْحُقُوقِ فَذَلِكَ نَوْمٌ مَحْمُودٌ وَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ زَمَانِنَا هَذَا شَيْئاً إِذَا أَتَوْا بِهَذِهِ الْخِصَالِ أَسْلَمَ مِنَ النَّوْمِ لِأَنَّ الْخَلْقَ تَرَكُوا مُرَاعَاةَ دِينِهِمْ وَ مُرَاقَبَةَ أَحْوَالِهِمْ وَ أَخَذُوا شِمَالَ الطَّرِيقِ وَ الْعَبْدُ إِنِ اجْتَهَدَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ كَيْفَ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَسْتَمِعَ إِلَّا مَا لَهُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَ إِنَّ النَّوْمَ مِنْ إِحْدَى تِلْكَ الْآلَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا" (الاسراء 36) وَ إِنَّ فِي كَثْرَتِهِ آفَاتٍ وَ إِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَ كَثْرَةُ النَّوْمِ يَتَوَلَّدُ مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ وَ كَثْرَةُ الشُّرْبِ يَتَوَلَّدُ مِنْ كَثْرَةِ الشِّبَعِ وَ هُمَا يُثَقِّلَانِ النَّفْسَ عَنِ الطَّاعَةِ وَ يُقْسِيَانِ الْقَلْبَ عَنِ التَّفَكُّرِ وَ الْخُشُوعِ وَ اجْعَلْ كُلَّ نَوْمِكَ آخِرَ عَهْدِكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ اذْكُرِ اللَّهَ‌ تَعَالَى بِقَلْبِكَ وَ لِسَانِكَ وَ خَفِ اطِّلَاعَهُ عَلَى سِرِّكَ مُسْتَعِيناً بِهِ فِي الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا انْتَبَهْتَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَقُولُ لَكَ نَمْ فَإِنَّ لَكَ بَعْدُ لَيْلًا طَوِيلًا يُرِيدُ تَفْوِيتَ وَقْتِ مُنَاجَاتِكَ وَ عَرْضِ حَالِكَ عَلَى رَبِّكَ وَ لَا تَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ فَإِنَّ لِلْقَانِتِينَ فِيهِ أَشْوَاقاً.

وفي الحج: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: وَ اسْتَقِمْ عَلَى شُرُوطِ حَجِّكَ وَ وَفَاءِ عَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَ رَبَّكَ وَ أَوْجَبْتَهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْتَرِضِ الْحَجَّ وَ لَمْ يَخُصَّهُ مِنْ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى‌ "وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) وَ لَا شَرَعَ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وآله وسلم فِي خِلَالِ الْمَنَاسِكِ عَلَى تَرْتِيبِ مَا شَرَعَهُ إِلَّا لِلِاسْتِعْدَادِ وَ الْإِشَارَةِ إِلَى الْمَوْتِ وَ الْقَبْرِ وَ الْبَعْثِ وَ الْقِيَامَةِ وَ فَصْلِ بَيَانِ السَّبْقِ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَهْلُهَا وَ دُخُولِ النَّارِ أَهْلُهَا بِمُشَاهَدَةِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَ أُولِي النُّهَى‌. وفي النية: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام:‌ صَاحِبُ النِّيَّةِ الصَّادِقَةِ صَاحِبُ الْقَلْبِ السَّلِيمِ لِأَنَّ سَلَامَةَ الْقَلْبِ مِنْ هَوَاجِسِ الْمَحْذُورَاتِ بِتَخْلِيصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ‌" (الشعراء 88-89) وَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ خَالِصِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَ سُكُونٍ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ غَافِلًا وَ الْغَافِلُونَ قَدْ ذَمَّهُمُ‌ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ‌ "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا" (الفرقان 44) وَ قَالَ‌ "أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ‌" (الاعراف 179) ثُمَّ النِّيَّةُ تَبْدُو مِنَ الْقَلْبِ عَلَى قَدْرِ صَفَاءِ الْمَعْرِفَةِ وَ تَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْإِيمَانِ فِي مَعْنَى قُوَّتِهِ وَ ضَعْفِهِ وَ صَاحِبُ النِّيَّةِ الْخَالِصَةِ نَفْسُهُ وَ هَوَاهُ مَعَهُ مَقْهُورَتَانِ تَحْتَ سُلْطَانِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الْحَيَاءِ مِنْهُ وَ هُوَ مِنْ طَبْعِهِ وَ شَهْوَتِهِ وَ مُنْيَةُ نَفْسِهِ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ. وفي آفة القرّاء: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام الْمُتَقَرِّئُ بِلَا عِلْمٍ كَالْمُعْجَبِ بِلَا مَالٍ وَ لَا مُلْكٍ يُبْغِضُ النَّاسَ لِفَقْرِهِ وَ يُبْغِضُونَهُ لِعُجْبِهِ فَهُوَ أَبَداً مُخَاصِمٌ لِلْخَلْقِ فِي غَيْرِ وَاجِبٍ وَ مَنْ خَاصَمَ الْخَلْقَ فِي غَيْرِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ فَقَدْ نَازَعَ الْخَالِقِيَّةَ وَ الرُّبُوبِيَّةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ" (الحج 8) وَ لَيْسَ أَحَدٌ أَشَدَّ عِقَاباً مِمَّنْ لَبِسَ قَمِيصَ الدَّعْوَى بِلَا حَقِيقَةٍ وَ لَا مَعْنًى قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لَا يَرَى اللَّهُ اسْمَكَ فِي دِيوَانِ الْقُرَّاءِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وَ سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ تَسْمَعُ فِيهِ بِاسْمِ الرَّجُلِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَلْقَاهُ وَ أَنْ تَلْقَاهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُجَرِّبَ وَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا وَ كُنْ حَيْثُ نُدِبْتَ إِلَيْهِ وَ أُمِرْتَ بِهِ وَ أَخْفِ سِرَّكَ مِنَ الْخَلْقِ مَا اسْتَطَعْتَ وَ اجْعَلْ طَاعَتَكَ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ رُوحِكَ مِنْ جَسَدِكَ وَ لْتَكُنْ مُعْتَبِراً حَالَكَ مَا تُحَقِّقُهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ بَارِئِكَ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ مُتَضَرِّعاً إِلَى اللَّهِ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَ أَطْرَافِ نَهَارِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (الاعراف 55)‌ وَ الِاعْتِدَاءُ مِنْ صِفَةِ قُرَّاءِ زَمَانِنَا هَذَا وَ عَلَامَتِهِمْ فَكُنْ لِلَّهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ عَلَى وَجَلٍ لِئَلَّا تَقَعَ فِي مَيْدَانِ التَّمَنِّي فَتَهْلِكَ‌.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/05/07



كتابة تعليق لموضوع : کتاب مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق والقرآن الكريم (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net