صفحة الكاتب : حامد كماش آل حسين

19. منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق»
حامد كماش آل حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقدمة:

لابد من الإشارة إننا في هذه المقالات ليس الغرض منها أضافة شيء جديد بخصوص المناقب والفضائل الخاصة بالإمام علي «عليه السلام» أو نأتي بقراءة جديدة لها، وإنما الغرض منها هو ذكر وتوضيح وأثبات تلك المناقب والفضائل ورفع بعض الشبهات عنها وكذلك رد من يحاول تفريغ تلك المناقب من خصوصيتها ومضمونها، وذلك بالاستعانة بمختلف المصادر والنقل عنها.

ومن المعلوم ان ألقاب وفضائل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بلغت من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم كل الجهود التي بذلت في ذلك.

-      قال الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد سُئل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)).(1)

-      وقال احمد بن حنبل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي)).(2)

ونتيجة لعدم إمكانية إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها الى الآخرين، حتى لا تكون خصوصية للإمام علي «عليه السلام»، وهذا دليل على أن كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ورغم كل هذه المحاولات بقي الإمام علي «عليه السلام» صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن:

1.   لقب «أمير المؤمنين».

2.   لقب «قائد الغر المحجلين».

3.   لقب «يعسوب الدين».

4.   لقب «أبو تراب».

5.   لقب «إمام المتقين».

6.   منقبة «وليد الكعبة».

7.   لقب ومنقبة وصفه بـــ«السيد».

8.   منقبة «قسيم الجنة والنار».

9.   منقبة «أول من أسلم».

10.         لقب «الصديق».

11.         لقب «الفاروق».

12.         لقب «سيف الله المسلول».

13.         لقب «ساقي الحوض».

14.         لقب «ذي النورين».

15.         لقب «باب مدينة العلم».

16.         لقب «صاحب بيعة الغدير».

17.         لقب «حامل لواء الحمد».

18.         منقبة «علي مع الحق والحق مع علي».

واليوم نتكلم عن منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق»:

تمهيد:

أن قول رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» بحق الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» أن «حبه إيمان وبغضه نفاق» هي من المناقب والفضائل التي اختص بها الإمام علي «عليه السلام» من دون جميع الصحابة.

وأنه استناداً الى هذا القول فانه بحب الإمام علي «عليه السلام» يتميز المؤمنين من المنافقين، وهذا ثابت بنص الأحاديث والروايات كما سيثبت.

ومن المعلوم إن المسلمين ابتلوا منذ العهد الأول للإسلام بفئة المنافقين وهم أخطر فئة تحدث عنها القرآن الكريم في مواضع شتى وكذلك نبي الإسلام.

ففي القرآن انزل الله سبحانه وتعالى سورة في كتابه المقدس وهي تتحدث عن أحوال المنافقين وعظم خطرهم على الإسلام، ومن هذا الباب كان المسلمون بحاجة الى المزيد من الوعي لكي يتعرفوا بشكل أوضح على مخاطر هذه الظاهرة الفتاكة في الإسلام فلم يدرِ في خلد أحدهم ان افراداً من الكفار سيتقمصون الشخصية الإسلامية وسيتخذون من الإسلام رداءاً يغطون به سوءاتهم فانزل الله سبحانه وتعالى آيات صدمتهم حقائقها لأنها كشفت عن قدرة المنافقين العجيبة على الخداع وعلى التلبس برداء الدين، فقال سبحانه وتعالى:

((وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم)).(3)

فقد وصلوا بالنفاق درجة اخفوا فيها حقيقة كفرهم وأخذوا يزعمون أنهم يدافعون عن الدين بينما هم يشوهونه بأفعالهم وتصرفاتهم التي لا تمت الى الإسلام بأية صلة، وبالتالي فإن معرفة هؤلاء المنافقين كما أنه أفاد الناس سابقاً فإنه سيفيد حالياً العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون الكثير عن دين الإسلام وينخدعون بوساوس المنافقين من أمثال داعش والنصرة والقاعدة وكل الجماعات التكفيرية السلفية التي أتخذت القرآن عظين وفهمت الإسلام بالمقلوب على أنه دين دماء وقتل وذبح مع ان كلمة الإسلام هي نفسها تدل على انه دين السلام.

طرق معرفة المنافقين:

من الأمور التي من خلالها يتم معرفة المنافقين وكشف حقيقتهم:

1.   قول الإمام علي «عليه السلام»: ((ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه)).(4)

ولو تمعنا في هذا القول نجد أنه يمكن من خلاله فحص الكلمات التي ينطقها الإنسان بدقة ونقوم بتمييزها وفرزها وحصرها لنصل فيما بعد الى نتائج موضوعية تقودنا الى معرفة دقيقة بشخصية الفرد الذي وقع عليه الاختبار الى درجة يمكن تمييز كذبه من صدقه، وذلك من خلال الكلمات التي ينطق بها ومطابقتها ببقية الكلمات، وكذلك الكلمات التي تخرج فلتة من لسانه وما يرافقها من الحركات التي تظهر على وجهه، فهذه المقولة تعطينا إشارة على:

((إن الإنسان مهما كان ذكياً مواظباً على ستر عقيدته لا يتمكن من إخفائها في الفترة التي يكون فيها الوعي غائباً والذهن خاملاً، وعند ذلك يبدو على صفحات وجهه وفلتات لسانه ما يكتمه ويخفيه في الأوعية)).(5)

2.   قول رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق»:

وهذه الطريقة تعتبر أكثر وضوحاً في معرفة الحق والباطل وتمييز المؤمنين من المنافقين وهي تتعلق بشخصية الامام علي «عليه السلام»، وذلك إنه وبحسب أحاديث رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: ((علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار))(6)، وهو الحديث الذي سبق وان تكلمنا عنه في المقالة رقم/18 فالإمام علي «عليه السلام» حسب هذا الحديث يكون هو الفاروق بين الحق والباطل وهو المعيار لاكتشاف حقيقة الأشياء والأشخاص، ومن يريد معرفة ذلك يستطيع بسهولة من خلال وضعهما في ميزان الامام علي «عليه السلام» عند ذلك سيكتشف حقيقة كل شيء، من يمثل الحق ومن يمثل الباطل.

وكذلك فإن حب الامام علي «عليه السلام» وبغضه هما مقياس لتمييز المنافق عن المؤمن فقد روي عن رسول اللَّه «صلى اللَّه عليه وآله وسلم»: ((لا يحب علياً منافق ولا يبغضه مؤمن)).(7)

لأن هذا الحب هو الضمانة الأكيدة للحفاظ على الإسلام من التزييف وتمييز المنافقين عن المؤمنين الحقيقيين وبالتالي حرمانهم من التلاعب بالدين.

وحديث المحبة هو حديث صحيح معروف في فضل الإمام علي «عليه السلام»، والحديث مروي بطرق وألفاظ مختلفة كلها تشير إلى حقيقة واحدة لا خلاف فيها وهي:

إن حب الإمام علي «عليه السلام» من علامات الايمان وليس أحد ممن آمن بالله تعالى ورسوله «صلى الله عليه وآله وسلم» إلا ويود التحلي بصفات الايمان والتي من أهم مصاديقها مودة من أمر الله تعالى بمودته ومحبة من يحبه الله ورسوله «صلى الله عليه وآله وسلم» وهو الإمام علي «عليه السلام»، وأن بغضه من علامات النفاق ولا يبغضه إلاّ منافق كما هو صريح الحديث المتقدم والأحاديث والروايات اللاحقة.

معنى الحديث:

لمعرفة معنى الحديث لابد لنا من المرور على مفردات الحديث ومعرفة معانيها ومفاهيمها لكي نتمكن بالتالي من الإحاطة بمعنى الحديث. 

أولاً: مفهوم المحبة

-      المعنى اللغوي:

المَحَبَّةُ: الحُبُّ، وأصل المحبة مأخوذ من حبب التي هي بمعنى اللزوم والثبات، ومنه يقال: أحبه حبا ومحبة إذا لزمه.(8)

والحب: نقيض البغض. والحب: الوداد والمحبة.(9)

والحب: المحبة، وكذلك الحب بالكسر.(10)

وأصلُ هذه المادَّةِ يَدُلُّ على اللُّزومِ والثَّباتِ، واشتقاقُه من أحبَّه: إذا لَزِمه، تقولُ: أحبَبتُ الشَّيءَ فأنا مُحِبٌّ، وهو مُحَبٌّ.(11)

-      المعنى الاصطلاحي:

المَحَبَّةُ: الميلُ إلى الشَّيءِ السَّارِّ.(12)    

قال الراغب: المحبة: ميل النفس إلى ما تراه وتظنه خيراً.(13)

وقال الكفوي: الحب: هو عبارة عن ميل الطبع في الشيء الملذ.(14)

فتكون العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي علاقة اللازم بالملزوم، فالمحبة انفعال نفسي يلزم منه ويعقبه الميل والانجذاب إلى المحبوب.(15)

ثانياً: مفهوم الإيمان:

-      المعنى اللغوي:

الإيمان مصدر الفعل الرباعي آمن وأصله أأمن، وأعلت الهمزة الثانية بالقلب ألفاً، لكونها ساكنة والتي قبلها متحركة بالفتح، وهو أصل يدل على معنيين:

-      الأول: إعطاء الأمن والأمان والطمأنينة، الذي هو ضد الخوف، وآمنته ضد أخفته.

-      الثاني: التصديق الذي هو ضد التكذيب.

وإذا قال العبد: آمنت بالله تعالى رباً، أي: صدقت به، واطمأننت لأمره.

فالإيمان في اللغة يراد به معنيان، يظهر معناهما بحسب السياق وهما: الأمن وضده الخوف، والتصديق وضده التكذيب، والمعنيان متداخلان.(16)

-      المعنى الاصطلاحي:

الإيمان: «التصديق الجازم، والاعتراف التام بجميع ما أخبر الله ورسوله عنه في القرآن والسنة، وأمر بالإيمان به، والانقياد له ظاهراً وباطناً».(17)

فهو قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية،(18) «ويشمل عقائد الإيمان، وأخلاقه، وأعماله».(19)

وهو تصديق القلب واعتقاده، المتضمن لأعمال القلوب، وأعمال البدن، وذلك شامل للقيام بالدين كله؛ ولهذا كان الأئمة والسلف يقولون: الإيمان قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح.(20)

ثالثاً: مفهوم البغض:

-      المعنى اللغوي:

البُغْضُ: ضِدُّ الحُبِّ، والشَّيءُ مبغوضٌ وبَغيضٌ، وبَغُضَ الشَّيءُ بَغاضةً، فهو بغيضٌ، وأبغَضْته إبغاضاً، فهو مُبغَضٌ، والاسمُ البُغْضُ، وبَغَّضه اللَّهُ تعالى للنَّاسِ فأبغَضوه، والبِغْضةُ والبَغْضاءُ: شِدَّةُ البُغْضِ، وتباغَضَ القومُ: أبغَض بعضُهم بعضًا.(21)

-      المعنى الاصطِلاحي:

كلمة «البُغض» مصدر من مادة «ب غ ض» في مقابل «الحُبّ» ، وهو في الاصطلاح ، النفور من الشيء المؤذي والمخالف للطبع، وإن ازداد شدة يسمّى «البغضاء» و«البغضة»، أو «المقت».

يقول ابن فارس في هذا المجال :

الباءُ وَالغَينُ وَالضّادُ أصلٌ واحِدٌ ، وهُوَ يَدُلُّ عَلى خِلافِ الحُبِّ.(22)

كما ذكر الخليل بن أحمد الفراهيدي قائلاً :

البِغضَةُ وَالبَغضاءُ : شِدَّةُ البُغضِ.(23)

قال المُناويُّ: (البُغْضُ هو نفورُ النَّفسِ عن الشَّيءِ الذي يُرغَبُ عنه).(24)

وقال الكَفَويُّ: (البُغْض: عبارةٌ عن نُفرةِ الطَّبعِ عن المؤلِمِ المُتعِبِ).(25)

وكتب الراغب الإصفهاني في معنى «البغض» قائلاً:

البُغضُ: نِفارُ النَّفسِ عَنِ الشَّيءِ الَّذي تَرغَبُ عَنهُ ، وهُوَ ضِدُّ الحُبِّ ، فَإِنَّ الحُبَّ انجِذابُ النَّفسِ إلَى الشَّيءِ الَّذي تَرغَبُ فيهِ.(26)

كما يقول مبيناً معنى «المقت»:

المَقتُ: البُغضُ الشَّديدُ لِمَن تَراهُ تَعاطَى القَبيحَ.(27)

جدير ذكره أنّ «البغض» أمر نفسي سواء برز وظهر ، أم لم يبرز ولم يظهر ، خلافاً لمفهوم العداوة والخصومة ، حيث إن القيام بالعمل العدائي جزء من معناها ، وبناءً على ذلك فإنّ العلاقة بين هذين المفهومين هي العلاقة بين الأعمّ

والأخصّ ؛ أي إنّ كلّ عداوةٍ ناجمةٌ عن البغض ، ولكن كلّ بغض لا يستوجب العداوة.(28)

رابعاً: مفهوم النفاق:

-      المعنى اللغوي:

تعني لفظة النفاق: إخفاء الكفر وإظهار الإيمان. جاء استعمال النفاق بهذا المعنى لأوّل مرة في القرآن، حيث إنّ العرب قبل الإسلام لم يستخدموه بهذا المعنى. كتب ابن الأثير ما يلي: وهو اسم لم يعرفه العرب بالمعنى المخصوص، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه.(29)

واصل لفظة النفاق يحتمل فيها أربعة جذور لغوية لهذا المعنى الخاص بالنفاق:

-      الاحتمال الاوّل:

اُخِذَ من مادّة (نَفَق)، بمعنى ذهب وهلك. (نفقت الدابة) تعني انعدام وهلاك الحيوان.

إنّ تناسب هذا المعنى مع النفاق يتأتّى من حيث إنّ المنافق ولأجل نفاقه هو بمنزلة الميت الذي يهلك.

-      الاحتمال الثاني:

وهو الذي قد اُخِذَ من معنی (نفقت السلعة إذا راجت وكثر طلابها)، فتستعمل كلمة نفق. وعلى هذا الأساس، فأنّ العلاقة بين الأصل اللغوي وبين المفهوم الاصطلاحي للنفاق هي أن المنافق يروّج في الظاهر للإسلام.

-      الاحتمال الثالث:

إنّ لفظة (نفق) تكون قد اُخِذَت من معنى النفق تحت الأرض. (النفق سرب في الأرض له مخلص إلى مكان).

-      الاحتمال الرابع:

هو الذي اُخِذ من مادّة (النافقاء). ففأرة الصحراء تعدّ لِجُحرها طريقين: واحد في العلن، يسمى (القاصعاء)، والآخر كان يعدّ مخفياً يسمّى (النافقاء)، ففي أثناء إحساسها بالخطر تسلك طريق القاصعاء، وتهرب من طريق النافقاء.

وبناءً على هذا الاحتمال في جذر لفظة النفاق، فالمنافق على صلة دائمة بطريقين للخروج، ولا ترسخ قدمه فى الإيمان ولا يثبت هو عليه، مع أنّ طريقه الحقيقي هو الكفر، لكنّه بإعلانه الإسلام يدفع الخطر عن نفسه.

كِلا الاحتمالين الأولَين – يعني اشتقاق النفاق من نفق التي هي بمعنى الهلاك أو الترويج – لا يصادق عليهما اللغويون، ولذا يجب أن يُصرف النظر عنهما. أمّا ما يتعلق بأيّ الاحتمالين من الثالث والرابع يمثّل الجذر الأصلي، فسيكون بحاجة إلى مناقشة أكثر.

من خلال كل احتمالات هذه النقطة، يتضح وبشكل قطعي وجود عنصرين في معنى (النفاق): عنصر ذو الوجهين، وعنصر التستر.

يقول ابن منظور:

النفاق بالكسر فعل المنافق والنفاق الدخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر مشتق من نافقاء اليربوع، وقد نافق منافقةً ونفاقاً، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه وإن كان أصله في اللغة معروفاً، يقال: نافق ينافق منافقة ونفاقاً، وهو مأخوذ من النافقاء لا من النفق وهو السرب الذي يستتر فيه لستره كفره.(30)

-      المعنى الاصطلاحي:

النفاق في الاصطلاح الشرعي: هو إظهار القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد.(31)

يقول الجرجاني رحمه الله في تعريف النفاق: هو إظهار الإيمان باللسان وكتمان الكفر بالقلب.(32)

إذن فالمنافق في الشرع هو الذي يظهر غير ما يبطن. فإن كان الذي يخفيه التكذيب بأصول الإيمان فهو المنافق الخالص، وإن كان الذي يخفيه غير الكفر بالله وكتابه ورسوله، وإنما هو شيء من المعصية لله، فهو الذي فيه شعبة أو أكثر من شعب النفاق.

الاحاديث:

1.   ((... عن المساور الحميري عن امه، قالت: دخلت على أم سلمة، فسمعتها تقول: كان رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يقول: لا يحب علياً منافق ولا يبغضه مؤمن)).(33)

2.   ((... عن أبي ذر، قال: «سمعت رسول الله «صلّى الله عليه وآله وسلم» يقول لعلي: ان الله أخذ ميثاق المؤمنين على حبك، واخذ ميثاق المنافقين على بغضك، ولو ضربت خيشوم المؤمن ما ابغضك، ولو نثرت الدنانير على المنافق ما أحبك، يا علي لا يحبك الاّ مؤمن ولا يبغضك الاّ منافق»)).(34)

3.   ((... عن زر بن حبيش عن علي «عليه السلام» قال: عهد اليّ رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» أن لا يحبني الاّ مؤمن ولا يبغضني الاَّ منافق)).(35)

4.   ((... روي عن الإمام علي «عليه السلام» قال: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الاَكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» أنه قال: يا علي، لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق)).(36)

5.   ((... عن أبي ذر: ما كنا نعرف المنافقين الا بتكذيبهم الله ورسوله «صلى الله عليه وآله وسلم» والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله).)(37)

6.   ((... روى مسلم في الصحيح، ان علياً «عليه السلام» قال: والذي فلق الحبة، وبرء النسمة انه لعهد النبي الأمي إلي انه لا يحبني الاّ مؤمن ولا يبغضني الاّ منافق)).(38)

7.   ((... كان أبو الدرداء يقول: «ما كنا نعرف المنافقين معشر الأنصار، الاَّ ببغضهم علي بن أبي طالب)).(39)

8.   ((... عن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم»: (من لم يعرف حق عترتي من الأنصار والعرب فهو لإحدى الثلاث: إما منافق، وإما ولد زنية، وإما امرء حملت به أمه في غير طهر)).(40)

خصائص حب الإمام علي وأهل البيت «عليهم السلام»:

1.   أنه علامة على طيب الولادة:

-      روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» في علي «عليه السلام»: ((يا أيها الناس، امتحنوا أولادكم بحبه، فإن علياً لا يدعو إلى ضلالة ولا يبعد عن هدى، فمن أحبه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم)).(41)

-      روي عن الإمام علي «عليه السلام» قال: ((قال النبي «صلى الله عليه وآله وسلم»: يا أبا ذر، من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم.

قال: يا رسول الله، وما أول النعم ؟

قال: طيب الولادة، إنه لا يحبنا إلا من طاب مولده)).(42)

-      روي عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لا يحبني كافر ولا ولد زنا)).(43)

-      روى ابن الجزري بأسناده عن عبادة بن الصامت، قال: ((«كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب، فإذا رأينا احدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا انه ليس منا وانه لغير رشده»، قوله لغير رشده: «وهو بكسر الراء واسكان الشين المعجمة» اي ولد زنا، وهذا مشهور من قديم والى اليوم انه ما يبغض علياً «عليه السلام» إلا ولد الزنا.

«وروينا» ذلك أيضاً عن أبي سعيد الخدري ولفظه: «كنا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبّهم علياً «عليه السلام» فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا انّه ليس منا.

قوله: نُبور، بالنون والباء الموحدة وبالراء، اي نختبر ونمتحن)).(44)

شاهد:

ذكر عيسى بن أبي دلف أن أخاه دلف وبه كان يكنى أبوه «أبا دلف»، كان ينتقص علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ويضع منه ومن شيعته، وينسبهم إلى الجهل، وأنه قال يوماً وهو في مجلس أبيه، ولم يكن أبوه حاضراً:

إنهم يزعمون أنه لا ينتقص علياً أحد إلا كان لغير رشدة، وأنتم تعلمون غيرة الأمير - يعني أباه- وأنه لا يتهيأ الطعن على أحد من حرمه، وأنا ابغض علياً!

قال: فما كان بأوشك من أن خرج أبو دلف، فلما رأيناه قمنا له.

فقال: قد سمعت ما قاله دلف، والحديث لا يكذب، والخبر الوارد في هذا المعنى لا يختلف، هو والله لزنية وحيضة، وذلك أني كنت عليلاً فبعثت إلي اختي جارية لها كنت بها معجباً، فلم أتمالك أن وقعت عليها وكانت حائضاً فعلقت به، فلما ظهر حملها وهبتها لي.

فبلغ من عداوة دلف هذا لأبيه ونصبه ومخالفته له لأن الغالب على أبيه التشيع والميل إلى علي أن شنع عليه بعد وفاته.(45)

2.   علامة حبهم طهارة القلب:

-      روي عن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: ((لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر)).(46)

-      روي عن الإمام الصادق «عليه السلام»: ((لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة، فاستظل بظلنا ورافقنا في منازلنا، والله والله، لا يحبنا عبد حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر قلبه حتى يسلم لنا، وإذا سلم لنا سلمه الله من سوء الحساب يوم القيامة، وأمن من الفزع الأكبر، إنما يغتبط أهل هذا الأمر إذا انتهت نفس أحدهم إلى هذه وأومأ بيده إلى حلقه)).(47)

3.   حبهم شرط التوحيد:

-      روي عن الإمام علي «عليه السلام»: ((إن لـ«لا إله إلا الله» شروطاً، وإني وذريتي من شروطها)).(48)

-      روى إسحاق بن راهويه: لما وافى أبو الحسن الرضا «عليه السلام» بنيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا أبن رسول الله، ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك، وكان قد قعد في العمارية، فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جل جلاله يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي، قال: فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها.(49)

4.   ان حبهم آية الإيمان:

-      روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: ((من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا كافر أو منافق)).(50)

-      روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: ((لا يتم الإيمان إلا بمحبتنا أهل البيت)).(51)

-      روي عن ام سلمة، قالت: ((سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يقول لعلي «عليه السلام»: لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق)).(52)

5.   ان حبهم أول ما يسأل عنه يوم القيامة:

-      روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: ((أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت)).(53)

-      روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه، وعن حبنا أهل البيت)).(54)

-      روى أبو برزة: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ((لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربعة: عن جسده فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حب أهل البيت، فقيل: يا رسول الله، فما علامة حبكم ؟ فضرب «صلى الله عليه وآله وسلم» بيده على منكب علي)).(55)

صفات مبغضي الإمام علي «عليه السلام»:

اولاً: البغض علامة خبث الولادة:

1.   قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» للإمام علي «عليه السلام»: ((لا يبغضك من العرب إلا دَعِيّ (56)، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من سائر الناس إلا شقي)).(57)

2.   قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» للإمام علي «عليه السلام»: ((يا عليّ، لا يبغضك من قريش إلا سِفاحِيّ، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعيّ، ولا من سائر الناس إلاّ شقيّ)). (58)

3.   قال الإمام علي «عليه السلام»: ((لا يحبني ثلاثة، ولد زنا، ومنافق، ورجل حملت به أُمّه في بعض حيضها)).(59)

4.   عن محبوب بن أبي الزناد: ((قالت الأنصار: إن كنا لنعرف الرجل إلى غير أبيه ببغضه عليَّ بن أبي طالب)).(60)

5.   عن عبادة بن الصامت: ((كنا نبُور أولادنا بحب علي بن أبي طالب، فإذا رأينا أحداً لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا، وأنه لغير رشدة)).(61)

ثانياً: البغض علامة النفاق:

6.   عن الحارث الهمْداني: ((رأيت علياً جاء حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قضاءٌ قضاه الله على لسان نبيكم «صلى الله عليه وآله» النبي الأُمي أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق «وَقَدْ خَاب مَنِ افْتَرَى»(62) )).(63)

7.   عن أبي سعيد الخدري: ((إنا كنا لنعرف المنافقين – نحن معشر الأنصار – ببغضهم عليّ بن أبي طالب)).(64)

8.   عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى «وَلَتَعْرِفَنَّهُم في لَحْنِ الْقَوْلِ»(65)، قال: ((بغضهم(66) عليّ بن أبي طالب)).(67)

9.   عن أبي ذر: ((ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»)).(68)

10.         عن جابر بن عبدالله الأنصاري:  ((كنا نعرف نفاق الرجل منا ببغضه علياً)).(69)

11.         عن ابن مسعود: ((ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا ببغضهم علي بن أبي طالب)).(70)

ثالثاً: البغض علامة الفسق:

12.         قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ((لا يبغض علياً إلاّ منافق أو فاسق أو صاحب دنيا)).(71)

13.         في تاريخ دمشق عن ميثم: ((شهدت علي بن أبي طالب «وهو يجود بنفسه(72)»، يقول: يا حسن، قال الحسن: لبيك يا أبتاه، قال: إن الله أخذ ميثاق أبيك «ربما قال عطاء: ميثاقي» وميثاق كل مؤمن على بغض كل منافق وفاسق، وأخذ ميثاق كل فاسق ومنافق على بغض أبيك)).(73)

رابعاً: البغض علامة الشقاء:

14.         قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: ((إن السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك، وإن الشقي كل الشقي من عاداك وأبغضك ونصب لك)).(74)

15.         قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ((الحق مع علي وعلي مع الحق، من أطاع علياً رشد، ومن عصى علياً فسد، ومن أحبه سعد، ومن أبغضه شقي)).(75)

من هم مبغضي الإمام علي «عليه السلام»:

لا يسعنا ذكر مبغضي الإمام علي «عليه السلام» لأن المقال سيكون طويلاً اكثر من اللازم ولكن نذكر هنا اعترافات بعض علماء السنة لتعطي لنا فكرة عن المبغضين في عصر الإمام وبعده:

1.   قال أبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:

((«فصل في ذكر المنحرفين عن علي»: وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن علي «عليه السلام»، قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلاً مع الدنيا، وإيثاراً للعاجلة، منهم ....)).(76)

2.   قال ابن تيمية في كتابه منهاج السنة:

((الرابع: أن الله قد أخبر أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ودّاً، وهذا وعد منه صادقٌ، ومعلوم أن الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم، لا سيما الخلفاء - رضي الله عنهم -، لا سيما أبو بكر وعمر فإن عامَّة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما، وكانوا خير القرون. ولم يكن كذلك علي، فإن كثيراً من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه)).(77)   

وهذه الاعترافات وغيرها والتي لم نذكرها روماً للاختصار تدل دلالة واضحة على عدم صحة قاعدة عدالة الصحابة جميعاً التي يقول بها أهل السنة والجماعة لأنه قد عرفنا مما تقدم وبنص الأحاديث الصحيحة ان مبغض الإمام علي «عليه السلام» منافق والمنافق تسقط عدالته.

وقد ثبت:

-      ان حكام السقيفة وحزبهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      ان عائشة وطلحة والزبير قادة معركة الجمل وحزبهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      ان معاوية بن أبي سفيان وبني أمية وحزبهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      ان الخوارج وحزبهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      ان بني العباس وحزبهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      ان العثمانيين وحزبهم ومن يسير في ركابهم كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام».

-      الكثير من علماء السنة والجماعة كانوا يبغضون الإمام علي «عليه السلام» وابنائه واحفاده وشيعتهم ومواليهم ويكفي في مراجعة كتبهم لتعرف الحقيقة.

-      وفي العصر الحديث تقف الوهابية وبناتها داعش والنصرة والقاعدة وكل الجماعات التكفيرية السلفية في صف مبغضي الإمام علي «عليه السلام».

واستمر جميع هؤلاء ببغضهم للإمام علي «عليه السلام» وابنائه وأحفاده وشيعتهم على طول خط التاريخ فكان النفاق شعارهم وطمس معالم الدين غايتهم وحب الدنيا هدفهم ... وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون.

ظاهرة الإفراط والتفريط في الحب والبغض:

هناك من الناس من يذهب به حبه إلى درجة الإفراط، لعدم اتزانه وتقيده وانقياده للعقل، فيصل به إلى درجة الغلو واعطاء العبد صفات إلهية، أو نسبة الألوهية إليه أو الربوبية، مما يعتبر كفراً وشركاً.

والبعض الآخر بسبب الإفراط أيضاً، وعدم التزامه بقواعد وموازين واقعية وصادقة وبعيدة عن الأهواء الشخصية، والنوازع القبلية أو العرفية أو غيرها، يصل به البغض إلى حدٍّ يعادي أولياء اللَّه ويقاتلهم ويبعد الناس عنهم.

وكلا هذين الشخصين من أهل الباطل وهما من الهالكين كما عبر عن ذلك الإمام علي «عليه السلام» بقوله:

-      ((هلك فيّ رجلان: محب غالٍ، ومبغض قال)).(78)

-      ((سيهلك فيّ صنفان: محب مفرط، يذهب به الحب إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس فيّ حالاً النمط الأوسط فالزموه)).(79)

-      ((يهلك فيّ رجلان: محب مفرط وباهت مفتر)).(80)

وهذا يعني أن الإمام علي «عليه السلام» قد كرر هذا القول أكثر من مرة بهدف تحذير الناس من ذلك، وأن المراد من:

الغلو هنا: تجاوز الحد في الحب إلى حد ادعاء ما لا يصح ادعاؤه فيه، كادعاء حلول اللاهوت فيه، أو نحو ذلك ...

والمراد بالقالي: الممعن في الجفاء، والمتباعد في بغضه إلى حد نصب العداء ...

وقد كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يخشى من ذلك فقد روي عنه قوله:

((والله، لولا أني أشفق أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم، لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بأحد من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة)).(81)

وقد بين هذا الحديث بعض مظاهر الغلو في الإمام علي «عليه السلام»، وهو أن يقال فيه ما قالت النصارى في عيسى، وقد قالوا فيه ذلك بالفعل، حتى ألّهوه، ولم يتراجعوا عن هذه المقالة حتى أحرقوا بالنار .. ولا يزال في الناس، من يغلو فيه إلى يومنا هذا..

وملخص القول:

بين إفراطٍ وهو «فعل ما يجب تركه» وتفريطٍ وهو «ترك ما يجب فعله»، هناك رتبة وسطى تمثل نقطة توازن مطلوبة يتحتم على الفرد المسلم في تحصيله للنجاة ان يكون في حيز حماها اعتقاداً وعملاً هي «المنزلة الوسطى» وأن الوسطية في الأمور منهجية عقلائية، جرت عليها سيرة العقلاء.

أسباب بغض الإمام علي «عليه السلام»:

أولاً: الأحقاد على رسول الله:

-    قال الإمام علي «عليه السلام»: ((كل حقد حقدته قريش على رسول الله «صلى الله عليه وآله» أظهَرَتْه فيَّ، وستُظهره في ولدي من بعدي، مالي ولقريش، إنما وَتَرْتُهم (82) بأمر الله وأمر رسوله، أفهذا جزاء من أطاع الله ورسوله إن كانوا مسلمين)).(83)

-    قال الإمام علي «عليه السلام»: ((اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم أضمَروا لرسولك «صلى الله عليه وآله» ضروباً من الشرّ والغدر، فعجزوا عنها وحُلتَ بينهم وبينها، فكانت الوجبة (84) بي، والدائرة (85) عليَّ، اللهم احفظ حسناً وحسيناً ولا تمكن فجرة قريش منهما ما دمتُ حياً، فإذا توفيتني فأنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد)).(86)

-    عن ابن طاووس عن أبيه: ((قلت لعلي بن حسين بن علي: ما بال قريش لا تحب عليّاً ؟ فقال: لأنه أورد أولهم النار، وألزم آخرهم العار)).(87)

-    عن ابن عباس: ((قال عثمان لعلي: ما ذنبي إن لم تحبك قريش وقد قتلت منهم سبعين رجلاً، كأن وجوههم سيوف الذهب)).(88)

قال أبن أبي الحديد:

((إن قريشاً كلها كانت تبغضه أشد البغض، ولو عَمر عِمر نوح، وتوصل إلى الخلافة بجميع أنواع التوصل، كالزهد فيها تارة، والمناشدة بفضائله تارة، وبما فعله في ابتداء الأمر من إخراج زوجته وأطفاله ليلاً إلى بيوت الأنصار، وبما اعتمده إذ ذاك من تخلفه في بيته وإظهار أنه قد انعكف على جمع القرآن، وبسائر أنواع الحيل فيها، لم تحصل له إلا بتجريد السيف كما فعل في آخر الأمر ولست ألوم العرب، لا سيما قريشاً في بغضها له، وانحرافها عنه، فإنه وترها، وسفك دماءها، وكشف القناع في منابذتها، ونفوس العرب وأكبادها كما تعلم.

وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد في النفوس، كما نشاهده اليوم عياناً، والناس كالناس الأُول، والطبائع واحدة، فاحسب أنك كنت من سنتين أو ثلاث جاهلياً أو من بعض الروم، وقد قتل واحد من المسلمين ابنك أو أخاك، ثم أسلمت، أكان إسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه، كلا، إن ذلك لغير ذاهب، هذا إذا كان الإسلام صحيحاً، والعقيدة محققة، لا كإسلام كثير من العرب، فبعضهم تقليداً، وبعضهم للطمع والكسب، وبعضهم خوفاً من السيف، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه.

واعلم أن كل دم أراقه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بسيف علي «عليه السلام» وبسيف غيره، فإن العرب بعد وفاته «عليه السلام» عَصَبت (89) تلك الدماء بعلي بن أبي طالب «عليه السلام» وحده لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسّتهم وعادتهم أن يُعصَب به تلك الدماء إلا بعلي وحده، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته، طالبت بها أمثل الناس من أهله ...)).(90)

ثانياً: الحسد:

-    جاء في تفسير قوله تعالى «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا أَتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ»(91) أنّها أُنزلت في علي «عليه السلام» وما خص به من العلم.(92)

-    قال الإمام علي «عليه السلام»: ((ما لنا ولقريش، وما تنكر منا قريش غير أنا أهل بيت شيد الله بنيانهم ببنياننا، وأعلى الله فوق رؤوسهم رؤوسَنا، واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله أن اختارنا عليهم وسخطوا ما رضي الله وأحبوا ما كره الله، فلما اختارنا الله عليهم شركناهم في حريمنا، وعرفناهم الكتاب والنبوة، وعلمناهم الفرض والدين، وحفظناهم الصحف والزُّبُر، وديّنّاهم الدين والإسلام، فوثبوا علينا، وجحدوا فضلنا، ومنعونا حقنا، وألَتونا(93) أسباب أعمالنا وأعلامنا، اللهم فإني أستعديك (94) على قريش، فخذ لي بحقي منها، ولا تدع مظلمتي لديها، وطالبهم يا رب بحقي، فإنك الحكم العدل)).(95)

-    عن ابن عبّاس، من كلامه لعثمان: ((فأما صرف قومنا عنا الأمر، فعن حسد قد والله عرفته، وبغي قد والله علمته، فالله بيننا وبين قومنا)).(96)

ثالثاً: الجهالة:

-    قال الإمام علي «عليه السلام» من كتاب له إلى عقيل: ((ألا وإن العرب قد اجتمعت على حرب أخيك اليوم اجتماعها على حرب النبي «صلى الله عليه وآله» قبل اليوم، فأصبحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله)).(97)

-    في وقائع معركة النهروان: ((صاح ذو الثُّدَيّة حرقوص، وقال: والله يا بن أبي طالب، ما نريد بقتالنا إياك إلا وجه الله والدار الآخرة.

قال: فقال عليّ «عليه السلام»: هل أُنبئكم بالأخسرين أعمالاً «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً»(98) منهم أهل النهروان ورب الكعبة)).(99)

كلمة مهمة:

لقد عرفنا من خلال الأحاديث والروايات السابقة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق» ونستفاد من ذلك إنه من كان مؤمناً بالإمام علي «عليه السلام» فهذا من دلائل الايمان الحقيقي بالله وذلك لأننا عرفنا الله سبحانه وتعالى برسول الله «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته «عليه السلام»، أما بغض الإمام علي «عليه السلام» فهو نفاق لذلك يعتبر الإمام علي «عليه السلام» الميزان والمميز بين المؤمنين والمنافقين.

وهنا ننقل كلمة مهمة للشيخ محمد كوزل الآمدي في كتابه علي ميزان الحق، قال:

((... فلو أطعنا الله ورسوله وجعلنا هذا الحديث ميزاناً لأنفسنا، كما جعله الله تعالى على لسان نبيه «صلى الله عليه وآله»، وطبقه المخلصون من أصحابه فسنستطيع أن نصل إلى هدفنا الحقيقي على ضوئه، فليفحص طالب الحقيقة في مطاوي التاريخ عن الذين كانوا مبغضين لعلي «عليه السلام»، فيحذر منهم ويترك سنتهم وسيرتهم، ويطرح ما ورد عنهم، لأن الله عز وجل قضى بأن هؤلاء من المنافقين، وليتتبع في ثنايا التاريخ الذين كانوا محبين لعلي «عليه السلام»، فيقتدي بِهم ويتبع سبيلهم ويعتمد عليهم ويثق بما روي عنهم، لأن الله تعالى حكم على لسان نبيه «صلى الله عليه وآله» أن هؤلاء هم المؤمنون، وقال في كتابه الكريم: « ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً»(100)، فلو سلك طالب الحقيقة هذا السبيل لفهم أن جميع ما رُوي عن النبي «صلى الله عليه وآله» مما أدخل المسلمين في اللبس والحيرة كان من افترءات واختراعات تلك الطائفة التي أَمرنا الله أن نحذرهم على ديننا، ومع الأسف قد شحن أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد أسفارهم من روايات هؤلاء.

-      ثم إن أوحى إليك شياطين الإنس أو الجن: أن بعض مبغضي علي «عليه السلام» كانوا جاهلين: فقل: إن الله لم يستثن حالة الجهل عن الحكم، بل حكم بنفاقهم على الإطلاق  سواء كانوا عالمين أو جاهلين، هذا لو سُلِّم جهلهم، ولكنك إذا تابعت الوقائع التاريخية بدقة ستجد أن الأكثرية من أعدائه كانوا عالمين بحقيقة الأمر، وستعلم أن جهل الأقلية منهم ما كان عن قصور.

-      وإن وسوس في صدرك الشياطين: بأن بغضهم له «عليه السلام» كان عن اجتهاد: فأجبهم قائلاً: نحن نقبل الاجتهاد إذا كان وفق النصوص الشرعية وكان المراد به الوصول إلى الحقائق الدينية، وأما إذا كان اجتهاداً في مقابل النصوص ولهدف الوصول إلى الدنيا والرئاسة أو التقرب إلى السلاطين فليس باجتهاد، بل هو عين النفاق والإلحاد.

-      فإن قيل: قد رُوي في حق بعض آخر من الصحابة مثل ما أَوردت في حق علي «عليه السلام»، فهذا الميزان غير مختص به، نعم، قد وردت أخبار في حق بعض آخر من الصحابة، إلا أننا قد أشرنا إلى أن الأُمة لم تتفق على ثبوت تلك الأخبار، كما اتفقت على ثبوت ما ورد في حق علي «عليه السلام»، وأن الشيعة يدعون أن هذه الأخبار أموية الأصل، اخترعوها على ألسنة مرتزقتهم للغض من تأثير ما ورد في حق علي «عليه السلام»، فتخطر في ذهن المرء هذه الشبهة عند الوقوف على فضائل علي «عليه السلام».

وهناك صنفين آخرين من المنافقين، نستطيع أن نطلع على واقعهم وأحوالهم بمراعاة هذا الميزان أيضاً:

-      الصنف الأول:

الحشد الهائل من المنافقين الذين يتسللون إلى صفوف المسلمين، فيجيئون من أماكن مجهولة ويزعمون أنهم هاجروا من البلدة الفلانية ويتظاهرون بأنهم منتحلون لنحلة الإسلام، وبعد مضي السنوات والقرون ونسيان المسلمين لنسبهم وهويتهم المجهولة يقومون بالانتساب إلى قومية من قوميات المسلمين أو عشيرة من عشائرهم من دون أن يعلم أبناء تلك القومية أو العشيرة بواقع الأمر، وبعد الاستقرار يشرعون في عملية هدم الإسلام من الداخل، ويؤيدون كل صيحة أو عمل أو حركة مخالفة للإسلام ويتجسسون لصالح أعداء الدين، وأحياناً يصل البعض منهم في العلوم الدينية إلى درجة أن يطلق عليهم عنوان «الشيخ» أو «العلامة» أو «الملا» أو «الأستاذ» أو ما شاكل ذلك وينخدع المسلمون بأصحاب هذه العناوين أكثر من غيرهم فيحسبونهم من علماء الإسلام ولا يعلمون بأنهم هم الأعداء الواقعيون له.

-      الصنف الثاني:

بعض علماء الدين من أبناء هذه الأمة الذين صاروا مصاديق واقعية: لقول النبي «صلى الله عليه وآله»: «من ازداد علماً ولم يزدد في الدنيا زهداً لم يزدد من الله إلاّ بعداً»، ولقولـه «صلى الله عليه وآله»: «ما ازداد أحد من السلطان قرباً إلاّ ازداد من الله بعداً»(101)، والذين أنبت حب الجاه والمال في قلوبهم النفاقَ «كما ينبت المطر البقل» من دون أن يشعروا بذلك.

ولكن معرفة هذين الصنفين شاقة وصعبة جداً وذلك لأنهم لا يظهرون بغضهم وعداوتهم لعلي «عليه السلام» مباشرة بل يدعون محـبته إلا أننا نستطيع أن نعرفهم بمعرفة أسلوبهم الخاص لعداوة علي «عليه السلام» وهو أنهم يقدمون على ذلك بالتشكيك والتأويل في فضائله وإلقاء التّهم على راويها)).(102)

شبهات وردود:

نص الشبهة:

قال الذهبيّ بعد روايته للحديث من طريق شعبة:

((فمعناه أن حب علي من الإيمان، وبغضه من النفاق، فالإيمان ذو شعب، وكذلك النفاق يتشعب، فلا يقول عاقل: إن مجرد حبه يصير الرجل به مؤمناً مطلقاً، ولا بمجرد بغضه يصير به الموحد منافقاً خالصاً، فمن أحبه وأبغض أبا بكر كان في منزلة من أبغضه وأحب أبا بكر، فبغضهما ضلال ونفاق، وحبهما هدى وإيمان)).(103)

الجواب:

يقول الشيخ محمد الآمدي عند رده على كلام الذهبي:

هكذا يريد الذهبي أن ينتقص درجة الحديث، فيقيد إطلاق كلام النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» من قبل نفسه من دون أن يكون هناك مقيد لا من الكتاب ولا من السنة.

نعم لابد وأن يفعل الذهبي ذلك لأن الحديث بإطلاقه شامل لكل من كان يبغض عليّاً، ويتظاهر أنه من أهل التوحيد، من دون أن يعلم أن الله عز وجل علق حقيقة التوحيد بحب بعض أوليائه بصورة مطلقة، ومن دون أن يعرف أن المرء لا يحصل على الحب الحقيقي إلاّ باتباع النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» والسير على نهج عترته «عليهم السلام»، وأما المقارنة اّتي اصطنعها الذهبي من عنده فهي علامة شدة تحسره على عدم ورود الحديث في فضل أبي بكر كوروده في فضل علي «عليه السلام» فحاول إشراك أبي بكر في تلك الفضيلة بالرغم من عدم وجود دليل على ذلك، نعم قد قوبل هذا الحديث - كجميع ما ورد في فضل عليّ «عليه السلام» - بالمثل حيث روى والخطيب وابن عساكر عن جابر: «لا يحب أبا بكر وعمر إلاّ مؤمن، ولا يبغضهما إلا منافق».(104)

إلا أن الظاهر من الذهبي أنه يستحي من أن يقابل ذلك الحديث القوي في الإسناد والمشهور بين أئمة الحديث بهذه الرواية التي لم يحكم بصحتها أو حسنها أحد من الثقات، ولم ترد في كتاب معتبر، مع أن الدواعي كانت متوفرة لنقلها وروايتها بصورة متواترة لو كانت صادرة عن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» حقاً، مما لم يتوفر ذلك بالنسبة إلى فضائل عليّ «عليه السلام» بسبب منع السلطة الحاكمة الرواة من نقل فضائله، واتهامهم من قبل علماء القصور، وهذا بخلافه بالنسبة لما يتعلق بفضائل غيره من (الخلفاء) الثلاثة، فعلى العكس من ذلك كانت السلطة تحث على نشرها وتعطي الجوائز على روايتها  بزعم أنهم يرغمون بذلك أنوف بني هاشم وقال الذهبي:

((وقد جعلت طرق حديث الطير في جزء، وطرق حديث من كنت مولاه، وهو أصح وأصح منهما ما أخرجه مسلم عن علي، قال: إنه لعهد النبي الأمّي «صلى الله عليه وآله» إلي أنه لا يحبك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق، وهذا أشكل الثلاثة فقد أحبه قوم لاخلاق لهم، وأبغضه بجهل قوم من النواصب فالله أعلم)).(105)

فيبدو من كلامه أنه فزع من هذا الحديث وارتعد بشدة، حتى كان سبباً لأن يفتقد شعوره، بحيث لا يدري ما يقول، فهل أراد بكلامه أن ينكر قول النبي «صلى الله عليه وآله وسلم»، وأنه مخالف للواقع بنظره؟.

أو أراد أن ينكر صحة الحديث، ولكن علو درجة السند وقوته حيرت الذهبي فلم يجد من بين رجاله من يجعله هدفاً لسهامه المسمومة.

ثم إذا ضممنا كلماته الأخرى إلى كلامه هذا، نفهم أن الذهبي كان متيقناً بصدور هذا الحديث عن النبيّ «صلى الله عليه وآله وسلم» لأنك لاحظت أنه اعترف بأن هذا الحديث أصح من حديث «من كنت مولاه» وقد قال بالنسبة لهذا: إنه متواتر، أتيقن أن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» قاله.(106)

فإذا كان الذهبي متيقناً بصدور هذا الحديث عن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» فيكون متيقناً بصدور ذاك بطريق أولى.

وقد غاب عن الذهبي أن الحب عمل قلبي لا يعلم إلا بآثاره، وأن حب علي «عليه السلام»  واللاأخلاقية ضدان لا يجتمعان، بل نقيضان لا يوجدان معاً فإذا ثبت أن أحداً كان محباً لعلي «عليه السلام»، فلا يمكن أن يكون ممن لا خلاق له، وإِن أنكره الذهبي، وإن ثبت أَن لاخلاق لآخر، فلا يمكن أن يكون محباً لعلي وإن أظهر محبته.

وقد نسي الذهبي أن مشركي قريش كانوا جاهلين بحقية النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» حتى قال رسولهم - سهيل بن عمرو - يوم الحديبية: لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ومع ذلك لم يسلب جهلهم هذا وصف الشرك عنهم، ولم يغير من الواقع شيئاً فكذلك كان الأمر بالنسبة إلى أعداء علي «عليه السلام» ومبغضيه فإن الله تعالى قد وصفهم بالنفاق سواء كانوا عالمين بحقيته أو جاهلين فجهلهم لا يغير من الواقع شيئاً ولا يسلب عنهم وصفَ النفاق، هذا قضاء الله تعالى قضاه فانقضى وأبرزه على لسان رسوله الذي لا ينطق عن الهوى سواء رضي الذهبي بذلك أم سخط، ثم لو ماشينا الذهبي وقلنا بجهل هؤلاء فلا نقول بجهل الذهبي نفسه في مواقفه تجاه أمير المؤمنين «عليه السلام» بل هو عالم بما يعمل وتلك المواقف هي التي حملته على الذعر والانزعاج من الحديث...».(107)

الشواهد الشعرية:

1.   السيد الحميري:

إنــــا نــــدين بحــــب آل محــــمــــد ... ديــــناً ومــــن يحــــبهم يستــــوجب

منــــا الــــــــمودة والـــولاء ومن يرد ... بــــدلاً بــــآل محــــمد لا يحــــبــــب

ومتى يمت يرد الجحيم ولا يرد ... حوض الرسول وإن يرده يضرب

2.   أبي الحسن بن جبير:

أحــب النبي المصطفى وابن عمه ... عـــلياً وسبطــــيه وفاطـــــمة الزهرا

هـم أهل بيت أذهب الرجس عنهم ... وأطــلعهم افق الهدى أنجما زهرا

3.   العبدي:

لا زلـت في حبـكم أوالي ... عمري وفي بغضكم أعادي

ومــــا تــــزودت غـــير حبي ... إيــــاكم وهــــو خـــــــــــــــيــــر زاد

4.   البشنوي الكردي:

يا ناصبي بكل جـــهدك فاجهد ... إنــــــي عــــــلقت بحـب آل محمد

الطيبين الطاهرين ذوي الهــدى ... طــــــابوا وطاب وليهـم في المولد

5.   الشيخ الفنجكردي النيسابوري:

إذا ذكـــرت الغـــر من هاشم ... تنافرت عنك الكلاب الشارده

فــــقل لمـن لامــك في حبه: ... خانــتك في مولـــــــــودك الوالده

6.   الصاحب بن عباد:

 فمهـــــما رأيـــــــــت محـــباً لـه ... فثـــــم العـــــلاء وثــــــــــــــم الفخار

ومهـــــما رأيــــــــت بغـيضاً له ... ففي أصلـــــه نســــــــــب مستعار

وختاماً:

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا في الدنيا زيارة أمير المؤمنين وفي الآخرة شفاعته، ... والحمد لله رب العالمين

الهوامش:     

(1). تنقيح المقال ج1 ص403، سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسني ج1ص145 ، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة لمهدي السماوي ص229 ، وفي الكنى والألقاب للقمي ج2 ص349 نسبه للشافعي ، وفي المناقب للخوارزمي ص8: عن بعض الفضلاء ولم يسميه.

(2). فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص20، الصواعق المحرقة لأبن حجر ص118، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص149، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص282.

(3). سورة التوبة: الآية / 101.

(4). نهج البلاغة: الحكمة 26 ، المائة كلمة للجاحظ رقم96 ، المناقب للخوارزمي ص376، دستور معالم الحكم ص25.

(5). بحوث في الملل والنحل للشيخ جعفر السبحاني ج4 ص334.

(6). إعلام الورى ج1 ص316، الفضائل لابن شاذان ص123، صحيح الترمذي ج3 ص166، تاريخ بغداد ج14 ص312.

(7). سنن الترمذي ج5 ص299 ، كفاية الطالب للكنجي ص69، فضائل الصحابة لأبن حنبل  ج1 ص179.

(8). مقاييس اللغة، ابن فارس ج2 ص26 ، المفردات، الراغب ص214.

(9). لسان العرب، ابن منظور ج1 ص289. 

(10). الصحاح، الجوهري ج1 ص105.   

(11).  يُنظَر: تهذيب اللغة للأزهري ج4 ص8 ، مقاييس اللغة لابن فارس ج2 ص26 ، لسان العرب لابن منظور ج1 ص290.

(12). المعجم الوسيط ج1 ص151.

(13). الذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب ص256، المفردات للراغب ص214.   

(14). الكليات، الكفوي ص398.

(15). التحرير والتنوير، ابن عاشور ج3 ص225.  

(16). انظر: الصحاح للجوهري ج5 ص2071، القاموس المحيط للفيروزآبادي ص1518، لسان العرب لابن منظور ج13 ص21، المفردات للراغب الأصفهاني ص90.

(17). التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي ص41.

(18). انظر: العقيدة الواسطية لابن تيمية ص161.

(19).  التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، السعدي ص41.

(20).  انظر: الإيمان، ابن تيمية ص137.

(21).  انظر: القاموس المحيط للفيروزابادي ص637، المصباح المنير للفيومي ج1 ص56، المعجم الوسيط ج1 ص64.

(22). معجم مقاييس اللغة ج1 ص273 «بغض» .

(23). ترتيب كتاب العين ص89 «بغض».

(24). التوقيف على مهمات التعريف للمناوي ص81.

(25). الكليات ص398.

(26). مفردات ألفاظ القرآن : ص136 «بغض».

(27).  مفردات ألفاظ القرآن ص772 «مقت» .

(28). راجع : تاج العروس ج10  ص15، التحقيق في كلمات القرآن الكريم ج1 ص306، الميزان في تفسير القرآن ج6 ص360، الكليات ج1 ص644 نقلاً عن دائرة المعارف قرآن كريم ج5 ص587 .

(29). انظر: المفردات، الراغب الأصفهاني ص502، النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير ج5 ص98 ، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ج3 ص286. 

(30). لسان العرب ج10 ص357 .

(31). انظر: عارضة الأحوذي ج10 ص97.

(32). التعريفات للجرجاني ص311.

(33). سنن الترمذي ج5 ص299 ، كفاية الطالب للكنجي ص69 ، فضائل الصحابة لأبن حنبل  ج1 ص179.

(34). ترجمة الإمام علّي بن أبي طالب «عليه السلام» من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص204.

(35). سنن النّسائي ج8 ص117 ، مسند احمد ج1 ص84 ، كفاية الطالب للكنجي ص68 ، مسند الحميدي ج1 ص31 ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج2 ص255 وج14 ص426 ، كنز العمال للمتقي الهندي ج13 ص120، أسنى المطالب للجزري ص7 ، مطالب السؤل لمحمّد بن طلحة ص44 ، تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي ص28.

(36). نهج البلاغة: الحكمة 45 ، ومجمع البيان للطبرسي ج3 ص532 ، الكافي للكليني ج8 ص224 وغيرهم.

(37). المستدرك على الصحيحين ج3 ص129 ، سنن الترمذي ج5 ص298 ، أسد الغابة للجزري ج4 ص30 وغيرهم.

(38). صحيح مسلم كتاب الإيمان باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان ... حديث (78).

(39). تذكرة الخواص ص28 ، مناقب الخوارزمي ص238.

(40). ينابيع المودة، ج 2: ص 70 و 129.

(41). تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي «عليه السلام» لإبن كثير  ج2 ص225.

(42). أمالي الطوسي ص455، معاني الأخبار ص161، أمالي الصدوق ص383، علل الشرائع ص141.

(43). شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص110، شرح الأخبار ج1 ص152، المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص208.

(44). أسنى المطالب لأبن الجزري ص8.

(45). مروج الذهب للمسعودي ج4 ص62 ، كشف اليقين ص476.

(46). الكافي للكليني ج1 ص194.

(47). دعائم الاسلام ج1 ص73، شرح الأخبار ج3 ص471.

(48). غرر الحكم: 3479.

(49). التوحيد ص25، أمالي الصدوق ص195، ثواب الأعمال ص21، بشارة المصطفى ص269، روضة الواعظين ص51

(50). تاريخ دمشق «ترجمة الإمام علي «عليه السلام»» ج2 ص188.

(51). كفاية الأثر ص110.

(52). مسند احمد ج10 ص176، البداية والنهاية ج7 ص355، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4 ص83.

(53). عيون أخبار الرضا عليه السلام» ج2 ص62.

(54). المعجم الكبير ج11 ص84، المناقب لابن المغازلي ص120، فرائد السمطين ج2 ص301، الخصال ص253، تحف العقول ص56، أمالي الطوسي ص593، روضة الواعظين ص546.

(55). المعجم الأوسط ج2 ص348، المناقب للخوارزميّ ص77.

(56). الدَّعِيّ: المُتَّهَم في نسبه «لسان العرب لأبن منظور ج14 ص261».

(57). المناقب للخوارزمي ص323 عن ابن عباس، الخصال للشيخ الصدوق ج1 ص577 عن مكحول عن الإمام علي «عليه السلام» عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفيه: (لن يبغضك من العرب إلا دعي، ولا من العجم إلا شقي، ولا من النساء إلا سلقلقية).

(58). علل الشرائع للصدوق ص58، المناقب لابن شهر آشوب ج2 ص267، بشارة المصطفى ص201، فرائد السمطين ج1 ص135.

(59). شرح الأخبار ج1 ص152، المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص208.

(60). تاريخ دمشق ج42 ص287، فرائد السمطين ج1 ص365، المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص207.

(61). تاريخ دمشق ج42 ص287، النهاية في غريب الحديث ج1 ص161، تاج العروس ج6 ص118، مجمع البيان ج9 ص160، رجال الكشي ج1 ص240، المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص207.

(62). سورة طه: الآية /61.

(63). مسند أبي يعلى ج1 ص237، تاريخ دمشق ج42 ص60، الإرشاد ج1 ص40، كنز الفوائد ج2 ص84 وراجع نهج البلاغة: الحكمة 45.

(64). سنن الترمذي ج5 ص635، فضائل الصحابة لابن حنبل ج2 ص579، تاريخ دمشق ج42 ص285، حلية الأولياء ج6 ص295، أُسد الغابة ج4 ص104، الصواعق المحرقة ص122، رجال الكشي ج1 ص210، مجمع البيان ج9 ص160، العمدة ص218، شرح الأخبار ج1 ص166، المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص207.

(65). سورة محمد: الآية/30 .

(66). في الطبعة المعتمدة: «بعضهم» وهو تصحيف، والصحيح ما تم أثباته كما في تاريخ دمشق ترجمة الامام علي «عليه السلام» تحقيق باقر المحمودي ج2 ص421.

(67). تاريخ دمشق ج42 ص360، المناقب لابن المغازلي ص315، الدر المنثور ج7 ص504، كفاية الطالب ص235، مجمع البيان ج9 ص160 نحوه.

(68). المستدرك على الصحيحين ج3 ص139، المتفق والمفترق ج1 ص434، كنز العمال ج13 ص106.

(69). تاريخ دمشق ج42 ص287 وص 286 وراجع: فضائل الصحابة لابن حنبل ج2 ص639، والمناقب للخوارزمي ص332 ، وذخائر العقبى ص165، وشرح الأخبار ج1 ص153، المناقب للكوفي ج2 ص470 و480.

(70). الدرّ المنثور ج7 ص504 نقلاً عن ابن مردويه .

(71). تاريخ دمشق ج42 ص285 عن أبي سعيد الخدري، كنز الفوائد ج2 ص83 عن سعيد وفيه «بدايع» بدل «دنيا».

(72). يريد أنه كان في النزع وسياق الموت «النهاية ج1 ص312».

(73). تاريخ دمشق ج42 ص278 ، الأمالي للطوسي ص246.

(74). الأمالي للطوسي ص426، بشارة المصطفى ص60.

(75). الاحتجاج ج1 ص229، حلية الأبرار ج2 ص314 ، بحار الأنوار ج10 ص432.

(76). شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد ج4 ص74.

(77). منهاج السنة لأبن تيمية ج7 ص137.

(78). نهج البلاغة، الحكمة رقم 117.

(79). نهج البلاغة، الخطبة رقم125.

(80). نهج البلاغة، الحكمة رقم 469.

(81). المعجم الكبير للطبراني ج1 ص320، المناقب للخوارزمي ص311، مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص45، شرح نهج البلاغة ج5٥ ص4، الكافي ج8 ص57، الإرشاد ج1 ص165، تفسير فرات ص406، المناقب للكوفي ج2 ص615.

(82). وَتَرْتُ الرجل: إذا قتلت له قتيلاً وأخذت له مالاً «لسان العرب ج5 ص274»

(83). شرح نهج البلاغة ج20 ص328، ينابيع المودة ج1 ص407.

(84). الوَجْبة: السقطة مع الهدة، أو صوت الساقط يسقط، فتُسمع له هدة «تاج العروس ج2 ص465».

(85). الدائرة: الدَّولة بالغلبة والنصر «النهاية ج2 ص140».

(86). شرح نهج البلاغة ج20 ص298.

(87). تاريخ دمشق ج42 ص290، المعجم لابن الأعرابي ج1 ص300.

(88). معرفة الصحابة ج1 ص86.

(89). أي قرنوا هذه الحال به ونسبوها إليه «انظر النهاية ج3 ص244.

(90). شرح نهج البلاغة ج13 ص299.

(91). سورة النساء: الآية/54.

(92). شرح نهج البلاغة ج7 ص220.

(93). يقال: ألَته يألِتُه إذا نَقَصَه «النهاية ج1 ص59».

(94). استعداه: استنصره واستعانه «لسان العرب ج15 ص39».

(95). العدد القوية ص189، المناقب لابن شهر آشوب ج2 ص201، الصراط المستقيم ج3 ص42 نحوه.

(96). شرح نهج البلاغة ج9 ص9.

(97). الغارات ج2 ص431، شرح نهج البلاغة ج2 ص119، الإمامة والسياسة ج1 ص75 نحوه وراجع نهج البلاغة: الكتاب 36 .

(98). سورة الكهف: الآية / 104 .

(99).الفتوح ج4 ص271 ، كشف الغمة ج1 ص266 وفيه «تقدّم عبد الله بن وهب وذو الثُّدَية حرقوص وقالا ...» إلى «نهاية الآية».

(100). سورة النساء: الآية / 115 .

(101). فردوس الأخبار ج3 ص602، حلية الأولياء ج3ص274، كشف الخفاء ج2 ص309.

(102). علي «عليه السلام» ميزان الحق لمحمد الآمدي، نهاية الفصل الاول.

(103). سير أعلام النبلاء للذهبي ج12 ص509.

(104). كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص572.

(105). سير أعلام النبلاء للذهبي ج17 ص169.

(106). سير أعلام النبلاء للذهبي ج8 ص335 م ، البداية والنهاية ج5 ص233.

(107). علي «عليه السلام» ميزان الحق لمحمد الآمدي الفصل الاول.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حامد كماش آل حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/02/06



كتابة تعليق لموضوع : 19. منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق»
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net