مقالات في مناقب المرتضى 34. منقبة: «سورة هل أتي»
حامد كماش آل حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حامد كماش آل حسين

مقدمة:
لابد من الإشارة إننا في هذه المقالات ليس الغرض منها أضافة شيء جديد بخصوص المناقب والفضائل الخاصة بالإمام علي «عليه السلام» أو نأتي بقراءة جديدة لها، وإنما الغرض منها هو ذكر وتوضيح وأثبات تلك المناقب والفضائل ورفع بعض الشبهات عنها وكذلك رد من يحاول تفريغ تلك المناقب من خصوصيتها ومضمونها، وذلك بالاستعانة بمختلف المصادر والنقل عنها.
ومن المعلوم ان ألقاب وفضائل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بلغت من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم كل الجهود التي بذلت في ذلك.
• قال الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد سُئل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)).(1)
• وقال احمد بن حنبل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي)).(2)
ونتيجة لعدم إمكانية إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها الى الآخرين، حتى لا تكون خصوصية للإمام علي «عليه السلام»، وهذا دليل على أن كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ورغم كل هذه المحاولات بقي الإمام علي «عليه السلام» صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن:
1. لقب «أمير المؤمنين»
2. لقب «قائد الغر المحجلين».
3. لقب «يعسوب الدين».
4. لقب «أبو تراب».
5. لقب «إمام المتقين».
6. منقبة «وليد الكعبة».
7. لقب ومنقبة وصفه بـــ«السيد».
8. منقبة «قسيم الجنة والنار».
9. منقبة «أول من أسلم».
10. لقب «الصديق».
11. لقب «الفاروق».
12. لقب «سيف الله المسلول».
13. لقب «ساقي الحوض».
14. لقب «ذي النورين».
15. لقب «باب مدينة العلم».
16. لقب «صاحب بيعة الغدير».
17. لقب «حامل لواء الحمد».
18. منقبة «علي مع الحق والحق مع علي».
19. منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق».
20. لقب «سيد الثقلين»:
21. منقبة «إن الإمام علي بمنزلة الكعبة يؤتى ولا يأتي».
22. منقبة «المبيت على فراش النبي ليلة الهجرة».
23. منقبة «هجرة أمير المؤمنين علانية».
24. منقبة «حديث المؤاخاة».
25. منقبة «حديث الراية».
26. منقبة أنه «قاتل المشركين».
27. منقبة «رجحان ايمان الإمام علي على السموات السبع»
28. منقبة «حديث المنزلة».
29. منقبة «تشبيه الإمام علي بالانبياء».
30. لقب وصف الإمام علي بــ«تاج البكائين».
31. الإمام علي «عليه السلام» في القرآن.
32. منقبة «آية التطهير».
33. منقبة «آية المباهلة».
واليوم نتكلم عن سورة هل أتى:
تمهيد:
سورة هل أتى هي السورة التي تبدأ بقوله تعالى:
((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ...)).
• هوية السورة:
- اسم السورة: الإنسان - هل أتى – الدهر.
- ترتيب السورة:76.
- عدد آيات السورة: 31.
- رقم الآية: كامل السورة.
وهذه السورة ها لعدة أسماء أشهرها «الإنسان ، والدهر ، وهل أتى»، والأبرار، والأمشاج،(3) وهذه الكلمات وردت في أوائل السورة،(4) وقد أجمعوا المفسرون على أن السورة بتمامها أو على الأقل ما جاء في صدرها هي آيات مدنية.
والآيات المقصود بها الاستدلال في فضل أهل البيت «عليهم السلام» في هذه السورة هي الآيات من (5 – 22) والتي تتحدث عن الأبرار والأعمال الصالحة فقد اجمع المفسرون نزول هذه الآيات في أهل بيت رسول الله «صلّى الله عليه وآله وسلم»، وهم: عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، «عليهم الصلاة والسلام».
نص السورة:
بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴿1﴾ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ﴿2﴾ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ﴿3﴾ إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ﴿4﴾ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ﴿5﴾ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ﴿6﴾ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ﴿7﴾ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ﴿8﴾ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴿9﴾ إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ﴿10﴾ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ﴿11﴾ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ﴿12﴾ متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ﴿13﴾ ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ﴿14﴾ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا ﴿15﴾ قوارير من فضة قدروها تقديرا ﴿16﴾ ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ﴿17﴾ عينا فيها تسمى سلسبيلا ﴿18﴾ ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ﴿19﴾ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ﴿20﴾ عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴿21﴾ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴿22﴾ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ﴿23﴾ فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴿24﴾ واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ﴿25﴾ ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ﴿26﴾ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ﴿27﴾ نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ﴿28﴾ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴿29﴾ وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ﴿30﴾ يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ﴿31﴾.
صدق الله العلي العظيم
سبب النزول:
ومجمل الحديث في سبب النزول هو:
إن الإمامين الحسن والحسين «عليهما السلام» مرضا، فعادهما رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»، فنذر الإمام علي «عليه السلام» صوم ثلاثة أيام، وكذا فاطمة الطاهرة «عليها السلام»، وخادمتهم فضّة، لئن بَرِئا، فبَرِىء الإمامين الحسن والحسين «عليهما السلام» وليس عندهم قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة «عليها السلام» منها صاعاً، فخبزته خمسة أقراص، لكل واحد قرصاً، وصلى الإمام علي «عليه السلام» صلاة المغرب، فلما أتى المنزل ووضع الطعام بين يديه للإفطار، أتاهم مسكين وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة «عليه السلام» صاعاً آخر، فلما قدم بين أيديهم للإفطار أتاهم يتيم وسألهم القوت، فأعطاه كل واحد منهم قوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم، وقدم الطعام للإفطار، أتاهم أسير وسألهم القوت، فأعطاه كل واحد منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» في اليوم الرابع، وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة «عليه السلام»، قد التصق بطنها يظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فقال: واغوثاه يا الله، أهل بيت محمّد يموتون جوعاً.
فهبط جبرئيل فقال: خذ ما هنّاك تعالى به في أهل بيتك.
فقال: وما آخذ يا جبرئيل ؟
فأقرأه: «هل أتى».
هذه هي مجمل قصة سبب نزول السورة، ولابد لنا من ذكر بعض المصادر واقوال العلماء في شأن وسبب نزول هذه الأيات:
تفسير غرائب القرآن للنيسابوري:
روى نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري «ت٨٥٠هـ»في تفسيره غرائب القرآن ورغائب الفرقان:
((... يروى عن ابن عباس أن الحسن والحسين «عليهما السلام» مرضاً فعادهما رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» في ناس معه، فقال: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن أبرأهما الله يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شيء، فاستقرض علي «عليه السلام» من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة «عليها السلام» منها صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم يا أهل محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ علي «عليه السلام» بيد الحسن والحسين «عليها السلام» إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم، وقام وانطلق معهم فرأى فاطمة «عليها السلام» في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فاقرأه السورة، ويروى أن السائل في اللياللي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه ...)).(5)
ابن المغازلي في المناقب:
روى ابن المغازلي «ت ٤٨٣هـ» في كتابه مناقب أمير المؤمنين «عليه السلام»:
((... عن أبن طاووس في هذه الآية «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً»، الآية نزلت في علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وذلك أنهم صاموا وفاطمة «عليها السلام» وخادمتهم «فضة» فلما كان عند الإفطار وكانت عندهم ثلاثة أرغفة قال: فجلسوا ليأكلوا فأتاهم سائل فقال: أطعموني فإني مسكين! فقام علي «عليه السلام» فأعطاه رغيفه، ثم جاء سائل، فقال: أطعموا اليتيم، فأعطته فاطمة «عليها السلام» الرغيف، ثم جاء سائل فقال: أطعموا الأسير، فقامت الخادمة فأعطته الرغيف وباتوا ليلتهم طاوين، فشكر الله لهم، فأنزل فيه هذه الآية)).(6)
قال النسفي في تفسيره:
روى أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي «ت٧١٠ هـ» في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل والمعروف بــــ«بتفسير النسفي»، بشأن الآيات حتى (ولقاهم نضرةً وسروراً ، وجزاهم بما صبروا):
(( ... نزلت في علي وفاطمة وفضة جارية لهما، لما مرض الحسن والحسين «عليهما السلام» نذروا صوم ثلاثة أيام، فاستقرض علي «عليه السلام» من يهودي ثلاثة أصوع من الشعير، فطحنته فاطمة «عليها السلام» كل يوم صاعاً وخبزت، فآثروا بذلك ثلاث عشاياً على أنفسهم مسكيناً ويتيماً وأسيراً، ولم يذوقوا إلا الماء في وقت الإفطار ..)).(7)
ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد:
ذكر ابن عبد ربه الأندلسي «ت 328هــ» في كتابه العقد الفريد خبراً طويلا ًفي احتجاج المأمون العباسي على أربعين فقيهاً في مسألة أفضلية الإمام علي «عليه السلام»، وكان من جملة ما احتج به المأمون عليهم نزول سورة «هل أتى» في أمير المؤمنين «عليه السلام»، ولطول المناظرة نذكر فقط الجزء المتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده من تلك المناظرة:
((.....
قال المأمون: يا إسحاق ، هل تقرأ القرآن.
قلت (8): نعم.
قال: إقرأ علي: «هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً».
فقرأت منها حتى بلغت: «يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً» إلى قوله: «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً».
قال المأمون: على رسلك، في من أنزلت هذه الآيات.
قلت: في علي.
قال: فهل بلغك أن علياً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير، قال: إنما نطعمكم لوجه الله؟! وهل سمعت الله وصف في كتابه أحداً بمثل ما وصف به علياً؟
قلت: لا.
قال: صدقت ، لأن الله جل ثناؤه عرف سيرته.
يا إسحاق! ألست تشهد أن العشرة في الجنة؟!
قلت: بلى يا أمير المؤمنين.
قال: أرأيت لو أن رجلاً، قال: والله ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا؟ ولا أدري إن كان رسول الله قاله أم لم يقله؟ أكان عندك كافراً؟!
قلت: أعوذ بالله.
قال: أرأيت لو أنه قال: ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا؟ كان كافراً؟
قلت: نعم.
قال: يا إسحاق! أرى بينهما فرقاً ..... الخ)).(9)
الأحاديث والروايات:
1. ((... عن علي «عليه السلام»، قال: لما مرض الحسن والحسين عادهما رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فقال لي: يا أبا الحسن! لو نذرت على ولديك لله نذرا أرجو أن ينفعهما الله به، فقلت: علي لله نذر لئن برى حبيباي من مرضهما لأصومن ثلاثة أيام، فقالت فاطمة: وعلي لله نذر لئن برى ولداي من مرضهما لأصومن ثلاثة أيام، وقالت جاريتهم فضة: وعلي لله نذر لئن برى سيداي من مرضهما لأصومن ثلاثة أيام... » وذكر حديث إطعامهم المسكين واليتيم والأسير، قال:
« فلما كان اليوم الرابع، عمد علي والحسن والحسين يرعشان كما يرعش الفرخ وفاطمة وفضة معهم، فلم يقدروا على المشي من الضعف، فأتوا رسول الله، فقال: إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً، فارحمهم يا رب واغفر لهم، هؤلاء أهل بيتي فاحفظهم ولا تنسهم.
فهبط جبرئيل وقال: يا محمد! إن الله يقرأ عليك السلام ويقول: قد استجبت دعاءك فيهم، وشكرت لهم، ورضيت عنهم، واقرأ «إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ... إلى قوله: إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا»)).(10)
2. ((... عن ابن عباس: إن علي بن أبي طالب «عليه السلام» أجر نفسه ليستقي نخلا بشيء من شعير ليلة حتى أصبح، فلما أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة،(11) فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الثالث، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك)).(12)
3. (( ... عن الإمام الصادق «عليه السلام»: كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم، جاء مسكين، فقال المسكين: رحمكم الله، فقام علي «عليه السلام»، فأعطاه ثلثها، فلم يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم: رحمكم الله، فقام علي «عليه السلام»، فأعطاه الثلث، ثم جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله، فأعطاه علي «عليه السلام»، الثلث الباقي وما ذاقوها، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم)).(13)
4. ((... عن زيد بن أرقم، قال: كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يشد على بطنه الحجر من الغرث،(14) فظل يوماً صائماً ليس عنده شيء، فأتى بيت فاطمة والحسن والحسين «عليهم السلام» يبكيان، فلما نظرا رسول الله تسلقا على منكبه وهما يقولان: يا أبانا قل لأمنا تطعمنا.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لفاطمة: أطعمي ابني، قالت: ما في بيتي شيء إلا بركة رسول الله، قال: فالتقاهما رسول الله «صلى الله عليه وآله﴿ بريقه حتى شبعاً وناما، فاقترضنا لرسول الله ثلاثة أقراص من شعير فلما أفطر رسول الله «صلى الله عليه وآله» وضعناها بين يديه، فجاء سائل وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة، فإني مسكين، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا فاطمة بنت محمد قد جاءك المسكين فله حنين، قم يا علي وأعطه، قال: فأخذت قرصاً فقمت فأعطيته، ورجعت وقد حبس رسول الله يده، ثم جاء ثان فقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني يتيم فأطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا فاطمة بنت محمد قد جاءك اليتيم وله حنين، قم يا علي وأعطه، قال: فأخذت قرصاً وأعطيته ثم رجعت وقد حبس رسول الله «صلى الله عليه وآله» يده، قال: فجاء ثالث وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني أسير فأطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة، قال: فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا فاطمة بنت محمد «صلى الله عليه وآله» قد جاءك الأسير وله حنين، قم يا علي فأعطه، قال: فأخذت قرصاً وأعطيته، وبات رسول الله «صلى الله عليه وآله» طاوياً وبتنا طاوين مجهودين، فنزلت هذه الآية: «ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيراً)).(15)
5. وروى أبو نعيم: ((... عن ابن عباس، في قوله تعالى «ويطعمون الطعام على حبه»، قال: وذلك أن علي بن أبي طالب آجر نفسه ليسقي نخلاً بشيء من شعير ليلة، حتى أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عملا الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم، فسأل فأطعموه، ثم عملا الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى يتيم، فسأل فأطعموه، ثم عملا الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه. وطووا يومهم ذلك)).(16)
6. روى ابن المغازلي الواسطي: ((... عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس في هذه الآية «ويطعمون الطعام...» نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أنهم صاموا وفاطمة وخادمتهم، فلما كان عند الإفطار وكانت عندهم ثلاثة أرغفة قال: فجلسوا ليأكلوا، فأتاهم سائل فقال: أطعموني فإني مسكين، فقام علي فأعطاه رغيفه، ثم جاء سائل فقال: أطعموا اليتيم، فأعطته فاطمة الرغيف، ثم جاء سائل فقال: أطعموا الأسير، فقامت الخادمة فأعطته الرغيف، وباتوا ليلتهم طاوين، فشكر الله لهم، فأنزل فيهم هذه الآيات)).(17)
7. (( ... عن الإمام الباقر «عليه السلام» في بيان سبب نزول سورة هل أتى» في شأن أهل البيت «عليهم السلام»:
«ويطعمون الطعام على حبه»، يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له، «مسكينا» من مساكين المسلمين، «يتيما» من يتامى المسلمين، «وأسيرا» من أسارى المشركين، ويقول إذا أطعموهم: «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا»، قال: والله ما قالوا هذا لهم، ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون: لا نريد جزاء تكافؤننا به ولا شكوراً تثنون علينا به، ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه)).(18)
وهناك رواية اخرى مضمونها نفس القصة ولكنها تتضمن اشعاراً متبادلة بين الإمام علي «عليه السلام» وفاطمة «عليها السلام» في كل مرة يطرق فيها الباب من قبل المسكين واليتيم والأسير، ونظراً لطول الحديث لم نذكره، وهناك من طعن بهذه الرواية والمتضمنة الأشعار، وحسبنا ما ذكرنا من طرق الحديث ففيها الكفاية في اثبات المقصود.
شبهات وردود:
• نص الشبهة:
قال شيخ النواصب ابن تيمية في منهاج السنة وهو يرد على العلامة الحلي:
((الوجه الخامس: أنه يقال قد ثبت لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»(19) والحسن والحسين وعلي بن الحسين وابنه محمد وجعفر بن محمد من المناقب والفضائل ما لم يذكره هذا المصنف الرافضي وذكر أشياء من الكذب تدل على جهل ناقلها مثل قوله: نزل في حقهم «هل أتى»، فإن سورة هل أتى مكية باتفاق العلماء وعلي إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة ولم يدخل بها إلا بعد غزوة بدر وولد له الحسن في السنة الثالثة من الهجرة والحسين في السنة الرابعة من الهجرة بعد نزول هل أتى بسنين كثيرة، فقول القائل إنها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على من له علم بنزول القرآن وعلم بأحوال هؤلاء السادة الأخيار)).(20)
• الجـــــواب:
والرد على هذه الشبهة يكون في النقاط التالية:
1. إن دعوى الاتفاق المزعومة ما هي إلا كذب وافتراء على علماء أهل السنة، فقد قال القرطبي المتوفى سنة «671ه»(21)
((مكية في قول ابن عباس ومقاتل والكلبي، وقال الجمهور: مدنية )).(22)
2. ابن تيمية يزعم الإتفاق على مكيتها بين أهل النقل والتفسير، والقرطبي يقول أن غالبية أهل السنة يرون مدنيتها، فمن هو الذي يكذب ويصر على الكذب.
3. إن السورة تتحدث عن الأسير، فهل كانت هناك حروب وأسرى في مكة، فالسورة بنفسها تدل على مدنيتها وتفضح جهل وكذب ابن تيمية.
4. إن ما نقله القرطبي عن الكلبي من أن السورة مكية مخالف لما نقله غيره، فقد قال الآلوسي في تفسيره روح المعاني وهي مكية عند الجمهور:
((وقال مجاهد وقتادة: مدنية كلها، وقال الحسن وعكرمة والكلبي: مدنية إلا آية واحدة فمكية وهي: «فلا تطع منهم ءاثما أو كفورا» وقيل مدنية إلا قوله تعالى: «فاصبر لحكم ربك .. إلى آخرها»، فإنه مكي، وعن ابن عادل حكاية مدنيتها على الإطلاق عن الجمهور وعليه الشيعة.)).(23)
وعلى نفس المنوال ما نقله القرطبي عن ابن عباس، فهو مما لا يستقيم مع ما هو معروف عنه من انتمائه لمدرسة أهل البيت «عليهم السلام».
5. أخرج الزمخشري في الكشاف عن ابن عباس:
((أن الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برءا مما بهما: أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهم شيء، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ علي، بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ماأشد ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق، معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبريل، وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة)).(24)
وكذا نقل في تفسيره عن الحسيني القايني عن الحاكم الحسكاني فيما رواه عن ابن عباس أن سورة الإنسان نزلت بالمدينة.(25)
واختلف أهل السنة:
فيما نسب إليه حول السورة أمكية أم مدنية، فقد أخرج السيوطي في الدر المنثور(26) عن النحاس عنه القول بأنها مكية، بينما أخرج عن ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عنه القول بأنها نزلت بالمدينة، وكذا نقل الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل.(27)
وعن ابن عباس أن آيات الوفاء بالنذر نزلت في الإمام علي والزهراء والحسنين عليهم الصلاة والسلام .(28)(29)
وبعد هذه الجولة:
اين قول ابن تيمية: «فإن سورة هل أتى مكية باتفاق العلماء»، واين هذا الأتفاق، واين المصداقية.
وانما هو الكذب والأفتراء لا غير ...
إضافة الى ذلك فان المصاحف في مشارق الأرض ومغاربها وبمختلف الطبعات وعند جميع المذاهب تذكر أنها مدينة، افتح أي مصحف وتأكد من القول.
وأما قول الشيعة، فاتفاقهم واضح معروف على مدنيتها، ونزولها بحق الإمام علي وأهل بيته «عليهم السلام»، وعليه يحصل الاتفاق بين الشيعة ومعظم أهل السنة على مدنيتها، بل لا يصح القول بمكيتها وفيها ذكر الأسير الذي لم يكن بمكة، ولذا لم يقل بمكيتها إلا الشواذ والنواصب، وعلى رأسهم ابن تيمية، وقد ظهر مما نقلنا: قيمة أقواله التي ينسبها إلى الجمهور، أو ادعائه اتفاق أهل المعرفة بالحديث، وظهر من هذا: أن الرجل لا يتورع عن الكذب في سبيل نصرة هواه.
وأخيراً:
زيادة في الأطلاع والمعرفة ننقل نص الأجابة التفصيلية لمركز الأبحاث العقائدية فقد فصل القول ونقل الشواهد بما لا مزيد عليه في بيان رد هذه الشبهة من الناصبي ابن تيمية ، فقال المركز:
أولاً: من نص ان السورة مدنية:
• إن الجمهور على أن هذه السورة مدنية، نص على ذلك:
- ابن الجوزي في «زاد المسير»، قال: ((وفيها ثلاثة أقوال: أحداها أنها مدنية كلها، قاله الجمهور، منهم: مجاهد وقتادة)).(30)
- العز بن عبد السلام في تفسيره، قال: ((مدنية عند الجمهور)).(31)
- القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن»، قال: ((وقال الجمهور: مدنية)).(32)
- الخازن في «لباب التأويل»، قال: ((وهي مدنية، كذا قال مجاهد وقتادة والجمهور)).(33)
- الحاكم الحسكاني في «شواهد التنزيل»، قال: ((قول الأكثر: أنّها مدنية)).(34)
- الشوكاني في «فتح القدير»، قال: ((قال الجمهور: هي مدنية)).(35)
- الآلوسي في «روح المعاني»، قال: ((هي مكية عند الجمهور على ما في البحر))، ولكنه عاد وحكى عن ابن عادل: مدنيتها على الإطلاق عن الجمهور، ثم قال: ((وعليه الشيعة)).(36)
- وذكر العيني في «عمدة القاري» عن ابن النقيب قوله: ((أنها مدنية كلها، قاله الجمهور)).(37)
• وأما من قال أنها مدنية من المفسرين:
- محمد بن جرير الطبري في «جامع البيان».(38)
- السمرقندي في تفسيره.(39)
- البغوي في «معالم التنزيل».(40)
- الغرناطي الكلبي في «التسهيل لعلوم التنزيل».(41)
- أبو حيان الأندلسي في «البحر المحيط».(42)
• وهناك من نقل روايات وأقوال عن الصحابة والتابعين أنها مدنية:
- منهم: الحافظ أحمد بن محمد العاصمي في كتابه «زين الفتى في شرح سورة هل أتى»، روى بطريقه عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: تعداد السور المكية والمدنية وعد سورة هل أتى من المدني .. وروى بطريقه عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس: تعداد المكي والمدني، وعد «هل أتى» في المدني.. وروى عن سعيد بن المسيب، عن علي عليه السلام»: تعداد «هل أتى» في المدني.(43)
- ومنهم: أبو عمرو الداني، روى في «البيان في عد أي القرآن» بسنده عن جابر بن يزيد: عد «هل أتى» في المدني.(44)
- ومنهم: الحاكم الحسكاني، روى في «شواهد التنزيل» بعدة طرق عن عطاء، عن ابن عباس: أنها مدنية، وروى ذلك عن مجاهد، عن ابن عباس، وعن الكلبي، عن ابن عباس، عن مجاهد، عن ابن عباس، وعن الكلبي، عن ابن عباس، وعن عطاء، وعن عكرمة، وعن الحسن بن أبي الحسن.(45)
- وقال الزركشي في «البرهان» بعد أن سمى السور النازلة بمكة: ((فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة، وعليه استقرت الرواية من الثقات وهي خمس وثمانون سورة))، ثم ذكر السور النازلة في المدينة وعد منها (هل أتى).(46)
- وروى البيهقي في «دلائل النبوة» بسنده عن عكرمة والحسن بن أبي الحسن: عد «هل أتى» من السور المدنية، ورواه أيضاً عن مجاهد، عن ابن عباس، وقال: ((ولهذا الحديث شاهد من تفسير مقاتل، وغيره من أهل التفسير)).(47)
- وروى ابن النديم في «الفهرست» بسنده عن عطاء، عن ابن عباس: أن «هل أتى» مما نزل بالمدينة.(48)
- وروى السيوطي في «الإتقان» ما أورده البيهقي في «دلائل النبوة»، ثم أخرج عن ابن ضريس في «فضائل القرآن» بسنده عن عطاء، عن ابن عباس: أن سورة «الإنسان» مما نزل في المدينة.(49)
- وعد اليعقوبي في تاريخه سورة «هل أتى» في ما نزل بالمدينة.(50)
- ونقل المقريزي في «إمتاع الأسماع» عن أبي القاسم القشيري: عد سورة «هل أتى» في ما نزل بالمدينة.(51)
• وهناك من قال من المفسرين أنها مكية، ولكنه روى نزول آية: (( ويطعمون الطعام على حبه...)) «الإنسان:8» في حق علي وأهل البيت «عليهم السلام»، والسورة يمكن أن يكون أولها مكي فتكتب مكية، ويلحق بها آيات مدنية، ففي رواية عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما شاء.(52)
- وروى مثله عن أبي صالح عن ابن عباس، العاصمي في «زين الفتى».(53)
- ومنهم: مقاتل بن سليمان في تفسيره،(54) والواحدي ذكر أنها مكية في تفسيره «الوجيز»،(55) وروى في «أسباب نزول» آية: «ويطعمون الطعام على حبه...» «الإنسان:8» في حق علي «عليه السلام» عن عطاء عن ابن عباس،(56) والنسفي في تفسيره،(57) والزمخشري في «الكشاف»،(58) والبيضاوي في تفسيره.(59)
• وهناك من ذكر الخلاف في السورة:
- منهم: الثعلبي في تفسيره، قال بعد أن روى قصة النذر والصوم والإطعام: ((وعلى هذا القول تكون السورة مدنية، وقد اختلف العلماء في نزول هذه السورة، فقال مجاهد وقتادة: هي كلها مدنية، وقال الحسن وعكرمة: منها آية مكية، وهي قوله سبحانه: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً» «الإنسان:24، والباقي مدني، وقال الآخرون: هي كلها مكية، والله أعلم)).(60)
- ومنهم: السمعاني في تفسيره، قال: ((وهي مكية في قول بعضهم، مدنية في قول بعضهم، وقيل: بعضها مكية وبعضها مدنية)).(61)
- ومنهم: البغوي في تفسيره، قال: ((قال عطاء: هي مكية، وقال مجاهد وقتادة: مدنية، وقال الحسين وعكرمة: مدنية إلا آية، وهي قوله: فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»)).(62)
وقد عرفت أن ما روي عن عطاء عن ابن عباس بعدة طرق هو: أنها مدنية، فلا نعرف من أين جاءت النسبة إلى عطاء أنه يقول بمكيتها؟!
- ومنهم: ابن عطية الأندلسي في تفسيره، قال: ((قال بعض المفسرين: هي مكية كلها، وحكى النقاش والثعلبي عن مجاهد وقتادة: أنها مدنية، وقال الحسن وعكرمة: منها آية مكية، وهي قوله تعالى: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، والباقي مدني)).(63)
وأنت ترى أن من قال بمكيتها: بعض المفسرين!!
- ومنهم: ابن الجوزي في تفسيره، قال: ((وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها مدنية كلها، قاله الجمهور، منهم: مجاهد وقتادة.
والثاني: مكية، قاله ابن يسار، ومقاتل، وحكي عن ابن عباس.
والثالث: أن فيها مكياً ومدنياً.
ثم في ذلك قولان: أحدهما: أن المكي منها آية، وهو قوله عز وجل: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، وباقيها جميعه مدني، قاله الحسن وعكرمة. والثاني: أن أولها مدني إلى قوله عز وجل: «إنا نحن نزلنا عليك القرآن» «الإنسان:23»، ومن هذه الآية إلى آخرها مكي، حكاه الماوردي)).(64)
وقد عرفت أن مقاتل وإن قال أنها مكية، لكنه روى نزول آية: «ويطعمون الطعام...» «الإنسان:7-8» في حق علي وأهل بيته «عليهم السلام»، وأنه جاءت روايات بطرق عديدة عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس: أنه يقول بمدنيتها، وأن الآية: «إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا»، هي الآية رقم «23» من السورة، وما قبلها مدني، ومنها: قوله تعالى: «يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً * ويطعمون الطعام...»، وهي الآيات من رقم «7» فما بعد.
- ومنهم: العز بن عبد السلام في تفسيره، قال: ((مدنية عند الجمهور أو مكية (ع)، أو مكية من قوله: «إنا نحن نزلنا»، إلى آخرها، وما تقدمه مدني)).(65)
- ومنهم: القرطبي في تفسيره؛ قال: ((مكية في قول ابن عباس ومقاتل والكلبي، وقال الجمهور: مدنية، وقيل: فيها مكي من قوله: «إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا»، إلى آخر السورة، وما تقدمه مدني)).(66)
وقد عرفت أن الكلبي روى عن أبي صالح، عن ابن عباس: أنها مدنية، إضافة إلى الطرق الأخر عن ابن عباس، وأن مقاتل قد روى نزول آية: «ويطعمون الطعام...» «الإنسان:7-8» في علي «عليه السلام».
- ومنهم: أبو حيان الأندلسي في تفسيره، قال: ((هذه السورة مكية في قول الجمهور، وقال مجاهد وقتادة: مدنية، وقال الحسن وعكرمة: مدنية إلا آية واحدة، فإنها مكية، وهي قوله تعالى: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، وقيل: مدنية إلا قوله: «فاصبر لحكم ربك» الخ، فإنه مكي، حكاه الماوردي)).(67)
وقد عرفت من عبارات المفسرين السابقة قولهم: أنها مدنية، على قول الجمهور: منهم مجاهد وقتادة؛ فظاهر ما قاله أبو حيان: أن الجمهور على أنها مكية .. خطأ، إما غفلاً أو عمداً!
- ومنهم: الثعالبي في تفسيره، قال: ((قيل مكية، وقال الحسن وعكرمة: منها آية مكية، وهي قوله تعالى: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، والباقي مدني)).(68)
- ومنهم: الخازن في تفسيره؛ قال: ((وهي مدنية، كذا عن مجاهد وقتادة والجمهور، وقيل مكية؛ يحكى ذلك عن ابن عباس، وعطاء بن يسار، ومقاتل، وقيل: فيها مكي ومدني، فالمكي منها، قوله: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، وباقيها مدني، قاله الحسن وعكرمة .. وقيل: أن المدني من أولها إلى قوله تعالى: «إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا»، ومن هذه الآية إلى آخرها مكي، حكاه الماوردي)).(69)
وقد عرفت أن الحكاية عن ابن عباس وعطاء غير صحيحة.
- ومنهم: النحاس في «الناسخ والمنسوخ»، روى بسنده عن مجاهد: أنه سأل ابن عباس عن تلخيص آي القرآن المدني من المكي، فقال عن سورة المدثر، إلى آخر اقرأ باسم ربك «العلق»: أنهن نزلن بمكة،(70) وفيهن سورة الإنسان.
وقد عرفت من رواية الحاكم الحسكاني في «شواهده» بسنده عن مجاهد، عن ابن عباس: أن «هل أتى» مدنية، ونسبه بقية المفسرين إليه بغير خلاف، كما مضى.
- ومنهم: السيوطي في تفسيره، قال: ((أخرج النحاس عن ابن عباس، قال: نزلت سورة الإنسان بمكة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير، قال: أنزلت بمكة سورة «هل أتى على الإنسان»، وأخرج ابن الضريس، وابن مردويه، والبيهقي، عن ابن عباس، قال: نزلت سورة الإنسان بالمدينة)).(71)
وقد عرفت الجواب على ما أخرجه النحاس، وأما ما قاله ابن الزبير فلا يؤخذ به، لأنه كان يبغض علياً ويجاهر بذلك، وفي هذه السورة فضيلة ظاهرة لعلي «عليه السلام».
- ومنهم: الشوكاني في «فتح القدير»، قال: ((قال الجمهور: هي مدنية، وقال مقاتل والكلبي: هي مكية، وأخرج النحاس عن ابن عباس: أنها نزلت بمكة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، .. وقيل: فيها مكي، من قوله: «إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا» إلى آخر السورة، وما قبله مدني)).(72)
وقد عرفت الجواب عن هذه الأقوال ممّا مضى.
- ومنهم: الآلوسي في تفسيره، قال: ((وهي مكية عند الجمهور على ما قال في «البحر»، وقال مجاهد وقتادة: مدنية، وقال الحسن وعكرمة والكلبي: مدنية إلا آية واحدة، فمكية، وهي: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، وقيل: مدنية إلا من قوله تعالى: «فاصبر لحكم ربك» إلى آخرها، فإنه مكي، وعن ابن عادل حكاية مدنيتها على الإطلاق عن الجمهور، وعليه الشيعة)).(73)
وقد عرفت خطأ ما قاله أبو حيان في تفسيره «البحر المحيط»، وأن الكل نسبوا مدنيتها إلى الجمهور، كما قال ابن عادل.
- ومنهم: العيني في «عمدة القاري»، قال: ((وهي مكية، قاله قتادة والسدي وسفيان، وعن الكلبي: أنها مكية إلا آيات: «ويطعمون الطعام على حبه ..» إلى قوله: «قمطريراً» «الإنسان:8-10»، ويذكر عن الحسن: أنها مكية، وفيها آية مدنية: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، وقيل: ما صح في ذلك قول للحسن ولا الكلبي، وجاءت الأخبار فيها: أنها نزلت بالمدينة في شأن علي وفاطمة وابنيهما «عليه السلام» «عليهم السلام» وذكر ابن النقيب: أنها مدنية كلها؛ قاله الجمهور)).(74)
وقد عرفت خطأ أكثر ما قاله مما مضى؛ فإن قتادة والكلبي قالوا: أنها مدنية، والحسن قال: أن آية: «ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً»، مكية، والباقي مدني.
وأما قول الشيعة، فاتفاقهم واضح معروف على مدنيتها، ونزولها بحق علي وأهل بيته «عليهم السلام»، وعليه يحصل الاتفاق بين الشيعة ومعظم أهل السنة على مدنيتها، بل لا يصح القول بمكيتها وفيها ذكر الأسير الذي لم يكن بمكة، ولذا لم يقل بمكيتها إلا الشواذ والنواصب، وعلى رأسهم ابن تيمية، وقد ظهر لك مما نقلنا: قيمة أقواله التي ينسبها إلى الجمهور، أو ادعائه اتّفاق أهل المعرفة بالحديث. وظهر لك من هذا: أن الرجل لا يتورع عن الكذب في سبيل نصرة هواه.
ثانياً: وأما الرواية في سبب النزول، وأنها نزلت لما نذر علي وفاطمة والحسنان «عليهم السلام» وفضة خادمتهم الصوم ثلاثة أيام ثم أطعموا طعامهم المسكين واليتيم والأسير، ولم يطعموا شيئاً، فقد أوردها المفسرون، منهم:
1. مقاتل بن سليمان (ت150هـ).(75)
2. أبو عبد الله الحسين بن الحكم الحبري (ت286هـ).(76)
3. أبو الليث نصر بن محمّد السمرقندي (ت383هـ).(77)
4. الحافظ أحمد بن محمّد العاصمي (مولود 378هـ).(78)
5. أبو إسحاق الثعلبي (ت427هـ).(79)
6. علي بن أحمد الواحدي (ت468هـ).(80)
7. أبو المظفّر منصور بن محمّد السمعاني (ت489هـ).(81)
8. الحسين بن مسعود البغوي (ت510هـ).(82)
9. أبو البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت537هـ).(83)
10. جار الله الزمخشري (ت538هـ).(84)
11. ابن عطية الأندلسي (ت546هـ).(85)
12. ابن الجوزي (ت597هـ).(86)
13. فخر الدين الرازي (ت606هـ)، قال: أنّ الواحدي ذكرها في (البسيط)، ونقلها هو عن الزمخشري.(87)
14. العزّ بن عبد السلام (ت660هـ).(88)
15. عبد الله بن محمّد البيضاوي (ت682هـ).(89)
16. الغرناطي الكلبي (ت741هـ).(90)
17. علاء الدين علي بن محمّد الخازن (ت741هـ).(91)
18. أبو حيّان الأندلسي (ت745هـ).(92)
19. نظام الدين الحسن بن محمّد النيسابوري (ت850هـ).(93)
20. السيوطي (ت911هـ)، رواها عن ابن مردويه.(94)
21. أبو السعود العمادي (ت951هـ).(95)
22. الشوكاني (ت1255هـ).(96)
23. الآلوسي (ت1270هـ).(97)
وأوردها من الحفاظ والمحدثين وغيرهم:
1. أبو جعفر الإسكافي (ت240هـ)؛ رواها عن الجاحظ، كما نقله عنه ابن أبي الحديد،(98) وفي كتابه (المعيار والموازنة).(99)
2. أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (ت405هـ).(100)
3. الحافظ الحسكاني (ت470هـ)؛ رواها بأسانيد كثيرة عن عليّ(عليه السلام)، وابن عبّاس، والإمام الصادق(عليه السلام)، والإمام الرضا(عليه السلام)، والأصبغ بن نباتة، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، وزيد بن أرقم.(101)
4. ابن المغازلي (ت483هـ).(102)
5. الموفّق الخوارزمي (ت568هـ).(103)
6. محمّد بن يوسف الكنجي (ت658هـ).(104)
7. عزّ الدين ابن الأثير (ت630هـ).(105)
8. محمّد بن طلحة الشافعي (ت652هـ).(106)
9. سبط ابن الجوزي (ت 654هـ).(107)
10. محبّ الدين الطبري (ت694هـ).(108)
11. أبو إسحاق الحمويني (ت722هـ).(109)
12. الحافظ ابن حجر (ت852هـ).(110)
وهناك من رد الحديث، ولكن بإشارات الصوفية لا بدراية الحديث وعلم الرجال، وهو الحكيم الترمذي قال في «نوادر الأصول»:
((ومن الحديث الذي ينكره قلوب المحقين: ما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: «يوفون بالنذر..» «الإنسان:7»، ثم أورد الحديث، وقال: هذا حديث مزوق)).(111)
وأي قيمة لتصحيح الحديث أو تضعيفه بكشوفات الصوفية، ولطالما رأينا الناصبة تنكر فضائل أهل البيت «عليهم السلام» بقلوبها.
وهناك آخر زعم وضع الحديث، وهو ابن الجوزي، قال في «الموضوعات» بعد أن أورد الحديث بطريق الأصبغ بن نباتة:
((وذكر حديثاً طويلاً من هذا الجنس، في كل يوم ينشد أبياتاً وتجيبه فاطمة بمثلها من أرك الشعر وأفسده، مما قد نزه الله عز وجل ذينك الفصيحين عن مثله وأجلهما في إحالة الطفلين بإعطاء السائل الكل، فلم أر أن أطيل بذكر الحديث لركاكته وفظاعة ما حوى ...
ثم قال: وهذا حديث لا يشك في وضعه، ولو لم يدل على ذلك إلا الأشعار الركيكة والأفعال التي يتنزه عنها أُولئك السادة، قال يحيى بن معين: أصبغ بن نباتة لا يساوي شيئاً، وقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديث محمد بن كثير، وأما أبو عبد الله السمرقندي فلا يوثق به)).(112)
ولكن من نعم الله أن حفيده سبط ابن الجوزي رد عليه في زعمه وضع هذا الحديث؛ قال في «تذكرة الخواص» - بعد أن أورد الحديث بأسانيد عن مجاهد وأبي صالح، عن ابن عباس، وهي غير السند الذي أورده جدّه-: فإن قيل: فقد أخرج هذا الحديث جدك في «الموضوعات» - ثم أورد ما ذكرناه آنفاً عن ابن الجوزي - ثم قال: والجواب: أما قوله: قد نزه الله ذينك الفصيحين عن هذا الشعر الركيك، فهذا على عادة العرب في الرجز والخبب، كقول القائل: والله لولا الله ما اهتدينا، ونحو ذلك، وقد تمثل به النبي «صلّى الله عليه وآله وسلم».
وأمّا قوله عن الأصبغ بن نباتة، فنحن ما رويناه عن الأصبغ، ولا له ذكر في إسناد حديثنا، وإنما أخذوا على الأصبغ زيادة زادوها في الحديث، وهي أن رسول الله قال في آخره: «اللهم أنزل على آل محمد كما أنزلت على مريم بنت عمران»، فإذا جفنة تفور مملوءة ثريداً مكللة بالجواهر، وذكر ألفاظاً من هذا الجنس.
والعجب من قول جدي وإنكاره، وقد قال في كتاب «المنتخب»: يا علماء الشرع، أعلمتم لم آثرا المسكين واليتيم والأسير على أنفسهم وتركا الطفلين الحسن والحسين عليهما أثر الجوع، أتراهما خفي عليهما خبر: «ابدأ بمن تعول»؟ ما ذاك إلا لأنهما علما قوة صبر الطفلين، وأنهما غصنان من شجرة «الظل عند ربي»، وبعض من جملة: «فاطمة بضعة مني»، وفرخ البط سابح)).(113)
ونحن نضيف على جواب سبط ابن الجوزي:
1. أنه طعن بالحديث من جهة الأشعار، ولكن هناك طرق كثيرة للحديث من دون الأشعار.
2. أورد سنداً واحداً من الأصبغ بن نباتة، وترك بقية أسانيده الأخر، لم يتطرق إليها بشيء!
3. أنه رد الحديث بالأصبغ بن نباتة ومحمد بن كثير، مع أنهم لم يضعفوا هذين إلا من جهة التشيع، فالأصبغ مشهور بتشيعه لعلي «عليه السلام»، ومحمد بن كثير اعترفوا بعدم ضعفه، ولكن حرقوا حديثه للتشيع.
4. وأما إنكاره تجويع الصبيين الحسن والحسين «عليهما السلام»، فإن الروايات تنص على أنهما أقدما على إعطاء قرصيهما، وفيه دلالة على علو شأنهما.
وأما القرطبي فلم يزد على ما نقله عن الترمذي في تكذيب الحديث.(114)
ثم إن محقق كتاب فضائل فاطمة للحاكم النيشابوري اتهم القاسم بن مهرام الراوي عن الليث عن مجاهد عن ابن عباس بوضعه بعد أن نقل كلام ابن تيمية بطوله، ثم نقل تضعيف القاسم عن اللسان للذهبي.(115)
ولكن الحاكم الحسكاني روى هذا الحديث عن عدّة غير القاسم عن الليث، منهم: القعقاع بن عبد الله السعدي، وجبير بن عبد الحميد.(116).. ورواه بطريق عن الإمام الرضا «عليه السلام»، عن علي «عليه السلام»، وعن عدة، عن الإمام الصادق «عليه السلام» .. ورواه عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس .. ورواه أيضاً عن غير الليث عن مجاهد؛ فقد رواه عن طريق عبد الله بن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع، عن مجاهد، عن ابن عباس .. ورواه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. ورواه عن زيد بن أرقم،(117) فراجع تعرف!..))))(118)
لقد حاول الناصبي ابن تيمية الطعن في فضائل الإمام علي «عليه السلام» تارة في السند، او التلاعب بالدلالة او انكار هذه الفضائل او مع عدم امكان انكارها لقطعيتها فلابد من اشراك غيره من الصحابة معه.
«يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون»
الشواهد الشعرية:
1. ابو فراس الحمداني:
أقــــروا مــــن القرآن ما في فضلــــه ...
وتــــأملوه وافــــهمــــــــــــــــــــــــوا فــــــحــــواه
لــــو لــــم تــــنزل فـــيه إلا هل أتــــى ...
مــــن دون كــــل منــــزل لكــــــفـــــاه
2. ابن حماد العبدي:
هـــــل أتــى فيـــهــــــــــــــم تـنزل فيها ...
فضلهم محكـــــما وفي السورات
يطعـــمون الطعام خـــــوفا فقيرا ...
ويتــيــمــــــــــــــــــــــا وعانيا في العـــــنات
إنما نطـــــعم الطــعام لــــــــــــــــــوجـــه ...
الله لا للجــــزاء فـي العاجلات
فجـــزاهم بصبرهم جنة الخلد ...
بهـــــا مــن كواعـــــب خـــــــــــــــــــــــيرات
3. السيد الحميري:
ومن أنزل الرحمن فيهم (هل أتى) ...
لما تصــــــــــدوا للنذور وفـــــــــــــاءا
من خمسة جبريل ســــــادسهم وقد ...
مد النبي على الجميع عباءا
4. ابن الجوزي:
أهوى علياً وإيمـــــــــــــــــــاني محـــــــــــــــــــــــــبته ...
كم مشرك دمه من ســــــيفه وكـــــــــفا
إن كنت ويحك لم تسمع فضائله ...
فاسمع مناقبه من (هل أتى) وكفى
5. ابو القاسم الزاهي:
ذاك الـــــذي آثـــــر فـــــي طعـامه ...
عـــــلى صيامـــــه وجـــــاد بالـقرص
فـــــأنـــــزل الله تعـــــالى هــــــل أتى ...
وذكـــــر الجــــــــــــزاء في ذاك وقص
6. الملك الصالح:
في هل أتى إن كنت تقرأ هل أتى ...
ستصيـــــب سعـيهم بها مشكورا
إذ أطعموا المسكين ثمة أطعمــــــــــــــــــوا ...
الطـفل اليتيم وأطعموا المـــأسورا
قـــــالوا: لوجــه الله نطعمكـــــــــــــــم فلا ...
منكـــــم جـــــزاء نبتغي وشكــــــــــــــورا
إنا نخـــــــــــــــاف ونتـــــقي مــــــــن ربنا ...
يومـــــا عــبوسا لم يزل مجـــــــــــــــذورا
فــــــــــــــوقوا بــذلك شـــــــــــر يوم باسل ...
ولقـــــــــــــــــــــــوا بــــذلك نضرة وسرورا
وجـــــزاهم رب العـــباد بصبرهــــــــــــم ...
يـــــوم القيـــــامة جنــة وحـــــــــــــــــريرا
وسقاهم من سلسبيل كــــأســــــــــها ...
بمـــزاجهـــا قـــد فجــــــــــــــــرت تفجيرا
يسقون فيها من رحـــــــــــــــــــيــــق تختم ...
بالمسك كان مـــــــــــــــزاجها كافورا
فيهـــا قـــوارير وأكــــــــــــــــــــــواب لها ...
مـــن فضـــة قد قـــــــــــــــــــدرت تقديرا
يسعـــى بهــــا ولدانها فتخالهــــــــــــــــم ...
للحسن منهم لــــــــــــــؤلـــــــــؤا مـنثورا
وختاماً:
رزقنا الله في الدنيا زيارة أمير المؤمنين وفي الآخرة شفاعته .. والحمد لله رب العالمين
الهوامش:
(1). تنقيح المقال ج1 ص403، سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسني ج1ص145 ، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة لمهدي السماوي ص229 ، وفي الكنى والألقاب للقمي ج2 ص349 نسبه للشافعي ، وفي المناقب للخوارزمي ص8 عن بعض الفضلاء ولم يسميه.
(2). فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص20، الصواعق المحرقة لأبن حجر ص118، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص149، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص282.
(3). تفسير التبيان للطوسي ج11 ص442، روح المعاني للألوسي ج29 ص233.
(4).تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي ج19 ص144.
(5). تفسير غرائب القرآن للنيسابوري ج29 ص112 بهامش جامع البيان.
(6). مناقب علي بن أبي طالب ص272.
(7). تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن ج4 ص348.
(8). المناظرة مروية بلسان إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل عن حماد بن زيد.
(9). العقد الفريد لإبن عبد ربه ج5 ص59.
(10). شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج2 ص394.
(11). الحريرة: الحساء من الدسم والدقيق. (لسان العرب ج4 ص184).
(12). مجمع البيان للطبرسي ج10 ص612.
(13). مجمع البيان ج10 ص612، تفسير القمي ج2 ص398 وفيه «رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله» كلاهما عن عبد الله بن ميمون القداح.
(14). الغرث: الجوع.
(15). تفسير الفرات ص526، بحار الأنوار ج35 ص252، تفسير البرهان ج4 ص412، كنز الدقائق ج11 ص131.
(16). رواه الحاكم الحسكاني عن أبي نعيم، في شواهد التنزيل ج2 ص405.
(17). مناقب عليّ بن أبي طالب ص272.
(18). أمالي الصدوق ص٢١٥ عن مسلمة بن خالد عن الإمام الصادق «عليه السلام».
(19). في الأصل: «رضي الله عنه».
(20). منهاج السنة النبوية لإبن تيمية ج4 ص20.
(21). أي أنه عاش قبل ابن تيمية المولود سنة 661هـ.
(22). تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج19 ص77.
(23). روح المعاني للآلوسي ج15 ص166.
(24). الكشاف ج7 ص200 ، الكشف والبيان ج13 ص461 ، البحر المديد ج6 ص469 ، تفسير ابو سعود ج6 ص422، روح المعاني ج22 ص11 ، تفسير القرطبي ج19 ص116 ، مفاتيح الغيب ج16 ص222 ، تفسير السراج المنير ج1 ص5027 ، تفسير النيسابوري ج7 ص261 ، مناقب الخوارزمي ص271، تفسير البغوي ج8 ص293.
(25). الكشاف للزمخشري ج10 ص612.
(26). الدر المنثور للسيوطي ج6 ص480.
(27). شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج2 ص398.
(28). ذكر ذلك: الكشاف للزمخشري ج7 ص200 ، الكشف والبيان للثعلبي ج13 ص461 ، البحر المديد ج6 ص469، تفسير ابو سعود ص6 ص422 ، روح المعاني ج22 ص11 ، تفسير القرطبي ج19 ص116 ، مفاتيح الغيب ج16 ص222 ، تفسير السراج المنير ج1 ص5027 ، تفسير النيسابوري ج7 ص261 ، تحاف السائل بما لفاطمة من المناقب ص15 ، مناقب الخوارزمي ص271 ، النكت والعيون ج4 ص362 ، تفسير البغوي ج8 ص293.
(29). مقالات اسلامية: ابن تيمية ينكر نزول سورة (هل أتى) في أهل البيت «عليهم السلام» للشيخ عبد العباس الجياشي ، موقع أقلام.
(30). زاد المسير في علم التفسير ج8 ص141 سورة الإنسان.
(31). تفسير العز بن عبد السلام ج3 ص398 سورة الإنسان.
(32). الجامع لأحكام القرآن ج19 ص118 سورة الإنسان.
(33). لباب التأويل في معاني التنزيل ج4 ص376 سورة هل أتى.
(34). شواهد التنزيل ج2 ص409 سورة الإنسان.
(35). فتح القدير ج5 ص343 سورة الإنسان.
(36). روح المعاني ج29 ص150 سورة الإنسان.
(37). عمدة القاري ج19 ص270 سورة هل أتى على الإنسان.
(38). جامع البيان ج29 ص251 سورة الإنسان.
(39). تفسير السمرقندي ج3 ص503 سورة الإنسان.
(40). معالم التنزيل في تفسير القرآن ج4 ص426 سورة الإنسان.
(41). التسهيل لعلوم التنزيل ج2 ص436 سورة الإنسان.
(42). تفسير البحر المحيط ج8 ص383 سورة الدهر.
(43). زين الفتى في شرح سورة هل أتى: 36 - 41 الفصل الأول.
(44). البيان في عد آي القرآن: 136 باب: ذكر المكي والمدني من القرآن.
(45). شواهد التنزيل ج2 ص409 - 414 الحديث (1062 - 1070).
(46). البرهان في تفسير القرآن ج1 ص194 النوع التاسع: معرفة المكي والمدني.
(47). دلائل النبوة ج7 ص142 جماع أبواب نزول الوحي، باب: ذكر السور التي نزلت بمكة والتي نزلت بالمدينة.
(48). فهرست ابن النديم ص28، باب: نزول القرآن بمكة والمدينة وترتيب نزوله.
(49). لإتقان في علوم القرآن ج1 ص36 النوع الأول: في معرفة المكي والمدني.
(50). تاريخ اليعقوبي ج2 ص43 ما نزل من القرآن بالمدينة.
(51). إمتاع الأسماع ج4 ص334 ترتيب نزول القرآن بالمدينة.
(52). الإتقان في علوم القرآن ج1 ص38 النوع الأول: في معرفة المكي والمدني، شواهد التنزيل ج2 ص414 الحديث (1069).
(53). زين الفتى في شرح سورة هل أتى ص36 الحديث (11).
(54). تفسير مقاتل بن سليمان ج3 ص428 سورة الإنسان.
(55). الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص1157 سورة الإنسان.
(56). أسباب نزول الآيات للواحدي ص296 سورة الإنسان.
(57). مدارك التنزيل وحقائق التأويل ج4 ص303 سورة الإنسان.
(58). الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل ج4 ص197 سورة الإنسان.
(59). أنوار التنزيل وأسرار التأويل ج5 ص270 سورة الإنسان.
(60). الكشف والبيان عن تفسير القرآن ج10 ص102 سورة الإنسان.
(61). تفسير السمعاني ج6 ص112 سورة الإنسان.
(62). معالم التنزيل في تفسير القرآن ج4 ص426 سورة الإنسان.
(63). المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج5 ص408 سورة الإنسان.
(64). زاد المسير في علم التفسير ج8 ص141 سورة الإنسان.
(65). تفسير العزّ بن عبد السلام ج3 ص398 سورة الإنسان.
(66). الجامع لأحكام القرآن ج19 ص118 سورة الإنسان.
(67). تفسير البحر المحيط ج8 ص385 سورة الدهر.
(68). جواهر الحسان في تفسير القرآن ج5 ص527 سورة الإنسان.
(69). لباب التأويل في معاني التنزيل ج4 ص376 سورة هل أتى.
(70). الناسخ والمنسوخ ص255 سورة المدثر إلى آخر اقرأ باسم ربك.
(71). الدر المنثور ج6 ص297 سورة الإنسان.
(72). فتح القدير ج5 ص334 سورة الإنسان.
(73). روح المعاني ج29 ص150 سورة الإنسان.
(74). عمدة القاري ج19 ص270 سورة هل أتى على الإنسان.
(75). تفسير مقاتل بن سليمان ج3 ص428 سورة الإنسان.
(76). تفسير الحبري ص326 سورة هل أتى.
(77). تفسير السمرقندي ج3 ص504 سورة الإنسان.
(78). ألّف كتاب (زين الفتى في شرح سورة هل أتى) لإثبات نزولها في عليّ وأهل بيته «عليهم السلام».
(79). الكشف والبيان عن تفسير القرآن ج10 ص98 سورة الإنسان.
(80). أسباب نزول الآيات ص296 سورة الإنسان.
(81). تفسير السمعاني ج6 ص116 سورة الإنسان.
(82). معالم التنزيل في تفسير القرآن ج4 ص428 سورة الإنسان.
(83). مدارك التنزيل وحقائق التأويل ج4 ص303 سورة الإنسان.
(84). الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل ج4 ص197 سورة الإنسان.
(85). المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج5 ص408 سورة الإنسان.
(86). زاد المسير في علم التفسير ج8 ص145 سورة الإنسان.
(87). تفسير الرازي ج30 ص243 سورة الإنسان.
(88). تفسير العزّ بن عبد السلام ج3 ص401 سورة الإنسان.
(89). أنوار التنزيل وأسرار التأويل ج5 ص270 سورة الإنسان.
(90). التسهيل لعلوم التنزيل ج2 ص437 سورة الإنسان.
(91). تفسير الخازن ج4 ص378 سورة الإنسان.
(92). تفسير البحر المحيط ج8 ص388 سورة الدهر.
(93). تفسير النيسابوري ج6 ص412 سورة الدهر.
(94). الدر المنثور ج6 ص299 سورة الإنسان.
(95). تفسير أبي السعود ج9 ص73 سورة الإنسان.
(96). فتح القدير ج5 ص348 سورة الإنسان.
(97). روح المعاني ج29 ص157 سورة الإنسان.
(98). شرح نهج البلاغة 13: 276 خطبة (238)، القول في إسلام أبي بكر وعليّ وخصائص كلّ منهما.
(99). المعيار والموازنة ص226 .
(100). فضائل فاطمة الزهراء ص100 الحديث (133).
(101). شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ج2 ص394 - 408 الحديث (1042 - 1061).
(102). مناقب عليّ بن أبي طالب ص221 الحديث (288).
(103). المناقب ص267 الحديث (250 - 252) الفصل السابع عشر.
(104). كفاية الطالب ج2 ص580 الحديث (317) باب (97) فصل: في مرض الحسن والحسين(عليهما السلام) ونذر والديهما.
(105). أسد الغابة ج5 ص530 فضّة النوبية.
(106). مطالب السؤول ص174 الفصل السابع: في عبادته وزهده وورعه.
(107). تذكرة الخواص ج2 ص342 الباب الحادي عشر: ذكر إيثارهم بالطعام.
(108). الرياض النضرة ج3 ص208 مناقب عليّ بن أبي طالب، ذكر صدقته.
(109). فرائد السمطين ج2 ص53 الحديث (383) السمط الثاني، الباب الحادي عشر.
(110). الإصابة ج8 ص281 (11632) فضّة النوبية.
(111). نوادر الأُصول ج1 ص244 الأصل الرابع والأربعون.
(112). الموضوعات ج1 ص391 باب: في فضائل عليّ «عليه السلام»، الحديث/43.
(113). تذكرة الخواص ج2 ص342 الباب الحادي عشر، ذكر ايثارهم بالطعام.
(114). الجامع لأحكام القرآن ج19 ص134 سورة الإنسان.
(115). فضائل فاطمة للحاكم النيشابوري ص107 الهامش.
(116). شواهد التنزيل ج2 ص401 الحديث (1050).
(117). شواهد التنزيل ج2 ص394 - 408 الحديث (1042 - 1061).
(118). أجابة مركز الابحاث العقائدية والمنشورة على موقع المركز بتاريخ 17 رمضان 1426هـ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat