صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

الصبر على الظلم والطغيان
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله سبحانه و تعالى"وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيرا" (الاسراء 60) ضميرا الجمع للناس ظاهرا والمراد بالتخويف إما التخويف بالموعظة والبيان أو بالآيات المخوفة التي هي دون الآيات المهلكة المبيدة، والمعنى ونخوف الناس فما يزيدهم التخويف إلا طغيانا ولا أي طغيان كان بل طغيانا كبيرا أي أنهم لا يخافون من تخويفنا حتى ينتهوا عما هم عليه بل يجيبوننا بالطغيان الكبير فهم يبالغون في طغيانهم ويفرطون في عنادهم مع الحق. وسياق الآية سياق التسلية فالله سبحانه يعزي نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فيها بأن الذي أراه من الأمر، وعرفه من الفتن، وقد جرت سنته تعالى على امتحان عباده بالمحن والفتن ، وقد اعترف بذلك غير واحد من المفسرين. ويؤيد جميع ما تقدم ما ورد من طرق أهل السنة واتفقت عليه أحاديث أئمة أهل البيت عليه‌ السلام أن المراد بالرؤيا في الآية هي رؤيا رآها النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في بني أمية والشجرة شجرتهم.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: كان المؤمنون في بداية الدعوة المحمدية خصوصا في مكة يعانون من شدة التضييق وأقسى ألوان التعذيب الجسدي والنفسي، الذي انهال به عدوهم من الكفار على أن يتركوا إيمانهم بترك عقيدة الحق والارتداد عن الدين القويم. و بملاحظة كون سورة البروج مكية، فيظهر إنها نزلت لتقوية معنويات المؤمنين لمواجهة تلك الظروف الصعبة، وترغيبهم على الصمود أمام الصعاب والثبات على الإيمان وترسيخه في القلوب. وتناولت السورة قصة أصحاب الأخدود، الذين حفروا خندقا وسجروه بالنيران، وهددوا المؤمنين بإلقائهم في تلك النار إن لم يعودوا إلى كفرهم. وأحرقوا مجموعة منهم بالنار وهم أحياء، ومع ذلك لم يرجعوا عن دينهم. وتعد سورة البروج في بعض آياتها بعذاب جهنم الأليم لأولئك الذين يؤذون المؤمنين ويعذبونهم على إيمانهم، وتذمهم ذما شديدا، في حين تبشر المؤمنين الصابرين بالجنة والفوز بنعيمها. وفي جانب آخر من السورة، تعرض لنا مقتطفات من قصتي فرعون وثمود وقومهما الجناة الطغاة، وما آلوا إليه من ذل وهلاك، كل ذلك تذكيرا لكفار مكة الذين هم أضعف قوة وأقل جندا من أولئك، فعسى أن يرعووا عما هم فيه من جهة، وتسلية لقلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ومن كان معه من المؤمنين من جهة أخرى. وتختم السورة في آخر مقاطعها بالإشارة إلى عظمة القرآن الكريم، وإلى الأهمية البالغة لهذا الوحي الإلهي. وعموما، فسورة البروج من سور المقاومة والثبات والصبر أمام ضغوط الظالمين والمستكبرين، وآياتها تتضمن الوعد الإلهي بنصر المؤمنين. قال الله تبارك وتعالى "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)" (البروج 1 - 22).
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق). وقد وُجد أنه مكتوب في التوراة يا عباد الله (ينادي منادٍ من وراء الجسر يعني الصراط يا معشر الجبابرة الطغاة ويا معشر المترفين الأشقياء إن الله يحلف بعزته وجلاله ألا يتجاوز هذا الجسر اليوم ظالم).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/02/06



كتابة تعليق لموضوع : الصبر على الظلم والطغيان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net