أجمل مافي الأدب وخصوصا الشعر أمران؛ الصورة الشعرية الخلابة، والألفاظ اللغوية العذبة، ولهذا يحاول الأديب أن يتميز دائما بهذين الجانبين، ففي الصورة الشعرية يحاول الأديب تشبيه الأشياء بصورٍ أخرى بعيدةٌ عن حقيتها، آخذةٌ بالخيال الى أبعد مدياته، ليربط بين معنيين تصويريين، فهذا عنترة العبسي يريد أن يقبل سيوف الأعداء في المعركة لأنها تلمع كثغر عبلة الباسم، وهكذا يستمدون الشعراء صورهم من الترابطات والتشبيهات، ولكن الشاعر الحسيني يقع في حيرةٍ عظمى عندما يريد أن يبني صورة تشبيهيةً لمجريات الطف وشخوصه وأحداثه.. فهو بين حسينٍ مقطع الأشلاء مفرق الأعضاء محزوز الرأس مقطوع الإصبع مسلوب الثياب مخضوب بالدماء.. وبين كبيرة الزعامات النسوية العظمى وقد سُبيت في أذل حال وأشنع وصف، وبين رضعٍ مذبحين وشبابٍ مقطعين، مع أنهم جميعا خير أهل الأرض في الأرض والسماء، فهل من صورةٍ رثائيةٍ أعمق من هذه الصور.. ويرى صموداً لاتراجع فيه، وعزا لن تستذله السيوف والسبي، وموقفا تلو الموقف لسيدة الإباء زينب الكبرى، وأطفالاً لايشربون الماء المغمس بالذل، ونساءا تتوجت بالعفة والطهارة، ومن كل هذه الصور كيف يجد التشبيه بغيرها، وقد تمكن الأديب الحسيني أن يتجاوز هذه الإشكالية الفنية، بل والفكرية، بأن وصف المشاهد الحقيقية، وترك التشبيهات هو الإسلوب البياني الأنجع .. فحفظ الشعراء تفاصيل مهمة، وصاغوا الواقعة بألفاظٍ تناسب الفاجعة.. فتركوا القلوب حرى والدموع عبرى، والحياة مرة.. فالسلام على الحسين وخدامه ..اللهم مع الحسين وعلى هداه بحقه وحق جده وأبيه وإمه وأخيه والتسعة من ذريته وبنيه
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat